ولكنه تقدم غير مرة أن الاجماع في مثل هذه المسألة ليس تعبديا، بل هو مبني على الوجوه المذكورة في المسألة.
2 - القاعدة المسلمة بين الفقهاء، أن لكل ذي حق اسقاط حقه، ولعل الوجه في ذلك قوله (صلى الله عليه وآله): الناس مسلطون على أموالهم، فإن مقتضى ذلك هو تسلط ذي الحق بحقه فيفعل فيه ما يشاء بالفحوى وبالطريق الأولوية، فإن الانسان إذا كان مسلطا لماله الذي من قبيل الأعيان فهو مسلط على حقه أيضا.
وفيه أما لمن له الخيار حق لاسقاطه أولا، أي أن هذا الخيار الثابت له إما من قبيل الحقوق أو من قبيل الحكم، فإن كان من قبيل الحقوق فلا يحتاج إلى التمسك بفحوى دليل السلطنة أو بمنطوقه، فإن معنى الحق هو كون ذي الحق مسلطا على حقه بحيث يفعل فيه ما يشاء، وإن لم يكن من قبيل الحقوق بل من قبيل الحكم فلا يقبل الاسقاط، سواء كان هنا دليل السلطنة أم لا.
وبعبارة واضحة قد ذكرنا في أول البيع أنه لا فرق بين الحق والحكم من حيث كونهما مجعولين للشارع، بل كلاهما من الأحكام الشرعية التي جعلها الشارع، ولكن بعض هذه الأحكام قد فوضه إلى المكلف وجعل اختياره بيده فله أن يتصرف فيه كيف يشاء، ونسمي ذلك حقا في الاصطلاح، وإن كان حكما في الحقيقة أيضا، وهذا لا يكون إلا إذا ثبت بالدليل، فبدونه لا يمكن أن يقال: إن هذا الحكم اختياره بيد المكلف، ولذا كلما شككنا في مورد أنه يسقط باسقاط من له ذلك أو لا فالأصل بقاؤه وعدم سقوطه بالاسقاط تمسكا بدليله.
وعلى هذا فلا يمكن اثبات الحقية بدليل السلطنة، فإنه ناظر إلى الكبرى، وأن كل من له السلطنة على شئ فله التصرف في متعلق سلطنته كيف يشاء، وبالفحوى يثبت جواز التصرف في الحق ومتعلقه، ولكن