ذكرناه ولو كان في المصدقين عدلان شهدا للبايع على صفة الشهادة وشرطها أو عدل واحد وحلف البايع معه قبلت الشهادة وقضى له ان شهد الشهود قبل تصديق البايع أو بعده وقلنا انهم لا يجبرون على أخذ الثمرة وإلا فهم يرفعون الضرر عن أنفسهم بشهادتهم إذ يجبرون على أخذها ويضيع عليهم بأخذ البايع ولو صدق بعض الغرماء البايع وكذبه بعضهم فللمفلس تخصيص المكذبين بالثمار ولو أراد قسمتها على الجميع فالأقرب انه ليس له ذلك لان من صدق البايع يتضرر بالأخذ لان للبايع أخذ ما أخذه منه والمفلس لا يتضرر بان لا يصرف إليه لامكان الصرف إلى المكذبين بخلاف ما إذا أصدقه الكل وهو أحد قولي الشافعي والثاني ان له ذلك كما إذا صدقوه جميعا إذا عرفت هذا فإذا صرف إلى المكذبين ولم يف بحقوقهم فيضاربون المصدقين في ساير الأموال ببقية ديونهم مؤاخذة لهم بزعمهم أو بجميع ديونهم لان زعم المصدقين ان شيئا من دين المكذبين لم يتأد للشافعية وجهان أظهرهما عندهم الأول وجميع ما ذكرناه فيما إذا كذب المفلس للبايع أما لو صدقه المفلس على سبق الفسخ للتأبير نظر فان صدقه الغرماء أيضا قضى له وان كذبوه وزعموا أنه أقر عن مواطاة جرت بينهما فعلى القولين الجاريين فيما لو أقر بعين مال أو بدين لغيره فان قلنا لا نفوذ لان حقوق الغرماء تعلقت بالثمرة ظاهرا فلم يقبل اقراره كما لو أقر بالنخل فللبايع تحليف الغرماء على أنهم لا يعرفون فسخه قبل التأبير ومنهم من قال هو على القولين السابقين في أن الغرماء هل يحلفون إذا ادعى حقا وأقام شاهدا ولم يحلف والأول أصح عندهم لان اليمين هنا وجبت عليهم ابتداء وثم ينوبون عن المفلس واليمين لا تجري فيها النيابة في مسئلتنا الأصل ان هذا الطلع قد تعلقت حقوقهم به لكونه في يد غيرهم ومتصل فعليه التخلية والبايع يدعي ما يزيل حقوقهم عنه فأشبه ساير أعيان ما له وبابه النظر في انفصال الجنين وفي ظهور الثمار بالتأبير إلى حال الرجوع دون الحجر لان ملك المفلس باق إلى أن يرجع البايع مسألة لو كان المبيع أرضا فإن كانت بيضاء كان له الرجوع عند الافلاس بها فان زرع المشتري الأرض قبل الحجر كان له الرجوع في الأرض والزرع للمفلس لأنه عين ماله وليس الزرع مما يتبع الأرض في البيع فأولى ان لا يتبعها في الفسخ وكذا لو باعه حايطا لا ثمر فيه ثم أفلس وقد أبرت النخلة لم يكن له الرجوع في الثمرة لأنها لا تتبع الأصل في البيع فكذا في الفسخ إذا ثبت هذا فإنه ليس لبايع الأرض ولبايع النخل المطالبة بقلع الزرع ولا قطع الثمرة قبل أوان الجذاذ والحصاد وبه قال الشافعي واحمد لان المشتري زرع في أرضه بحق وكذا طلعه على النخل بحق فلم يكن لاحد مطالبته بفعله كما لو باع نخلا فيه ثمرة ظاهرة أو أرضا فيها زرع لم يكن للمشترى مطالبة البايع بقطع الثمرة والزرع وكذا هنا والأجرة لصاحب الأرض في ذلك إلا أن المشترى زرع في أرضه والزرع يجب تبقيته فكأنه استوفى