فإن الرضاعة في بيته يشق على المرأة ويصعب وارضاعه في بيتها يسهل عليها ويخف فلا يجوز الاطلاق الرابع معرفة العوض والعلم بحقيقته وقدره لأنه عوض العقد فلو استأجرها بنفقتها وكسوتها وأطلق فاشكال وقد سبق الخلاف فيه وبينا أن مقتضي الدليل المنع وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة ذلك في الظرء خاصة وقال مالك واحمد يجوز في كل أجير مسألة تكره اجارة الفحل للضراب وليس محرما عند علمائنا وبه قال الحسن البصري وابن سيرين والشافعي في أحد القولين لأنه انتفاع مباح والحاجة تدعو إليه فجاز كإجارة الظرء للرضاع والبئر ليستقى منها الماء ولأنها منفعة تستباح بالإعارة فتستباح بالإجارة كسائر المنافع وظاهر مذهب الشافعي المنع وبه قال أبو ثور واحمد وابن المنذر وأصحاب الرأي لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن عيب؟ الفحل ولان المقصود الماء الذي يخلق منه الولد فيكون عقد الإجارة لاستيفاء عين فلم يجز كإجارة الغنم لاخذ لبنها بل هذا أولي بالتحريم لان هذا الماء محرم لا قيمة له فلم يجز اخذ العوض عليه كالميتة والدم وهو مجهول فأشبه اللبن في الضرع والنهى للكراهة والقصد وإن كان هو الماء لكن سوعنا ذلك للضرورة إليه ودعا الحاجة فإنها ماسة إلى استيلاد إناث الحيوانات ولا يجب على مالك الفحل بذل فحله مجانا فلولا تسويغ بذل العوض لانتفت هذه المصلحة مسألة ينبغي أن يوقع العقد على العمل ويقدره بالمرة أو المرتين أو المرات المعينة وقال بعض العامة يوقع العقد على المدة وليس بجيد لان من أراد اطراق فرسه مرة إذا قدر بمدة تزيد على الفعل لم يمكن استيفائها وان اقتصر على مقداره فربما لا يحصل الفعل فيه ويتعذر انضباط مقدار العمل فيتعين التقدير بالفعل إلى أن يكتري فحلا لاطراق ماشية كثيرة كفحل تركه في ابله أو تيس في غنمه فإن منفعة هذا يتقدر بالزمان المعين لا بعدد المرات واحمد وإن منع من هذه الإجارة فإنه قال لو احتاج الانسان إلى ذلك ولم يجد من يطرق له جاز له ان يبذل الكراء وليس للمطرق اخذ ما أعطاه لا يأخذ عليه شيئا ولا بأس أن يعطيه إذا لم يجد من يطرق له لان ذلك بذل مال لتحصيل منفعة مباحه تدعو الحاجة إليها فجاز وهذا كلام متناقض ولا بأس بان يأخذ صاحب الفحل هدية أو كرامة على ذلك وليس مكروها اجماعا وقد احتج من منع من هذه الإجارة بان هذا الفعل اثر يتعلق باختيار الحيوان فقد لا ينزو وبتقدير ان ينزو فربما لا ينزل وان انزل فربما لا يحصل منه الولد وهو المقصود وهو غلط لان من استأجر للخياطة فهي فعل اختياري والوجوب الشرعي لا يسلب القدرة والاختيار؟ ان تقع الخياطة منه وإذا خاط فربما لا يلبسها المالك مع أن المقصود اللبس ولما كان ذلك باطلا فكذا ما قالوه لكن المعتبر هو القدرة على تسليم المنفعة المقصودة المقعود عليها واما وقوعه نافعا أو غير نافع ووسيلة إلى الغاية المقصودة فغير معتبر اتفاقا مسألة وهل يصح استيجار بئر الماء لاخذ الماء منها الأولى المنع نعم لو استأجر الدار وفيها بئر ماء جاز له الاستقاء منها للعادة ودخول الماء بالتبعية ولو استأجر قناة فإن قصد موضع جريان الماء جاز وكان الماء تابعا يجوز الانتفاع به كما نقول في الرضاع اللبن تابع وجوز بعض الشافعية استيجار القناة للزراعة بمائها للحاجة والقياس لا يدل عليه عندهم الا على قول من لا يرى الماء مملوكا فيكون القناة كالشبكة والماء كالصيد وجوزوا استيجار بئر الماء للاستقاء وقال بعضهم إذا استأجر قرار القناة ليكون أحق بمائها جاز والمشهور بينهم منعه الشرط الثاني للمنفعة القدرة على تسليمها فلا يجوز استيجار الآبق ولا المغصوب من غير الغاصب كما لا يجوز بيعها وكذا لا يجوز استيجار الأخرس للتعليم والأعمى لابصار المتاع وحفظه بالنظر واستيجار عين ولذا لا يجوز استيجار من لا يحفظ القران لتعليمه ومن لا يعرف الصنعة لتعليمها فإن وسع عليه وقتا يقدر فيه على التعلم والتعليم جاز لحصول الشرط حينئذ وهو أحد وجهي الشافعية والثاني وهو الأصح عندهم المنع لان المنفعة مستحقة من عينه والعين لا يقبل شرط التأجيل والتأخير وهو ممنوع مسألة قد بينا انه لا يصح استيجار الآبق لان تسليم المنفعة بتسليمه وتسليمه متعذر ولو كان المستأجر يتمكن من تحصيله احتمل قويا الجواز وكذا لو ضم إليه غيره في الإجارة واستأجرهما احتمل الجواز كالبيع والمنع لتعذر التسليم والحمل على البيع قياس لا نقول به والمغصوب لو