فامتناعه عن اليمين يورث ريبة ظاهرة وفي الصورة الأولى صاحب الحق غير باق وانما يحلف الوارث على معرفته بحال مورثه وهو يخفي عنه ولا يخفي عن الغرماء ولان غرماء الميت آيسون عن حلفه فنكلوا؟ من اليمين لئلا يضيع الحق وغرماء المفلس غير آيسين عن حلفه قال الجويني الطريقة الثانية أصح وحكى عن شيخه طرد الخلاف في ابتداء الدعوى من الغرماء وقطع أكثرهم بمنع الدعوى ابتداء وتخصيص الخلاف باليمين بعد دعوى الوارث والمفلس ولا فرق بين ان يكون الدعوى بعين أو بدين فروع: أ: لو حلف بعض الغرماء عن القائلين به دون بعض استحق الحالفون بالقسط كما لو حلف بعض الورثة لدين الميت. ب: ليس لمن امتنع من اليمين من الغرماء ان جوزنا لهم الحلف مشاركة الحالف كالوارث إذا حلف دون باقي الورثة لم يكن للباقين مشاركته لان المقبوض باليمين ليس عين مال الميت ولا عوضه بزعم الغريم. ج: لو حلف الغرماء ثم ابرأوا عن ديونهم فالمحلوف عليه يحتمل ان يكون للمفلس لخروجه عن ملك المدعي عليه يحلف الغرماء وعن ملك الغرماء بابرائهم عن الدين فيبقى للمفلس وأن يكون للغرماء لأنه يثبت بحلفهم ويلغوا الابراء وهو ضعيف أو يبقى على المدعى عليه ولا يستوفي أصلا وللشافعي ثلاثة أوجه كهذه. مسألة:
الدين إن كان حالا أو حل بعد الاجل وأراد المديون السفر كان لصاحب الدين منعه من السفر حتى يقبض حقه وليس في الحقيقة هذا منعا من السفر كما يمنع السيد عبده والزوج زوجته بل يشغله عن السفر يرفعه إلى الحاكم ومطالبته حتى يوفي الحق وحبسه ان ماطل وإن كان الدين مؤجلا فإن لم يكن السفر مخوفا لم يمنع منه إذ ليس له مطالبته في الحال بالحق وليس له أيضا ان يطالبه برهن ولا كفيل لأنه ليس له مطالبته بالحق فكيف يكون له المطالبة بالرهن أو الكفيل وهو المفرط في حظ نفسه حيث رضي بالتأجيل من غير رهن ولا كفيل وهل له ان يكلفه الاشهاد قال الشافعي ليس له ذلك والأقرب عندي انه يجب عليه الاشهاد لما فيه من ابراء الذمة وإن كان السفر مخوفا كالجهاد وركوب البحر لم يكن له المنع منه أيضا ولا المطالبة برهن ولا كفيل إذ لا مطالبة له في الحال وهو أصح وجوه الشافعي والثاني انه يمنعه إلى أن يؤدي الحق أو يعطي كفيلا لأنه في هذا السفر يعرض نفسه للهلاك فيضيع حقه والثالث ان لم يخلف وفاء منعه وان خلف لم يكن له منعه اعتمادا على حصول الحق منه. مسألة: ولا فرق بين ان يكون الاجل قليلا أو كثيرا ولا بين ان يكون السفر طويلا أو قصيرا فلو بقى للأجل نصف نهار ثم أراد انشاء سفر طويل في أوله لم يكن لصاحب الدين منعه منه فإنه لا يجب عليه إقامة كفيل ولا دفع رهن وليس لصاحب الدين مطالبته بأحدهما وبه قال الشافعي وقال مالك إذا علم حلول الأجل قبل رجوعه فله ان يطالبه بكفيل وهو قول بعض الشافعية لان عليه ضررا في تأخر حقه والضرر لحقه بواسطة التأجيل وهو من فعله ورضى به من غير كفيل فلم يكن له ازالته بعد ذلك وكما أنه ليس له مطالبته بالحق في الحال كذا ليس له المطالبة بكفيل كما لو لم يسافر ولو أراد صاحب المال ان يسافر معه ليطالبه عند الحلول فله ذلك بشرط ان لا يلازمه ملازمة الرقيب إذا ثبت هذا فإنه إذا حل الاجل وهو في السفر وتمكن من الأداء وجب عليه إما برجوعه أو بانفاذ وكيله أو ببعث رسالته أو بغيره من الوجوه. مسألة: الهبة من الأدنى إلى الاعلى لا يقتضي الثواب للأصل وهو أحد قولي الشافعي فان شرطه صح عندنا لقوله صلى الله عليه وآله المؤمنون عند شروطهم وللشافعي قولان على تقدير عدم اقتضاء الثواب فان قلنا بالاقتضاء أو شرطه مطلقا ففيه ثلاثة أقوال للشافعي أحدها قدر قيمة الموهوب والثاني ما جرت العادة بان يثاب مثله في تلك الهبة والثالث ما يرضي به الواهب فإذا وهب المفلس هبة يوجب الثواب ثم حجر عليه لم يكن له اسقاطه لأنه تصرف في المال بالاسقاط فيمنع منه فان قلنا بوجوب القيمة أو ما جرت العادة بمثله لم يكن له ان يرضى الا بذلك وان قلنا له ما يرضيه كان له ان يرضى بما شاء وان قل جدا ولا يعترض عليه وبه قال الشافعي لان المال لا يثبت الا برضاه فلو عينا عليه