وفي الأخرى يبطل وبه قال الشافعي لأنه عقد على مال من لم يأذن له في العقد فلم يصح كما لو باع مال الصبي ثم بلغ فأجاز وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله حكيم بن حزام عن بيع ما ليس عنده فقال لا تبع ما ليس عندك يعني ما لا تملك فان اشترى في الذمة ثم نقد ثمنه وقع البيع للوكيل لأنه تصرف صدر من بالغ عاقل غير محجور عليه فصح ووقع للوكيل حيث لم ينو الموكل ولا سماه ولا اشترى ما اذن له فيه وقال بعض الشافعية إذا اشترى بمال في ذمته للموكل فالشراء صحيح لأنه انما اشترى بثمن في ذمته وليس ذلك ملكا ويقع البيع للوكيل وقال بعضهم لا يصح للموكل ولا للوكيل لأنه عقده على أنه للموكل فلم يقع عن الوكيل والموكل لم يأذن له فيه فلم يقع عنه وعن أحمد روايتان إحديهما ان الشراء للوكيل لأنه اشترى في ذمته بغير اذنه فكان الشراء له كما لو لم ينو غيره والثانية ان يقف على اجازة الموكل كما قلناه نحن فان اجازه صح لأنه اشترى له وقد اجازه فلزمه كما لو اشترى باذنه وان لم يجز قال يلزم الوكيل لأنه لا يجوز ان يلزم الموكل لأنه لم يأذن في شرائه ولزم الوكيل لأن الشراء صدر منه ولم يثبت لغيره فيثبت في حقه كما لو اشتراه لنفسه وليس بحق لأنه اشترى لغيره فإذا لم يرض الغير بطل العقد وهذا الحكم في كل من اشترى شيئا في ذمته لغيره بغير اذنه سواء كان وكيلا للذي قصد الشراء له أو لم يكن وكيلا مسألة إذا قال له بع هذا العبد فباع عبدا اخر فهو فضولي في بيع الأخر لأنه غير مأذون له فيه فكان كالأجنبي بالنسبة إليه فان امضى المالك البيع صح والا بطل لان المالك لم يرض بإزالة ملكه عنه وقال الشافعي في أحد القولين انه باطل واما الشراء فان وقع بعين مال الموكل فهو كالبيع إن كان في الذمة فإن لم يسم الموكل ولا نواه فهو واقع عن الوكيل لجريان الخطاب معه وانما ينصرف إلى الموكل بشرط ان ينويه أو يوافق اذنه وقال الشافعي إذا نواه لم يعتبر بالنية ووقع الشراء للوكيل لأنه لم يوافق امره فلغت النية وليس بجيد قال ولو سماه فوجهان أحدهما انه يبطل العقد رأسا لأنه صرح بإضافته إلى الموكل وامتنع ايقاعه عنه فيلغو وهو الذي اخترناه والأظهر عندهم انه يقع عن الوكيل وتلغو تسمية الموكل لان تسمية الموكل غير معتبرة في الشرع فإذا سماه ولم يكن صرف العقد إليه صار كأنه لم يسمه ونحن نمنع وقوعه عن الوكيل لأنه لم يشتر لنفسه هذا كله فيما إذا قال البايع بعت منك فقال المشتري اشتريته لفلان يعني موكله فاما إذا قال البايع بعت من فلان وقال المشتري اشتريته لفلان فظاهر مذهب الشافعية بطلان العقد لأنه لم يجر بينهما مخاطبة ويخالف النكاح حيث يصح من الزوج ووكيل الزوج على هذه الصفة بل لا يجوز الا ذلك وللبيع احكام تتعلق بمجلس العقد كالخيار وغيره وتلك الأحكام انما يمكن الاعتبار فيها بالمتعاقدين فاعتبر جريان المخاطبة بينهما والنكاح سفاوة؟ محضة ونحن لا فرق عندنا بين ان يوجب ويخاطب الوكيل أو يوجب للموكل في البطلان مسألة وكيل المتهب بالقبول يجب ان يسمي موكله والا وقع عنه لجريان الخطاب معه ولا ينصرف بالنية إلى الموكل لان الواهب قد يقصده بالتبرع بعينه؟ وما كل أحد تسمح النفس بالتبرع عليه بخلاف المشتري فان المقصود فيه حصول العوض هكذا قاله بعض الشافعية ولا استبعاد في هذا القول البحث الخامس في التوكيل بالخصومة مسألة الوكيل بالخصومة إما ان يتوكل عن المدعي أو عن المدعى عليه فإن كان وكيلا عن المدعي ملك الدعوى وإقامة البينة أو تعديلها والتحليف وطلب الحكم على الغريم والقضاء عليه وبالجملة كل ما يقع وسيلة إلى الاثبات واما الوكيل عن المدعى عليه فيملك الانكار والطعن على الشهود وإقامة بينة الجرح ومطالبة الحاكم بسماعها وتبيينها والحكم بها وبالجملة عليه السعي في الدفع ما أمكن ولو ادعى المنكر في أثناء حكومة وكيله الاقباض أو الابراء انقلب مدعيا وملك وكيله الدعوى بذلك وإقامة البينة عليه وطلب الحكم بها من الحاكم وملك وكيل المدعي الانكار