لأجل قولهم مخالفا لقوله تعالى: (إنما البيع مثل الربا) مع أن الله تعالى كان أحل البيع وحرم الربا، فقولهم بما أنه في قبال حكم الله تعالى، صار موجبا للعذاب والعقاب الأخروي.
فعليه لا تكون الآية بصدد بيان الحل والحرمة، بل بصدد الإخبار عن حلية وحرمة سابقتين. ولعلها كانتا بلسان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
أو لعلهما مستفادتان من نحو قوله تعالى: (أوفوا بالعقود) (1) و (تجارة عن تراض) (2) بضميمة بعض آيات تحريم الربا (3) المخصصة له.
ولعلها كانتا متقدمتين في النزول على قوله: (وأحل الله البيع...) إلى آخره، وإن كانت آية وجوب الوفاء في «المائدة»، التي يقال: إنها أخيرة السور نزولا (4) لعدم ثبوت كونها بجميع آياتها كذلك، ولو سلم - كما يظهر من بعض الروايات (5) - ففيما عداها كفاية.
وبالجملة: لا يصح التمسك بإطلاق الآية; لاحتمال أن يكون الحكم المجعول سابقا بنحو خاص، وكأن القائل بالتسوية ادعى التسوية بين المجعولين، فلا يظهر حال المجعول; هل هو مطلق، أو مقيد؟
ويمكن دفعهما: بأن قوله تعالى: (ذلك بأنهم قالوا...) إلى آخره، إخبار عن قولهم، فلا بد وأن يكون قولهم: «البيع كالربا» من غير تقييد; صونا لكلامه تعالى عن الكذب، فيظهر منه أنهم في مقام بيان تسوية مطلق البيع غير الربوي