ان يكون المرتهن إذا أبرأ الراهن من الدين ولم يعلم الراهن ان يعلمه بالابراء أو يرد الرهن عليه لأنه لم يتركه عنده الا على سبيل الوثيقة بخلاف ما إذا علم لأنه قد رضي بتركه في يده وقال أبو حنيفة إذا قضاه كان مضمونا وإذا أبرأه أو وهبه له ثم تلف الرهن في يده لم يضمنه استحسانا لان البراءة والهبة لا يقتضى الضمان وهو تناقض منه لان القبض المضمون عنده لم يزل ولم يبرأ منه إذا عرفت هذا فلو سأل مالكه في هذا الحال دفعه إليه لزم من هو في يده من المرتهن أو العدل دفعه إليه إذا امكنه فإن لم يفعل صار ضامنا كالمودع إذا امتنع من رد الوديعة بعد طلبها وإن كان امتناعه لعذر مثل ان يكون بينه وبين الرهن طريق مخوف أو باب مغلق لا يمكنه فتحه أو خاف فوت جمعة أو وقت فريضة أو كان به مرض أو جوع شديد وما أشبه ذلك فاخر التسليم لذلك فتلف فلا ضمان عليه لأنه غير مفرط بامتناعه فان زال العذر وجبت المبادرة ولا حاجة إلى تجديد طلب ولو رهن عند اثنين فوفى أحدهما بقي نصيب الأخر رهنا عنده ويقر الرهن بأسره في يده نصفه رهن ونصفه وديعة. الفصل الثامن: في التنازع الواقع بين المتراهنين. مسألة: لو اختلفا في أصل العقد فقال رب الدين رهنتني كذا وأنكر المالك كان القول قول الراهن مع يمينه لان الأصل عدم الرهن سواء كان الشئ ء المدعى رهنا في يد الراهن أو يد المرتهن فان أقام المرتهن البينة يثبت دعواه والا فلا ولو اتفقا على العقد واختلفا في وصف يبطله فادعاه أحدهما فأنكره الأخر فالقول قول منكره سواء كان الراهن أو المرتهن لان الأصل صحة العقد ولو اختلفا في عين الرهن فقال رهنتني عبدك هذا فقال بل العبد الأخر أو الجارية أو الثوب خرج ما أدعاه الراهن عن الرهن لاعتراف المرتهن بأنه ليس رهنا ثم يحلف الراهن على نفي ما أدعاه المرتهن وخرجا عن الرهن معا ولو اختلفا في قدر الدين المرهون به فقال الراهن رهنت على الف وقال المرتهن بل علي الفين فالقول قول الراهن مع يمينه سواء اتفقا على أن الدين الفين وادعى الراهن ان الرهن على أحدهما وادعى المرتهن انه عليهما معا أو اختلفا في قدر الدين وبه قال النخعي والثوري والشافعي والبتي وأبو ثور واحمد وأصحاب الرأي لان الراهن منكر للزيادة التي يدعيها المرتهن فالقول قوله لقول النبي صلى الله عليه وآله لو اعطى الناس بدعواهم لادعى قوم بدماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه رواه العامة ومن طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم الصحيحة عن الباقر (ع) في الرجل يرهن عند صاحبه رهنا لا بينة فيه ادعى الذي عنده الرهن انه بألف درهم فقال صاحب الرهن انه بمائة قال البينة على الذي عنده الرهن انه بألف درهم فإن لم يكن له بينة فعلى الراهن اليمين ولان الأصل عدم الرهن وعدم الزيادة التي يدعيها فالقول قول النافي كما لو اختلفا في أصل الدين وحكى عن الحسن وقتادة ان القول قول المرتهن ما لم يجاوز ثمن الرهن أو قيمته ونحوه قال مالك لأن الظاهر أن الرهن بقدر الحق وقد روى الشيخ نحو هذا القول عن علي (ع) في رهن اختلف فيه الراهن والمرتهن فقال الراهن هو بكذا وكذا وقال المرتهن هو بأكثر قال علي (ع) يصدق المرتهن حتى يحيط بالثمن لأنه أمينه وما ذكروه من الظاهر ممكن؟ فان العادة يقضي رهن الشئ بأقل من قيمته وبأكثر وبالمساوي لا ضابط لها فيه والرواية عن علي (ع) ضعيفة السند إذا ثبت هذا فلو اتفقا على أن الدين الفان وقال الراهن انما رهنتك بأحد الألفين وقال المرتهن بل بهما فالقول قول الراهن كما تقدم مع يمينه لأنه ينكر تعلق حق المرتهن في أحد الألفين يرهنه والقول قول المنكر ولو اتفقا على أنه رهن بأحد الألفين لكن قال الراهن هو رهن بالمؤجل وقال المرتهن بل بالحال فالقول قول الراهن مع يمينه ولأنه منكر ولان القول قوله في أصل الدين فكذا في صفته ولو كان هناك بينة حكم بها في جميع هذه المسائل وكذا لو قال الراهن انه رهن على الحال وقال المرتهن انه على المؤجل يقدم قول الراهن مع يمينه. مسألة: لو اختلفا في قدر المرهون فقال الراهن رهنتك هذا العبد