يملك مطلقا من دون اذن الامام ملك هنا وان قلنا يملك مع الاذن ملك هنا بالاذن السابق ان قلنا إن للامام الاذن للذمي في الاحياء ولو لم يأذن له الامام فاحيى ولو لم يأذن له الامام فاحيى لم يملك ونزع من يده ضمان كان له فيه عين مال فله نقله فان بقى بعد النقل اثر العمارة فان احياءه محى بإذن الامام ملكه وان لم يأذن له لم يملك عندنا لأنه لا يملك الا بالاذن مع خلو الأرض فهنا أولي وهو أحد وجهي الشافعية ولو ترك العمارة مبرعا؟ تولى الامام اخذ غلتها وصرفها إلى مصالح المسلمين ولم يجز لاحد تملكها وهو قول الشافعي مسألة لو لم تكن الأرض التي في بلاد الاسلام معمورة في الحال ولكنها كانت قبل ذلك معمورة جرى عليها ملك مسلم فلا يخلو إما ان يكون المالك معينا أو غير معين فإن كان معينا فاما ان ينتقل إليه بالشراء أو العطية وشبهها أو بالاحياء فان ملكها بالشراء وشبهه ولم تملك بالاحياء قال ابن عبد البر أجمع العلماء على أن ما غرق؟ بملك مالك غير منقطع انه لا يجوز احياء لاحد غير أربابه وان ملكها بالاحياء ثم تركها حتى دثر وعادت مواتا فعند بعض علمائنا وبه قال الشافعي واحمد انه كالأول لا يصح لاحد احياؤه ولا يملك بالاحياء والعمارة بل يكون للمالك أو لورثته لقوله (ع) من أحيى أرضا ميتة في غير حق مسلم فهو أحق بها ولأنها ارض يعرف مالكها فلم تملك بالاحياء كالتي ملكت بشراء أو بعطية ولقوله (ع) وليس لعرق ظالم حق وقد تقدم ان العرق الظالم هو ان يأتي الرجل الأرض الميتة لغيره فيغرس ولان سليمان بن خالد سأل الصادق (ع) عن الرجل يأتي الأرض الخربة؟ فيستخرجها وتجرى أنهارها ويعمرها ويزرعها فماذا عليه قال (ع) الصدقة قلت فإن كان يعرف صاحبها قال فليؤد إليه حقه وقال مالك يصح احياؤها ويكون الثاني المحيي لها أحق بها من الأول لأن هذه ارض أصلها مباح فإذا تركها حتى عادت إلى ما كانت عليه صارت مباحة كما لو اخذ ماء من دجلة ثم رده إليها ولان العلة في تملك هذه الأرض الاحياء والعمارة فإذا زالا؟ زالت العلة فيزول المعلول وهو الملك فإذا أحياها الثاني فقد أوجد سبب الملك فيثبت الملك له كما لو التقط شيئا ثم سقط من يده وضاع عنه فالتقطه غيره فان الثاني يكون أحق ولا باس بهذا القول عندي فيدل عليه ما تضمنه قول الباقر (ع) حكاية عما وجده في كتاب علي عليه السلام ولقول الصادق (ع) أيما رجل اتى خربة بايرة فاستخرجها وكرى أنهارها وعمرها فان عليه فيها الصدقة وإن كانت أرضا لرجل قبله فغاب عنها وتركها واخربها ثم جاء بعد فطلبها فان الأرض لله عز وجل ولمن عمرها وإن كان المالك لهذه الأرض السابق غير معين ثم خربت وزالت اثار العمارة منها فإنها للامام عندنا ولا يجوز لاحد احياؤها الا باذنه فان بادر إليها انسان واحياها من دون اذنه لم يملكها ولو كان الاحياء حال غيبة الإمام عليه السلام كان المحيى أحق بها ما دام قايما بعمارتها فان تركها فزالت اثارها فأحياها غيره ملكها فإذا ظهر الإمام (ع) يكون له رفع يده عنها لما تقدم واختلفت العامة فقال أبو حنيفة انما تملك بالاحياء وبه قال مالك لما تقدم من عموم الاخبار ولأنها ارض موات لا حق فيها لقوم بأعيانهم فأشبهت ما لم يجر عليه ملك مالك ولأنها إن كانت في ارض دار الاسلام فهي كاللقطة الاسلام وإن كانت في ارض دار الكفر فهي كالركاز والشافعي قولان هذا أحدهما لما تقدم والثاني انه لا يجوز احياءها لقوله (ع) من أحيا أرضا من غير حق مسلم فهو أحق بها قيد بقوله في غير حق مسلم ولأن هذه الأرض لها مالك فلا يجوز احياؤها كما لو كان معينا وعن أحمد روايتان كالقولين وفصل بعض الشافعية فقال إن كانت العمارة السابقة على الخراب اسلامية فهي إما لمسلم أو لذمي وحكمها حكم الأموال الضايعة والامر فيها إلى رأي الامام ان أراد حفظه إلى أن يظهر مالكه وان رأى باعه وحفظ ثمنه وله ان يستقرضه على بيت المال وعن مالك قول اخر ان مالكها ان تركها مختارا عادت مواتا وان خربت بموته أو بغيبته فلا وإن كانت العمارة جاهلية فللشافعية القولان السابقان أحدهما انها لا