من غيره ولم يقبض الثمن فوجدها بايعها كان بالخيار بين ان يفسخ البيع ويأخذ عينه بالشرايط الآتية وبين الضرب مع الغرماء بالثمن وبه قال في الصحابة علي (ع) وعثمان و أبو هريرة وفي التابعين عروة بن الزبير ومن الفقهاء مالك والأوزاعي والشافعي والعنبري واحمد وإسحاق لما رووا العامة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إذا أفلس الرجل ووجد البايع سلعته بعينها فهو أحق بها من الغرماء وعن أبي حلوة البروقي قاضي المدينة قال آتينا أبا هريرة في صاحب لنا أفلس فقال أبو هريرة هذا الذي قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه ومن طريق الخاصة ما رواه عمرو بن يزيد في الصحيح عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن رجل يركبه الدين فيوجد متاع رجل عنده بعينه قال لا يحاصه الغرماء ولان هذا العقد يلحقه الفسخ بتعذر العوض فكان له الفسخ كما لو تعذر المسلم فيه ولأنه لو شرط في البيع رهنا فعجز عن تسليمه استحق البايع الفسخ وهو وثيقة بالثمن فالعجز عن تسليم الثمن إذا تعذر أولي وقال أبو حنيفة ليس للحاكم ان يحجر عليه وليس للبايع الرجوع في عينه بل يكون أسوة الغرماء لتساويهم في سبب الاستحقاق فيتساوون في الاستحقاق ولان البايع كان له حق الامساك يقبض الثمن فلما سلمه قبل قبضه فقد أسقط حقه من الامساك فلم يكن له ان يرجع في ذلك بالافلاس كالمرتهن والبايع وان ساوى الغرماء في السبب لكن اختلفوا في الشرط فان بقاء العين شرط تملك الفسخ وهو موجود في حق من وجد متاعه دون من لم يجده والفرق ان الرهن مجرد الامساك على سبيل الوثيقة وليس يبدل رهنا هو بدل عنها فإذا تعذر استيفاؤه رجع في البدل قال احمد لو أن حاكما حكم له أسوة الغرماء ثم رجع إلى حاكم يرى العمل بالرجوع جاز له نقض حكمه إذا عرفت هذا فلو مات المفلس قبل القسمة فإن كان في التركة وفاء للديون اختص صاحب العين بماله والا كان أسوة الغرماء لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض البايع من ثمنه شيئا فوجده بعينه فهو أحق به وان مات فهو أسوة الغرماء وغالب الافلاس انما يكون مع قصور المال عن الديون على ما سلف ومن طريق الخاصة روى أبي ولاد عن الصادق (ع) وقد سلف ومالك لم يفصل بل اطلق القول بان الغريم لا يختص بعين ماله في صورة الميت بل يشارك الغرماء لما تقدم من الرواية وقد بينا ان الافلاس انما يكون مع القصور ولأنه إذا مات انتقل الملك إلى الورثة فمنع ذلك الرجوع كما لو باعه المشتري ثم أفلس وهو ممنوع لان الوارث يقوم مقام المورث ولهذا يتعلق به ديونه بخلاف ما لو باعه. مسألة: وهذا الخيار يثبت للبايع والمقرض والواهب بشرط الثواب وبالجملة كل معاوضة سواء وجد غير هذه العين أو لم يوجد سواها للعموم والأقرب ان هذا الخيار على الفور وهو أحد قولي الشافعي واحدى الروايتين عن أحمد لان الأصل عدم الخيار فيكون الأصل عدم بقائه لو وجد ولأنه خيار يثبت في البيع لنقص في العوض فكان على الفور كالرد بالعيب والحلب والشفعة ولان القول بالتراخي يؤدي إلى الاضرار بالغرماء من حيث إنه يؤدي إلى تأخير حقوقهم والثاني انه على التراخي لأنه حق رجوع لا يسقط إلى عوض فكان على التراخي كالرجوع في الخبة وما قلناه أشبه من خيار الهبة فعلى ما اخترناه من الفورية لو علم بالحجر ولم يفسخ بطل حقه من الرجوع وقال بعض الشافعية يتاقب ثلاثة أيام كما هو أحد أقوال الشافعي في خيار المعتقة تحت الرقيق وفي الشفعة. مسألة: لا يفتقر هذا الخيار إلى اذن الحاكم بل يستبد به الفاسخ من غير الحاجة إلى حكم الحاكم لأنه ثابت بالبينة الصحيحة فصار كخيار المدة فسخ النكاح والعتق ولوضوح الحديث ذهب بعض الشافعية إلى أنه لو حكم حاكم بالمنع من الفسخ نقض حكمه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يفتقر إلى حكم الحاكم واذنه لأنه فسخ مختلف فيه كالفسخ بالاعتبار. مسألة: الفسخ قد يتصل بالقول كما ينعقد البيع وصيغة الفسخ فسخت البيع ونقضته ورفعته ولو اقتصر على قوله رددت الثمن أو فسخت البيع فيه اشكال أقربه الاكتفاء به وهو أصح قولي الشافعي والثاني انه لا يكتفي