اذن له فيه موكله وبه قال الشافعية واحمد وأصحاب الرأي مسألة يجوز ان يتوكل العبد في الشراء لنفسه أو لغيره وللشافعية وجهان وفي توكله في قبول النكاح بغير اذن السيد وجهان أحدهما المنع كما لا يقبل لنفسه بغير اذن السيد وأصحهما عندهم الجواز والحق ذلك ان لم يمنع شيئا من حقوق السيد وانما لم يجز قبوله لنفسه لما يتعلق به من المهر ومؤن النكاح وكذا يصح ان يتوكل في طرف الايجاب لصحته عبارته وهو أحد وجهي الشافعية والثاني المنع لأنه لا يزوج ابنته فأولى ان لا يزوج بنت غيره والفرق انه انما لم يل أمر ابنته لأنه لا يتفرغ للبحث والنظر وهنا قد تم البحث والنظر من جهة الموكل ويوكل المحجور عليه بالسفه في طريق النكاح كتوكيل العبد ويوكل الفاسق في ايجاب النكاح إذا سلبنا الولاية بالفسق ونحن لا نسلبه الولاية ولا خلاف في جواز قبوله بالوكالة والمحجور عليه بالفلس يتوكل فيما لا يلزم ذمته عهدة وكذا فيما يلزم على أصح وجهي الشافعية كما يصح شراؤه على الصحيح ويجوز توكيل المرأة في طلاق زوجة الغير وهو أصح وجهي الشافعية كما يجوز ان يفوض الزوج طلاق زوجته إليها ويوكلها في طلاق نفسها مسألة كل من لا يملك التصرف في شئ لنفسه لا يصح ان يتوكل فيه فالكافر في تزويج مسلمة والمحرم في شراء صيد والطفل والمجنون في الحقوق كلها وللمكاتب ان يتوكل بجعل لأنه من اكتسابه للمال وان لم يأذن له مولاه لأنه ليس له منعه من الاكتساب بأنواع وجوهه وأما بغير جعل فإن لم يمنع شيئا من حقوق السيد فالأقرب الجواز كما قلناه في العبد والا افتقر إلى اذن السيد لان منافعه كأعيان ماله وليس له بذل عين ماله بغير عوض فكذا منافعه وليس للعبد المأذون له في التجارة التوكل في شئ يمنع بعض حقوق سيده بغير اذنه لان الاذن في التجارة لا يتناول التوكل مسألة مدار الوكالة بالنسبة إلى الاسلام والكفر على ثمان مسائل تبطل فيها وكالة الذمي على المسلم وهو صورتان ان يتوكل الذمي للمسلم على المسلم أو للكافر على المسلم عند علمائنا أجمع لقوله تعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ويكره ان يتوكل المسلم للذمي عند علمائنا أجمع ولم يذكر ذلك أحد من العامة بل اطلقوا القول بان المسلم إذا وكل ذميا أو مستأمنا أو مرتدا أو حربيا صح التوكيل فيما يصح تصرف الكافر فيه لان العدالة غير مشروطة فيه فكذلك الدين كالبيع ولان كل ما صح ان يتصرف فيه لنفسه ودخلته النيابة ولم يشترط فيه العدالة لم يعتبر فيه الدين كما لو كان الوكيل فاسقا فإنه يجوز فان وكل الكافر مسلما جاز وكان أولي وان وكل المسلم مرتدا جاز لان ردته لا تؤثر في تصرفه وانما تؤثر في ماله مسألة لو وكل المسلم مسلما ثم ارتد الوكيل لم تبطل وكالته سواء لحق بدار الحرب أو لا لأنه يصح تصرفه لنفسه فلم تبطل وكالته كما لو لم يلحق بدار الحرب ولان الردة لا تمنع ابتداء وكالته فلم تمنع استدامتها كساير الكفر وقال أبو حنيفة ان لحق بدار الحرب بطلت وكالته لأنه صار منهم ولا دلالة فيه لجواز ان يكون الوكيل حربيا لو ارتد الموكل لم تبطل الوكالة فيما له التصرف فيه وتبطل فيما ليس للمرتد التصرف فيه وللشافعي أقوال ثلاثة ان قلنا يزول ملكه أو قلنا لا يزول ولكن لا يصح تصرفه لم تصح وكالته فيه وان قلنا ببقاء ملكه وتصرفه فيه نافذ صح ان يوكل فيه وان قلنا إنه موقوف فالوكالة موقوفة ولو وكل المرتد مسلما في التصرفات المالية يبنى على انقطاع ملكه وبقائه ان قطعناه لم تصح وان أبقيناه صح وان قلنا إنه موقوف فكذلك التوكيل فلو وكله مرتدا أو ارتد الوكيل لم يقدح في الوكالة لان التردد في تصرفه لنفسه لا لغيره وقال بعض الشافعية انه يبنى على أنه يصير محجورا عليه ان قلنا نعم انعزل عن الوكالة والا فلا البحث الرابع فيما فيه التوكيل والنظر في شرايطه وهي ثلاثة آ ان يكون مملوكا للموكل ب ان يكون قابلا للنيابة ج ان يكون ما به التوكيل معلوما ولو اجمالا النظر الأول أن يكون مملوكا للموكل يشترط فيما يتعلق الوكالة به أن يكون مملوكا للموكل فلو وكل غيره بطلاق