الخراج لجميع المسلمين لا يصح بيعها وان باعها بايع كانت يده عليها كان للامام انتزاعها من يده بعد رد الثمن إلى المشتري لما رواه محمد الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) انه سأل عن السواد ما منزلته فقال هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم ولمن يدخل في الاسلام بعد اليوم ولمن لم يخلق بعد فقلنا الشراء من الدهاقين قال لا يصلح الا ان يشتري منهم على أن يصيرها للمسلمين فإذا شاء ولى الامر ان يأخذها اخذها قلنا فان اخذها منه قال يؤدي إليه رأس ماله وله ما اكل من غلتها بما عمل وعن أبي الربيع الشامي عن الصادق (ع) قال لا يشترى من ارض أهل السواد شئ الا من كانت له ذمة وانما فئ للمسلمين مسألة إذا اشترى شيئا من أرض الخراج فقد قلنا إنه لا يصح فان اشتراه لم يكن بيعا حقيقيا بل اخراج ما في يد البايع عنه واثبات يده عليه فحينئذ يصير الخراج الذي على تلك الأرض للمسلمين عليه لما رواه محمد بن شريح قال سألت الصادق (ع) عن شراء الأرض من أرض الخراج فكرهه وقال انما أرض الخراج للمسلمين فقالوا له فإنها يشتريها الرجل وعليه خراجها فقال لا باس الا ان يستحيى من عيب ذلك وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال سئلته عن شراء أرضهم فقال لا بأس ان يشتريها فيكون إذا كان ذلك بمنزلتهم يؤدي فيها ما يؤدون فيها وإذا اشترى المسلم من أرض الخراج شيئا ثم نزله بعض أهل الذمة كان له ان يشترط عليهم اجرة عن تلك المدة زيادة عن الجزية لما رواه إسماعيل بن الفضل الهاشمي عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل اشتري أرضا من أرض الخراج فبنى فيها أو لم يبن غير أن أناسا من أهل الذمة نزلوها أله ان يأخذها منها اجرة البيوت إذا أدوا جزية رؤوسهم قال يشارطهم فما اخذ وبعد الشرط فهو حلال مسألة ارض سواد العراق ان أسلم أهلها عليها لم تخرج عن المسلمين لانهم ملكوها بالقهر فلا يخرج عن ملكهم يتجدد اسلام من كانت في يده ولما رواه عبد الرحمان بن الحجاج قال سألت الصادق (ع) عما اختلف فيه ابن أبي ليلى وابن شبرمة؟ في السواد وارضه فقلت ان ابن أبي ليلى قال إنهم إذا أسلموا أحرار وما في أيديهم من أرضهم لهم واما ابن شبرمة فزعم أنهم عبيد وان الأرض التي في أيديهم ليست لهم فقال في الأرض ما قال ابن شبرمة وقال في الرجال ما قال ابن أبي ليلى انهم إذا أسلموا فهم أحرار واما ارض أهل الجزية فإنها لهم إذا صالحنا هم على أن الأرض لهم ويؤدون الجزية فلهم حينئذ بيعها على ما تقدم وإذا باع أحدهم شيئا من الأرض على مسلم صح البيع وملكها المسلم وانتقل ما كان على تلك الأرض من الجزية إلى رؤوسهم إن كان الامام قد شرط الجزية حال عقد الذمة على أرضهم لان الجزية وضعت للاستهانة والاذلال وذلك ينافي حال المسلم فلا بد من الجزية فوجب انتقالها إلى رأس الذمة وكذا لو كان قد عقد الذمة بإزاء جزية عن ارضه ونفسه انتقل ما على تلك الأرض إذا باعها من المسلم على رأسه واخذت الجزية بأسرها منه ولو شرطها الذمي على المشتري المسلم لم يصح الشرط تنبيه كل ارض جرى عليها ملك لمسلم فهي له ولورثته بعده وان لم يكن لها ملك معروف فهي للامام ولا يجوز احياؤها الا باذنه ولو بادر انسان فأحياها من دون اذنه لم يملكها حال الغيبة ولكن يكون المحيى أحق بها ما دام قايما بعمارتها فلو تركها فبادت اثارها فأحياها غيره فهو أحق ومع ظهوره رفع يده عنها المطلب الثاني في المعادن المعادن هي المواضع التي خصها الله تعالى بابداع شئ من الجواهر المطلوبة فيها وهي إما ظاهرة أو باطنة فالظاهرة عند أكثر علمائنا من الأنفال يختص بها الإمام (ع) خاصة وقال بعضهم ان الناس فيها شرع سواء وهو قول العامة والمراد بالظاهر ما يبدو جوهرها من غير عمل وانما السعي والعمل لتحصيله إما سهلا أو متعبا ولا يفتقر إلى اظهار كالملح والنفط والغار والقطران والمومياء والكبريت واحجار الرخي والبرمة والكحل والياقوت ومقالع الطين وأشباهها فهذه لا يملكها أحد بالاحياء والعمارة وان أراد بها النيل اجماعا ولا يختص لها بالتحجير وهل يجوز للامام اقطاعها منع العامة منه لان حنان الأبيض بن حنان المازني قال استقطعت رسول الله صلى الله عليه وآله معدنا من الملح بما زن