النوع خاصة لعدم مقتضى الحجر في غيره ووجوده فيه ولا بعد في تجزي الحجر كما في العبد حيث يحجر عليه في المال دون الطلاق وكما في المفلس وللشافعية وجهان هذا أحدهما والثاني استبعاد اجتماع الحجر والاطلاق في الشخص الواحد وقد بينا وقوعه فكيف يستبعد ج الشحيح على نفسه جدا مع اليسار ولا يحجر عليه لان الغرض من الحجر حفظ المال والتقدير انه بالغ في الحفظ الغاية وللشافعية وجهان أحدهما انه يحجر عليه والأصح عندهم المنع البحث الثاني في الاختبار مسألة يجب اختبار الصبي قبل فك الحجر عنه فان انس منه الرشد دفع إليه المال والا فلا لقوله تعالى وابتلوا اليتامى والابتلاء الاختبار كما قال تعالى لنبلوكم أيكم أحسن عملا اي نختبركم وكيفية الاختبار ان اليتيم إن كان صبيا فإن كان من أولاد التجار فوض إليه البيع والشراء فإذا تكرر ذلك منه وسلم من الغبن والتضييع واتلاف شئ من المال وصرفه في غير وجهه فهو رشيد وإن كان من أولاد الدهاقين والوزراء والأكابر الذين يصانون عن الأسواق فان اختباره يكون بان يسلم إليه نفقة مدة قريبة كالشهر لينفقها في مصالحه فإن كان قيما بذلك يصرفها في مواضعها ويستوفي الحساب على وكيله ويستقصي عليه فهو رشيد وإن كان أنثى لم يختبر بالبيع والشراء في الأسواق لان العادة ان المرأة لا تباشر ذلك في السوق وانما يختبر بان يفوض عليها ما يفوض إلى رب البيت من استيجار الغزالات وتوكيلها في شراء القطن والكتان والإبريسم والاعتناء بالاستغزال والاستنساج فإذا كانت ضابطة في ذلك حافظة للمال الذي في يدها مستوفية لما استأجرت له من الاجراء فهي رشيدة تذنيب لا تكفي المرة الواحدة في الاختبار بل لابد من التكرار مرارا يحصل معها غلبة الظن بالرشد مسألة وقت الاختبار قبل البلوغ وهو قول بعض الشافعية واحمد في إحدى الروايتين لقوله تعالى وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان انستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم وظاهر الآية ان الابتلاء قبل البلوغ لأنه تعالى سماهم يتامى وانما يصدق عليهم هذا الاسم قبل البلوغ ولأنه تعالى مد اختبارهم إلى البلوغ بلفظ حتى فدل على أن الاختبار قبل البلوغ ولان تأخير اختباره إلى بعد البلوغ يؤدي إلى الحجر على البالغ الرشيد لان الحجر يمتد إلى أن يختبر ويعلم رشده بمنع ماله واختباره قبل البلوغ يمنع ذلك فكان أولى وقال بعض الشافعية واحمد في الرواية الأخرى ان الاختبار انما يكون بعد البلوغ لأنه قبل البلوغ محجور عليه لبقاء الصغر وانما يزول الحجر عنه بالبلوغ وتصرف الصبي قد بينا انه غير نافذ والأول أصح الوجهين عند الشافعية وهو الذي اخترناه فعليه كيف يختبر الأولى ان الولي يأمره بالمساومة في السلم ويمتحنه في الممارسة والمماكسة والمساومة وتقرير الثمن فإذا آل الامر إلى العقد عقده الولي فإذا رآه قد اشترى بثمن مثله ولم يغبن واستوفى مقاصد البيع علم رشده لان تصرف الصبي لا ينفذ فكيف يمكن ان يتولى العقد وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه يسلم الولي إليه شيئا من المال ليشتري به ويصح بيعه وشراؤه لموضع الحاجة إلى ذلك وقال بعضهم يشتري الولي سلعة ويتركها في يد البايع ويواطئه على بيعها من الصبي فان اشتراها منه وفعل ما يكون صلاحا ورشدا علم منه الرشد والأول عندي أقوى جمعا بين المصالح تذنيب ان قلنا إنه يدفع إليه المال للاختبار فتلف في يده لم يكن على الولي الضمان لأصالة براءة الذمة البحث الثالث في فائدة الحجر على السفيه مسألة السفيه إذا حجر عليه الحاكم منع من التصرف في ماله ولا يصح منه العقود المتعلقة بالمال سواء صادف التصرف في العين كبيع السلعة التي له وشراء غيرها من السلع والعتق والكتابة والهبة أو صادف ما في الذمة كالشراء بعين مال في الذمة أو صادف غير المال كالنكاح لان فائدة الحجر حفظ ماله وانما يحصل بمنعه من ذلك كله وللشافعية وجه ضعيف في الشراء بمال في ذمته تخريجا من شراء العبد بغير اذن مولاه والمذهب المشهور لهم كما ذهبنا إليه من المنع من ذلك أيضا لان الحجر تبرع في حقه نظرا له وذلك يقتضي الرد حالا ومآلا والحجر على العبد لحق مولاه فلا يمتنع الحكم بصحته بحيث لا يضر