لذلك والطعن في البينة المشهود عليه مسألة لا يقبل اقرار الوكيل فلو أقر وكيل المدعي بالقبض أو الابراء أو قبول الحوالة أو المصالحة على مال أو بان الحق مؤجل أو ان البينة فسقه أو قد زوروا أو قد أقر وكيل المدعي عليه بالحق المدعي لم يقبل سواء أقر في مجلس الحكم أو غيره عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك وابن أبي ليلى وزفر واحمد لان الاقرار معنى يقطع الخصومة وينافيها فلا يملكه الوكيل فيها كالابراء ولأنه غير وكيل في الاقرار فلا يكون نايبا عنه واخبار الغير عن حق الغير إن كان شهادة سمعت والا فلا والاقرار اخبار وقال أبو حنيفة ومحمد يقبل اقراره إذا كان في مجلس الحكم فيما عدا الحدود والقصاص وقال أبو يوسف يقبل اقراره في مجلس الحكم وغيره لان الاقرار واحد جوابي الدعوى فصح من الوكيل في الخصومة كالانكار والفرق ان الانكار لا يقطع الخصومة ولا يسقط حق الموكل منها بخلاف الاقرار الا ترى انه يصح منه الانكار في الحدود والقصاص ولا يصح منه الاقرار فنحن نقيس على أبي حنيفة على الحدود والقصاص ودعوى النكاح والطلاق والعفو عن القصاص فإنه سلم انه لا يملك الوكيل الاقرار في ذلك كله فنقيس المتنازع عليه ولان الوكيل لا يصالح ولا يبرئ فكذلك الاقرار وكذا ينقص عليه بما إذا أقر في غير مجلس الحكم لا يلزمه فكذا في مجلس الحكم ولان الوكيل لا يملك الانكار على الوجه يمنع الموكل من الاقرار فلو ملك الاقرار لامتنع على الموكل الانكار فافترقا فروع آ لو وكله في الاقرار ففيه خلاف واختار الشيخ جوازه ولا استبعاد فيه ويلزم الموكل ما أقر به فإن كان معلوما لزمه ذلك وإن كان مجهولا لا رجع في تفسيره إلى الموكل دون الوكيل ب لو أقر وكيل المدعي بالقبض أو الابراء لم يلزم اقراره الموكل على ما قلناه لكن ينعزل الوكيل عن الوكالة وكذا وكيل المدعى عليه لو أقر بالحق في ذمة موكله لم يسمع في حقه لكن تبطل وكالته بالانكار لأنه بعد الاقرار ظالم في الخصومة بزعمه وللشافعية وجهان في بطلان وكالته ج هل يشترط في التوكيل بالخصومة بيان ما فيه الخصومة من دم أو مال أو عين أو دين أو أرش جناية أو بذل مال الأقرب عندي عدم الاشتراط بل يصح التعميم وللشافعية وجهان إما لو وكله في خصومة معينة وأبهم لم يصح د الأقرب عدم اشتراط تعيين من يخاصم معه وللشافعية وجهان ه الأقرب ان الوكيل بالخصومة من جهة المدعي لا يقبل منه تعديل بينة المدعى عليه لأنه كالاقرار في كونه قاطعا للخصومة وليس للوكيل قطع الخصومة بالاختيار وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم ان تعديله وحده لا ينزل منزلة اقرار الموكل بعد التهم لكن رده مطلقا بعيد لان التعديل غير مستفاد من الوكالة الا يوجه بأنه بالتعديل مقصر في الوكالة وتارك حق النصح مسألة لو وكله في استيفاء حق له على غيره فجحده من عليه الحق وأمكن ثبوته عليه لم يكن للوكيل مخاصمته ولا محاكمته ولا يثبت الحق عليه لان الاذن انما انصرف إلى الاستيفاء وهذه طرق إليه مغايرة له فلا يملكها وقد يرتضي للقبض من لا يرتضي للخصومة وهو أصح وجهي الشافعية وبه قال أبو يوسف ومحمد ورواه الحسن عن أبي حنيفة لان الأمين قد لا يحسن الخصومة فلا يرتضيه الموكل في القبض لها والثاني نعم لأنه لا يتمكن من الاستيفاء عند انكار من عليه الا بالاثبات فليمكن مما يتوسل به إلى الاستيفاء وبه قال أبو حنيفة إذا عرفت هذا فلا فرق بين ان يكون الموكل باستيفاءه عينا أو دينا فإذا وكله في قبض عين فجحدها من هي في يده لم يكن وكيلا في التثبيت أيضا وهو أحد قولي الشافعية وقال أبو حنيفة إن كان دينا ملك الاثبات وإن كان عينا لم يملكه لأنه وكيل في النقل فلا يملك الاثبات كالوكيل في نقل الزوجة والحق ما قلناه فان القبض في العين كالقبض في الدين فإذا جاز له الخصومة في الدين جاز له في العين بخلاف الزوجة لان ذلك ليس بقبض مسألة إذا وكله في تثبيت حقه على خصمه لم يكن للوكيل القبض وبه قال احمد لان القبض لم
(١٢٨)