الأول في الثاني فهو راجع عن الأول مثبت للثاني والرجوع غير مقبول فالذي أقر به ثانيا يلزمه ولو دخل الأول في الثاني لزمه الزايد فلو قال له علي هذا القفيز بل هذا القفيز وهذا الأخر فإنه يلزمه القفيزان معا لأنه ضم المقر به أولا إلى المقر به ثانيا وأقر بهما معا فلزماه معا ولا يلزمه هنا ثلاثة قطعا فروع آ لو قال له درهمان بل درهم أو له علي عشرة لا بل تسعة لزمه الدرهمان والعشرة لا الأقل لان الرجوع عن الأكثر لا يقبل الا في الاستثناء ويدخل الأقل فيه ويخالف ما إذا قال له علي درهم لا بل درهمان لأنه اضرب عن الاقتصار وادخله في اقراره الثاني ويخالف ما إذا قال درهم لا بل قفيز فإنه يلزمه الجميع لان أحدهما لا يدخل في الأخر وهنا التسعة داخلة في العشرة ويخالف الاستثناء لأنه ليس باضراب بل عشرة الا درهما عبارة عن تسعة فافترقا ب لو قال له علي درهم بل درهمان بل ثلاثة لزمه ثلاثة لا غير ولو قال له دينار بل ديناران بل قفيز بل قفيزان لزمه ديناران وقفيزان ج لو قال له علي دينار وديناران بل قفيز وقفيزان لزمه ثلاثة دنانير وثلاثة أقفزة وعلى هذا القياس البحث السابع في تغائر الزمان مسألة إذا قال في يوم السبت لزيد علي الف ثم أقر له يوم الأحد بألف لم يلزمه الا الألف الواحد والأصل فيه ان تكرير الاقرار للاخبار ولا يلزم من تكرير الخبر تكرير المخبر عنه فقد يخبر عن الشئ الواحد اشخاص متعددة باخبارات متعددة أو مخبر واحد باخبارات كثيرة ولهذا يحتمل فيه الابهام ولو كان انشاء لما احتمل فتعدد الخبر لا يقتضي تعدد المخبر عنه فيجمع الا إذا عرض ما يمنع الجمع والتنزيل على واحد فحينئذ يحكم بالمغايرة إما مع عدم المانع من الجمع فإنه يجمع ويكون الخبران عبارتان عن مخبر واحد لأصالة البراءة واما لو اعترف بان الاقرار الثاني عبارة عن شئ مغاير لما أقر به أو لا فإنه يحكم بالتعدد وبهذا قال مالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد واحمد لان الاقرار اخبار على ما بيناه فإذا أقر ثم أقر بذلك احتمل ان يكون الثاني هو الأول وأن يكون غيره فكان المرجع إليه ولا يلزمه لشك وقال أبو حنيفة يلزمه درهمان واختلف أصحابه منهم من قال لا فرق بين المجلس الواحد والمجلسين ومنهم من فرق بين المجلسين والمجلس الواحد الا انهم لا يختلفون انه إذا قال درهم درهم موصولا أنه يكون درهما واحدا وكذلك إذا سمع شاهدان اقراره بألف ثم رفع إلى الحاكم فاقر بألف فقال المدعي لي بينة باقراره بألف وهي أخرى وقال المقر هي واحدة لم تسمع البينة وكذلك إذا أقر بما في كتاب عند جماعة فهو اقرار لأنه إذا أقر ثم أقر ولم يعرف الأول بالألف واللام فالظاهر أنه اقرار اخر فلزمه ذلك وهذا يبطل بما إذا وصل كلامه وبما إذا أقر به عند الحاكم ولان التعريف انما يكون عند من له عهد به وقد يقر عند من لم يسمع الأول وقد يترك التعريف ولا يمنع ذلك صحة كلامه فلم يكن تركه التعريف يوجب عليه مالا آخر واعلم أنه لا فرق عندنا بين ان يكون الاقراران في مجلس واحد أو مجلسين فما زاد وسواء كتب به صكا واشهد عليه شهودا أو على التعاقب بان كتب صكا بألف واشهد عليه ثم كتب صكا اخر بألف واشهد عليه خلافا لأبي حنيفة فيما إذا كتب صكين اشهد عليهما أو فيما إذا أقر في مجلسين ومن أصحابه من لا يفرق بين المجلس والمجلسين مسألة لو أقر باقرارين مختلفين بالعدد في مجلس واحد أو في مجلسين دخل الأقل في الأكثر سواء تقدم الأقل أو تأخر فلو أقر في أحد اليومين بألف وفي الأخر بخمس مائة لزمه الألف خاصة ودخل الاقرار بالخمس مائة تحت الاقرار بالألف عندنا وعند الشافعي ولو أقر مرة بالعربية واخرى بالعجمية لم يلزمه الا واحد ولا اعتبار باختلاف اللغات والعبارات فقد يعبر عن الشئ الواحد ويخبر عن المخبر الواحد باخبارات متعددة وألفاظ مختلفة والمخبر عنه واحد في نفسه غير متعدد مسألة لو لم يمكن الجمع بين الاقرارين في عين واحدة ومخبر عنه واحد تعدد الحق وتغاير كما لو أضاف