اشتراه ويحتمل البطلان لأنه مكذب لاقراره وانما صححناه في طرف الحرية لأن الشراء هناك افتداء من العبودية والانقاذ من الرق وهذا غير آت هنا وللشافعية وجهان كهذين ولو أقر بعبد في يده لزيد وقال العبد بل انا ملك عمرو وسلم إلى زيد دون عمرو ولم يعتبر قول العبد في يد من يسترقه لا في يد نفسه ولو أعتقه زيد لم يكن لعمرو اخذه ولو مات العبد عن مال لم يكن لعمرو والتصرف فيه لما فيه من ابطال الولاء على المعتق واستحقاق الكسب فرع الرق لم يثبت له مسألة لا يشترط في الاقرار ان يكون المقر به ملكا للمقر حين يقر بل الشرط في الاقرار بالأعيان ان لا تكون مملوكة للمقر حين اقراره لان الاقرار لا يزيل الملك عن صاحبه وانما هو اخبار عن كونه مملوكا للمقر له والخبر حكاية عن المخبر به والحكاية متأخرة وذو الحكاية متقدم فلا بد وأن يكون الملك للمقر له في نظر المقر وعنده حتى يقع المطابقة بين اقراره وما هو في نفسه الامر عنده فلو قال داري هذه أو ثوبي الذي أملكه لفلان بطل الاقرار لما فيه من التناقض والمفهوم منه الوعد بالهبة ولا يحتمل ان يقال إنه أضاف إلى نفسه لما بينهما من الملابسة وقد يضاف الشئ إلى غيره بأدنى ملابسة كما في قوله إذا كوكب الخرقاء وقول الرجل لاحد حاملي الخشبة خذ طرفك ولا ريب في أن هذه الدار في يده أو قد كانت ملكه أو انها تعرف بأنها ملكه عند الغير فيحكم بصريح اقراره للغير لان الاحتمال ولو كان نادرا ينفي لزوم الاقرار عملا بالاستصحاب ولو قال مسكني هذا لفلان كان اقرارا لأنه أضاف إلى نفسه السكنى وقد يسكن ملك غيره ولو قال هذه الدار التي في يدي أو تنسب إلي أو تعرف بي أو التي كانت ملكي كان اقرارا لازما ولو شهدت البينة على أن فلانا أقر بان له دار كذا أو كانت ملكه إلى أن أقر كانت الشهادة باطلة ولو قال المقر هذه الدار لفلان وكانت ملكي إلى وقت الاقرار نفذ اقراره والذي قاله بعده مناقض لأوله فيلغو كما لو قال هذه الدار لفلان وليست له ولو قالت البينة نشهد انه باع هذه الدار أو وقفها وكانت ملكه إلى حين البيع أو الوقف سمعت الشهادة بل كانت مؤكدة لبيع والوقف مسألة حكم الديون حكم الأعيان في ذلك فلو كان له دين على زيد في الظاهر من قرض أو اجرة أو ثمن مبيع فقال ديني الذي على زيد لعمرو فهو باطل ولو لم يضف بل قال الدين الذي على زيد لعمرو واسمى في الكتاب عارية ومعونة وارفاق صح لامكان ان يكون وكيلا عنه في الاقراض والإجارة والبيع ثم عمرو يدعي المال على زيد لنفسه فان أنكر زيد تخير عمرو بين ان يقيم البينة على دين المقر على زيد ثم على اقراره له بما على زيد وبين ان يقيم البينة أولا على الاقرار ثم على الدين واستثنى بعض الشافعية ثلاثة ديون منع من الاقرار بها أحدها الصداق في ذمة الزوج ولا تقر المراة به والثاني بدل الخلع في ذمة المراة ولا يقر الزوج به والثالث أرش الجناية ولا يقر به المجني عليه لان الصداق لا يكون الا للمراة وبدل الخلع لا يكون الا للزوج وأرش الجناية لا يكون الا للمجني عليه نعم لو كانت الجناية على عبد أو مال آخر جاز ان يقر به للغير لاحتمال كونه له يوم الجناية وهذا خطأ فاحش فان هذه الديون وان امتنع ثبوتها للغير ابتداء وتقدير الوكالة فلا امتناع من انتقالها من ملاكها إلى الغير إما بالحوالة أو بالبيع فيصح الاقرار بها عند احتمال جريان ناقل نعم لو أقر بها عقيب ثبوتها بلا فصل بحيث لا يحتمل جريان لم يصح لكن سائر الديون كلها كذلك بل الأعيان أيضا كذلك حتى لو أعتق عبده ثم أقر له السيد أو غيره عقيب العتق بلا فصل بدين أو عين لم يصح لان أهلية التملك لم تثبت له الا في الحال ولم يجر بينهما ما يوجب المال ولو فرض ذلك كما لو نذر الصدقة على عبده بعد عتقه بشئ جاز له الاقرار به والضابط امكان التملك فمتى فرض صح الاقرار والا فلا قال بعض الشافعية ان أسند الاقرار بالديون الثلاثة إلى جهة حوالة أو بيع فذاك والا فعلى قولين بناء على ما لو أقر للحمل بمال وأطلق