غيره إلى طعام وقدمه بين يديه فان ذلك يجري مجرى الاذن في تناوله كذا هنا. مسألة: لو رهن عصيرا واقبضه فانقلب في يد المرتهن خمرا لم نقل انها مرهونة واختلفت عبارة الشافعية فقال بعضهم يتوقف ان عاد خلا بان ان الرهن لم يبطل والأظهر بطلانه وقال أكثرهم يبطل الرهن لخروج الرهن عن كونه مالا ولاخيار للمرتهن إن كان الرهن مشروطا في بيع لحدوثه في يده ثم إن عاد خلا يعود الرهن كما يعود الملك وهو أحد قولي الشافعي لأنه لا يراد ببطلان الرهن اضمحلال اثره بالكلية بل ارتفاع حكمه ما دامت الخمرية والثاني انه لا يعود الرهن الا بعقد جديد وبه قال أبو حنيفة والوجه الأول لان الرهن تابع للملك والملك قد عاد إلى الراهن فلو رهن شاة فماتت في يد المرتهن فدبغ جلدها لم يطهر ولم يدخل في ملك الراهن ولا المرتهن عندنا وللشافعي وجهان أحدهما عود الرهن كانقلاب الخمر خلا وأظهرهما عندهم عدم العود لان ماليته مستندة إلى الصنعة والمعالجة وليس العايد ذلك الملك ولو انقلب العصير المرهون خمرا قبل القبض ففي بطلان الرهن البطلان الكلي للشافعي وجهان أحدهما نعم لاختلال المحل في حال ضعف الرهن وجوازه والثاني لا كما لو تخمر بعد القبض وعلى الوجهين لو كان الشرط رهنا في بيع ثبت للمرتهن الخيار لان الخل انقص من العصير ولا يصح الاقباض في حال الشدة فان فعل فعاد خلا فعلى الوجه الثاني لابد من استيناف قبض وعلى الأول لابد من استيناف عقد ولو انقلب المبيع خمرا قبل القبض فالكلام في انقطاع البيع وعوده إذا عاد خلا كما تقدم في انقلاب عصير المرهون خمرا بعد القبض. مسألة: لو جنى العبد المرهون قبل القبض و تعلق الأرش برقبته وقلنا رهن الجاني ابتداء فاسد ففي بطلان الرهن للشافعية وجهان الحاقا للجناية بتخمر العصير بجامع عروض الحالة المانعة من ابتداء الرهن قبل استحكام العقد وهذه الصورة أولي بان لا يبطل الرهن فيها لدوام الملك في الجاني بخلاف الخمر ولو ابق العبد المرهون قبل القبض فللشافعية وجهان لانتهاء المرهون إلى حالة تمنع ابتداء الرهن فيها. مسألة: الخمر قسمان خمر محترمة وهي التي اتخذ عصيرها ليصير خلا وانما هي محترمة لان اتخاذ الخل جايز اجماعا ولا ينقلب العصير إلى الحموضة الا بتوسط الشدة فلو لم تحترم وأريقت في تلك الحالة لتعذر اتخاذ الخل والثاني خمر غير محترمة وهي التي اتخذ عصيرها لغرض الخمرية إذا عرفت هذا فان تخليل الخمر بالاجسام الطاهرة جايز كطرح العصير أو الخل أو الخبز أو غيرها وبه قال أبو حنيفة لان المقتضى للتخليل وهو زوال الخمرية موجود والمانع وهو طرح شئ فيها لا يصلح للمانعية والا لما طهرت البتة لان الآنية ينجس بملاقاتها فلو انفعلت الخمر بنجاسته لم يطهر وهو باطل بالاجماع وقال الشافعي ان تخليل الخمر بطرح العصير أو الخل أو الخبز الحار أو غيرها حرام و الخل الحاصل نجس وبه قال احمد وعن مالك روايتان كالمذهبين لان انسان قال سئل رسول الله صلى الله عليه وآله أيتخذ الخمر خلا قال لا وهو بعد التسليم لا يدل على المطلق لامكان إرادة الكراهة أو ان يستعمل الخمر عوض الخل وجوز بعض الشافعية تخليل المحترمة لأنها غير مستحقة للإراقة ثم اختلفوا في الفرق بين الطرح بالقصد وبغير قصد كطرح الريح بناء على أن المعنى تحريم التخليل أو نجاسة المطروح فيه ولو طرح في العصير بصلا أو ملحا واستعجل به الحموضة بعد الاشتداد فلهم وجهان أحدهما إذا تخلل كان طاهرا لان الملاقي انما لاقاه قبل التخمير فطهر بطهارته كاجزاء الدن والثاني لا لان المطروح فيه ينجس عند التخمير ويستمر نجاسته بخلاف اجزاء الدن للضرورة ولو طرح العصير على الخل وكان العصير غالبا يتخمر الخل فيه عند الاشتداد فهل يطهر إذا انقلب خلا فيه هذان الوجهان ولو كان الغالب الخل وكان يمنع العصير من الاشتداد فلا بأس واما امساك الخمر المحترمة إلى أن تصير خلا جايز والتي لا تحترم يجب اراقتها لكن لو لم يرقها حتى تخللت فهي طاهر أيضا لأن النجاسة والتحريم انما ثبتا للشدة وقد زالت وقال بعض الشافعية لا يجوز امساك الخمر المحترمة بل يضرب عن العصير إلى أن تصير خلا فان اتفقت منا اطلاعة