من اسلامه وان اعرب بالكفر فهو مرتد وهل يقبل توبته ويكون ارتداده كارتداد من أسلم عقيب كفره وقت بلوغه أو يكون مرتدا عن فطرة لا يقبل توبته ويكون ارتداده كارتداد من هو مسلم بالأصالة لا عقيب الكفر حالة بلوغه الأقوى الأول لأنه كافر أصلي حكمنا بكفره أولا ثم أزيل بالتبعية فإذا استقل انقطعت التبعية فوجب ان يعتبر بنفسه وللشافعية فيما إذا بلغ هذا الصبي الذي تجدد تكونه قبل اسلام أحد أبويه ثم أسلم أحد أبويه قبل بلوغه إذا اعرب بالكفر وجهان أصحهما انه مرتد لأنه سبق الحكم باسلامه جزما فأشبه ما إذا باشر الاسلام ثم ارتد وما إذا حصل العلوق حالة الاسلام والثاني انه كافرا صلي لأنه كافر محكوم بكفره أولا وأزيل بالتبعية مسألة:
إذا حكمنا بارتداد هذا الصبي إذا أسلم أحد أبويه ثم بلغ واعرب الكفر بعد بلوغه لم ينقض شيئا مما أمضيناه من احكام الاسلام وان قلنا إنه كافرا صلي فللشافعية وجهان أحدهما انها ممضاة بحالها لجريانها في حالة التبعية وأظهرهما عندهم انا نتبين الانتقاض ونستدرك ما يمكن استدراكه حتى يرد ما اخذه من تركة قريبه المسلم ويأخذ من تركة قريبه الكافر ما حرم بمنعه ويحكم بان اعتاقه عن الكفارة لم يقع مجزيا هذا فيما يجري في الصغر فاما إذا بلغ ومات وله قريب مسلم قبل ان يعرب عن نفسه بشئ أو أعتق عن الكفارة في هذه الحالة فان قلنا لو اعرب عن نفسه بالكفر لكان مرتدا أمضينا احكام الاسلام ولا نقض وان جعلناه كافرا أصليا فان اعرب بالكفر تبينا انه ما اجزاء عن الكفارة فان فات الاعراب بموت أو قتل فوجهان أحدهما امضاء احكام الاسلام كما لو مات في الصغر وأظهرهما انا نتبين الانتقاض لان سبب التبعية الصغر وقد زال ولم يظهر في الحال حكمه في نفسه فيرد الامر إلى الكفر الأصلي وللشافعية قول انه لو مات قبل الاعراب وبعد البلوغ يرثه قريبه المسلم ولو مات له قريب مسلم فأرثه عنه موقوف منهم بناء على أن المسلم لا يرث الكافر قال الجويني إما التوريث منه فيخرج على أنه إذا مات قبل الاعراب هل ينقض الحكم واما توريثه فان عنى بالتوقف انه يقال اعرب عن نفسك بالاسلام فهو قريب ويستفاد الخروج من الخلاف واما إذا مات القريب ثم مات هو وفات الاعراب بموته فلا سبيل إلى الفرق بين توريثه والتوريث عنه ولو قتل بعد البلوغ وقبل الاعراب ففي تعلق القصاص بقتله قولان أحدهما التعلق كما لو قتل قبل البلوغ والثاني المنع لان سكوته يحتمل الكفر والجحود والقصاص يدرأ بالشبهة ويخالف ما قبل البلوغ فإنه حينئذ محكوم باسلامه تبعا وقد انقطعت التبعية بالبلوغ والقولان مبنيان على أنه لو اعرب بالكفر كان مرتدا أو كافرا أصليا ان قلنا بالأول وجب القصاص وان قلنا بالثاني فلا لكن الاظهر منع القصاص وإن كان الاظهر كونه مرتدا تعليلا بالشبهة واما الدية فالذي اطلقه الشافعية وحكوه عن قول الشافعي تعلق الدية الكاملة بقتله وعلى القول بأنه لو اعرب بالكفر كان كافرا أصليا لا يوجب الدية الكاملة على رأي وروى الجويني عن القاضي الحسين من الشافعية اجراء القول بمنع القصاص مع الحكم بأنه لو اعرب بالكفر لكان مرتدا وعده من هفواته تذنيب:
الصبي المحكوم بكفره إذا بلغ مجنونا كان حكمه حكم الصغير حتى أنه لو أسلم أحد أبويه تبعه إما لو بلغ عاقلا ثم جن ففي التبعية اشكال وللشافعية وجهان أحدهما انه لا يتبعهما لأنه قد ثبت له حكم الاسلام بنفسه فلا يكون تبعا كالعاقل والثاني أنه يكون تبعا لأنه غير مكلف فأشبه الذي بلغ مجنونا واسلامه بنفسه قد بطل بجنونه فعاد تبعا كما يعود موليا عليه ثم أصحهما عندهم انهم قالوا إنه إذا طرأ جنونه عادت ولاية المال إلى الأب فإذا أسلم استتبعه والا فلا النظر الثاني: في الجهة الثانية في تبعية الاسلام مسألة: قال بعض علمائنا ان الصبي يتبع السابي في الاسلام فإذا سبي المسلم طفلا منفردا عن أبويه حكم باسلامه لأنه صار تحت ولايته وليس معه من هو أقرب إليه فيتبعه كما يتبع الأبوين لان النبي صلى الله عليه وآله