غشه وكذب عليه وذلك لا يوجب الضمان ولم يجب عليه الضمان في الأولى باعتبار غروره بل باعتبار عدم الإذن في قطعه لان اذنه مقيد بشرط كفايته فلا يكون إذنا في غير ما وجد الشرط فيه بخلاف الثانية وقال أبو ثور لا ضمان عليه في المسئلتين لأنه قد غره في الثانية كما غره في الأولى فتساويا في الضمان والجواب ما بينا من أن العلة في الأولى ليست الغرور بل عدم الإذن مسألة إذا استأجر لتعليم القران في موضع الجواز وهو عدم الشرط فلا بد من تعيين السور والآيات التي يعلمها أو يقدر بالمدة فيقول لتعلمني شهرا وهو قول الشافعية ومنع بعضهم عن الاكتفاء بذكره واشترط تعيين السور والآيات لتفاوتها في الحفظ والتعليم سهولة وصعوبة وهو جيد وفي وجه للشافعية انه لا يجب تعيين السورة وإذا ذكر عشر آيات كفى وليس بجيد لما بيناه من تفاوت الآيات بالطول والقصر والصعوبة والسهولة وقال بعضهم لابد من تعيين السورة لكن يكفي اطلاق عشر آيات منها فحصل لهم في اشتراط تعيين الآيات ثلاثة أوجه يفرق في الثالث بين ان يعين السورة فيتسامح باطلاق الآيات منها أولا يعين واحتج بما روي أنه صلى الله عليه وآله قال في قصة التي عرضت نفسها عليه لبعض القوم اني أريد ان أزوجك هذه ان رضيت فقال ما رضيت لي يا رسول الله فقد رضيته فقال للرجل هل عندك شئ قال لا فقال ما تحفظ من القرآن قال سورة البقرة والتي تليها فقال قم فتعلمها عشرين أية وهي امرأتك ولا حجة فيه على مطلوبه لأنه لم يذكر صلى الله عليه وآله في معرض العقد إذ لم يوجد هناك إيجاب ولا قبول بل أرشده إلى أن يعقد عليها بايجاب وقبول إن يسمى في المهر عشرين آية يتخيرها المتعاقدان مسألة قد بينا انه يكره الاستيجار على تعليم القرآن مع الشرط وبه قال الزهري وإسحاق وقال أبو عبد الله بن سفيان هذه الرغف التي يأخذها المعلمون من السحت ومن كره اجر المعلم مع الشرط الحسن وابن سيرين وطاوس والشعبي والنخعي واحمد وفي رواية أخرى عنه المنع وبه قال عطا والضحاك بن قيس وأبو حنيفة والزهري وعن أحمد رواية ثالثة انه يجوز ذلك قال التعليم أحب إلي من أن يتوكل لهؤلاء السلاطين ومن أن يتوكل الرجل من عامة الناس في صنعة ومن أن يستدين ويتجر ولعله لا يقدر على الوفاء فيلقى الله بأمانات الناس التعليم أحب إلي وممن أجاز ذلك مالك والشافعي ورخص في أجور المعلمين أبو قلابة وأبو ثور وابن المنذر ولان رسول الله صلى الله عليه وآله زوج رجلا بما معه من القرآن وإذا جاز أن يكون تعليم القرآن عوضا في باب النكاح وقام مقام المهر جاز اخذ الأجرة عليه في الإجارة وقد روى العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله أحق ما أخذتم عليه اجرا كتاب الله وهو حديث صحيح عندهم ولأنه يجوز اخذ الرزق عليه من بيت المال فجاز اخذ الأجرة عليه كبناء القناطر والمساجد ولان الحاجة قد تدعوا إلى ذلك فإنه يحتاج إلى الاستنابة في الحج من وجب عليه الحج وعجز عن فعله ولا يكاد يوجد متبرع بذلك فيحتاج إلى بذل الاجر فيه واحتج المانعون بما رواه العامة عن عبادة بن الصامت قال علمت ناسا من أهل الصفة القرآن والكتابة فاهدى إلي رجل منهم قوسا فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فقال إن سرك ان يقلدك الله قوسا من نار فاقبلها وعن أبي ابن كعب انه علم رجلا سورة من القرآن فاهدى له قميصا أو ثوبا فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فقالوا لو أنك لبستها أو اخذتها ألبسك الله تعالى مكانها ثوبا من نار ولان من شرط صحة هذه الأفعال كونها قربة إلى الله تعالى فلم يجز أخذ الأجرة عليها كما لو استأجر قوما يصلون خلفه الجمعة فروع لا بأس بأخذ الأجرة على الرقية وبه قال احمد لان أبا سعيد رقى رجلا بفاتحة الكتاب على جعل فبرأ واخذ أصحابه الجعل واتوا به النبي صلى الله عليه فاخبروه وسألوه فقال العمري لئن اكل برقية باطل اكلت برقية حقي كلوا واضربوا لي معكم بسهم ولان الرقية نوع من المداراة والمأخوذ عليها جعل والمداواة يباح اخذ الجعل عليها الثاني منع احمد في بعض الروايات من جعل القرآن عوضا في البضع وتأول الحديث الذي رووه عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله زوجتكها على ما معك من القرآن باحتمال انه زوجه إياها بغير صداق اكراما له كما زوج أبا طلحة أم سليم على اسلامه ونقل عنه أيضا جوازه وفرق بين المهر والاجر