زوجة سينكحها أو عبدا سيملكه أو اعتاق رقيق يشتريه أو قضاء دين يستدينه أو تزويج امرأة إذا انقضت عدتها أو طلقها زوجها وما أشبه ذلك لم يصح لان الموكل لا يتمكن من مباشرة ذلك بنفسه فلا ينتظم انابة غيره فيه وهو أصح وجهي الشافعي والثاني انه صحيح ويكتفي بحصول الملك عند التصرف فإنه المقصود من التوكيل وقال بعض الشافعية الخلاف عايد إلى أن الاعتبار بحال التوكيل أم بحال التصرف ولو وكله في شراء عبد وعتقه أو في تزويج امرأة وطلاقها أو في استدانة دين وقضائه صح ذلك كله لان ذلك مملوك للموكل النظر الثاني في قبول متعلق الوكالة النيابة مسألة الضابط فيما تصح فيه النيابة وما لا تصح ان نقول كلما تعلق غرض الشارع بايقاعه من المكلف مباشرة لم تصح فيه الوكالة وأما ما لا يتعلق غرض الشارع بحصوله من مكلف معين بل غرضه حصوله مطلقا فإنه تصح فيه الوكالة وذلك لان التوكيل تفويض وإنابة فلا تصح فيما لا تدخله النيابة كالطهارة مع القدرة لا يصح التوكيل فيها لان غرض الشارع تعلق بايقاعها من المكلف بها مباشرة وهي عبادة محضة لا تتعلق بالمال ولان محلها متعين فلا ينوب غيره منابه نعم عند الضرورة تجوز الاستنابة في غسل الأعضاء والاستنابة في صب الماء على أعضائه لان ايصال الماء إلى أعضائه واجب عليه فيجوز ان يستنيب فيه ويجوز الاستنابة في إزالة النجاسة عن بدنه وثوبه مع القدرة لا في النية حتى لو غسله ساهيا أو مجنونا مع نية العاجز صح ولو غسله ناويا مع غفلة العاجز بطل وكذا الصلاة الواجبة لا تصح فيها النيابة ما دام حيا فإذا مات جازت الاستنابة فيها كالحج عند علمائنا وكذا الاستنابة في ركعتي الطواف اجماعا في (فعل الصلاة المنذورة عند احمد في إحدى الروايتين ومنع الجمهور من الاستنابة في الصلاة الا صلاة ركعتي الطواف واما الصوم فلا يصح دخول النيابة فيه ما دام حيا فإذا مات صح ان يصوم عنه غيره بعوض ومجانا وللشافعي قولان فيما لو مات فصام عنه وليه والاعتكاف لا تدخله النيابة بحال وبه قال الشافعي وعن أحمد روايتان واما الزكاة فتجوز النيابة في أدائها فيؤديها عنه غيره وكذا كلما يتعلق بالمال من الصدقات الواجبة والمندوبة والخمس فإنه يجوز التوكيل في قبض ذلك كله وتفريقه ويجوز للمخرج التوكيل في اخراجها وتفريقها إلى مستحقها ويستنيب الفقراء والامام أيضا في تسليمها من أربابها لان النبي (ص) بعث عماله لقبض الصدقات وتفريقها وقال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن اعلمهم ان عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم فان هم أطاعوك بذلك فإياك وكرايم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله تعالى حجاب واما الحج فتجوز النيابة فيه إذ يئس المحجوج عنه من الحج بنفسه بزمانة عند الشيخ رحمه الله وعند الشافعي وأكثر العامة أو بموته اجماعا وكذا العمرة وكثير من أفعال الحج كطواف النساء والرمي وكذا يجوز النيابة في ذبح الضحايا والهدايا لان النبي صلى الله عليه وآله أناب فيه ونحر عن علي (ع) وهو غايب وعنه صلى الله عليه وآله مأة ناقة ثلثاها عنه صلى الله عليه وآله وثلثها عن علي (ع) ويجوز النيابة في الجهاد لان الغرض حراسة المسلمين وحفظ عمود الدين وليس الغرض متعلقا بمباشرة معين الا ان يعينه الامام للخروج بنفسه إما لشدة بلائه في الحرب أو لجودة شوره ووفور عقله وربط جأشه وقوة بأسه أو لغير ذلك من الحكم والمصالح فحينئذ لا يجوز الاستنابة فيه مسألة يصح التوكيل في البيع ايجابا وقبولا وفي جميع أنواعه كالسلم والصرف والتولية وغيرها وفي جميع احكامه وتوابعه من الفسخ بالخيار والاخذ بالشفعة واسقاطهما فإنه قد يترفع عن التردد في الأسواق وقد لا يحسن التجارة وقد لا يتفرغ لها وقد يكون مأمورا بالتخدير كالمرأة وأجاز الشارع التوكيل فيه مأمورا و (قد) فإنه وتحصيلا لمصلحة الآدمي المخلوق لعبادة الله تعالى كما قال عز من قائل وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون ويجوز التوكيل في الحوالة والضمان والكفالة
(١١٧)