لك متاعك أو قيمته لزم القائل ضمان الجميع وسواء قال هذا والباقون يسمعون وسكتوا أو قالوا لا نضمن شيئا أو لم يسمعوا لان سكوتهم لا يلزمهم به حق وقال بعض العامة يضمنه القائل وحده الا أن يتطوع بقيتهم ولو قال القه وعلي ضمانه وعلى الركبان فقد أذنوا لي فأنكروا بعد الالقاء ضمن الجميع بعد اليمين على اشكال ينشأ من استناد التفريط إلى المالك حيث القى متاعه قبل الاستيثاق ولو لم يكن خوف فالأقرب بطلان الضمان وكذا يبطل لو قال (مزق) ثوبك وعلي ضمانه ولو اجرح نفسك وعلي ضمانه لعدم الحاجة فلا يصح الضمان ولا الجعالة ان ألحقنا مثل هذا بالجعالة لأنها ليست على عمل مقصود أما لو قال طلق زوجتك وعلي كذا أو أعتق عبدك وعلي كذا ففعل لزمه ذلك لامكان ان يعلم التحريم بينهما فطلب التفرقة بالعوض أو طلب ثواب العتق مسألة لو انتقل الحق عن المستحق ببيع أو إحالة أو غيرهما برئ الكفيل من الكفالة لأنه انما كفل له لا لغيره وقد انتقل المال عنه فلا يتعدى حق الكفالة إلى من انتقل إليه المال وكذا لو أحال المكفول به المكفول له بالمال الذي عليه وقبل المحتال والمحال عليه برئ الكفيل أيضا لان الحوالة (كالأداء) إذا كان المحال عليه مليا أما لو كان معسرا ولم يعلم المحتال فالأقوى عدم البراءة إلا أن يرضى بالحوالة على المعسر ولو أدى الكفيل لتعذر احضار المكفول ببدنه كان له مطالبة المكفول بما أداه عنه سواء كفل باذنه أو لا ولو ظهر بعد الأداء سبق موت المكفول رجع الكفيل على المكفول له بما قبضه للعلم ببطلان الكفالة ولو مات المحال عليه الموسر ولم يترك شيئا برئ الكفيل وسقط دين المحتال مسألة قد بينا ان الميت تحل عليه الديون المؤجلة عليه عند علمائنا أجمع وعليه عامة الفقهاء وبه قال الشعبي والنخعي وسعيد بن المسيب وسوار ومالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي واحمد في إحدى الروايتين لان هذا الدين أما أن يبقى في ذمة الميت أو ذمة الورثة أو متعلقا بالمال والأول محال لان الميت خرجت ذمته وتعذرت مطالبته والثاني باطل لان صاحب الدين لم يرض بذمتهم والذمم تختلف وتتباين وأيضا فإنهم لم يلتزموا به والثالث باطل إذ لا يجوز تعلقه بالأعيان وتأجيله لما فيه من الاضرار بالميت وصاحب الدين ولا منفعة للورثة فيه بل ربما استضروا به أما الميت فلقوله (ع) الميت مرتهن بدينه حتى يقضى عنه وأما صاحبه فقد يتلف الأعيان فيسقط حقه ولا منفعة للورثة فإنهم لا ينتفعون بالأعيان ولا يتصرفون فيها وان تصور في ذلك منفعة لهم فلا يسقط حق الميت وصاحب الدين ليحصل لهم منفعة وقال ابن سيرين و عبد الله بن الحسن وإسحاق وأبو عبيد وطاوس وأبو بكر بن محمد والزهري وسعيد بن إبراهيم والحسن البصري واحمد في الرواية الأخرى لا تحل لأنه لو كان له دين مؤجل لم يحل فكذلك ما عليه كالحي ولان الموت ما جعل مبطلا للحقوق وانما هو علامة على الوراثة وقد قال (ع) من ترك حقا أو مالا فلورثته والفرق ان الحي له ذمة وماله يمكن حفظه بخلاف ما عليه فان المديون يتضرر بترك الحق متعلقا بالعين ولان النبي صلى الله عليه وآله لما امتنع من الصلاة على المديون حتى ضمن الدين علي (ع) تارة وأبو قتادة أخرى لم يسأل هل كان الدين مؤجلا فلا مطالبته في الحال لو لم يحل ولم يكن هناك مانعا من الصلاة أو كان حالا وترك الاستفصال يدل على العموم وما رواه السكوني عن الصادق عن الباقر عليهما السلام قال إذا كان على الرجل دين إلى أجل ومات الرجل حل الدين وعن الحسين بن سعيد قال سألته عن الرجل اقرض رجلا دراهم إلى أجل مسمى ثم مات المستقرض أيحل مال القارض عند موت المستقرض منه أو لورثته من الاجل ما للمستقرض في حياته فقال إذا مات فقد حل مال القارض مسألة لو مات من له الدين المؤجل قال أكثر علمائنا لا يحل دينه بموته وهو قول أكثر أهل العلم لعدم دليل الحلول وأصالة الاستصحاب وبراءة ذمة من عليه الدين من الحلول وقال الشيخ رحمه الله في النهاية إذا مات وله دين مؤجل حل أجل ماله وجاز للورثة المطالبة به في الحال لما رواه