فالأقوى تقديم قول المرتهن لأصالة عدم الاقباض وللشافعية فيه القولان السابقان ولو اشترى لبنا واتى بظرف فصبه البايع فيه فوجدت فيه فارة ميتة فقال البايع انها كانت في ظرفك وقال المشتري بل دفعته وفيه الفارة فالقولان ولو زعم المشتري انها كانت فيه يوم البيع فهو اختلاف في أن العقد جرى صحيحا أو فاسدا فالقول قول مدعي الصحة الفصل التاسع: في اللواحق. مسألة: الرهن شرعا جعل المال وثيقة على الدين ليستوفي منه إذا تعذر استيفاؤه من المديون وليس واجبا اجماعا وهو جايز في السفر والحضر عند عامة أهل العلم وحكى عن مجاهد وداود انهما قالا لا يجوز الا في السفر لقوله تعالى وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فشرط السفر وليس بشئ لان النبي صلى الله عليه وآله رهن درعه عن يهودي وكان بالمدينة ولأن هذه وثيقة يجوز في السفر فجازت في الحضر كالضمان والشهادة وشرط السفر في الآية بناء على الأغلب فان عدم الكاتب في العادة لا يكون الا في السفر لقوله تعالى وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا وشرط السفر لان العدم يكون في الغالب فيه الا ترى انه شرط عدم الكاتب ويجوز الرهن وإن كان الكاتب غير معدوم. مسألة: قد بينا ان الرهن يتم عند أكثر علمائنا بنفس العقد وان لم يحصل القبض وقال بعضهم لابد من القبض وللعامة قولان كهذين فلو رهن ثم جن لم يبطل الرهن عند الشافعي وقال بعض الشافعية يبطل لان الرهن قبل القبض عقد جايز غير لازم فيبطل بزوال التكليف كالوكالة والشركة وأجابوا عنه بأنه وان لم يكن لازما الا انه يؤل إلى اللزوم فهو كعقد البيع المشروط فيه الخيار بخلاف الوكالة والشركة فإنهما لا يؤلان إلى اللزوم ولان تلك العقود تبطل بموت كل واحد منهما وهنا لا يبطل الرهن فافترقا. تذنيب: لو كان بين شريكين دار فرهن أحدهما نصيبه من بيت بعينه فالأقرب الصحة لأنه يصح بيعه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يصح لأنه قد يقاسم شريكه فيقع هذا البيت في حصة شريكه وهو مرهون لا يجوز. تذنيب اخر: لو كان له غرماء غير المرتهن وحجر عليه الحاكم لأجل الغرماء لم يجز تسليم الرهن إلى من رهنه عنده قبل الحجر لأنه ليس له ان يرهن ابتداء في هذه الحالة كذلك تسليم الرهن لحق الغرماء وتعلقه بماله. مسألة: يجب على الولي الاحتياط في مال الطفل والمجنون فلو ارتهن في بيع مع المصلحة جاز وفيه ثلاث مسائل. أ: لو كان له مال يساوي مائة نقدا فيبيعه بمائة نسيئة ويأخذ رهنا فان هذا بيع فاسد الا ان يخاف النهب لان بيعه بذلك نقد الحظ. ب: ان يكون ماله يساوي مائة نقدا فيبيعه بمائة وعشرين مائة نقدا أو عشرين نسيئة ويأخذ بها رهنا فإنه يجوز لان له بيعه بمائة نقدا وقد زاده خيرا وكان أولي بالجواز. ج: ان يساوي مائة نقدا فيبيعه بمائة وعشرين مؤجلة ويأخذ بالجميع رهنا فإنه يجوز مع المصلحة وللشافعية قولان منهم من منع لما فيه من التغرير بمال الطفل وبيع النقد أحوط وليس بجيد لأنه مأمور بالتجارة وطلب الربح وهذه طريقة فكان جايزا واما قرض ماله فلا يجوز الا بشرطين أحدهما ان يخاف عليه النهب أو الغرق وشبهه والثاني ان يكون المقترض ثقة مليا ليأمن جحوده فان رأى من المصلحة قبض الرهن قبضة وان رأى من المصلحة تركه لم يقبضه لأنه إذا خاف عليه التلف فربما رفعه إلى حاكم يرى سقوط الدين بالتلف. مسألة: قد بينا انه ليس للراهن وطي الجارية المرهونة لجواز ان تحمل فيتلف أو ينقص قيمتها بالحمل بخلاف الاستخدام وسكنى العقار لانتفاء الضرر ولو كانت صغيرة لا تحبل أو آيسة احتمل الجواز وبه قال بعض الشافعية لانتفاء الضرر فيه لما رواه الحلبي في الحسن قال سألت الصادق (ع) عن رجل رهن جاريته عند قوم أيحل له ان يطأها قال إن الذين ارتهنوا يحيلون بينه وبينها قلت أرأيت ان قدر عليها خاليا قال نعم لا ارى هذا عليه حراما وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن الباقر (ع) في رجل رهن جاريته قوما له ان يطأها فقال إن الذين ارتهنوا يحيلون بينه وبينها فقلت أرأيت ان قدر على ذلك خاليا قال نعم لا ارى بذلك بأسا والشيخ رحمه الله منع من ذلك. مسألة: شرط