الرجعة المعروفة والمحل لا يقبل حقيقة الرجعة فانصرف إلى النكاح ولو قالت المطلقة بانيا رددت نفسي إليك وقال الزوج قبلت كان نكاحا عندهم وهذا كله عندنا باطل لمنا تقدم مسألة لا ينعقد الا بلفظ العربية مع القدرة فلو تلفظ بأحد اللفظين بالفارسية أو غيرها من اللغات غير العربية مع تمكنه ومعرفته بالعربية لم ينعقد عند علمائنا وهو قولي الشافعي واحمد لأنه عدل عن النكاح والتزويج مع القدرة فصار كما لو عدل إلى البيع والتمليك وقال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي أيضا انه ينعقد اعتبارا بالمعنى وليس بجيد لان غير العربي بالنسبة إليه كالنكاية فلا يعتبر به واما إذا لم يحسن العربية فان امكنه التعلم وجب والا عقد بغير العربي للضرورة وللشافعي قولان أحدهما كما قلنا لان العربية كانت شرط عند القدرة لم يغن غيرها عند العجز كقراءة الفاتحة فيصبر إلى أن يتعلم أو يوكل وأصحهما عنده الانعقاد لأنه لفظ لا يتعلق به اعجاز فاكتفى بترجمته عند العجز كالتكبير فقد حصل من هذا ثلثه أقوال للشافعي المنع مطلقا (والجواز مطلقا صح) ولمنع ان لم يحسن والجواز ان أحسن ولو اتى أحد المتعاقدين بالعجمية والاخر بالعربية فالبحث منه ما تقدم والجواز ان أحسن إما عندنا فان أحسن أو تمكن من التعلم لم يجزوا عند الآخرين فكما تقدم من الخلاف هذه إذا فهم كل منهما كلام الأخر فإن لم يفهم ولكن اخبره ثقة من معنى لفظ الأخر ففي الصحة للشافعية وجهان ولو كان أحدهما يحسن بالعربية والاخر لا يحسنها قالوا الذي لا يحسن بالعربية يأتي بلفظ العجمية والاخر فيه الوجهان ولو كان الشاهدان لا يفقهان بالعجمية أو لا يفقهان بالعربية لم يصح ان يتحملا العقد الا ان يحفظ الصورة فحينئذ يصح العقد عندنا وليس لهما ان يشهدا بالعقد أو بعد الاستفسار والدين اشترطوا في صحة العقد الشهادة لا يصح العقد عندهم هنا لان الغرض بالشهود معرفتهما بالعقد وتحملهما الشهادة مسألة لا يشترط اتفاق اللفظ من الموجب والقائل فلو قال الموجب زوجتك فقال الزوج نكحت إما قال الموجب أنكحتك فقال الزوج تزوجت صح العقد اجماعا ومن لا يحسن العربية منهما يصح منه عقد النكاح بلسانه لأنه عاجز عما سواه فسقط عنه كالأخرس ويحتاج إلى أن يأتي بمعناها الخاص بحيث يشتمل على معنى اللفظ العربي ويجب على من لا يحسن العربية تعلم الفاظ النكاح لأنه شرط في صحة العقد لأنه ما كانت العربية شرط فيه لزمه تعلمها مع القدرة كالتكبير خلافا لبعضهم لان النكاح غير واجب فلم يجب تعلم أركانه بالعربية والفرق ظاهر لما بينا من أن النكاح عبادة ويمنع حكم الأصل ولو كان أحدهما بحسن العربية والعجمية والاخر يعرف العجمية فالأقوى وجوب ان يأتي العارف بالعربية بلغته ثم يعتبر الأخر هو أو اخر يعرف اللسانين جميعا يعبر عن المعنى لتقبل بلغته مسألة الأخرى إن كان له إشارة معلومة و أشار إلى الايجاب أو القبول صح نكاحه لأنه معنى لا يعرف الا من جهته فصح بإشارته كبيعه وطلاقه ولعانه وان لم يكن له إشارة معلومة لم يصح منه كما لا يصح غيره من التصرفات القولية ولان النكاح عقد بين شخصين فلا بد وان يفهم كل منهما ما يصدر عن صاحبه ولو فهم ذلك صاحبه العاقد معه صح العقد عنانا خلافا لمن شرط الشهادة في صحة العقد عنده لا يصح حتى يفهم الشهود أيضا لان الشهادة شرط ولا تصح على ما لا يفهم قالوا ولا بزوجه وليه إذا كان بالغا لان الخرس لا يوجب الحجر فهو كالصمم مسألة إذا قال الولي أو الزوجة للزوج زوجتك أو أنكحتك فقال الزوج قبلت نكاحها أو قبلت تزوجها أو هذا التزويج انعقد العقد اجماعا لتحقق المقتضى لانعقاده إذ لا يتوقف الا على هذين ولو قال الزوج قبلت واقتصر صح العقد عنانا أيضا وتم وبه قال أبو حنيفة واحمد والشافعي في أحد القولين لان القبول صريح في الايجاب ومتضمن للايجاب فإذا قال زوجتكها فقال قبلت معناه قبلت التزويج كما لو قال وهبت منك هذا الثوب فقال قبلت صح وعلم أن معناه قبلت الثوب وكذا في البيع لو قال قبلت ولم يقل الشراء وكذا ساير العقود الثاني لا