منفعة الأرض فلم يكن عليه ضمان ذلك لا يقال أنتم قلتم في المؤجر للأرض إذا زرعها المستأجر وأفلس رجع المؤجر في الأرض وله أجرة التبقية للزرع فلم لا يكون لبايع الأرض الأجرة لأنا نقول الفرق ظاهر فان المعقود عليه في البيع الرقبة وانما يحصل له بالفسخ وان لم يأخذ الأجرة وفي الإجارة المنفعة فإذا فسخ العقد فيها لم يجز ان يستوفيها المستأجر بلا عوض فإذا لم يتمكن من استيفائها ولم يمكنه من أخذ بدلها خلا الفسخ عن الفايدة ولم يعد إليه حقه فلا يستفيد بالفسخ شيئا ولان المستأجر دخل في العقد على أن يضمن المنفعة فلهذا وجب عليه الأجرة بخلاف المتنازع فان المشتري دخل على أنه لا يضمن المنفعة فجرى مجرى البايع للأصول دون ثمرتها وحكى بعض الشافعية قولا ان للبايع طلب أجرة المثل لمدة بقاء الزرع كما لو بنى المشتري أو غرس كان للبايع الابقاء بأجرة المثل إذا ثبت هذا فان اتفق المفلس والغرماء على تبقيته كان لهم ذلك فان اختلفوا فطلب المفلس قطعه أو طلب الغرماء قطعه أو بعضهم طلبه أجيب من طلب القطع على اشكال لما في التبقية من الغرور ومن طلب قطعه أراد تعجيل حقه وكذا المفلس يريد براءة ذمته فأجيب إلى ذلك ويحتمل إجابة من طلب ما فيه الحظ فيعمل عليه وهو حسن وكلاهما قولان للشافعية لان النفع متوقع ولهذا جاز لولي الطفل الزرع له مسألة لو باعه أرضا وفيها بذر مودع فان باعها مع البذر فان قصد التبعية جاز وإلا بطل لان بعض المبيع المقصود مجهول فلا يصح بيعه وان باع الأرض وشرط البذر أو قصد التبعية دخل في البيع فإذا أفلس المشتري بعد ما استحصد واشتد حبه أو كان قد حصده أو ذرأه ونقاه لم يكن لصاحب الأرض ان يرجع فيه لان هذا الزرع أعيان ابتداها الله تعالى ولم يكن موجودا حال البيع والثاني ان ذلك مما من نماء الزرع فهو كالطلع يصير (تمرا) ولهذا لو غصب رجل حبا فبذره في ملكه واستحصد كان لصاحب البذر دون صاحب الأرض وكذا البيض لو صار فرخا والفرق بين الغاصب والمتنازع ظاهر مسألة لو كانت الثمرة مؤبرة حال البيع وشرطها في البيع كانت جزءا من المبيع ينقسط الثمن عليها وعلى الأصول فإذا أفلس المشتري و تلفت الثمرة بأكله أو بجايحة أو بأكل أجنبي فقد بينا ان للبايع أخذ الشجر بحصته من الثمن ويضارب مع الغرماء بحصة الثمرة وسبيل التوزيع ان يقوم الأشجار وعليها الثمار فإذا قيل قيمتها مائة قومت الأشجار وحدها فإذا قيل تسعون علمنا أن قيمة الشجرة عشرة فيضارب بعشر الثمن فان اتفق في قيمتها انخفاض وارتفاع فالاعتبار في قيمة الثمار بالأقل من قيمتي وقت العقد ويوم القبض لأنها إن كانت يوم القبض أقل مما قبض قبله فهو من ضمان البايع فلا يحسب على المشتري وإن كان يوم العقد أقل فالزيادة حصلت في ملك المشتري وتلفت فلا تعلق للبايع بها نعم لو كانت العين باقية رجع فيها بايعه للأصل ان لم يحصل زيادة عندنا ومطلقا عند الشافعي الاعتبار في قيمة