الحنفية في تمام عقد الرهن القبض التام وهو ان يكون مقسوما مفرغا متميزا أو احترز بالمقسوم عن رهن المشاع فإنه لا يصح عندهم وقد بينا بطلان قولهم واحترزوا بالمفرغ عن رهن دار فيها متاع للراهن وبالمتميز عن رهن متصل بغيره اتصال حلقة كما لو رهن الثمر على رأس الشجر دون الشجر فإنه لا يجوز عندهم وكذا لا يجوز رهن الزرع في الأرض دونها ولا رهن النخل في الأرض دونها وكذا لا يجوز رهن الأرض دون النخل أو دون الزرع أو النخل دون الثمر ولا رهن الدار دون البناء وفي رواية عن أبي حنيفة جواز رهن الأرض دون الأشجار ولا يصح دون البناء لأنه التابع وقد بينا فساد الجميع ولو رهن ثوبا قيمته عشرة بعشرة فهلك عند المرتهن سقط دينه عند الحنفية ولو كانت قيمته خمسة رجع المرتهن على الراهن بخمسة أخرى ولو كانت قيمته خمسة عشر فالفضل أمانة عند أبي حنيفة وقال زفر يرجع الراهن على المرتهن بخمسة لان الرهن عنده مضمون بالقيمة ولان الزيادة على الرهن مرهونة لكونها محبوسة فيكون مضمونة كقدر الدين ولقول علي (ع) يترادان الفضل. مسألة: لو طالب المرتهن الراهن بالدين لم يكن للراهن أن يقول أحضر المرهون وانا أؤدي دينك من مالي بل لا يلزمه الاحضار بعد الأداء أيضا وانما عليه التمكين كالمودع والاحضار وما يحتاج إليه من مؤنة على رب المال ولو احتاج إلى بيعه في الدين لم يكن عليه الاحضار أيضا بل يتكلف الراهن مؤنته ويحضره القاضي بقبضه وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إذا طالب المرتهن الراهن بالدين أمر المرتهن باحضار الرهن لان قبض الرهن قبض استيفاء فلو أمر بقضاء الدين قبل احضار الرهن ربما يهلك الدين بعد ذلك فيصير مستوفيا لدينه مرتين بناء على مذهبه من الضمان فإذا احضره أمر الراهن بتسليم دينه أولا ليتعين حقه كما تعين حق الراهن تحقيقا للتسوية كما في تسليم المبيع والثمن يحضر المبيع ثم يسلم الثمن أولا وكذا ان طالبه بالدين في غير بلد الرهن ولا حمل له ولا مؤنة لان الأماكن كلها كمكان العقد فيما لا حمل له ولا مؤنة الا ترى انه لا يشترط فيه بيان مكان الايفاء في السلم بالاجماع فيؤمر باحضاره وإن كان لحمله مؤنة يأخذ دينه ولا يكلف المرتهن باحضار الرهن لان المرتهن عاجز عن الاحضار والتسليم غير واجب عليه في بلد لم يجز فيه العقد ولان الواجب عليه التسليم بمعنى التخلية لا النقل من مكان إلى مكان لأن العين أمانة. مسألة: لو باع الراهن الرهن بغير اذن المرتهن فان فسخه المرتهن بطل وان أمضاه نفذ وان لم يحصل منه اذن ولا فسخ لعدم اطلاعه عليه كان البيع موقوفا على الإجازة ولا يقع باطلا في أصله وبه قال أبو حنيفة وقال أبو يوسف ينفذ البيع كالاعتاق لأنه تصرف في خالص ملكه وليس بجيد لان حق المرتهن تعلق به فيقف على اجازته قال أبو حنيفة فان أجاز المرتهن نفذ لان المانع من النفوذ حقه وحقه قد زال بالإجازة وان لم يجز البيع وفسخه انفسخ في رواية عن محمد حتى لا سبيل للمشتري عليه لأنه لا يملك الإجازة فيملك الفسخ كالمالك لان حقه يضاهي الملك وأشار في الجامع الكبير إلى أنه لا ينفسخ لان التوقف مع المقتضى للنفاذ انما كان لصيانة حقه وحقه يصان بانعقاد هذا العقد موقوفا وإذا بقى موقوفا فان شاء المشتري صبر حتى بفك الراهن الرهن فيسلم له المبيع لان المانع على شرف الزوال وان شاء رفع الامر إلى القاضي ليفسخ القاضي العقد بحكم العجز عن التسليم وولاية الفسخ إلى القاضي وصار كما إذا ابق العبد المشترى قبل القبض فان المشتري بالخيار ان شاء صبر حتى يرجع الآبق وان شاء رفع الامر إلى القاضي ليفسخ العقد بحكم العجز عن التسليم.
مسألة: إذا باع الراهن الرهن من رجل ثم باعه بيعا ثانيا من غيره قبل ان يجيز المرتهن فالثاني أيضا موقوف على اجازته لان الأول موقوف والموقوف لا يمنع توقف الثاني فجاز البيع الأول ان اجازه وجاز البيع الثاني ان اجازه وبه قال أبو حنيفة فان باع الراهن ثم اجر أو رهن أو وهب من غيره وأجاز المرتهن الإجارة أو الرهن من؟؟
؟؟؟؟؟؟ والهبة نفذت ولم ينفذ البيع السابق عندنا وقال أبو حنيفة ينفذ البيع السابق لان تصرف الراهن في الرهن إذا كان يبطل حق المرتهن