فقال المرتهن بل هو والعبد الأخر قدم قول الراهن اجماعا لأنه منكر وكذا لو رهن أرضا فيها شجر ثم قال الراهن رهنت الأرض دون الشجر وقال المرتهن بل رهنتها بما فيها قدم قول الراهن لما تقدم ولو قال الراهن رهنتك الأشجار خاصة فقال المرتهن بل رهنتها مع الأرض فالقول قول الراهن ولو قال المرتهن رهنت هذه الأشجار مع الأرض يوم رهن الأرض وقال الراهن ان هذه الأشجار أو بعضها لم يكن يوم رهن الأرض وانما أحدثتها بعده فإن كان شاهد الحال يصدقه ولا يتصور وجودها يوم الرهن فالمرتهن كاذب ويقدم قول الراهن بغير يمين وإن كان لا يتصور حدوثها فالراهن كاذب ثم إن ادعى في منازعتها انه رهن الأرض بما فيها ووافقه الراهن كانت الأشجار مرهونة كما يقوله المرتهن ولا حاجة إلى الاحلاف وان زعم رهن الأرض وحدها أو رهن ما سوى الأشجار المختلف فيها أو اقتصر على نفي الوجود لم يلزم من كذبه في انكار الوجود كونها رهنا فيطالب بجواب دعوى الراهن فان استمر على انكار الوجود واقتصر عليه المعلوم كذبه فيه جعل ناكلا وردت اليمين على المرتهن فان رجع إلى الاعتراف بالوجود وأنكر رهنها قبل انكاره فان حلف خرجت عن الرهن وقبلت يمينه لأنه لا يلزم من كذبه في نفي الوجود كذبه في نفي الرهن ولو كانت الأشجار بحيث يحتمل وجودها يوم رهن الأرض وتجددها بعده قدم قول الراهن لأصالة عدم الرهن فإذا حلف فهي كالشجرة الحادثة بعد الرهن في القلع وساير الاحكام يكفي انكار الوجود يوم الرهن لأنه لا؟ يضمن انكار ما يدعيه المرتهن وهو رهنها مع الأرض وللشافعية قول انه لا بد من انكار الرهن صريحا ولا فرق بين ان يكون الاختلاف في رهن تبرع أو في رهن مشروط في بيع والشافعية فرقوا وقالوا في الثاني يتحالفان كما في ساير كيفيات البيع وهو ممنوع عندنا. مسألة: لو ادعى انسان على اثنين انهما رهنا عبدهما المشترك بينهما عنده بمائة واقبضاه فان انكرا الرهن أو الرهن والدين جميعا قدم قولهما مع اليمين ولو صدقه أحدهما خاصة فنصيب المصدق رهن بخمسين والقول في نصيب المكذب قوله مع يمينه فان شهد المصدق للمدعي على شريكه المكذب قبلت شهادته لانتفاء شبهة جلب نفع أو دفع ضرر لجهالته مع عدالته وانتفاء عداوته وان شهد معه اخر كذلك ثبت حقه والا حلف المدعي معه ويثبت الحق ورهن الجميع ولو أنكر كل واحد منهما رهن نصيبه وشهد على صاحبه الأخر برهن نصيبه وانه اقبضه قبلت شهادتهما وحلف لكل منهما يمينا وقضي له برهن الجميع وان حلف لأحدهما ثبت رهن نصيبه وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا يقبل شهادة واحد منهما لان المدعي يزعم أن كل واحد منهما كاذب ظالم بجحوده فإذا نسب المدعي شاهده إلى الفسق منع من قبول شهادته له لكن أكثر الشافعية على الأول لأنهما ربما نسيا أو اشتبه عليهما ولحقهما شبهة فيما يدعيه وبالجملة انكار الدعوى لا يثبت فسق المدعى عليه ولان الكذبة الواحدة لا يوجب الفسق ولهذا لو تخاصم اثنان في شئ ثم شهدا لغيرهما في قضية سمعت شهادتهما وإن كان أحدهما كاذبا في ذلك التخاصم ولو ثبت الفسق بذلك لم يجز قبول شهادتهما جميعا مع تحقق الجرح في أحدهما فعلى هذا إذا حلف مع كل واحد منهما أو أقام شاهد اخر ثبت رهن الجميع وقال بعض الشافعية الذي يشهد أو لا يقبل شهادته دون الذي شهد أخيرا لأنه انتهض خصما منتقما والضابط أن يقول متى حصلت تهمة في شهادة أحدهما لم تقبل شهادته والا قبلت. مسألة: لو ادعى اثنان على رجل انه رهن عبده عندهما وقال كل واحد منهما انه رهنه عندي دون صاحبي واقبضنيه دون صاحبي فان كذبهما جميعا فالقول قوله مع اليمين ويحلف لكل واحد منهما يمينا وان كذب أحدهما وصدق الأخر قضى بالرهن للمصدق وسلم إليه ويحلف للاخر وهو أحد قولي الشافعي وأصحهما عنده انه لا يحلف وهذان مبنيان على أنه لو أقر بمال لزيد ثم أقر به لعمرو هل يغرم قيمته لعمرو فيه قولان وكذا لو قال رهنته من زيد و أقبضته ثم قال لا بل رهنته من عمرو وأقبضته هل يغرم قيمته للثاني ليكون رهنا عنده ان قلنا يغرم فله تحليفه فربما يقر فيؤخذ القيمة وان قلنا لا يغرم بنى
(٤٢)