فاقطعيته فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله انه بمنزلة الماء للعد يعني انه لا يقطع فقال رسول الله صلى الله عليه وآله فلا اذن ورووا أيضا ان النبي صلى الله عليه وآله أراد ان يقطعه ملح مازن لما استقطعته فقال الأقرع بن حابس أتدري يا رسول الله ما الذي تقطعه انما هو الماء العد الدائم الذي لا ينقطع يريد انه بمنزلته لا ينقطع ولا يحتاج إلى عمل ولان المسلمين اجمعوا على أنه لا يجوز اقطاع مشارع الماء كذا هنا وهذه الروايات لا تجئ على مذهبنا لان النبي صلى الله عليه وآله معصوم من الخطاء وتحتمل عندي جواز ان يقطع السلطان المعادن إذا لم يتضرر بها المسلمون وعلى ما قاله بعض علمائنا من أنها مختصة بالامام يجوز له اقطاعها فمن شاء حتى أنه لا يجوز لاحد التصرف فيها ما ظهر ولا ما بطن فان أحيا أحد الباطن لم يملكه بالاحياء الا باذنه (ع) مسألة قد بينا ان المعادن الظاهرة لا تملك بالاحياء لقوله (ع) الناس شركاء في ثلاث الماء والنار والكلاء رواه العامة ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن سنان عن الكاظم عليه السلام قال سألته عن ماء الوادي فقال إن المسلمين شركاء في الماء والنار والكلاء إذا ثبت هذا فلو حوط واحد على بعض هذه المعادن الظاهرة حايطا واتخذ عليه دارا أو بستانا لم يملك البقعة بذلك لفساد قصده فان المعدن لا يتخذ مسكنا ولا بستانا ولان احياؤه لا يجوزه على ما تقدم وللشافعية فيه قول انه يجوز ذلك مسألة هذه المعادن الظاهرة الناس فيها شرع على ما تقدم فمن سبق إليها كان له اخذ حاجته منها ولو ازدحم اثنان وضاق المكان فالسابق أولي وباي قدر يستحق المتقدم عبارة أكثر الأصحاب تقتضي انه يتقدم بأخذ قدر الحاجة ولم يبينوا ان المراعي حاجة يوم أو سنة والأولى الرجوع في ذلك إلى العرف فيأخذ ما يقتضيه العادة لأمثاله ولو أرادوا والزيادة على ما يقتضيه حق السبق فالأقرب ان له ذلك دفعا للحاجة مطلقا ولقوله (ع) من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق ويحتمل ان لا يمكن وينزعج عنه فان عكوفه عليه كالتحجير والتحويط المانع للغير والفرق بينه وبين مقاعد الأسواق شدة الحاجات إلى نقل المعادن فلهذا أزعجنا المقيم عليها بخلاف مقاعد الأسواق فإنه لا يزعج لقلة الحاجة فيها ولو جاءا معا فان أمكن اجتماعهما وان يأخذ كل منهما مطلوبه جمع بينهما فإن لم يمكن الجمع أقرع بينهما وقال بعض علمائنا ينصب الحاكم من يقسم بينهما وللشافعية ثلاثة أوجه هذان والثالث الامام يجتهد ويقدم من يراه أحوج وأحق وقال بعض الشافعية هذه الوجوه الثلاثة انما هي فيما إذا كانا يأخذ ان للحاجة لا للتجارة فان كانا يأخذان التجارة حكم بالمهاباة بينهما فيه فان تشاحا في السبق أقرع وكان الفرق ان التأخير بفرض التجارة أليق والمشهور عندهم الحكم بالمساواة بين التجارة والحاجة في الوجوه الثلاثة وعلى القول بالفرق بين التجارة والحاجة لو كان أحدهما يأخذ للتجارة والاخر يأخذ للحاجة قدم الذي يأخذ للحاجة تذنيب في المعادن الظاهرة الملح الذي ينعقد في الماء وكذا الجبلي إن كان ظاهرا لا يحتاج فيه إلى حفر وتنحية تراب والكحل والجص والمدر واحجار النورة في الظاهر أيضا وعد بعض الشافعية الملح الجبلي من الباطنة وعد آخرون الكحل والجص منها اخر لو كان إلى جانب المملحة ارض موات إذا حفر فيها بئر وسبق إليها الماء صار ملحا صح ملكها والاحياء واختص بها المحجر ولو اقطعها الامام صح كما لو أحيى مواتا لأنه لا ينتفع بها الا بالعمل فيها بخلاف المعادن الظاهرة حيث كان ينتفع بها من غير حاجة إلى عمل مسألة المعادن الباطنة وهي التي لا تظهر الا بالعمل ولا يوصل إليها بعد المعالجة والمؤنة عليها كمعادن الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص والبلور والفيروزج والياقوت وساير الجواهر المثبوثة في طبقات الأرض كحجارة البرام وغيرها مما يكون في بطون الأرض والجبال وبين الشافعية خلاف وفي كون الحدايد من الظاهرة أو الباطنة وكذا ما يشبهه لان ما فيها من الجوهر باد على الحجر فلا يكون من الباطنة والظاهر أنها منها عندهم لأنه لا يستخرج الا بالمعاماة والبادي على الحجر ليس عين الحديد بل هو مجلية إذا عرفت هذا فالمعادن
(٤٠٣)