بذلك لان حق الفسخ ان يضاف إلى العقد المرسل ثم إذا انفسخ العقد ثبت مقتضاه وقد يحصل بالفعل كما لو باع صاحب السلعة سلعته أو وهبها أو وقفها وبالجملة إذا تصرف فيها تصرفا يدل على الفسخ كوطي الجارية المبيعة على الأقوى صونا للسلم عن فاسد التصرفات وتكون هذه التصرفات تدل على حكمين الفسخ والعقد وهو أحد قولي الشافعي والأصح عنده انه لا يحصل الفسخ بها وتلغو هذه التصرفات واعلم أن حق الرجوع للبايع لا يثبت على الاطلاق بالاجماع بل هو مشروط بأمور يأتي ذكرها انشاء الله تعالى ولا يختص الرجوع بالبيع على ما تقدم بل يثبت في غيره من المعاوضات وانما يظهر الغرض بالنظر في أمور ثلاثة العوض المتعذر تحصيله و العرض المسترجع والمعاوضة التي بها انتقل الملك إلى المفلس. النظر الأول في العوض: يشترط في العوض امران الحلول وتعذر استيفاءه بسبب الافلاس فلو كان الثمن مؤجلا لم يكن له الرجوع لان لا مطالبة له في الحال فكيف يفسخ البيع اللازم بغير موجب والا لحل الاجل بالمفلس على ما تقدم ولو حل الاجل قبل انفكاك الحجر فالأقرب انه لا يشرك صاحبه الغرماء لسبق تعلق حقهم بالأعيان بخلاف ما لو ظهر دين حال سابق فإنه يشارك الغرماء فعلى هذا ليس لصاحب الدين الذي قد حل الرجوع في عين ماله سواء كان الحاكم قد دفعها في بعض الديون أو لا. مسألة: لو كانت أمواله وافية بالديون لم يجز الحجر عليه عندنا وهو الظاهر من مذهب الشافعي وله قول اخر انه يجوز الحجر عليه فعلى تقدير جواز الحجر لو حجر فهل لصاحب العين الرجوع في عينه للشافعي وجهان أحدهما انه لا يرجع لأنه يصل إلى الثمن والثاني انه يرجع لأنه لو لم يرجع لما امن ان يظهر غريم اخر فيتزاحمه فيما اخذه وهذان الوجهان عندنا ساقطان لأنهما فرع الحجر وقد منعناه. مسألة: لو ترك الغرماء لصاحب السلعة الثمن ليتركها قال الشيخ رحمه الله لم يلزمه القبول وكان له اخذ عينه وبه قال الشافعي واحمد لما فيه من تحمل المنة ولعموم الخبر ولأنه ربما يظهر غريم اخر فيزاحمه فيما اخذ وللشافعية فيه وجه اخر انه لا يبقى له الرجوع في العين تخريجا مما إذا حجر عليه الحاكم وفي ماله وفاء وقال مالك ليس له الرجوع في العين لان ذلك انما جعل له لما يلحقه من النقص في الثمن فإذا بدل له لم يكن له الرجوع كما إذا زال العيب من المبيع لم يكن له رده ويمكن أن يقول إن كان المدفوع من مال المفلس لم يجب القبول لامكان تجدد غريم اخر فلا يأمن من مزاحمته فكان له الرجوع في العين وإن كان من مال الغرماء أو تبرع به أجنبي فإنه لا يجب عليه الإجابة أيضا لأنه تبرع يدفع الحق غير من هو عليه فلم يجبر صاحب الحق على قبضه كما لو أعسر الزوج بالنفقة فبذل غيره النفقة أو عجز المكاتب فبذل عنه متبرع ما عليه لسيده والوجه أن يقول إذا دفع الغرماء من خالص أموالهم ثمن السلعة وكان في السلعة زيادة بان غلا سعرها أو كثر الراغبون إليها ويرجى لها صعود سعر كان على صاحب السلعة اخذ ما بذله الغرماء لما فيه من انتفاعهم بالسلعة بخلاف التبرع عن الزوج والمكاتب إذ لا حق لهم في المعوض والغرماء حق في المعوض فكان لهم ذلك لما في منعهم من الاضرار بالمفلس وهو منفي. مسألة: إذا؟؟ عليه اخذ ما بذله الغرماء من مالهم أو أجابهم إليه تبرعا منه ثم ظهر غريم اخر لم يشارك صاحب السلعة فيما اخذه منهم إما لو كان المدفوع من مال المفلس وخصوه ثم ظهر غريم اخر يشاركه فيما اخذه ولو دفع الغرماء الثمن إلى المفلس من مالهم فبدله للبايع لم يكن له الفسخ لأنه زال العجز عن تسليم الثمن فزال مال الفسخ كما لو أسقط ساير الغرماء حقوقهم عنه ملك الثمن ولو أسقط الغرماء حقهم عنه فيتمكن من الأداء ووهب له مال فامكنه الأداء منه أو غلت أعيان أمواله فصارت قيمتها وافية بحقوق الغرماء بحيث يمكن أداء الثمن كله لم يكن للبايع الفسخ لزوال سببه ولأنه امكنه الوصول إلى ثمن سلعته من المشتري فلم يكن له الفسخ كما لو لم يفلس ولو دفع الغرماء إلى المفلس من عين ماله قدر الثمن ليدفعه إلى البايع لم يجب على البايع القبول حذرا من ظهور اخر. مسألة: لو مات المشتري المفلس لم يزل الحجر عن المال بل يتأكد
(٦٠)