الرضا لكان تعيينا للاكتساب. مسألة: قد بينا انه لو أقر بعين دفعت إلى المقر له على اشكال ويحتمل عدم الدفع ويكون حق الغرماء متعلقا بها فعلى تقدير عدم القبول لو فضلت عن أموال الغرماء دفعت إلى المقر له قطعا عملا بالاقرار إما البيع فلو باعها حالة الحجر وقلنا بعدم النفوذ ففضلت عن أموال الغرماء ففي انفاذ البيع فيها اشكال وكذا الاشكال لو ادعى أجنبي شراء عين منه في يده قبل الحجر فصدقه ولو قال هذا المال مضاربة لغائب قيل يقر في يده عملا بمقتضى اقراره كما لو أقر بدين أو بعين ولو قال الحاضر فان صدقه دفع إليه على اشكال وان كذبه قسم بين الغرماء ويضرب المجني عليه بعد الحجر بالأرش وقيمة المتلف ويمنع من قبض بعض حقه ولا يمنع من وطي مستولدته والأقرب منع غير المستولدة من إمائه فان فعل وأحبل صارت أم ولد ولا يبطل حق الغرماء منها مع القصور دونها. البحث الثاني: في بيع ماله وقسمته. مسألة: كل من امتنع من قضاء دين عليه مع قدرته وتمكنه منه وامتنع من بيع ماله فان على الحاكم ان يلزمه بأدائه أو يبيع عليه متاعه سواء كان مفلسا محجورا عليه أو لا ويقسمه بين الغرماء وبه قال الشافعي ومالك وأبو يوسف ومحمد لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله حجر على معاذ وباع ماله في دينه وخطب عمر فقال في خطبته الا ان اسفع جهينة قد رضي من دينه وأمانته وان يقال سبق الحاج فأدان معترضا فأصبح وقد دين به فمن كان له عليه مال فليحضر غدا فانا بايعوا ماله وقاسموه بين غرمائه وهذا رجل من جهينة كان يشتري الرواحل ويسرع السير فيسبق الحاج فأفلس وأدان يعني استقرض وقوله معترضا اي اعترض الناس فاستدان ممن امكنه ودين به اي وقع فيما لا يستطيع الخروج منه قال أبو عبيد كلما غلبك فقد دان بك ودانك ومن طريق الخاصة ما رواه عمار عن الصادق (ع) قال كان أمير المؤمنين (ع) يحبس الرجل إذا التوى عن غرمائه ثم يأمر فيقسم ماله بينهم بالحصص فان أبى باعه فقسمه بينهم يعني ماله وقال أبو حنيفة لا يباع ماله بل يحبسه ليبيع بنفسه الا ان يكون ماله أحد النقدين وعليه الأخر فيدفع الدراهم عن الدنانير والدنانير عن الدراهم ولأنه رشيد لا ولاية لاحد عليه فلم يجز للحاكم ان يبيع ماله عليه كما لو لم يكن عليه دين وقياسهم ينتقض ببيع الدراهم بالدنانير وبالعكس فإنه عنده جايز فجاز في غير النقدين ويمنع عدم الولاية لأنه يمنعه ظالم فجاز ان يثبت الولاية عليه كما أن الحاكم يخرج الزكاة من مال الممتنع من أدائها مسألة: إذا حجر الحاكم على المفلس استحب له المبادرة إلى بيع ماله وقسمته لئلا يتلف منه شئ ولئلا يطول مدة الحجر ولا يفرط في الاستعجال لئلا يطمع المشتريون فيه بثمن بخس ويستحب احضار المفلس أو وكيله لأنه يحصي ثمنه ويضبطه ولأنه أخبر بمتاعه واعرف من غيره بجيده من رديه وثمنه فيتكلم عليه ويخبر بقدره ويعرف المعيب من غيره ولأنه يكثر الرغبة فيه فان شراءه من صاحبه أحب إلى المشتريين ولأنه ابعد من التهمة وأطيب لنفس المفلس واسكن لقلبه وليطلع على عيب إن كان ليباع على وجه لا يرد وكذا يفعل إذا باع الرهون وليس ذلك واجبا فيهما ويستحب أيضا احضار الغرماء لأنه يباع لهم وربما رغبوا في شراء شئ منه فزادوا في ثمنه فانتفعوهم والمفلس ولأنه أطيب لقلوبهم وابعد من التهمة. مسألة: وينبغي للحاكم ان يبدأ ببيع المرهون وصرف الثمن إلى المرتهنين لاختصاص حق المرتهن بالعين ولأنه ربما زادت قيمة الرهن على الدين فينضم الباقي إلى مال المفلس وربما نقصت عن الدين فيضرب المرتهن بباقي دينه مع الغرماء ثم إن كان له عبد جان قدم بيعه أيضا لما قلناه من تعلق حق المجني عليه برقبته واختصاصه به وربما فضل من قيمته شئ فأضيف إلى مال مولى الجاني ولا يساوى الرهن فإنه ان نقص قيمته عن حق الجناية لم يستحق الباقي ولان حقه لا يتعلق بالذمة بل بالعين خاصة والمرتهن يتعلق حقه بالعين والذمة معا مسألة: ويقدم بيع ما يخاف عليه الفساد كالفواكه وشبهها لئلا يضيع على المفلس وعلى الغرماء ثم الحيوان لحاجته إلى النفقة وكونه عرضة للهلاك ثم