اجره مالكه للغاصب فالأول الجواز لأنه مسلم في يده وكذا الأقوى الجواز لو اجره من القادر على تحصيله ولو اجره أرضا للزراعة وكان لها ماء يشرب زرعها به إما من نهر أو قناة أو مطر أو ثلج يعتورها بالعادة صح وإلا فلا مسألة الأراضي بالنسبة إلى القدرة على الماء على أقسام منها ارض لها ماء دائم من نهر أو عين أو بئر ونحوها ومنها ارض لا ماء لها ولكن يكفيها المطر المعتاد والنداوة التي تصيبها عن الثلوج المعتادة كبعض أراضي الجبال أو لا يكفيها ذلك ولكنها تسقى بماء الثلج والمطر في الجبل والغالب فيها الحصول ومنها ارض لا ماء لها ولا يكفيها الأمطار المعتادة ولا تسقى بماء غالب الحصول من الجبل ولكن ان أصابها مطر عظيم أو سيل نادر أمكن ان تزرع وإلا فلا والقسم الأول تجوز اجارته للزرع اجماعا للقدرة على تسليم المنفعة فيه واما الثاني وهو التي لا ماء دايم لها ويشرب من زيادة معتادة يأتي في وقت الحاجة كأرض مطر التي شرب من زيادة النيل والأرض التي شرب من زيادة الفرات كالكوفة وارض البصرة التي تشرب من المد والجزر وارض دمشق التي تشرب من بردى وما تشرب من الأودية الجارية من ماء المطر وهذا القسم تصح اجارته قبل وجود الماء الذي تسقى به وبعده لأن الظاهر وجود وقت الحاجة إليه بناء على جريان العادة والتمكن الظاهر كاف فإن انقطاع ماء المطر والعين ممكن أيضا لكن لما كان الظاهر فيه الحصول كفى لصحة العقد وهو أحد قولي الشافعية والثاني المنع لان السقى معجوز عنه في الحال والماء المتوقع لا يعلم حصوله وبتقدير حصوله لا يعلم هل يحصل في الوقت الذي تمكن الزراعة فيه أم لا وهو اختيار القفال من الشافعية وليس بجيد لان ظن القدرة على التسليم في وقته يكفي في صحة العقد كالسلم في الفاكهة إلى أوانها واما الثالث هو الذي يكون مجئ الماء إليها نادرا ويحتاج إلى مطر شديد كثير ويندر وجوده أو يكون شربها من واد لا يجئ الماء فيه إلا نادرا ومن زيادة نادرة من نهر أو غيره فهذه الأرض ان اجرها للزراعة بعد وجود ماء يسقيها صح لامكان الانتفاع بها فجاز اجارتها كذات الماء الدايم وإن اجرها قبله للزرع لم يجز لتعذر استيقاء المنفعة فيه فتعذر المعقود عليه في الظاهر فلم يصح اجارتها كالآبق والمغصوب ولو اجره لا للزرع ولا الغرس بل اطلق وكان مما ينتفع بها في غيرها فإنه يصح العقد مسألة لو استأجر أرضا للزراعة من الأراضي التي على شط الفرات أو النيل أو غيرهما مما يعلو الماء عليها ثم ينحسر ويكفي ذلك لزراعتها للسنة فإن كانت الإجارة للزراعة بعد ما علاها الماء وانحسر عنها صح وإن كان قبل ان يعلو الماء عليها فإن لم يوثق به كالنيل لا ينضبط امره لم يصح وإن كان الغالب حصوله جاز وللشافعية قولان وإن كانت الإجارة بعد ما علاها الماء ولم ينحسر فإن كان لا يرجى انحساره لم تصح الإجارة وكذا إن كان تردد فيه لان العجز تعين وزواله مشكوك فيه وإن كان يرجى انحساره وقت الزراعة صح العقد وقد نص الشافعي عليه واشكل عليه من وجهين الأول قال أصحابه شرط الإجارة عند التمكين مع الانتفاع عقيب العقد ولهذا لا تصح اجارة الدار الشهر الآتي على مذهبه والماء مانع من الانتفاع به عقيب العقد الثاني رؤية الأرض ليست حاصلة وقت العقد لأن الماء مانع منها فيكون اجارة الغايب وأجيب عن الأول بوجهين أ قالوا موضع نص الشافعي ما إذا كان الاستيجار لزراعة ما يمكن زراعته في الماء كالإوز فإن كان غير ذلك لم يصح الاستيجار الثاني وهو أصحهما عندهم لا فرق بين مزروع ومزروع ولكن الماء فيها من مصالح العمارة والزراعة وكان ابقاءه فيها ضربا من العمارة وأيضا فإن صرف الماء بفتح موضع ينصب إليه أو حفر بئر ممكن في الحل وحينئذ يكون متمكنا من الاشتغال بالعمارة بهذه الواسطة فأشبه ما إذا استأجر دارا مشحونة بأمتعة يمكن الاشتغال بنقلها في الحال فإنه يجوز وحكى بعضهم وجها في منع اجارة المدار المشحونة بالأمتعة بخلاف بيعها والا ظهر عندهم الأول وأما الثاني فمنهم من قال التصوير فيما إذا كان قد رأى الأرض قبل حصول الماء فيها وكان الماء صافيا لا يمنع رؤية وجه الأرض فإن لم يكن كذلك فعلى قولي شراء الغايب عندهم ومنهم من قطع بالصحة إما عند حصول الرؤية فقط وإما إذا لم تحصل فلانه من مصلحة الزراعة من حيث إنه يقوى الأرض ويقطع العروق المنتشرة فيها فأشبه استتار الجوز واللوز بقشرهما ولا بأس به عندي مسألة لو كانت الأرض على شط نهر والظاهر منها انها
(٢٩٦)