الفصل الثالث في الأقارير المجهولة وفيه مباحث الأول الاقرار بالشئ المطلق مسألة لا يشترط كون المقر به معلوما بل يصح الاقرار بالمجهول لان الاقرار اخبار عن حق سابق والخبر قد يقع عن الشئ على جهة الاجمال كما قد يقع عنه على جهة التفصيل وربما كان في ذمة الانسان شئ لا يعلم قدره فلا بد له من الاخبار عنه ليتواطأ هو وصاحبه على الصلح بما يتفقان عليه فدعت الحاجة واقتضت الحكمة إلى سماع الاقرار بالمجمل كما يسمع بالمفصل بخلاف الانشاءات التي لا يحتمل الجهالة والاجمال في أغلبها احتياطا لابتداء الثبوت وتحرز عن الغرر وبخلاف الدعوى فإنها لا تسمع الا محررة لكون الدعوى له والاقرار عليه فيلزمه مع الجهالة دون ماله ولان المدعي إذا لم يحرر دعواه انتفى داعيه مع أن له داعيا إلى تحريرها واما المقر فلا داعي له إلى التحرير ولا يؤمن رجوعه مع اقراره فيضيع حق المقر له فألزمناه إياه مع الجهالة ولا فرق في الأقارير المجملة بين ان يقع ابتداء أو في جواب دعوى معلومة كما لو ادعى عليه ألف درهم فقال لك علي شئ والألفاظ التي يقع فيها الاجمال لا ينحصر فلنقتصر على أكثرها دورانا بين الناس وأظهرها في الألسنة ولنبدأ بأعمها وهو الشئ ثم نعقبه بما يتلوه من مشهورات الألفاظ انشاء الله تعالى مسألة إذا قال علي شئ طولب بالبيان والتفسير فان امتنع فالأقرب انه يحبس حتى يبين البيان واجب عليه فإذا امتنع منه حبس عليه كما يحبس على الامتناع من أداء الحق وهو أحد وجوه الشافعية والثاني لهم انه لا يحبس بل ينظر ان وقع الاقرار المبهم في جواب دعوى وامتنع عن التفسير جعل ذلك انكارا منه وتعرض اليمين عليه فان أصر جعل ناكلا عن اليمين وحلف المدعي وان أقر ابتداء قلنا للمقر له ادع عليه حقك فإذا ادعى فاقر بما أدعاه أو أنكر أجرينا عليه حكمه وان قال لا أدري جعلناه منكرا فان أصر جعلناه ناكلا لأنه إذا أمكن تحصيل الغرض من غير حبس لا يحبس والثالث انه ان أقر بغصب وامتنع من بيان المغصوب حبس وان أقر بدين مبهم فالحكم كما ذكرناه في الوجه الثاني وقال بعض الشافعية إذا قال علي شئ وامتنع من التفسير لم يحبس وان قال علي ثوب أو فضة أو طعام ولم يبين حبس بناء على ما لو فسر الشئ بالخمر أو الخنزير قبل فحينئذ لا يتوجه بذلك مطالبة ولا حبس مسألة إذا أقر بالشئ وطولب بالبيان فان فسره بما يتمول قبل سواء كان قليلا أو كثيرا وان فسره بما لا يتمول فإن كان من جنس ما يتمول كحبة من الحنطة أو الشعير أو السمسم وقمع باذنجانة فالأقوى القبول وهو أصح وجهي الشافعية لأنه شئ يحرم اخذه وعلى من اخذه رده والثاني لهم انه لا يقبل منه هذا التفسير لأنه لا قيمة له فلا يصح التزامه بكلمة على ولهذا لا تصح الدعوى به ونمنع عدم سماع الدعوى به والتمرة الواحدة والزبيبة الواحدة حيث لا قيمة لها من هذا القبيل وهي أولي بالقبول مما لو فسره بحبة حنطة وان لم يكن من جنس ما يتمول فاما ان يجوز اقتناؤه لمنفعة أو لا فالأول كالكلب المعلم والسرجين وفي التفسير بهما اشكال أقربه القبول لأنهما أشياء يثبت فيها الحق والاختصاص ويحرم اخذها ويجب ردها وهو أصح وجهي الشافعية والثاني لا يقبل لأنها ليست بمال وظاهر الاقرار للمال ولو فسر بجلد الميتة لم يقبل عندنا لأنه لا يطهر بالدباغ وللشافعية وجهان لقبولها الدباغ ومن هذا القسم الخمر المحترمة والكلب القابل للتعليم وكلب الماشية والزرع والحايط ملحق بالمعلم والثاني كالخمر الذي لا حرمة لها والخنزير وجلد الكلب والكلب الذي لا منفعة فيه وهذا لا يقبل تفسيره به عندنا وللشافعية وجهان هذا أصحهما والثاني انه لا يقبل والصحيح ما قلناه لأنه ليس فيه حق واختصاص ولا يلزم رده وقوله علي يقتضي ثبوت حق للمقر له مسألة لو قال له علي شئ وفسره بالوديعة قبل لوجوب ردها عليه عند الطلب وقد يتعدى فيها فيكون مضمونة عليه ونقل الجويني وجها للشافعية انه لا يقبل لأنها في يده لا عليه وهو غلط بما تقدم ولو فسره بحق الشفعة أو حد القذف
(١٥١)