إلى شيئين مختلفين فقال يوم السبت له علي الف من ثمن عبد ثم قال يوم الأحد له علي الف من ثمن جارية أو وصف كل واحد من المقر به بوصف مخالف مضاد للوصف الأخر كما إذا قال يوم السبت له علي الف من صحاح الدراهم وقال يوم الأحد له علي ألف درهم من مكسر الدراهم لزمه الألفان في الصورتين معا لتغاير ثمن العبد وثمن الجارية وصحيح الدراهم ومكسرها وكذا يتعدد لو قال قبضت منه يوم السبت ألف درهم ثم قال قبضت منه يوم الأحد ألف درهم لزمه الألفان لتغاير القبضين ويلزم منه تغاير المقبوضين إذ لا يمكن تعدد القبض في الشئ الواحد الا مع الدفع إلى المقر له ولكن ذلك دعوى غير مسموعة الا بالبينة ولو قال طلقتها يوم السبت طلقة ثم قال طلقتها يوم الأحد طلقة حكم عليه بوقوع طلقتين ولو قال يوم السبت طلقتها طلقة وقال يوم الأحد طلقتها طلقة لم يلزمه الا طلقة وكذا لو قال يوم السبت طلقتها طلقة ثم قال ويوم الاحد تطليقتين لم يلزمه الا طلقتان إما لو وصف الدراهم بصفة في أحد الاقرارين وأطلق في الأخر أو أضاف أحد الاقرارين إلى سبب وأطلق في الآخر نزل المطلق على المضاف ولم يجب التعدد لامكان الجمع له والأصل براءة الذمة وكذا لو قامت البينة على اقرارين بتأريخين يجمع بينهما لان تكرير الاشهاد وتكرير الصك لا تأثير له لان الحجة على الاقرارين لا تفيد الا ثبوت الاقرارين وقد تقدم ان تعدد الاقرار لا يوجب تعدد المقر به مسألة لو شهد شاهد على أنه أقر يوم السبت بألف أو بغصب ثوب وشهد شاهد آخر على أنه أقر يوم الأحد بألف أو بغصب ذلك الثوب يثبت الألف والغصب بتلفيق الشهادتين لان الاقرار لا يوجب حقا بنفسه وانما هو اخبار عن شئ سابق فينظر إلى المخبر عنه والى اتفاقهما على الاخبار عنه وكذا لو شهد أحدهما على اقراره بألف بالعربية والاخر على اقراره بالفارسية ولو شهد أحدهما على الإدانة والاخر على الاقرار بها لم يثبت الدين سواء اتفق الزمان أو اختلف وكذا لو شهد أحدهما انه وكل أو طلق يوم السبت وشهد الأخر انه وكل أو طلق يوم الأحد أو شهد أحدهما على أنه وكل أو طلق يوم السبت والاخر على أنه أقر بالوكالة أو بالطلاق يوم السبت أو الاحد لم يثبت بشهادتهما شئ ء لأنهما لم يتفقا على شئ واحد وليس هو اخبارا حتى ينظر إلى المقصود المخبر عنه واعلم أن بعض الشافعية لم يفرق بين الاقرارين والانشائين فكما لا يقبل إذا شهد أحدهما على انشاء الطلاق أو الوكالة يوم السبت وشهد الأخر على انشائهما يوم الأحد كذا لا يقبل لو شهد أحدهما على أنه أقر يوم السبت وشهد الأخر على أنه أقر يوم الأحد لان الشاهدين لم يشهدا على شئ واحد بل شهد هذا على اقرار وذلك على اقرار اخر والمقصود من اشتراط العدد في الشهادة زيادة التوثق والاستظهار فإذا شهد كل واحد على شئ لم يحصل هذا المقصود فالمتجه ان لا يحكم بقولهما وبعض الشافعية اجرى الانشاءات مجرى الاقرارات فكما يقبل شهادة أحدهما بالاقرار يوم السبت مع شهادة الأخر بالاقرار يوم الأحد يقبل لو شهد أحدهما بانشاء الطلاق مثلا يوم السبت والاخر بانشائه يوم الأحد وكلاهما غلط إما الأول فلان أحد الشاهدين إذا شهد بالاقرار يوم السبت فقد شهد بثبوت حق في ذمته وإذا شهد الأخر بالاقرار يوم الأحد فقد شهد بثبوت حق في ذمته فحصل الاتفاق بينهما على شئ واحد والاجتماع لا يفيد زيادة في هذا المشترك وصار كما لو اطلقا الشهادة بالاقرار أو من غير تعيين الزمان ولا يتأتى هذا في الانشاء لان من طلق اليوم ثم طلق غدا والمراة رجعية فزعم أنه أراد طلقة واحدة لم يقبل منه خصوصا عند من لا يشترط الرجعة كالعامة بأسرهم فكيف يجمع بين شهادة شاهد على طلاق اليوم وشهادة اخر على طلاق غد وكذا باقي الانشاءات والافعال كالقتل والغصب وغيرهما على أنه لا تخلو هذه الشهادة في كثير من المواضع من المتضاد والتنافي فان شهادة قتل يوم السبت تنافي شهادة قتل يوم الأحد بخلاف الاقرارين واما الثاني فلما مر من التغاير بين الانشائين ولو شهد أحدهما
(١٦٠)