بالمولى مسألة إذا باع السفيه بعد الحجر واقبض أسترد المتاع من المشتري ولو تلف في يده ضمن لعدوانه بالقبض من غير من له أهلية الاقباض ولو اشتري وقبض أو استقرض فتلف المال في يده أو أتلفه فلا ضمان عليه والذي أقبضه ذلك هو المضيع لماله ولوليه استرداد الثمن إن كان قد اقبضه ولا فرق بين أن يكون من عامله عالما بحاله أو جاهلا إذ كان من حقه ان يبحث عنه ولا يعامل أحدا الا عن بصيرة كما لا يجب الضمان في الحال على السفيه لا يجب بعد رشده ورفع الحجر عنه لأنه حجر ضرب لمصلحته فأشبه الصبي الا ان الصبي لا يأثم والسفيه يأثم لأنه مكلف وقال بعض الشافعية إذا أتلف بنفسه ضمن بعد رفع الحجر عنه ولا بأس به مسألة يستحب للحاكم إذا حجر على السفيه أن يشهر حاله ويشيع حجره عند الناس ليمتنعوا من معاملته وتسلم أموالهم عليهم وان احتاج في ذلك إلى النداء عليه نادى بذلك ليعرفه الناس ولا يشترط الاشهاد عليه لأنه قد يشتهر امره ويعرفه الناس فإذا حجر عليه واشترى كان الشراء باطلا واسترجع الحاكم منه العين ودفعها إلى البايع وكذا ما يأخذه من أموال الناس بقرض أو شبهه مما يرضى به أرباب الأموال فان الحاكم يسترده من السفيه ويدفعه إلى أربابه إن كان باقيا وإن كان تالفا فهو من ضمان صاحبه كما تقدم هذا إن كان صاحبه قد سلطه عليه وأما ان حصل في يده باختيار صاحبه من غير تسليط عليه كالوديعة والعارية فالأقرب عندي انه يلزمه الضمان ان أتلفه أو تلف بتفريطه لان المالك لم يسلطه عليه وقد أتلفه بغير اختيار صاحبه فكان ضامنا له كما لو غصبه واتلفه وهو قول بعض العامة وقال قوم منهم لا يضمن لان التفريط من المالك حيث سلطه عليه باقباضه إياه وعرضه لاتلافه وإن كان المالك لم يدفع إليه ولم يسلطه بل أتلفه بغير اختياره كالغصب والجناية فعليه ضمانه لأنه لا تفريط من المالك هنا ولان الصبي والمجنون لو فعلا ذلك لزمهما الضمان فالسفيه أولى ومذهب الشافعي في ذلك كما قلناه مسألة وحكم الصبي والمجنون كما قلنا في السفيه في وجوب الضمان عليهما إذا اتلفا مال غيرهما بغير اذنه أو غصباه فتلف في يدهما وانتفاء الضمان عنهما فيما حصل في أيديهما باختيار صاحبه كالمبيع والقرض وأما الوديعة والعارية إذا دفعهما صاحبهما إليهما فتلفتا فلا ضمان عليهما فان اتلفاهما فالأقرب انه كذلك ولبعض العامة وجهان أحدهما لا ضمان لأنه عرضها للاتلاف وسلطه عليها فأشبه المبيع والثاني عليه الضمان لأنه أتلفها بغير اختيار صاحبها فأشبه الغصب مسألة لو اذن الولي للسفيه في التصرف فان اطلق كان لغوا وان عين له نوعا من التصرف وقدر العوض فالأقرب الجواز كما لو اذن له في النكاح لان المقصود عدم التضرر وان لا يضر نفسه ولا يتلف ماله فإذا اذن له الولي امن من المحذور وانتقى المانع وهو أحد قولي الشافعية والثاني المنع لأنه المحجور عليه لمصلحة نفسه فلا يصح الاذن له في شئ من التصرفات كالصبي ولان الحجر عليه لتبذيره لسوء تصرفه فإذا أذن له فقد اذن فيما لا مصلحة فيه فلم يصح كما لو أذن في بيع ما يساوى عشرة بخمسة والفرق ظاهر بين الصبى والسفيه مع الاذن لأنه مكلف عاقل والتبذير مانع الا مع الاذن لأنا نشترط فيه الاقتصار على ما يعينه له من جنس المبيع والثمن وبعض الشافعية منع من الاذن في النكاح وهذا يقتضي سلب عبارته بالكلية وعلى ما قلناه انما سلبنا عنه الاستقلال بالنكاح وعلى هذين الوجهين لو وكله غيره في شئ من التصرفات فعندنا يصح لان عبارته معتبرة لم يسلب الشارع حكمها عنه فصح عقده للموكل حيث لم يصادف تصرفه مالا ولا ما يتضرر به وللشافعية وجهان وكذا عندنا يصح أن يقبل الهبة والوصية لحصول النفع الذي هو ضد المحذور وللشافعية وجهان مسألة لو أقر السفيه بما يوجب قصاصا أو حدا أو تعزيرا كالزنا والسرقة الشرب والقذف والشتم والقتل العمد وقطع الجارحة قبل منه لأنه مكلف عاقل ويحكم عليه به في الحال ولا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم لأنه لا تعلق لهذا الاقرار بالمال حتى يتأثر بالحجر ويقبل في السرقة اقراره بها ويقطع والأقوى انه لا يقبل في المال وهو أحد قولي الشافعي لأنه متهم فيه بخلاف القطع لتعلقه بالبدن وهو ليس محجورا عليه فيه
(٧٨)