ينعقد لان قوله قبلت لم يوجد فيه لفظة النكاح أو التزويج فلم ينعقد كما لو قال زوجنيها فقال قبلت أو قال رجل للولي زوجها من هذا فقال نعم والأصل ان الكنايات لا ينعقد بها النكاح ولفظ التزويج والنكاح لم توجد في لفظة قبلت فكان كناية وعدم النطق لا يقتضى عدم الإرادة التي هي سبب صحة العقد والألفاظ انما جعلت وصلة في الدلالة عليها ولفظ قبلت صريح في الدلالة على الإرادة مسألة لو قال زوجتك فقال قبلت ولم يضف التزويج أو النكاح إليها أو قال قبلتها ولم يذكر النكاح صح عندنا وللشافعية قولان مرتبان على الخلاف فيما إذا اقتصر على قوله قبلت وهاتان الصورتان أولي بالصحة للتصريح بلفظ النكاح في الأولى والإضافة إلى منكوحه في الثانية واجري بعض الشافعية الخلاف فيما إذا قال زوجني لو انكحني فقال الولي قد فعلت ذلك أو نعم اكتفاء بلفظ النكاح في أحد الطرفين وفيما إذا قال الولي زوجتكها فقبلت فقال نعم وكذا لو قال نعم من غير قولي الولي قبلت ومنهم من قطع بالمنع كما لو قال أتزوجني ابنتك فقال نعم فقال قبلت وفي نظاير هذه الصورة من المبيع ينعقد البيع عند الشافعية ولهم وجه اخر انه لا ينعقد كما في النكاح مسألة لو كان العاقدان ؟؟ حاضرين فكتب الولي أو المراة زوجتك أو أنكحتك وكتب الزوج قبلت هذا النكاح أو هذا التزويج مع قدرتهما على النطق لم ينعقد لأنه لا ضرورة إلى ذلك ولو كان أحدهما غايبا فكتب الولي والزوجة بالايجاب فوصل الكتاب إلى الزوج فقال قبلت لم ينعقد (أيضا وهو أحد قولي الشافعي لان الكناية كناية والنكاح لا ينعقد بالمكنيات والثاني انه ينعقد صح) لان الغايب يخاطب بالكتاب ولو خاطب غايبا بلسانه فقال زوجتك ابنتي ثم كتب فبلغه الكتاب أو لم يبلغه وبلغه الخبر فقال قبلت نكاحها بطل لتراخى القبول عن الايجاب وهو أحد وجهي الشافعية والثاني يصح ويجعل كأنه خاطبه حين وصل إليه الكتاب أو الخبر ويبعد خطاب الغايب بقوله زوجتك ابنتي لان مكالمه الغايب سقه وعلى قولهم بالصحة إما بمجرد الكتاب الكتاب أو عند التلفظ فالشرط عندهم ان يقبل في مجلس بلوغ الخبر وان يقع القبول بحضور الشاهدين الذي حضر الايجاب فان حضر غيرهما لم يصح عندهم ولو استخلف القاضي فقيها في تزويج امرأة لم يكف الكتاب بل لا بد من اللفظ وللشافعية وجهان وهل المكتوب إليه الاعتماد على الخط الأقرب المنع وللشافعي وجهان كالوجهين في جواز الاعتماد على منشور توليد القاضي وإذا كتب إلى الولي وقال زوجني وليتك فقراه الولي أو غيره بحضور شاهدين وقال زوجته لم ينعقد وبه قال الشافعي لما تقدم وقال أبو حنيفة وأصحابه ينعقد لان قرائة الكتاب نيابة عنه في استدعائه من غايب فبلغه فأوجب مسألة إذا قالت المرأة زوجت نفسي من فلان أو قال الولي زوجت فلانه من فلان وبلغ الزوج فقبل لم يصح وبه قال الشافعي لتأخر القبول وقال أبو يوسف يصح لان قولها زوجت نفسي جميع العقد ولهذا قال الولي زوجت وليتي من نفسي انعقد النكاح فجاز ان يقف على الإجازة وهو غلط لان هذا شطر العقد فيما هو تمليك في حال الحياة فلا يقف على القبول كساير العقود وما ذكره ممنوع ولا يصح أيضا على أصله لان ذلك اللفظ قام مقام الايجاب والقبول بخلاف مسئلتنا ولأنه لو كان الزوج حاضرا أو اخر القبول لم يصح مسألة إذا أوجب الولي أو المراة عقد النكاح ثم زال عقله باغماء أو جنون أو مرض بطل ايجابه ولم يكن للزوج القبول وبه قال الشافعي واحمد لان الايجاب جايز من جهته لا يؤل إلى اللزوم لان الايجاب لا يكون دون القبول لازما بحال بخلاف البيع إذا أغمي عليه في مدة الخيار عند الشافعية فان العقد يؤل إلى اللزوم بانقضاء المدة والوجه عدم الفرق في بطلان العقد وكذا إذا استدعى الزوج منه النكاح ثم أغمي عليه قبل الايجاب بطل الاستدعاء لما سبق ولا تأثير للايجاب بعد ذلك وان زال العارض وكذا في القبول ولو زال عقله بنوم ثم (استيقظ لم صح) حكم الايجاب ان يحصل الفصل بطول الرمان لأنه لا يبطل العقود الجايزة فكذا هنا ولو طال الزمان حتى عده فاصلا بين الايجاب والقبول لم يصح مسألة
(٥٨٢)