والنبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيعين في بيعة وانما فسد لامرين أحدهما انه شرط في العقد ان يعقد معه اخر والانتفاع بذلك مجهول فكأنه شرط العوض في مقابلة معلوم ومجهول والثاني ان العقد الأخر لا يلزمه عقده بالشرط فسقط الشرط وإذا سقط وجب رد الجزء الذي سقطه من العوض لأجله وذلك مجهول فصار الكل مجهولا ونمنع المساواة للمنهي عنه ونمنع تفسير البيعين في البيعة بما ذكر بل المراد البيع بثمنين متفاوتين بالنظر إلى الحلول والأجل أو قلة الاجل وكثرته وعندنا يجوز شرط البيع في البيع وعلى قول الشافعي بالفساد هل تفسد المساقاة الثانية قال بعض أصحابه ان عقدها على شرط العقد الأول لم تصح والا صح وقد قلنا إنهما معا صحيحان مسألة قد بينا انه يجوز وحدة المالك وتعدد العامل وبالعكس واتحادهما معا وتعددهما معا إما بان يعامل كل واحد من المالكين كل واحد من العاملين أو يعامل أحد المالكين كل واحد من العاملين ويعامل المالك الأخر أحدهما أو يعامل أحد المالكين أحد العاملين والاخر يعامل الأخر فلو كان لبستان واحد سنة ملاك بالسوية فساقوا عليه واحدا على أن له من نصيب واحد النصف ومن نصيب الثاني الربع ومن الثالث الثمن ومن الرابع الثلثين ومن الخامس الثلث ومن السادس السدس فطريقه ان مخرج النصف والربع يدخلان في مخرج الثمن ومخرج الثلث والثلثين يدخلان في مخرج السدس فيبقى ستة وثمانية وبينهما موافقة بالنصف تضرب نصف أحدهما في جميع الأخر يكون أربعة وعشرين تضربه في عدد الشركاء وهي ستة يبلغ مائة وأربعة وأربعين لكل منهم أربعة وعشرون يأخذ العامل ممن شرط له النصف اثنى عشر ومن الثاني ستة ومن الثالث ثلاثة ومن الرابع ستة عشر ومن الخامس ثمانية ومن السادس أربعة فيجتمع له تسعة وأربعون يبقى للملاك على تفاوتهم فيه خمسة وسبعون سهما البحث الخامس في العمل مسألة كل عمل يحتاج إليه الثمرة إما لزيادتها أو اصلاحها ويتكرر كل سنة فإنه يجب على العامل كسقي الشجر والنخل وما يتبعه من اصلاح طريق الماء والأجاجين التي يقف فيها الماء في أصول النخل والشجر وتنقيه الأبار والأنهار من الحماة ونحوها واستقاء الماء وإدارة الدولاب وفتح رأس الساقية وسدها عند الفراغ من السقي على ما يقتضيه الحال ويحتمل في تنقية النهر شيئان أحدهما ان يكون على المالك كما أن عليه أصل الحفر وشق النهر والثاني انها على من شرطت عليه من المالك أو العامل فإن لم يذكرها فسد العقد وللشافعية كهذين الوجهين ويجب على العامل أيضا حرث الأرض بالمساحي وشبهها تحت الشجر وتقويتها بالزبل بحسب العادة وعليه البقر التي تحرث وآلة الحرث لان الحرث لا يتم إلا بهما وقطع الحشيش المضر بالنخل والشجر والشوك وذبا والكرم وتلقيمه وقطع ما يحتاج إلى قطعه من القضبان اليابسة المضرة بالشجر وتصريف الجريد وهو قطع ما يضر تركه سواء كان يابسا أو غير يابس وردها عن وجوه العناقيد وتسوية العناقيد بينهما لتصيبها الشمس وليتيسر قطعها عند الادراك وتعريش الكرم حيث تجري عادته ووضع الحشيش فوق العناقيد صونا لها عن الشمس عند الحاجة وتلقيح النخل وتعديله ولقط الثمرة بمجرى العادة إذا بدا صلاحها وإن كان مما يؤخذ بسرا قطعه إذا انتهى إلى حاله اخذه وإن كان مما يؤخذ يابسا اخذه وقت يباسه وما يؤخذ تمرا اخذه إذا انتهت حالته إلى ذلك وإذا جف جذة وإن كان مما يشمس بعد قطعه فعليه اصلاح موضع التشميس وعليه الجذاذ والنقل إليه وعليه حفظه في نخله وبيدره وهو أحد وجهي الشافعية كما أن على العامل في المضاربة حفظ المال فإن لم يحفظ بنفسه فعليه اجرة مؤنة من يحفظها وأقيسهما انه على المالك والعامل جميعا بحسب اشتراكهما في الثمرة لان الذي يجب على العامل ما يتعلق باستزادة الثمار وتنميتها ويجري الوجهان في حفظ الثمار عن الطيور والزنابير بان يجعل كل عنقود في غلاف وكل غذق في قوصرة فيلزمه ذلك عند جريان العادة والقوصرة والغلاف على المالك وفي جذاذ الثمر للشافعية وجهان أصحهما الوجوب على العامل لان الاصلاح به يحصل والثاني انه لا يجب على العامل لوقوعه بعد كمال الثمار وكذا الوجهان في تجفيف الثمار والظاهر وجوبه على العامل تبعا للعادة فيجب عليه تنقية موضع التجفيف ويسمى البيدر والحرس ونقل الثمرة إليه وتقليبها في الشمس من وجه إلى وجه مسألة ويجب على المالك القيام بكل ما لا يتكرر كل سنة لان ايجابه على العامل اجحاف به واضرار له حيث يبقى اثره وفايدته بعد ارتفاع المساقاة على المالك القيام بكل ما يقصد به حفظ الأصول كحفر الأبار والأنهار الجديدة والتي انهارت وبناء الحيطان ونصب الأبواب وإقامة الدولاب وعمارته وحفر بئره أو الدالية ودم؟ الثلمة اليسيرة وللشافعية في دم؟ الثلمة اليسيرة التي مقتضي في الجدران وتنقية الأنهار ووضع العوسج والشوك على رأس الجدار والآلات التي يوفي بها العمل كالفاس والمعول والمنخل والمسخات والثيران والفدان في الزراعة والثور الذي يدير الدولاب وجهان أحدهما انها على المالك والثاني انها على من اشترطت عليه فلا يجوز السكوت عنها وفي الكش اشكال أقربه انه على المالك لأنه ليس من العمل وفي البقر التي تدير الدولاب للعامة قولان أحدهما انها على المالك لأنها ليست من العمل ما يلقح به والأولى انها على العامل لأنها تراد للعمل فأشبهت بقر الحرث ولان استقاء الماء إذا لم يحتج إلى بهيمة كان عليه وان احتاج إلى بهيمة فكغيره من الأعمال وقال بعض الشافعية ما يتعلق به صلاح الثمرة والأصول معا ككسح النهر والغور فهو على من شرط منهما وان أهمل شرط ذلك على أحدهما بطلت المساقاة واما تسميد الأرض بالزبل فان احتاجت إليه فشراء ذلك واجرة نقله من المزابل على رب المال لأنه ليس من العمل فجرى مجرى ما يلقح به وتفريق ذلك في الأرض على العامل كالتلقيح مسألة إذا اطلقا عقد المساقاة ولم يبنيا ما على كل واحد منهما فعلى كل واحد منهما ما ذكرنا انه عليه وإن شرطا ذلك كان تأكيدا وان شرطا على أحدهما شيئا مما يلزم الأخر صح عندنا وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنه شرط لا يخل بمصلحة العقد ولا مفسدة فيه فصح كتأجيل الثمرة في المبيع وشرط الرهن والضمين والخيار فيه لكن بشرط ان يكون ما يلزم كل واحد منهما من العمل معلوما لئلا يفضى إلى التنازع وشرط احمد ان لا يكون على رب المال أكثر العمل لان العامل تستحق بعمله فإذا لم يعمل أكثر العمل كان وجوده كعدمه فلا تستحق شيئا والأقرب سقوط اعتبار هذا الشرط بل لو شرط الأكثر على المالك جاز نعم لو لم يبق للعامل سوى الحفظ فالأقرب جواز العقد بلفظ الإجارة مع تعيين الوقت وقال الشافعي ان شرط على رب المال شيئا مما يلزم العامل أو شرط على العامل شيئا مما يلزم المالك بطلت المساقاة لأنه شرط ما يخالف مقتضي العقد فأفسده كالمضاربة إذا شرط العمل فيها على رب المال ليس بجيد لأنه شرط ما لا يقتضيه اطلاق العقد لا ما يقتضي العقد عدمه نعم لو شرط العامل على المالك جميع العمل فسدت المساقاة ولو شرط المالك على العامل ما يجب على المالك جاز ولو فعله العامل بغير اذن المالك لم يستحق عليه شيئا ولو اذن فيه ففعله استحق الأجرة مسألة قد ذكرنا ان حصاد الزرع وجذاذ الثمرة ولقاتها على العامل وهو المشهور وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى ان الجذاذ عليهما إذا لم يشرط على أحدهما لأنه يكون بعد تكامل الثمار وانقضاء المعاملة فأشبه نقله إلى منزله فان شرط في العقد انه على المالك فهو عليه وان شرط انه على العامل فهو عليه وان أهمل فعلى كل واحد منهما بحصته ما يصير إليه وأجاز اشتراطه على العامل هو قول بعض الشافعية وقال محمد بن الحسن يفسد المساقاة بشرطه على العامل لأنه شرط ينافي مقتضي العقد وما ذكروه ليس بجيد وينتقض بالتشميس ويفارق النقل إلى المنزل فإنه يكون بعد القسمة وزوال العقد والنبي صلى الله عليه وآله دفع خيبر إلى يهود على أن يعملوها من أموالهم ولو شرط المالك على العامل عملا ليس من جنس عمل المساقاة صح إذا لم يناف العقد ولم يستلزم الجهالة وقال الشافعي لا يجوز وليس بجيد مسألة لا يشترط تفرد العامل باليد في البستان ولو شرط كون البستان في يد المالك أو مشاركته للعامل في اليد صح عندنا للأصل وقال الشافعي يشترط تفرط العامل باليد في البستان ليتمكن من العمل متى شاء ولو شرط كون البستان في يد المالك أو مشاركته
(٣٤٦)