كان دورا» (1).
وفيه: أن أدلة الضمان تقتضي الضمان كائنا ما كان، من غير توقفه على شئ، وإنما يوجب الإقدام عدم شمول نفي الضرر لمورده، فثبوت حكم الضمان كائنا ما كان، لا يتوقف على الإقدام، بل سلب الضمان بدليل نفي الضرر موقوف على عدمه.
وقد يقال: إن وجوب الشراء في صورة عدم وجوده إلا عند من لا يبيعه إلا بثمن غال، في غاية الإشكال، بل لا وجه له; لأن الشئ إذا لم يكن مثله كثيرا مبذولا فهو قيمي، من غير فرق بين التعذر الطارئ والبدوي; أي الذي أوجب كون الشئ قيميا من أول الأمر، هو الذي أوجب سقوط المثل عن الذمة ما دام التعذر.
وبالجملة: وجوده عند من لا يبيعه إلا بأضعاف قيمته في حكم التعذر، ومقتضى قاعدة الضرر عدم وجوب شرائه على الضامن (2). انتهى.
وفيه: أن الشئ قد يكون قيميا لدى العقلاء، وهو ما لا يكون لماهيته مثل بحسب التعارف، ولو وجد له مثل أو مثلان اتفاقا لا يعد مثليا، كالحيوانات، والأواني العتيقة التي توجد في الحفريات.
وقد يكون بحسب طبعه وماهيته ذا مثل كالحبوب، فالحيوانات قيميات وإن وجد لها مثل ندرة، والحبوب مثليات وإن طرأ عليها إعواز أحيانا، ومجرد الإعواز لا يوجب التبديل بالقيمية، سيما إذا طرأ عليها بعد الإتلاف والتلف.
وظاهر قوله: سقوط المثل ما دام التعذر، إن الشئ إذا صار نادر الوجود تبدل بالقيمة في الذمة، وإذا صار كثير الوجود تبدل بالمثل، وهو كما ترى.