يوم القبض واحتسب الزيادة للبايع بعد التلف كما انها لو بقيت العين لحصلت له وهذا ظاهر كلام الشافعي لكن أكثر أصحابه حملوه على ما إذا كانت قيمته يوم القبض أقل أو لم يختلف القيمة فسواء أضفتها إلى هذا اليوم أو ذاك اليوم وأما الأشجار فللشافعية وجهان أظهرهما ان الاعتبار فيها بأكثر القيمتين لأن المبيع بين العقد والقبض من ضمان البايع فنقصانه عليه وزيادته للمشتري ففيما يأخذه البايع تعين الأكثر لكون النقصان محسوبا عليه كما أن فيما يبقى للمشتري ويضارب البايع بثمنه بقيمة الأقل لكون النقصان محسوبا عليه والثاني ان الاعتبار بقيمته يوم العقد سواء كانت أكثر القيمتين أو أقلهما أما إذا كانت أكثرهما فلما ذكرنا في الوجه الأول واما إذا كانت أقلهما فلان ما زاد بعد ذلك من جملة الزيادات المتصلة وعين الأشجار باقية فيفوز بها البايع ولا يحسب عليه قال الجويني ولصاحب الوجه الأول أن يقول نعم البايع يفوز بها لكن يبعد ان يفوز بها وهي جارية في ملك غيره ثم لا يحتسبها من المبيع فإذا فاز بها فلنقدر كأنها وجدت يوم البيع ولنذكر مثالا في اختلاف قيمة الأشجار والثمار فنقول كانت قيمة الشجرة يوم البيع عشرة وقيمة الثمرة خمسة فلو لم يختلف القيمة لاخذ الشجرة بثلثي الثمن ولو زادت قيمة الثمرة فكانت عشرة يوم البيع فكما لو كانت القيمة بحالها على أشهر الوجهين وعلى الأخر يضارب بنصف الثمن ولو نقصت فكانت يوم القبض درهمين ونصفا يضارب بخمس الثمن ولو زادت قيمة الشجرة أو نقصت فالحكم على الوجه الثاني كما لو بقيت بحالها وعلى الأول كذلك ان نقصت وان زادت وكانت خمسة عشرة ضارب بربع الثمن تذنيبان آ إذا اعتبر في الثمار أقل القيمتين فلو كانتا متساويتين لكن وقع بينهما نقصان نظر أن كان بمجرد انخفاض السوق فلا عبرة به وإن كان لعيب طرأ وزال فكذلك على الظاهر كما أنه يسقط بزواله حق الرد وان لم يزل العيب لكن عادت قيمته إلى ما كان بارتفاع السوق اعتبرت قيمته يوم العيب دون البيع والقبض لان النقصان الحاصل من ضمان البايع والارتفاع بعده في ملك المشتري لا يصلح جابرا له ب ان (إذا) اعتبرنا في الأشجار أكثر القيمتين فلو كانت قيمة الشجرة يوم العقد مائة وخمسين ويوم الرجوع إلى البايع مائتين فالوجه القطع باعتبار المائتين ولو كانت قيمتها يوم العقد ويوم القبض ويوم الرجوع مائة اعتبر يوم الرجوع فان ما طرأ من زيادة وزال ليس ثابتا يوم العقد حتى يقول إنه وقت المقابلة ولا يوم أخذ البايع يحسب عليك ولقائل أن يقول هذا ان استقام في طرف الزيادة تخريجا على ما سبق ان ما فاز به البايع من الزيادة الحادثة عند المشتري يقدر كالموجود عند البيع فلا يستقيم في طرف النقصان لان النقصان الحاصل في يد المشتري كعيب حدث في المبيع وإذا رجع البايع (إلى) على العين المبيعة لزمه القناعة بها ولا يطالب المشتري للعيب بشئ مسألة قد ذكرنا أولا ان الزيادة
(٦٧)