في غير مقام الثبوت، وهو مقام الترافع، ولا يبعد البناء على ذلك في مقام الترافع وتشخيص المدعي من المنكر; بدعوى أن سيرة العقلاء - بجعل المثمن مبيعا، والثمن عوضه - طريق إلى الواقع، فيحكم بالامتياز كذلك، وكذا الحال في الصورة الثانية في كلام الشيخ (1).
وأما إذا كان لكل منهما متاع أو نقد، وتبادلا بلا قصد إلى الإيجاب والقبول، فلا ينبغي الإشكال في كونه بيعا عقلائيا ومبادلة بين المالين.
وأما تشخيص البائع من المشتري في مثله، فإنما يلاحظ إن قلنا: بلزوم وجود البائع والمشتري في جميع البيوع، وقد عرفت (2) عدم لزومه، وإمكان تحقق المبادلة بإيجابين، بل بإيجاب واحد، فحينئذ يمكن أن يقال: بصدق «البائع» عليهما، وعدم صدق «المشتري» على واحد منهما، ولا محذور فيه.
وإن أبيت عنه فيمكن أن يقال: بصدقهما عليهما باعتبارين; إذ المشتري لا يلزم أن يكون منشئا للقبول بعنوانه وبالحمل الأولي، بل القبول بالحمل الشائع هو الميزان في صحة المعاملة.
فحينئذ نقول: إن تعاطي كل منهما إيجاب باعتبار عطاء سلعته بعوض، وقبول باعتبار أخذ سلعة الغير بإزاء سلعته، ولا يلزم منه أن تكون جميع المعاملات كذلك; لأن ما تشخص فيه الموجب والقابل بالإيجاب والقبول، لا يعتبر شئ آخر فيه، يعد باعتباره الموجب قابلا وبالعكس.
ثم إن دعوى انصراف الأدلة المثبتة للحكم على البائع والمشتري عن مثل المورد، الذي يكون كل منهما بائعا ومشتريا (3) غير وجيهة; إذ أي انصراف في