وهو خمر أرقناه وقال بعضهم لو أمسك التي لا تحترم حتى تخللت لم تحل ولم تطهر لان امساكها حرام فلا يستفاد به نعمة ومتى عادت الطهارة بالتخليل طهرت اجزاء الظرف وقال بعض الشافعية إن كان الظرف لا يتشرب شيئا من الخمر كالقوارير طهر وإن كان مما يشرب لم يطهر ويطهر أيضا ما فوقه الذي اصابته الخمر في حالة الغليان ولو كان ينقلها من الظل إلى الشمس أو يفتح رأسها ليصيبها الهواء استعجالا للحموضة فوجهان أحدهما لا يطهر كما لو طرح فيها شيئا وأصحهما الطهارة عندهم لزوال الشدة وتردد بعض الشافعية في بيع الخمر المحترمة بناء على ترددهم في طهارتها. الفصل الثالث:
في منع المتراهنين من التصرفات. مسألة: الرهن وثيقة لدين المرتهن إما في عينه أو بدله ولا يحصل الوثيقة الا بالحجر على الراهن وقطع سلطنة كانت له ليتحرك إلى الأداء وبتجديد سلطنة للمرتهن لم يكن ليتوسل بها إلى الاستيفاء وهذه الوثيقة ليست دائمة بل لها غاية ينتهي عندها على ما يأتي إذا ثبت هذا فالرهن يمنع الراهن لا المرتهن من التصرفات على ما يأتي تفصيله في نظرين الأول في منع الراهن ويمنع الراهن من كل تصرف يزيل الملك إلى الغير كالبيع والهبة ونحوهما والا فاتت الوثيقة ويمنع أيضا مما يزاحم المرتهن في مقصود الرهن وهو الرهن من غيره ومن كل تصرف ينقص المرهون ويقلل الرغبة فيه كالتزويج وبه قال الشافعي ومالك لان الرغبة في الجارية الخلية فوق الرغبة في المزوجة فالتزويج يوجب نقص ثمنها ويشغل بعض منافعها فإنه يعطل منافع بعضها ويمنع مشتريها من وطئها ويعرضها بوطئها للحمل وتمكن زوجها من الاستمتاع بها ليلا ويمنعها عن الخدمة بتربية ولدها فتقل الرغبة فيها وقال الشيخ رحمه الله إذا زوج الراهن عبده المرهون أو جاريته المرهونة كان تزويجه صحيحا وبه قال أبو حنيفة لعموم قوله تعالى وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم واماءكم ولان محل النكاح غير محل الرهن ولهذا صح رهن الأمة المزوجة والعام مخصوص بما دل منع الراهن والمرتهن من التصرف في الرهن ويمنع تغاير المحلين فان البيع يتناول جملتها ولهذا يستبيح المشتري نكاحها وانما صح رهن المزوجة لبقاء معظم المنفعة فيها و بقاؤها محلا للبيع كما يصح رهن المستأجرة إذا عرفت هذا فقال أبو حنيفة يصح الرهن وللمرتهن منع الزوج من وطئها ومهرها رهن معها ولا بأس بقوله في المنع من الوطئ على تقدير صحة العقد. مسألة: قال الشيخ رحمه الله لا يجوز للراهن ان يكري دارها المرهونة أو يسكنها غيره الا بإذن المرتهن فان اكراها وحصلت اجرتها كانت له وقال الشافعي له ان يؤجرها ويسكنها غيره وهل له ان يسكنها بنفسه لهم فيه وجهان وفصل أصحابه فقالوا إن كان الدين حالا أو كان مؤجلا لكنه يحل قبل انقضاء مدة الإجارة ففي رواية بناء صحة الإجارة على القولين في جواز بيع المستأجر ان جوزناه صحت الإجارة والا فلا والمشهور بطلانها قطعا إما إذا لم نجز بيع المستأجر فظاهر واما إذا جوزناه فلان الإجارة تبقى وان صح البيع وذلك مما يقلل الرغبة وقال بعضهم يبطل قدر الاجل وفي الزايد عليه قولا تفريق الصفقة وإن كان الاجل يحل مع انقضاء مدة الإجارة أو بعدها صحت الإجارة ثم لو اتفق حلول الدين قبل انقضائها بموت الرهن فوجهان أحدهما انه ينفسخ الإجارة رعاية لحق المرتهن فإنه أسبق ويضارب المستأجر بالأجرة المدفوعة مع الغرماء والثاني ان المرتهن يصبر إلى انقضاء مدة الإجارة كما يصبر الغرماء إلى انقضاء العدة ليستوفي المعتدة حق السكنى جمعا بين الحقين وعلى هذا يضارب المرتهن بدينه مع الغرماء في الحال وإذا انقضت المدة وبيع المرهون قضى باقي دينه فان فضل منه شئ ء فهو للغرماء هذا كله فيما إذا اجر المرهون من غير المرتهن إما إذا اجره منه يجوز ولا يبطل الرهن لان الحق لا يعدوهما وقد اتفقا على ذلك فجاز كما لو اتفقا على ايجار الغير وكذا لو كان مستأجرا مع المرتهن ثم ارتهنه وبه قال الشافعي ولا نعلم فيه خلافا فلو كانت الإجارة قبل تسليم الرهن ثم سلمه عنهما جميعا جاز ولو سلم عن الرهن وقع عنهما جميعا لان القبض في الإجارة مستحق ولو سلم عن الإجارة