معنى البيع المسببي، وكذا في سائر المسببات من العقود والإيقاعات، فالبيع عند الجميع مبادلة مال بمال، أو تمليك عين بعوض، والاختلاف - لو كان - إنما هو في الأسباب فقط، وينشأ منه الاختلاف في تحقق المسببات، لا في ماهيتها.
فحينئذ إذا قال: (أوفوا بالعقود) (1) وكان المراد منه وجوب الوفاء بالمسببات; أي المعاني المنشأة بالألفاظ، أو المعاني التي تعتبر لدى الإنشاء الجدي للإيجاب والقبول - على اختلاف المسالك (2) - وكان مقتضى عمومه لزوم الوفاء بكل معاقدة مسببية، فلا محالة تكون الأسباب التي تنشأ تلك المسببات منها أسبابا عنده، وإلا فلا يعقل إنفاذ المسبب بنحو الإطلاق.
فمن يرى المعاقدة باللفظ الفارسي غير محققة، ولا واجبة الوفاء، لا يعقل منه الإطلاق والعموم في لزوم الوفاء بكل معاقدة عقلائية، والمفروض أن العقد المسببي لدى العقلاء عين ما لدى الشارع مفهوما وعنوانا، ودليل الإمضاء متعلق بالعناوين لا بالخارجيات، وإنما تنطبق العناوين على الخارجيات في الخارج.
فما أفاده بعض الأعاظم: من أن إمضاء المسبب لا يلازم إمضاء السبب; لعدم الاتحاد بينهما ولا الملازمة (3) في غاية السقوط.
وفي كلامه محال أنظار، تركناها مخافة التطويل، كقوله: إن نظر العرف متبع في تشخيص المفاهيم، لا تطبيقها على المصاديق (4)، تبعا لبعض المحققين (5).