ويمكن تقريب دلالة الآية على المقصود - أي صحة البيع - بما تقدم في الآية السابقة، فيقال: الظاهر أن اسم الفعل الناقص هو «الأموال» و (تجارة) سادة مسد الخبر.
والمعنى: لا تأكلوا أموا لكم بينكم بالأسباب والطرق الباطلة، كالقمار والسرقة والخيانة ونحوها، إلا أن تكون الأموال أموال تجارة; أي حاصلة بها، فأحل الأموال الحاصلة بها.
وهو ملازم لصحتها عرفا; فإن الأموال الحاصلة بها هي ما صارت متبادلة بوسيلتها كالبيع ونحوه، وحلية الأكل أثر لهذا التبادل المالكي المترتب عليه قهرا، لا بجعل المتعاملين.
ولما كان الترخيص الاستقلالي التعبدي - غير المربوط بتبادل المالكين - بعيدا جدا، بل خلاف الواقع جزما; إذ يكون من قبيل وقوع ما لم يقصدا، وعدم وقوع ما قصدا، ويرجع الأمر إلى أن تحصيل المال بطريق التجارة عن تراض لا أثر له، وتكون التجارة مقارنة لتحليل الشارع، وهو خلاف ظاهر الآية أو نصها، وخلاف فهم العقلاء، فلا محالة تكون إباحة التصرف - ولو في الجملة - دليلا على حصول الملك بالتجارة، وتحقق الأثر العقلائي لدى الشارع، وهو المقصود.
مضافا إلى دلالة التقييد ب (الباطل) على أن التجارة المقابلة له حق وسبب ثابت عند الله، وهو عين التنفيذ والتصحيح، فكما أن الأسباب الباطلة ملغاة لدى الشارع - ولهذا عدها باطلة - كذلك التجارة عن تراض معتبرة لديه; لأنها حق بمقتضى المقابلة، فلا شبهة في دلالتها على المطلوب.
كما لا ينبغي الإشكال في إطلاقها، ولا سيما مع كون الاستثناء منقطعا; إذ لا يأتي فيه ما ربما يقال في بعض الاستثناءات المتصلة: إن المتكلم في مقام بيان