أبو بصير عن الصادق (ع) أنه قال إذا مات الميت حل ماله وما عليه من الدين ولأنه دين فحل بموت صاحبه كما يحل بموت من هو عليه والرواية مقطوعة السند على انها غير دالة على المطالبة بالنصوصية إذا لم تشتمل على ذكر الاجل والفرق بين موت صاحب الدين والمديون ظاهر فان الميت لازمة له فلا يبقى للدين محل ومن له الدين ينتقل حقه بعد موته إلى الورثة وانما كان له دين مؤجل فلا يثبت للوارث ما ليس له مسألة قد بينا ان الدين المؤجل يحل بموت من عليه وان احمد قد خالف فيه في إحدى الروايتين فعلى قوله يبقى الدين في ذمة الميت كما كان ويتعلق بعين ماله كتعلق حقوق الغرماء بمال المفلس عند الحجر عليه فان أحب الورثة أداء الدين والتزامه للغريم ويتصرفون في المال لم يكن لهم ذلك الا ان يرضى الغريم أو يوفوا الحق بضمين ملي أو برهن يثق به لوفاء حقه فان الوارث قد لا يكون أمينا وقد لا يرضى به الغريم فيؤدي إلى فوات حقه وقال بعض العامة ان الحق ينتقل إلى ذمم الورثة بموت مورثهم من غير أن يشترط التزامهم له ولا ينبغي ان يلزم الانسان دين لم يتعاط له ولو لزمهم ذلك بموت مورثهم للزمهم وان لم يخلف وفاء وهذا كله ساقط عندنا الا ان يرضى الغريم بتذمم الورثة بالدين ويصير عليهم تبرعا منه وعلى قولنا بحلول الدين بموت المديون يتخير الوارث بين الدفع من عين التركة ومن غيرها لانتقال المال إليهم فان امتنعوا من الأداء من عين التركة ومن غيرها باع الحاكم من التركة بما يقضي به الدين مسألة من مات وعليه دين لم يمنع الدين نقل التركة إلى الورثة على أشهر قولي أصحابنا لان مستحق التركة إما الميت وهو محال إذ ليس هو أهلا للتمليك أو الغريم وهو محال لأنه لو أبرأه لم يكن له في التركة شئ أولا لمالك وهو محال فلم يبق الا الورثة ولان تعلق الدين بالمال لا يزيل الملك في حق الجاني والرهن والمفلس فلم يمنع نقله هنا وان تصرف الوارث في التركة ببيع أو غيره صح تصرفهم ولزمهم أداء الدين فان تعذر وفاؤه فسخ تصرفهم كما لو باع السيد عبده الجاني أو النصاب الذي وجبت فيه الزكاة وقال بعض علمائنا ان التركة لا تنتقل وعن أحمد روايتان لقوله تعالى من بعد وصية يوصي بها أو دين فجعل التركة للوارث من بعد الدين والوصية فلا يثبت لهم الملك قبلها فعلى هذا لو تصرف الورثة لم يصح تصرفهم لانهم تصرفوا في غير ملكهم الا بإذن الغرماء ولو تصرف الغرماء لم يصح الا بإذن الورثة والحق الأول لان المراد زوال الحجر عن التركة بعد الوصية والدين الفصل الثالث في الحوالة وفيه مباحث الأول في ماهيتها ومشروعيتها الحوالة مشتقة من تحويل الحق من ذمة إلى ذمة وهي عقد وضع للارفاق منفرد بنفسه وليست بيعا ولا محمولة عليه عند علمائنا أجمع وهو قول أكثر العلماء والا لما صحت لأنها بيع دين بدين وذلك منهي عنه والحوالة مأمور بها فتغاير أو لأنها لو كانت بيعا لما جاز التفرق قبل القبض لأنه بيع مال الربا بجنسه فلا يجوز مع التأخير والتفرق قبل القبض ولجازت بلفظ البيع ولجازت من جنسين كالبيع ولان لفظها يشعر بالتحويل لا بالبيع فعلى هذا لا يدخلها خيار المجلس وفي خيار الشرط ما تقدم وتلزم بمجرد العقد وقد قيل إنها بيع فان المحيل يشتري ما في ذمته بماله في ذمة المحال عليه وجاز تأخير القبض وخصة لأنه موضوع على الرفق فيدخلها حينئذ خيار المجلس لذلك والصحيح ما تقدم فان البيع مختص بألفاظ ولوازم منفية عن هذا العقد مسألة الحوالة عقد جائز بالنص والاجماع روى العامة عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله قال مطل الغنى ظلم وإذا اتبع أحدكم على ملي فليتبع وفي لفظ اخر وإذا أحيل بحق على ملي فليحتل ومن طريق الخاصة ما رواه منصور بن حازم عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يحيل على الرجل الدراهم أيرجع عليه قال لا يرجع عليه ابدا إلا أن يكون قد أفلس قبل ذلك وقد أجمع كل من يحفظ عنه العلم على جواز الحوالة في الجملة إذا عرفت هذا فمعنى اتبع هو معنى أحيل قال صاحب الصحاح يقال اتبع فلان بفلان
(١٠٤)