لما أبطل حريته قلبه قلبا كليا فعدم عما كان وتجدد له وجود تحت يد السابي وولايته فأشبه تولده من الأبوين وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يحكم باسلامه وهو جيد لان يد السابي يد ملك فأشبهت يد المشتري لكن المشهور عندهم الأول مسألة: لو كان السابي ذميا لم يحكم باسلامه وهو أصح وجهي الشافعية إذ لا سبب له من اسلام أحد أبويه أو اسلام سابيه فيبقى على حالة الكفر والثاني انه يحكم باسلامه لأنه إذا سباه صار من أهل دار الاسلام لان الذمي من أهلها فيجعل مسلما تبعا للدار وليس بجيد لان كون الذمي من أهل دار الاسلام لا يؤثر فيه ولا في حق أولاده فكيف يؤثر في حق مسبيه وتبعية الدار له انما تؤثر في حق المجهول حاله ونسبه ولو باعه الذمي السابي من مسلم لم يحكم باسلامه أيضا لان ملك المسلم طرأ عليه وهو رقيق وانما تحصل التبعية في ابتداء الملك فان عنده يتحقق تحول الحال وكذا سبي الزوجين يقطع النكاح وتجدد الملك على الرقيقين لا يقطعه عند الشافعي مسألة: لو سبي الطفل ومعه أبواه الكافران أو أحدهما لم يحكم باسلامه ولا يتبع السابي هنا في الاسلام وبه قال الشافعي لان والديه أقرب إليه من سابيه فكانا أولي بالاستبتاع وقال احمد انه يتبع السابي أيضا في إحدى الروايتين ولو كانا معه ثم ماتا لم يحكم باسلامه أيضا لما تقدم من أن التبعية انما يثبت في ابتداء السبي وحكم الصبي المحكوم باسلامه تبعا لأنه إذا بلغ واعلم أن الصبي المسبي والذي أسلم أحد أبويه إذا أعربا بالكفر وجعلناهما كافرين أصليين ألحقناهما بدار الحرب فإن كان كفرهما مما يجوز التقرير عليه بالجزية ورثناهما ولو اعربا بنوع من الكفر غير ما كانا موصوفين به فهما منتقلان من ملة إلى ملة وهل يقبل قولان سبقا ولو ماتا فالقول في تجهيزهما والصلاة عليهما ودفنهما في مقابر المسلمين إذا ماتا بعد البلوغ وقبل الاعراب يتفرع على القولين في أنهما إذا اعربا بالكفر كانا مرتدين أو كافرين أصليين. النظر الثالث: في الجهة الثالثة في التبعية في الاسلام وهي تبعية الدار وهي المقصود هنا لان الغرض من عقد الباب بيان احكام اللقيط في الاسلام وغيره والجهتان السابقتان لا يفرضان في حق اللقيط حتى يعرف بهما اسلامه وانما يحكم باسلامه بهذه الجهة خاصة مسألة:
الدار قسمان دار اسلام ودار كفر إما دار الاسلام فقسمها الشافعية اقساما ثلاثة آ دار خطها المسلمون كالبصرة والكوفة وبغداد فإذا وجد فيها لقيط حكم باسلامه تبعا للدار وإن كان فيها أهل ذمة الظاهر الدار ولان الاسلام يعلو ولا يعلى ولأنه إن كان المسلمون أكثر فالظاهر أنه من أولادهم وإن كان أهل الذمة أكثر فيحتمل ان يكون من أولاد المسلمين فيغلب حكم الاسلام حتى لو لم يكن فيها سوى مسلم واحد حكم باسلام اللقيط تغليبا للاسلام ب: دار فتحها المسلمون فملكوها وأقروهم فيها ببذل الجزية أو لم يملكوها وصالحوهم على بذل الجزية فإنها يكون دار الاسلام أيضا لان حكم الاسلام جار فيها فإذا كان في هذه ولو مسلم واحد حكم باسلام اللقيط وان لم يكن فيها مسلم البتة حكم بكفره ولانا نغلب حكم الاسلام مع الاحتمال ج: دار غلب عليها المشركون كطرسوس فإنها كانت للاسلام فغلب عليها المشركون فإن كان فيها ولو مسلم واحد حكمنا باسلام اللقيط واما إذا لم يكن فيها مسلم البتة لم يحكم باسلامه وهو قول أكثر الشافعية وقال أبو إسحاق منهم يحكم باسلامه لأنه لا يخلو ان يكون فيها مسلم وان لم يظهر اسلامه ولان الدار دار الاسلام وربما بقي فيها من يكتم ايمانه ولو كان فيها مسلم واحد حكم باسلامه والأقوى ان دار الاسلام قسمان آ: دار خطها المسلمون كبغداد والبصرة والكوفة فلقيط هذه محكوم باسلامه وإن كان فيها أهل الذمة ب: دار فتحها المسلمون كمداين والشام فهذه إن كان فيها مسلم واحد حكم باسلام لقيطها والا فهو كافر وقال الجويني القسم الثالث السابق مجراه مجرى دار الكفر لغلبة الكفار عليها وعد القسم الثاني من بلاد الاسلام