منزلته منزلة الاعتاق الا ترى ان الشريك إذا أحبل الجارية المشتركة سرى الاستيلاد إلى نصيب الشريك كما لو أعتق نصيبه وإذا كان كالاعتاق لم يقدح القتل فيه كما إذا أعتق العبد ثم قتله العبد وكذا مستحق الدين المؤجل إذا قتل المديون حل اجله لان الاجل حق من عليه الحق أثبت ليرتفق به بالاكتساب في المدة فإذا هلك فالحظ له في التعجيل لتبرأ ذمته مسألة لو قتل المدبر سيده فهو كما لو اوصى لانسان فتقل الموصى له الموصي هل تبطل وصيته أم لا على ما تقدم من الخلاف لان التدبير عندنا وصيته وقالت الشافعية انه يبنى على أن التدبير وصية أو تعليق عتق بضمه؟ ان قلنا بالأول فهو كما لو اوصى لانسان فجاء وقتله وان قلنا بالثاني عتق كالمستولدة وقال بعض الشافعية ان صححنا الوصية للقاتل عتق المدبر إذا قتل سيده وان لم نصححها لا يعتق يبطل التدبير سواء جعلنا التدبير وصية أو تعليقا للعتق لأنه وإن كان تعليقا فهو وفي حكم الوصية لأنه يعتبر من الثلث هو اثبات للخلاف سواء جعلناه وصية أو تعليقا وإذا اوصى لعبد جارحه أو لمدبره أو مستولدته فان عتق قبل موت الموصي صحت الوصية أو انتقل منه إلى غيره صحت الوصية لذلك الغير والا فهى وصية للجارح ولو اوصى لعبد بشئ فجاء العبد وقتله لم يتأثر به الوصية وان جاء السيد وقتله فهى وصية للقاتل ولو قال لمكاتب فقتل المكاتب الموصي فان عتق فهى وصية للقاتل وان عجز فالوصية صحيحة للسيد فان جاء سيد المكاتب فقتله فالحكم بالعكس وتجوز الوصية للعبد القتال لأنها تقع للسيد عند العامة البحث السادس في الوصية للوارث مسألة الوصية للوارث صحيحة عند علمائنا كافة سواء أجاز الورثة أولا لقوله تعالى يا أيها الذين امنوا كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ان ترك خير الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ان الله سميع عليم فأوجب تعالى الوصية للوالدين الذين هما أقرب الناس إلى الميت ثم قال تأكيدا للوجوب بقوله تعالى حقا على المتقين وهو يعطي عدم اتقاء من لا يعتقد حقيتها ثم ثنى التأكيد بقوله تعالى فمن بدله له بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ثم اكد هذه الجملة بقوله تعالى ان الله سميع عليم وهذه الآية نص في الباب وما رواه العامة عن ابن عباس ان النبي قال لا تجوز الوصية لوارث الا ان يجيزها الورثة وقال (ع) لا وصية لوارث الا ان يشاء الورثة والاستثناء من النفي اثبات وهو يدل على صحة الوصية عند الإجازة لان الإجازة لا تصير ما ليس بصحيح في نفسه صحيحا ولان الإجازة متأخرة فحين وقوع الوصية المتقدمة على الإجازة ان وقعت باطلة لم تصح بالإجازة المتأخرة فان الباطل لا عبرة به ولا اعتبار له في نظر الشرع فوجب ان يكون صحيحة ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن الوصية للوارث فقال تجوز وفي الصحيح عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (ع) تجوز للوارث وصية قال نعم وفي الصحيح عن أبي ولاد الحناط قال سألت أبا عبد الله عن الميت يوصي لبنت بشئ فقال جايز ولأنه تصرف صدر من أهله في محله فصح كما لو اوصى الأجنبي وقالت العامة لا تصح الوصية للوارث وللشافعية طريقان أصحهما ان الحكم في الوصية للوارث كالحكم فيما لو اوصى بزيادة على الثلث فان الوصية بالزيادة لا تقع باطلة بل إن أجازها جميع الورثة صحت والا فلا وكذا هنا فيريد برد ساير الورثة وان أجازوا فعلى قولين أحدهما ان اجازتهم ابتداء عطية والوصية باطلة لما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إن الله قد اعطى كل ذي حق حقه الا الوصية لوارث والأصح وبه قال أبو حنفية ومالك واحمد انها تنفيذ لما فعله الموصي والذي فعله انعقاد اعتبار لما روى ابن عباس ان النبي قال لا تجوز الوصية لو ارث الا ان يجيزها الورثة ويروي لا وصية لو ارث الا ان يشاء الورثة والطريق الثاني انها باطلة وان أجازها جميع الورثة بخلاف الوصية للأجنبي