الرجل وينقد من ماله قال له نصف الربح قلت فان وضع يلحقه من الوضيعة شئ قال عليه من الوضيعة كما اخذ من الربح الفصل الثاني في أركان الشركة وهي ثلاثة الأول المتعاقدان ويشترط في كل منهما البلوغ والعقل والاختيار والقصد وجواز التصرف والضابط أهلية التوكل والتوكيل لان كل واحد من الشريكين متصرف في جميع المال إما فيما يخصه فبحق الملك واما في مال غيره فبحق الاذن من ذلك الغير فهو وكيل عن صاحبه وموكل لصاحبه بالتصرف في ماله فلا يصح وكالة الصبي لعدم اعتبار عبارته في نظر الشرع ولا المجنون لذلك ولا السفيه ولا المكره ولا الساهي والغافل والنائم ولا المفلس المحجور عليه لأنه ممنوع من جهة الشرع من التصرف في أمواله ولا فرق بين ان يأذن من له الولاية عليهم في ذلك أو لا الا المفلس فإنه إذا اذن له الحاكم في التوكيل أو التوكل جاز وكذا السفيه مسألة يكره مشاركة المسلم لأهل الذمة من اليهود والنصارى والمجوس وغير أهل الذمة من سائر أصناف الكفار عند علمائنا وبه قال الشافعي لما رواه العامة عن عبد الله بن عباس أنه قال أكره ان يشارك المسلم اليهودي ولم يعرف له مخالف في الصحابة ومن طريق الخاصة ما رواه ابن رئاب في الصحيح عن الصادق (ع) قال لا ينبغي للرجل المسلم ان يشارك الذمي ولا يبضعه بضاعة ولا يودعه وديعة ولا يصافيه المودة ولان أموال اليهود والنصارى ليست بطيبة فإنهم يبيعون الخمور ويتعاملون بالربا فكرهت معاملتهم وقال الحسن البصري والثوري وأحمد بن حنبل لا بأس بمشاركة اليهودي والنصراني ولكن لا يخلو اليهودي والنصراني بالمال دونه يكون هو الذي يليه لما رواه العامة عن عطا قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن مشاركة اليهودي والنصراني الا ان يكون الشراء والبيع بيد المسلم ومن طريق الخاصة ما رواه السكوني عن الصادق (ع) ان أمير المؤمنين (ع) كره مشاركة اليهودي والنصراني والمجوسي الا أن تكون تجارة حاضرة لا يغيب عنها ولان العلة في كراهة ما يخلو به معاملتهم بالربا وبيع الخمر والخنزير وهذا منتف فيما حضره المسلمون أو تولوه بأنفسهم والخبران ممنوعان بضعف السند مع انا نقول بموجبهما وهو ان يكون المال أصله من المسلم بان يبيعه في ذمته ويعامل به بالوكالة من غير أن يباشر الكافر التصرف واما إذا كان للكافر مال فان المعنى الذي استخرجوه في المنع ثابت فيه لان أصل أموالهم من التصرفات المحرمة والذي احتجوا به من كون النبي صلى الله عليه وآله قد عاملهم ورهن درعه عند يهودي على شعير اخذه لأهله وأرسل إلى اخر يطلب منه قرضا إلى الميسرة واضافه يهودي والنبي صلى الله عليه وآله لا يأكل ما ليس بطيب لا حجة فيه لجواز ان يكون (ع) علم الطيب في ذلك خاصة وهذا المعنى غير ثابت في حق غيره مسألة لو شاركه المسلم فعل مكروها فإذا اشترى شيئا بمال الشركة كان على أصل الإباحة مع جهالة المسلم بالحال أو علمه بالحلال إما لو علم أنه اشترى به أو عامل في الحرام كالربا وبيع المحرمات فإنه يقع فاسد وعلى الذمي الضمان لان عقد الوكيل يقع عندنا للموكل والمسلم لا يثبت ملكه على الخمر والخنزير فأشبه ما لو اشتراه المسلم نفسه واما ما خفي امره ولم يعلم حاله فالأصل اباحته وحله واما المجوس فحكمهم حكم أهل الذمة في كراهة مشاركتهم وقال احمد يكره معاملة المجوس ومشاركتهم وان نفى كراهة مشاركة أهل الذمة لان المجوس يستحلون ما لا يستحله الذمي ولا خلاف في أنه لو عامل المسلم أحد هؤلاء أو شاركهم فإنه يكون تصرفا صحيحا للأصل إذا عرفت هذا فليس بعيدا من الصواب كراهة مشاركة من لا يتوقى المحرمات كالربا وشراء الخمور من المسلمين أيضا لوجود المقتضي في أهل الذمة فيهم الركن الثاني الصيغة قد بينا ان الأصل عصمة الأموال على أربابها وحفظها لهم فلا يصح التصرف فيها الا باذنهم وانما يعلم الرضي والاذن باللفظ الدال عليه