ان المهر ليس بعوض محض وإنما وجب عليه نحلة ووصلة ولهذا جاز خلو العقد عن تسميته وصح مع فساده بخلاف الاجر في غيره الثالث قد بينا انه لو اعطى المعلم شيئا بغير شرط لم يكن به بأس وهو أيضا ظاهر كلام احمد وكرهه جماعة من العلماء مسألة كل موضع يجوز فيه الاستيجار لتعليم القرآن الأولى وجوب تعيين قراءة أحد القراء السبعة مثل أن يقول على قراءة ابن كثير أو نافع أو غيرهما لأنه مختلف فلابد من تعيينه وهو أحد وجهي الشافعية وأصحهما عندهم عدم الوجوب لان الامر فيها قريب قال الجويني كنت أود ان لا يصح الاستيجار للتعليم حتى يختبر حفظ المتعلم كما لا تصح اجارة الدابة حتى يعلم حال الراكب لكن ظاهر كلام الشافعية عدم الاشتراط والخبر يدل عليه وانما يجوز الاستيجار لتعليم القرآن إذا كان من يعلمه مسلما أو كافرا يرجى اسلامه فإن كان لا يرجى اسلامه لا يعلمه الكافر كما لا يباع المصحف من الكافر فلا يجوز الاستيجار له تذنيب في اجارة المصحف لبعض العامة وجهان أحدهما المنع كما لا يصح بيعه والعلة واحدة وهي اجلال كلام الله تعالى عن المعاوضة والثاني الجواز وهو مذهب الشافعي لأنه انتفاع مباح تجوز الإعارة من اجله فجازت الإجارة فيه كساير الكتب مسألة كلما يجوز بيعه من الكتب تجوز اجارته لأنه انتفاع مباح يحتاج إليه ويجوز اعارته فجاز فيه الإجارة وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة لا يجوز اجارة الكتب ولا اجارة المصحف لأنه ليس في ذلك أكثر من النظر إليه ولا تجوز الإجارة لمثل ذلك بدليل انه لا يجوز أن يستأجر سقفا ينتظر إلى عمله وتصاويره ولا شمعا ليتجمل به ونمنع حكم الأصل سلمنا لكن لا حاجة إلى النظر إلى السقف فإنه لا حاجة إليه ولا جرت العادة بالإعارة من اجله وفى مسئلتنا يحتاج إلى القراءة في الكتب والتحفظ منها والنسخ منها والسماع والمداومة وغير ذلك من الانتفاعات المقصودة المباحة المحتاج إليها مسألة لو استأجره لتعليم سورة صح على ما تقدم وحده ان يستقل المستأجر بالتلاوة ولا يكفي تتبع لفظه ولو كان المستأجر على تعليمه يتعلم الشئ بعد الشئ ثم ينساه فالأقرب الاعتبار بالعادة فإن كان يسمى في العادة تعليما لم يجب على المؤجر إعادة التعليم وإن كان لا يسمى وجب إعادة التعليم وهو أحد وجوه الشافعية والثاني ان تعلم أية ثم ينسها لم يجب تعليمها ثانية وإن تعلم دون أية ونسى وجب وهو قول بعض علمائنا ولا بأس به والثالث ان الاعتبار بالسورة والرابع ان نسى في مجلس التعليم وجب اعادته إلا فلا إذا ثبت هذا فيجوز استيجار الانسان غيره لقراءة القرآن على رأس القبر مدة كما يجوز الاستيجار للآداب وتعليم القرآن وقد سبق انه يجب انه يجب عود المنفعة إلى المستأجر فإن ذلك شرط في صحة الإجارة وهذا يجب عود المنفعة إلى المستأجر أو ميته فعندنا ان ثواب ذلك يصل إلى الميت إذا نوى الأجير ذلك خلافا للشافعية فإنهم قالوا المستأجر لا ينتفع بان يقرء للغير ومشهور عندهم ان الميت لا يلحقه ثواب القراءة المجردة فقالوا لما قرروا جواز الاستيجار لابد من انتفاع الميت بالقرائة وفيه طريقان أحدهما ان يعقب القراءة بالدعاء للميت فان الدعاء يلحقه والدعاء بعد القراءة أقرب ان الإجابة وأكثر بركة والثاني انه ان نوى القارئ بقراءته ان يكون ثوابها للميت لم يحلقه لكن لو قراء ثم جعل ما حصل من الاجر له فهذا دعاء بحصول ذلك الاجر للميت فينتفع الميت مسألة قد بينا جواز الاستيجار للارضاع يجب فيه التقدير بالمدة كما تقدم ولا سبيل إلى ضبط مرات الارضاع ولو ضبط بالعدم ولم يعلم قدر ما يصل إليه من اللبن ولا القدر الذي يستوفيه في كل مرة وقد تعرض له الأسباب؟ مراض والأسباب الملهية؟ لكن الاشكال أيضا يرد في التقدير بالضمان مسألة يجوز الاستيجار للحج والعمرة والطواف والرمي وبالجملة لكل عمل من اعمال الحج تدخله النيابة ولصلاة الطواف وقد تقدم ولو استأجر للحج لم تدخل العمرة المفردة وبالعكس إما لو استأجر لحج التمتع فإنه يدخل فيه العمرة ان لم يكن قد اعتمر ولو استأجر لعمرة التمتع دخل الحج لقوله (ع) دخلت العمرة في الحج هكذا وشبك بين أصابعه ولو استأجر للطواف لم تدخل صلاته وبالعكس وإذا استأجر للحج دخلت تحللاته فيه ولا تدخل زيادة النبي صلى الله عليه وآله في الحج ويجوز الاستيجار لزيارة الأئمة عليهم السلام وزيارة النبي صلى الله عليه وآله في قبورهم
(٣٠٢)