إما أن يكون حاصلة لا من خارج وقد ذكرنا أقسامه وأحكام تلك الأقسام وإما أن يكون من خارج وأقسامها ثلاثة آ ان يكون عينا محضة ب أن يكون صفة محضة ج ما يتركب منهما أما الأول فله ضربان آ ان يكون قابلة للتميز عن المبيع ب ان لا يكون قابلة للتميز فالأول كما إذا اشترى أرضا فغرس فيها أو بنى ثم فلس قبل ايفاء الثمن وأراد البايع الرجوع في أرضه فان اتفق الغرماء والمفلس على القلع وتفريغ الأرض وتسليمها بيضاء رجع فيها لان ذلك الحق لهم لا يخرج من بينهم فإذا فعلوا فللبايع الرجوع في أرضه لأنه وجد متاعه بعينه وهل يرجع قبل القلع أو بعده قال بعض الحنابلة لا يستحقه حتى يوجد القلع لان قبل القلع لم يدرك متاعه إلا مشغولا بملك المشتري وقال الشافعي يرجع قبله وهم يشتغلون بالقلع وهو قول أكثر الحنابلة وليس له ان يلزمهم أخذ قيمة الغراس والبناء ليتملكها مع الأرض وإذا قلعوا الغراس والبناء وجب تسوية الحفر من مال المفلس وان حدث في الأرض نقص بالقلع وجب أرش النقص في ماله ويضارب به أو يقدم قال بعض الشافعية يقدم على ساير الديون لأنه لتخليص ماله واصلاحه فكان عليه كما لو دخل فصيل دار انسان فكبر فلم يمكنه اخراجه إلا بهدم بابها فان الباب يهدم ليخرج ويضمن صاحبه ما نقص بخلاف ما لو وجد البايع عين ماله ناقصة فرجع فيها فإنه لا يرجع في النقص لان النقص كان في ملك المفلس وهنا النقص حدث بعد رجوعه في العين فلهذا ضمنوه ويضرب بالنقص مع الغرماء وان قلنا ليس له الرجوع قبل القطع لم يلزمهم تسوية الحفر ولا أرش النقص لانهم فعلوا ذلك في أرض المفلس قبل رجوع البايع فيها فلم يضمنوا النقص كما لو قطعه المفلس قبل فلسه ولو اختلفوا فقال المفلس يقلع وقال الغرماء يأخذ القيمة من البايع ليتملكه أو بالعكس أو وقع هذا الاختلاف بين الغرماء (أجيب)؟ من المصلحة في قوله ولو امتنع الغرماء والمفلس معا من القلع لم يجبروا عليه لأنه حين البناء والغرس لم يكن متعديا بهما بل فعل ذلك بحق ومفهوم قوله (ع) ليس لعرق ظالم حق انه إذا لم يكن ظالما فله حق وحينئذ ينظر ان رجع على أن يتملك البناء والغراس مع الأرض بقيمتها أو يقلع ويغرم أرش النقص فله ذلك لان الضرر يندفع من الجانبين بكل واحد من الطريقين والاختيار فيهما إليه وليس للمفلس ولا للغرماء الامتناع من القبول لان مال المفلس متعرض للبيع فلا يختلف عرضهم بين ان يتملكه البايع أو يشتريه أجنبي ويخالف هذا ما إذا زرع المشتري الأرض وفلس و رجع البايع في الأرض حيث لا يتمكن من تملك الزرع بالقيمة ولا من القلع وغرامة الأرش لان للزرع أمدا منتظرا يسهل احتماله والغراس والبناء للتأبيد قال كل ذلك الشافعي واحمد إذا بذل البايع قيمة الغرس والبناء ليكون له ذلك أو قال انا اقلع واغرم الأرش فان قلنا له الرجوع قبل القلع فله ذلك لان البناء والغراس حصل في ملكه لغيره بحق فكان له أخذه بقيمته أو قلعه وضمان نقصه كالشفيع إذا أخذ الأرض وفيها غراس وبناء للمشتري والمعير إذا رجع في أرضه بعد غرس المستعير وان قلنا ليس له الرجوع قبل القلع لم يكن له ذلك لان المفلس بنى وغرس في ملكه فلم يجبر على بيعه لهذا البايع ولا على قلعه كما لو لم يرجع في الأرض وليس عندي بعيدا من الصواب ان يقال ليس للبايع اجبار المفلس والغرماء على القلع ودفع الأرش ولا على دفع قيمة البناء والغرس بل إما أن يختار العين أو يمضي البيع فان اختار العين وفسخ البيع لم يكن له القلع ولا دفع القيمة بل يرجع والأرض مشغولة بهذا البناء والغراس فيكون قد تعيبت بالشغل بهما مؤبدا فان انهدم البناء أو قلع الغرس أو مات سقط حق المفلس وليس لصاحب الأرض الرجوع بالأجرة مدة مقامها فيها لأنه انما يرجع في المعيب ثم يباع البناء أو الغراس على صاحب الأرض أو غيره مستحقين للبناء ولأحمد قول اخر أنه يسقط حق بايع الأرض من الرجوع فيها لأنه لم يدرك البايع متاعه على وجه يمكنه أخذه منفردا عن غيره فلم يكن له أخذه كالحجر والبناء والمسامير في الباب وكما لو كانت العين مشغولة بالرهن وهو قول بعض الشافعية ولان في ذلك ضررا على المشتري والغرماء فإنه لا يكون له طريق يسلكون منه إلى البناء والغراس