فاشترط اللفظ الدال على الاذن في التصرف والتجارة فان اذن كل واحد منهما لصاحبه صريحا فلا خلاف في صحته ولو قال كل منهما اشتركنا واقتصرا عليه مع قصدهما الشركة بذلك فالأقرب الاكتفاء به في تسلطهما على التصرف به من الجانبين لفهم المقصود عرفا وهو أظهر قولي الشافعية وبه قال أبو حنيفة والثاني انه لا يكفي لقصور اللفظ عن الاذن واحتمال قصد الاخبار عن حصول الشركة في المال عن غير الاختيار بان يمتزج المالان بغير رضاهما ولا يلزم من حصول الشركة جواز التصرف فإنهما لو ورثا مالا أو اشترياه صفقة واحدة فإنهما يملكانه بالشركة وليس لأحدهما ان يتصرف فيه الا بإذن صاحبه وبه قال أكثر الشافعية ولو اذن أحدهما لصاحبه في التصرف في جميع المال ولم يأذن الأخر تصرف المأذون في الجميع وليس للاخر ان يتصرف الا في نصيبه مشاعا وكذا لو اذن لصاحبه في التصرف في الجميع وقال انا لا أتصرف الا في نصيبي مسألة الشركة قد تقع بالاختيار وقد تقع بالاجبار كما تقدم وكلامنا في الشركة المستندة إلى الاختيار وهي قد تحصل بمزج المالين بالاختيار من غير لفظ فلو امتزج المالان برضاهما حصلت الشركة الاختيارية وان لم يكن هناك لفظ واما التصرف والاذن فيه والمنع منه فذاك حكم زايد على مفهوم الشركة ولو شرط أحدهما على الأخر ان لا يتصرف الا في نصيبه لم يصح العقد لما فيه من الحجر على المالك في ملكه ثم الاذن قد يكون عاما بينهما بان يأذن كل منهما لصاحبه في التصرف في جميع المال والتجارة به في جميع الأجناس أو فيما شاء منهما وقد يكون خاصا كما لو اذن كل منهما لصاحبه في التجارة في جنس واحد أو في بلد واحد بعينه فلا يجوز لأحدهما التخطي إلى غيره الا إذا استلزمه عرفا وقد يكون عاما لأحدهما وخاصا للاخر فلمن عمم الاذن له التصرف فيما شاء واما الأخر فلا يجوز له ان يتعدى المأذون ولا خلاف في ذلك كله الا في صورة التعميم منهما أو من أحدهما فان للشافعية وجها ضعيفا فيه انه لا يجوز الاطلاق بل لا بد من التعيين تذنيب لو استعملا لفظ المفاوضة وقصدا شركة العنان جاز وبه قال الشافعي لان الكناية هنا معتبرة كالصريح الركن الثالث المال مسألة يشترط في المال المعقود عليه الشركة ان يكون متساوي الجنس بحيث لو مزجا ارتفع الامتياز بينهما وحصل الاشتباه بينهما سواء كان المال من الأثمان أو العروض كما لو مزجا ذهبا بذهب مثله أو فضة بمثلها أو حنطة بمثلها أو دخنا بمثله إلى غير ذلك مما يرتفع فيه المايز بينهما ولا خلاف في أنه يجوز جعل رأس المال الدراهم والدنانير لأنهما أثمان الأموال والبياعات ولم يزل الناس يشتركون فيهما من زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى وقتنا هذا من غير أن ينكره أحد في صقع من الأصقاع أو عصر من الاعصار فكان اجماعا واما العروض فعندنا تجوز الشركة فيها مع الشرط المذكور سواء كانت من ذوات الأمثال أو من ذوات القيم وبه قال مالك لان الغرض من الشركة ان يملك أحدهما نصف مال الأخر ويكون أيديهما عليه وهذا موجود في العروض فصحت الشركة فيها وكره ابن سيرين ويحيى بن أبي كثير والثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي الشركة في العروض ومنع الشافعي وأبو حنيفة من الشركة في العروض التي ليست من ذوات الأمثال لان الشركة لا تخلو إما أن تكون واقعة على الأعيان أو أثمانها أو قيمتها والأول باطل لان الشركة توجب ان لا يتميز مال أحدهما عن الأخر وان يرجع عند المفاضلة إلى رأس المال ولا مال لهما فيرجع إليه وقد يزيد قيمة جنس أحدهما دون الأخر فيستوعب بذلك جميع الربح أو ينقص قيمته فيؤدي ذلك إلى أن يشارك الأخر في ثمن ملكه الذي ليس بربح وان تلف من مال الشركة يختص به أحدهما وهو مالك العين فيبطل الرجوع إلى أعيانهما والثاني وهو أن تكون الشركة واقعة على أثمانها فهو باطل أيضا لان الأثمان معدومة حال
(٢٢١)