بما زاد على الثلث والفرق ان المنع من الزيادة لحق الورثة فإذا ارضوا جوزنا والمنع هنا لتغير الفروض التي قدره الله تعالى للورثة على ما اشعر به الخبر فلا تأثير لرضاهم وهو قول المزني وابن أبي هريرة منهم ثم فرعوا على القولين فقالوا ان قلنا إن الإجازة تنفيذ وامضاء كفى لظ الإجازة ولا حاجة إلى هبة وتجديد قبول وقبض من الموصى له وليس للمجيز الرجوع وان لم يحصل القبض بعد فان قلنا إنها ابتداء عطية منهم فلا يكفي قبول الوصية أو لا بل لا بد من قبول اخر في المجلس ومن القبض للمجيز الرجوع قبل القبض وهل يعتبر لفظ التمليك ولفظ الاعتاق إذ أكان الموصى به العتق وجهان أظهرهما لا يكفي لفظ الإجازة بل يعتبر لفظ التمليك كما لو تصرف فأسدا من بيع أو هبة ثم أجاز وهو قول مالك والمزني والثاني انه يكفي لفظ الإجازة لظاهر الخبر ولو خلف زوجة هي بنت عمه وأباها وكان قد اوصى لها فأجاز أبوها الوصية فلا رجوع للأب انا جعلنا الإجازة تنفيذا وان جعلنا ها ابتداء عطية فله الرجوع بناء على مذهبهم من جواز رجوع الأب في هبة الابن ولو أعتق عبدا في مرضه أو اوصى بعتقه والمال سواه أو زادت قيمته على الثلث فان جعلنا الإجازة ابتداء عطية من الورثة فولاء ما زاد على الثلث للمجيزين ذكورهم وأناثهم بحسب استحقاقهم وان جعلناها تنفيذا فولاء الكل للميت يرثه ذكور العصبات ولهم وجه آخران يكون الولاء للميت على القولين جميعا لأنا وان جعلنا اجازتهم ابتداء عطية فأجازتهم اعتاق الميت كاعتاقهم عن الميت باذنه والتماسه ومن أعتق عبده باذنه والتماسه كان الولاء للاذن واستبعدوه بان اعتبار الاذن بعد موت الاذن كالمستبعد ولو أعتق عبد في المرض ثم مات العبد قبل موته فيموت كله حرا أم كيف الحال وفيه خلاف بينهم وكل هذه التقريعات عندنا باطلة لعدم الفرق عندنا بين الوارث والأجنبي مسألة لو وهب الوارث في مرض موته أو أبراه عماله في ذمته أو وقف عليه كذلك كان حكمه حكم الوصية على الأقوى عندنا وح يصح من الثلث سواء أجاز باقي الورثة أولا وعند العامة انها كالوصية أيضا لكن تبطل الان ان يجيز الورثة بأسرهم مسألة تصح الوصية للوارث عندنا ومن الثلث وان لم يجز الورثة على ما تقدم وعند العامة لا تصح الا بإجازتهم ولا اعتبار بإجازتهم ولا برد الورثة في حياة الموصي عندهم فإذا أجازوا في الحياة أو أذنوا له في الوصية ثم أرادوا الرد بعد الموت فلهم ذلك لأنه يتحقق استحقاقهم قبل الموت ولجواز ان يبرأ المريض أو تموتوا قبل موته وقال مالك ان الإجازة قبل الموت تلزم الا ان يكون الوارث في نفقته وعنه أيضا انهم إذا أذنوا له في الوصية وهو صحيح فلهم الرجوع وان أذنوا وهو مريض فلا رجوع لهم ولو أجازوا بعد الموت وقبل القسمة نفى تنزيلها منزلة الإجازة قبل الموت قولان مخرجان والظاهر عندهم لزومها مسألة لو اوصى لغيره بشئ يزيد على الثلث اشترط فيه معرفة الورثة بمقدار الزايد على الثلث ومقدار التركة فإن لم يعرف قدر الزايد وقدر التركة لم تصح الإجازة ان جعلناها ابتداء عطية وان جعلناها تنفيذا فهى كالابراء من المجهول يصح عندنا وان جوزنا هبة المجهول لم يشترط العلم بشئ من ذلك ولو أجاز الوصية بما زاد على الثلث قال ظننت قلة التركة فظهرت أكثر مما ظننت احلف ونفذت الوصية في القدر الذي كان يتحققه مسألة العبرة عند من منع الوصية للوارث بكونه وارثا حال الموت فلو اوصى لأخيه وليس له ولد قوله له ابن بعد ذلك قبل موت الموصي فالوصية صحيحة عندهم لأنه ظهر ان الوصية ليست للوارث ولو اوصى لأخيه وله ابن فمات الابن قبل موت الموصي فالوصية للوارث وكذا لو اوصى لابنه ثم قتله الابن وقلنا إن القتل لا يمنع الوصية نفذت الوصية عندهم لأنه يوم الموت ليس بوارث لو أقر للوارث فللشافعية قولان أحدهما ان العبرة بيوم الاقرار والثاني ان العبرة بيوم الموت وفرقوا بان استقرار الوصية بالموت ولا ثبات لها قبله وهذا التفريع ساقط عندنا لصحة الوصية
(٤٦٦)