أو تضييقا.
وأنت خبير بأن تحكيم دليل على آخر - بعد أن يكون بينهما عموم من وجه، والقاعدة العقلائية فيهما التعارض والتساقط - لا بد وأن يكون عقلائيا مقبولا لدى العرف; بحيث لو عرض الدليلان على العقلاء، لا ينقدح في ذهنهم التعارض والتخالف، كدليل نفي الحرج مع الأدلة الأولية; لكونه بمنزلة المفسر لها.
ولهذا ورد في رواية عبد الأعلى: «هذا وأشباهه يعرف من كتاب الله: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) (1)» (2).
مع أن بين دليل وجوب الوضوء ودليل نفي الحرج، العموم من وجه.
والظاهر من الرواية أن تقدم دليل الحرج عليه أمر عقلائي، يعرفه العقلاء والعرف من كتاب الله، لا أنه أمر تعبدي، وإن كان إثبات المسح على المرارة تعبديا ظاهرا، فما يعرف من كتاب الله هو عدم وجوب المسح على البشرة بدليل نفي الحرج، وهو شاهد على أن الجمع والتقديم عقلائي، مع أنه لا يحتاج إلى الشاهد، ودليل نفي الحرج والضرر ليسا بهذه المثابة، ولا يساعد العرف على التقديم والتحكيم ظاهرا.
وما ذكرناه في وجه التحكيم غير مرضي في محيط العقلاء، ولا بد فيه من المقبولية العقلائية، وفرق بين المقام، وبين الدليل المتعرض لموضوع دليل آخر توسعة وتضييقا، نظير «لا شك لكثير الشك» (3) مثلا، بالنسبة إلى أدلة