تملك بالاحياء لأنها كانت مملوكة والموات ما لم يجر عليه ملك ولأنه يجوز ان يكون ملكا لكافر لم تبلغه الدعوة وأصحهما عنده انها تملك لقوله (ع) عادى الأرض لله ورسوله ثم هي لكم مني ولان الركاز يملك مع كونه مملوكا لأهل الجاهلية فكذلك الأراضي ورفع ابن شريح الخلاف ونزل القولين على حالتين ان بقى اثر العمارة أو كان معمورا في الجاهلية قريبة لم تملك بالاحياء وان اندرس بالكلية ويقادم عهدها ملكت وعمم بعضهم الخلاف وفرعوا على قول المنع انها ان أخذت بقتال فهي للغانمين والا فهى من أراضي الفي وقال الجويني موضع الخلاف ما إذا لم تعلم كيفية استيلاء المسلمين عليه ودخوله تحت يدهم واما إذا علمت فان دخلت تحت أيديهم بقتال فهي للغانمين والا فهي فئ وحصة الغانمين تلتحق بملك المسلم الذي لا يعرف وطرد بعضهم الخلاف فيما إذا كانت العمارة اسلامية ولم يعرف مالكها وقالوا هي كلقطة لا يعرف مالكها والأكثرون فرقوا بين ما إذا كانت لكافر وبين ما إذا كانت لمسلم لقوله (ع) من أحيى أرضا ميتة في غير حق مسلم فهي له البحث الثاني في أراضي بلاد الكفار مسألة أراضي بلاد الكفار إن كانت معمورة في الحال لم يكن للاحياء فيها مدخل وكانت كساير أموال الكفار فان قهرناهم عليها ملكناها بالقهر والغلبة كساير أموالهم وان لم تكن معمورة فهي للإمام (ع) لا يجوز لاحد التصرف فيهما الا باذنه عند علمائنا لما تقدم من قول الباقر (ع) حكاية عنها وجده في كتاب على واما العامة فقالوا بلاد الشرك إما عامر واما خراب فالعامر لا تملك بالاحياء وانما تملك بالقهر والغلبة والخراب إذا لم يجر عليه ملك أحد ملك بالاحياء سواء احياءه مسلم أو كافر وإن كان قد جرى على ملك مالك فإن كان معينا لم يملك بالاحياء وإن كان غير معين فللشافعي قولان كما تقدم في الخراب من دار الاسلام قال أبو إسحاق من الشافعية يحتمل ان يكون هذا الكافر لم تبلغه الدعوة أو لمسلم ورثه عنه فلم يجز احياءه ثم اعترضوا على أنفسهم بان الموت في دار الاسلام قد كان للمشركين ثم قلتم يجوز احياؤه ولهذا قال (ع) عادى الأرض لله ولرسوله يريد ديار عاد وأهل الحرب مثل ذلك أجابوا بان عادى الأرض انما أراد به ما تقدم ملكه وبقيت على الأزمان وليس ذلك مختصا بقوم عاد خاصة وإذا كان مثل ذلك فلا حكم كذلك فاما ما قرب ملكه فيحتمل ان يكون له مالك باق وان لم يتعين فلهذا في أحد الوجهين لا يجوز احياؤه ثم اعترضوا بان الركاز يحل وان جاز ان يكون له مالك فأجابوا بان ما انتقل وتحول يخالف الأرض الا ترى ان اللقطة في دار الاسلام يجوز تملكها بعد الحول والأرض لا يجوز تملكها إذا جهل مالكها وانما افترقا لان ما ينقل ويحول يخاف عليه التلف بخلاف الأرض وقال بعض الشافعية الموات في دار الكفار ان لم تكن معمورة في الحال ولا فيما تقدم من الزمان فيملكها الكفار بالاحياء واما المسلمون فينظر إن كان مواتا لا يذبون المسلمين عنها فلم تملكه بالاحياء أيضا ولا يملك بالاستيلاء لأنها غير مملوك لهم حتى يملك عليهم وإن كان مواتا يذبون المسلمين عنها لم تملك بالاحياء كالمعمورة من بلادهم فان استولينا عليه ففيه وجوه أصحها عندهم انه يفيد اختصاصا كاختصاص التحجير لان الاستيلاء أبلغ منه وعلى هذا فسيأتي خلاف في أن الأحقية بالتحجير هل يفيد جواز البيع ان قلنا نعم فهو غنيمة كالمعمور وان قلنا لا وهو الأصح عندهم فالغانمون أحق باحياء أربعة أخماسه وأهل الخمس أحق باحياء خمسه فان اعرض الغانمون عن احياءه فأهل الخمس أحق به لانهم شركاء الغانمين وكذا لو اعرض بعض الغانمين فالباقون أحق وان تركه الغانمون وأهل الخمس جميعا ملكه من احياءه من المسلمين والثاني انهم يملكونه بالاستيلاء كالمعمور لانهم حيث منعوا عنه فكأنهم تملكوه على أنه يجوز ان يملك بالاستيلاء ما لم يكن مملوكا كالذراري والنسوان والثالث لا يفيد الملك ولا التحجير لأنه لم يوجد عمل يظهر في الموات فعلى هذا فهو كموات دار الاسلام من احياءه ملكه وإن كانت معمورة من قبل وهي الان خراب فان عرف مالكها فهي كالمعمورة
(٤٠١)