ذلك ومنهم من قال لا يجوز إذا شرط وإنما أراد أبو حنيفة إذا علم أن المؤجر يفعل ذلك إن كان في السواد ولو استأجر ذمي من مسلم داره وأراد بيع الخمر فيها فلصاحب الدار منعه ان تظاهر بذلك لأنه محرم وقال أبو حنيفة يجوز في السواد وهو غلط لأنه محرم جاز المنع منه في المصر فجاز في السواد كقتل النفس المحرمة وكذا لا يجوز اجارة ما لا يقدر على تسليم منفعته سواء جاز بيعه أو لا مثل ان يغصب منفعته بان يدعي انسان ان هذه الدار في اجارته عاما ويقهر صاحبها عليها فإنه لا تجوز اجارتها في هذا العام إلا من غاصبها أو من يقدر على اخذها منه مسألة قد بينا انه تجوز اجارة المشاع وذكرنا الخلاف فيه ولو اجر الشريكان معا جاز اجماعا لان المانع من اجارة الحصة انما منع باعتبار تعذر التسليم وهذا المعنى منتف هنا فيبقى على أصل الجواز ولو كانت الدار لو أحد فاجر بعضها جاز اجماعا لأنه يمكنه تسليمه فان اجر نصفها الأخر للمستأجر الأول صح لأنه يمكنه تسليمه إليه وان اجره لغيره صح عندنا وللمانعين وجهان بناء على المسألة التي قبلها لأنه لا يمكنه تسليم ما اجره إليه وليس بجيد وقد سلف ولو اجر الدار لاثنين لكل واحد نصفها صح عندنا وعند أكثر العامة ومنع الباقون لأنه لا يمكنه تسليم نصيب كل واحد منهما إليه إلا بتسليم نصيب الأخر ولا ولاية له على مال الأخر ولو استأجر رجلا ليحمل له كتابا إلى موضع إلى صاحب له فحمله ووجد صاحبه غايبا فرده استحق الأجرة لحمله في الذهاب والرد لأنه في الذهاب حمله بإذن صاحبه صريحا وفي الرد تضمنا لان تقدير كلامه وان لم يجد صاحبه فرده إذ ليس سوى رده الا تضييعه ومن المعلوم انه لا يرضى بتضييعه فتعين رده ولو دفع إلى رجل ثوبا ليبيعه فباعه استحق الأجرة سواء كان منتصبا لذلك أو لا لان الفعل مما يستحق عليه العمل وقال احمد إن كان منتصبا لذلك استحق الاجر وإلا فلا وليس بمعتمد مسألة يجوز شرط الخيار في الإجارة سواء كانت واردة على العين أو في الذمة وبه قال أبو حنيفة واحمد لعموم قوله تعالى أوفوا بالعقود وقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم ولأنه عقد يلحقه الفسخ بالإقالة فدخله شرط الخيار كالبيع وقالت الشافعي إن كانت الإجارة معينة مثل ان يستأجر منه دارا شهرا لم يجز شرط الخيار فيها وهل يثبت خيار المجلس وجهان أحدهما لا يثبت لان خيار الشرط لا يثبت الا لأجل القبض فلم يثبت خيار المجلس كالنكاح والثاني يثبت لأنه عقد يقصد به المعاوضة المحضة فيثبت فيه خيار المجلس كالبيع ويفارق خيار الشرط لان زمانه يطول فتتلف فيه المنافع ويفارق النكاح لأنه لا يحتاج فيه إلى ذلك لأنه لا يتكرر وتقصد به المعاوضة وإن كانت الإجارة في المدة مثل ان يستأجر منه خياطة قميص أو حمل شئ فاختلف أصحابه فمنهم من قال ذلك مثل حكم الإجارة المعينة ومنهم من قال يثبت الخياران معا في ذلك لأنه لا يؤدي اثبات الخيار إلى اتلاف المنفعة في زمن الخيار واحتج المانعون بأنه عقد على منفعة فلا يدخله شرط الخيار كالنكاح ويفارق البيع لان اثبات الخيار فيه لا يؤدي إلى اتلاف بعض المبيع وفي الإجارة لو أثبتنا شرط الخيار له لم يجز له الانتفاع بالعين في مدة الخيار فان حسبنا المدة عليه أضررنا به لأنه استأجر شهرا فمكناه من أن ينتفع بسبعة وعشرين يوما وان لم نحسبها فقد فوتنا على المؤجر منفعة شهر وثلاثة أيام فلم يجز ونحن نمنع الأداء إلى التضرر ويجوز للمستأجر الانتفاع مدة الخيار مسألة لو استأجر دابة معينة ليركبها إلى بلد بعينه فسلمها إليه وأقامت في يده مدة يمكنه فيها الركوب إلى ذلك البلد وجبت عليه الأجرة وبه قال الشافعي ومالك المستأجر قبل العين المستأجرة وتمكن من استيفاء المنفعة المعقودة عليها فوجب ان يستقر عليه الأجرة كما لو استأجرها شهرا للركوب فسلمها إليه وقال أبو حنيفة لا يستقر عليه الأجرة لأنه لم يسلمها في مكان الركوب وهو المسافة وليس بجيد لأنه لا يلزمه التسليم في الطريق والخروج معه وانما فعل ما عليه من التسليم مسألة إذا كانت الإجارة في الذمة مثل ان يستأجر للركوب دابة ويصفها بالنوع والجنس على ما مضى فيجوز حالا ومؤجلا لان محل ذلك الذمة وان اطلق كان حالا وكذا إذا قال تحصل خياطة هذا الثوب ويجوز بلفظ الإجارة وهل يجوز بلفظ السلم قال الشافعي نعم مثل أن يقول أسلمت إليك في منفعة ظهر ويصفه أو يقول استأجرت منك ظهرا ويصفه ويذكر المسافة وان ذكر بلفظ السلم لم يكن يدمن؟ اخذ الأجرة في المجلس كما يقبض رأس مال المسلم وإن كان بلفظ الإجارة فوجهان أحدهما لا يجب القبض اعتبارا باللفظ والثاني لا يجب القبض اعتبارا بالمعنى ومثل هذين الوجهين في السلم بلفظ البيع وهذا الغريم ساقط عندنا لأنا لا نجوز الإجارة بلفظ السلم ولو قال اجرتك لتحصل لي خياطة خمسة أيام وقال بعض الشافعية لا يصح لان العمل مجهول لان الخياطين يختلف أعمالهم وانما يصير معلوما بتعين الخياطة أو بتقدير العمل فاما المدة فلا تزول بها الجهالة وهو ضعيف لان التفاوت في ذلك معفو عنه لقلته وإلا لزم ان لا يصح الايجار بالمدة وهو خلاف الاجماع المقصد الثامن في المزارعة والمساقاة وفيه فصلان الأول في المزارعة وفيه مباحث الأول المهية المزارعة معاملة على الأرض بالزرع بحصته من حاصلها واختلفوا في أنها هي المخابرة أو غيرها فقال بعضهم ان المزارعة والمخابرة لفظان لمعنى واحد والمخابرة من الخبير وهو الاكار قاله أبو عبيدة ويقال انها مشقة من الخبارة وهي الأرض الرخوة وعلى الأول يقال خابرته مخابرة وأكرته مواكرة بمعنى واحد وقال آخرون انهما معنيان مختلفان قال الشافعي بالفرق بينهما فإنه قال وذكر سنة رسول الله صلى الله عليه وآله في نهيه عن المخابرة على أن لا يجوز المزارعة على الثلث ولا على الربع قال أصحابه المخابرة ان يكون من رب الأرض وحدها ومن الاكار البذر والعمل والمزارعة أن تكون الأرض والبذر من واحد والعمل من الأخر ومنهم من قال هما عبارة عن عقد واحد وقيل المخابرة معاملة على أهل خبير وروي العامة في تفسيرها عن زيد بن ثابت قال نهى رسول الله عن المخابرة قلت وما المخابرة قال إن نأخذ الأرض بنصف أو بثلث أو ربع والمشهور انهما واحد يؤيده قول صاحب الصحاح والخبير الاكار ومنه المخابرة وهي المزارعة وظاهر قول الشافعي انهما مختلفان فالمخابرة هي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها والمزارعة اكتراء العامل ليزرع الأرض ببعض ما يخرج منها ولا كثير فائدة في هذا النزاع مسألة المزارعة بالمعنى الذي قلناه وهي المعاملة على الأرض لحصة مما يخرج منها بغير لفظ الإجارة جايزة عند علمائنا أجمع وبه قال علي (ع) وسعد وابن مسعود وعمر بن عبد العزيز والقاسم وعروة وعمار بن ياسر وآل علي (ع) وآل أبي بكر وابن سيرين وسعيد بن المسيب وطاوس و عبد الرحمن بن الأسود وموسى بن طلحة والزهري و عبد الرحمان بن أبي ليلى وابنه وأبو يوسف ومحمد وهو مروي عن معاذ والحسن وعبد الرحمان بن زيد وقال المحاربي قال أبو جعفر الباقر (ع) ما لمدينة من أهل بيت الا ويزرعون على الثلث أو الربع وزارع علي عليه السلام قال المحاربي وعامل عمر الناس على أن من جاء بالبذر من عنده فله الشطر وان جاءه باليد فله كذا لما رواه العامة عن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وآله عامل أهل خيبر على الشطر مما يخرج من زرع أو تمر وروى ذلك ابن عباس وجابر بن عبد الله وقال أبو جعفر (ع) عامل رسول الله صلى الله عليه وآله أهل خيبر بالشطر ثم أبو بكر ثم عمر وعثمان وعلي عليه السلام أهلوهم؟ إلى اليوم يعطون الثلث والربع وهذا أمر مشهور صحيح وعمل به رسول الله صلى الله عليه وآله حتى مات وخلفائه حتى ماتوا وأهلهم ولم يبق بالمدينة أهل بيت الا عمل وعمل به أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله من بعده ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن علي الحلبي و عبد الله الحلبي جميعا عن الصادق عليه السلام في الصحيح ان أباه حدثه ان رسول لله صلى الله عليه وآله اعطى خيبر بالنصف أرضها ونخلها فلما أدركت الثمرة بعث عبد الله بن رواحة فقوم عليهم قيمة فقال إما ان تأخذه وتعطون نصف الثمرة واما ان أعطيكم نصف الثمرة واخذه فقال بهذا أقامت السماوات والأرض وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال سألت الصادق (ع) عن المزارعة فقال النفقة منك والأرض لصاحبها فما اخرج الله من
(٣٣٦)