ولا يزال الضرر بمثله ولأنه لا يحصل بالرجوع هنا انقطاع النزاع والخصومة بخلاف ما إذا وجدها مفرغة مسألة لو أراد البايع الرجوع في الأرض وحدها وابقاء الغراس والبناء للمفلس و الغرماء أجيب إلى ذلك بل هو الوجه عندنا لو أراد الرجوع في العين على ما تقدم وللشافعي قولان أحدهما انه يجاب إلى ذلك كقولنا والثاني انه ليس له الرجوع في الأرض خاصة وابقاء البناء والغراس للمفلس ولأصحابه طريقان أحدهما ان في المسألة قولين أحدهما وهو اختيار المزني له يرجع كذلك كما لو اشترى صبغ الثوب ثم أفلس ورجع البايع في الثوب ويكون المفلس شريكا معه بالصبغ وأصحهما عنده المنع لما فيه من الضرر فان الغراس بلا أرض والبناء بلا مقر ولا ممر ناقص القيمة والرجوع انما يثبت لدفع الضرر فلا يدفع بضرر بخلاف الصبغ فان الصبغ كالصفة التابعة للثوب والثاني تنزيل (للصفتين) النصين على حالين وله طريقان أحدهما قال بعض الشافعية انه حيث قال يرجع أراد ما إذا كانت الأرض كثيرة القيمة والبناء والغراس مستحقرين بالإضافة إليها وحيث قال لا يرجع أراد ما إذا كانت الأرض مستحقرة بالإضافة إليهما والمعنى في الطريقين ابتاع الأقل للأكثر ومنهم من قال حيث قال يرجع أراد ما إذا رجع في البياض المتخلل بين الأبنية والأشجار وضارب للباقي بقسطه من الثمن يتمكن منه لأنه ترك بعض حقه في العين فإذا فرعنا على طريقة القولين فان قلنا ليس له الرجوع في الأرض وابقاء العين والغراس للمفلس فالبايع ترك الرجوع ويضارب مع الغرماء بالثمن أو يعود إلى بدل قيمتها لو قلعها وغرامة أرش النقصان فان مكناه منه فوافق البايع الغرماء وباع الأرض معهم حين باعوا البناء والغراس فذلك وإن أبى فهل يجبر فيه للشافعية قولان أحدهما يجبر كما في مسألة الصبغ وأصحهما عندهم لا يجبر لان افراد البناء والغراس بالبيع ممكن بخلاف الصبغ فإذا لم يوافقهم فباعوا البناء والغراس بقي للبايع ولأنه المتملك بالقيمة مع غرامة الأرش وللمشتري الخيار في المبيع إن كان جاهلا بحال ما اشتراه واعلم إن الجويني نقل أربعة أقوال في هذه المسألة آ ان يقال إن البايع فاقد عين ماله ولا رجوع بحال لان الرجوع في الأرض ينقص قيمة البناء والغراس ب ان الأرض والبناء أو الغراس يباعان معا دفعا للخسران عن المفلس كما في الثوب المصبوغ ج انه يرجع في الأرض ويتخير بين أمور ثلاثة إما تملك البناء والغراس بالقيمة واما قلعهما مع غرامة أرش النقصان واما ابقاؤهما بأجرة المثل يؤخذ من مالكها فإذا عين واحدة من هذه الخصال الثلاث فاختار المفلس والغرماء غيرها أو امتنعوا من الكل فللشافعية وجهان في أنه يرجع إلى الأرض يقلع مجانا أو يجبرون على ما عينوا د انه إن كانت قيمة البناء أكثر فالبايع فاقد عين وإن كانت قيمة الأرض أكثر فواجدها مسألة لو اشترى من رجل أرضا فارغة واشترى من اخر غرسا وغرسه في تلك الأرض ثم أفلس كان لصاحب الأرض الرجوع فيها ولصاحب الغراس الرجوع فيه ثم ينظر فان أراد صاحب الغراس قلعه كان له ذلك وعليه تسوية الحفر لأنه لتخليص ماله وأرش نقص الأرض ان حصل نقص فان أراد صاحب الأرض ان يعطيه قيمته ان لم يختر صاحبه قلعه قال الشافعي يكون له مطلقا والأقوى عندي أنه يكون ذلك ان رضي صاحب الغرس وإلا فلا وان أراد صاحب الأرض قلعه ويضمن ما نقص كان له وان أراد قلعه بغير ضمان فالأقرب انه ليس له ذلك لان غرسه ثابت في الأرض بحق فلا يكون له قلعه مجانا ولو كان الغراس من المفلس لم يجبر على قلعه من غير ضمان وهو أحد وجهي الشافعي والثاني انه يجاب إلى ذلك لأنه انما اشترى منه الغراس مقلوعا فكان عليه ان يأخذه كذلك وليس له تبقيته في ملك غيره ويفارق المفلس لأنه غرسه في ملكه فيثبت حقه في ذلك ويحتمل عندي وجه اخر وهو ان يقال صاحب الغرس لا يستحق الا بقاء في الأرض وصاحب الأرض لا يستحق القلع مجانا لأنه أثبت بحق فيقوم الغراس مقلوعا وثابتا ويأخذ المفلس التفاوت بينهما لأنه مستحق له مسألة قد ذكرنا حكم الزيادة من خارج القابلة للتميز وبقي ما لا يقبله كمزج ذوات الأمثال بعضها ببعض مثل ان يشتري صاعا من حنطة أو شعير أو دخن أو غير ذلك من الحبوب ويمزجه بصاع له أو
(٦٨)