وتنفيذ الملكية تنفيذ السبب المحصل لها، لا جعل ملكية مستقلة تعبدا كما هو واضح.
وبهذا البيان يمكن الاستدلال بالآية على بطلان البيع الربوي; بأن يقال: إن لازم تصحيحه بلا زيادة - في مثل بيع المثل بالمثلين - هو التعبد بوقوع ما لم يقصدا، وعدم وقوع ما قصدا، ولما كان هذا في غاية البعد لدى العرف والعقل، فلا محالة تستلزم حرمة الزيادة عندهم البطلان.
وعلى الاحتمال الثاني: يكون قوله: (وأحل الله البيع وحرم الربا) (1) بصدد دفع توهم التسوية بين البيعين، ولا شبهة أيضا في دلالته على الصحة، سواء كان البيع هو السبب أم المسبب، بتقريب أن قوله تعالى ذلك لردع توهم التسوية، وكانت دعواهم التسوية لتصحيح أكل الربا، لا لمجرد تسوية إنشاء لإنشاء، أو مبادلة لمبادلة، بل مرادهم أن البيع غير الربوي مثل الربوي في تحصيل النتيجة، وأن النتيجة الحاصلة منهما غير مختلفة، ولازم ردعهم بأنهما في هذه الخاصية - أي ترتب النتيجة عليهما - ليسا مثلين، بل الله تعالى أحل البيع، فنتيجته الحاصلة حلال، وحرم الربا، فنتيجته حرام، هو صحة هذا، وفساد ذاك.
وبالجملة: مقصود القائلين بالتسوية بين البيعين هو التسوية في الربحين; ليدفعوا عن أنفسهم عار أكل الربا، والردع المتوجه إلى دفعه ينفي التسوية بينهما في هذه الخاصية، ويثبت العار عليهم، وعليه لا شبهة في دلالة الآية على الصحة إن كان المراد بالبيع السببي منه، وعلى تنفيذ ما لدى العقلاء إن كان المراد المسببي منه.