خلاف وان تلفت بعد الحول قبل نية التملك فكذلك ان لم نقض بالتملك بمجرد حلول الحول وان قلنا إنه يملك بمضي الحول بغير اختياره أو حال الحول وتملك باختياره ثم تلفت واتلفها ثبت في الذمة مثلها إن كانت من ذوات الأمثال وإن كانت من ذوات القيم ضمن القيمة لأنه تصرف في مال الغير بالتملك أو الاتلاف بغير اذنه ورضاه فكان ضامنا لما رواه حنان قال سأل رجل أبا عبد الله (ع) من اللقطة وانا اسمع قال تعرفها سنة فان وجدت صاحبها والا فأنت أحق بها وقال هي كسبيل مالك وقال خيره إذا جاءك بعد سنة بين اجرها وبين ان تغرمها له إذا كنت اكلتها إذا عرفت هذا فإنه إن كانت العين من ذوات الأمثال وجب رد المثل مع تلفها ان أمكن وان تعذر رد المثل كان عليه قيمته يوم الغرم وإن كانت من ذوات القيم وجب عليه رد قيمتها يوم التملك مسألة إذا تملكها الغني أو الفقير بعد التعريف حولا ثم أتلفها أو تلفت كان عليه بدلها لصاحبها في قول عامة أهل العلم وإن كانت باقية ردها بعينها أو بقيمتها أو مثلها على الخلاف الذي تقدم لما رواه العامة في حديث أبي ابن كعب أنه قال فان جاء صاحبها فادها إليه وامر النبي صلى الله عليه وآله عليا (ع) بغرم الدينار الذي وجده لما جاء صاحبه فوجب ان يكون ضامنا في ذمته من يوم التلف ولولا تقومه لما تمكن المالك من طلبه إذا جاء ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) من وجد شيئا فهو له فليتمتع به حتى يأتيه طالبه فإذا جاء طالبه رده إليه ولان هذا مال من له حرمة فإذا أتلفه بغير اذنه وكان من أهل الضمان في حقه لزمه بدله كما لو اضطر إلى طعام غيره فاكله وقال بعض الشافعية إذا تملكها الملتقط بعد الحول لم يطالب بقيمة ولا بعين سواء كانت باقية أو تالفة وبه قال داود الظاهري لان النبي صلى الله عليه وآله قال للسائل عرفها فان جاء صاحبها والا فشانك بها وروى فهي لك ولم يأمره برد بدلها وهو غلط لان الامر برد البدل قد ثبت بغير هذا الحديث ولا معارضة له في هذا الحديث مسألة: قال أبو إسحاق من الشافعية إذا تملك اللقطة بعد الحول فان جاء صاحبها والا فهي مال الله يؤتيه من يشاء فجعلها من المباحات ولأنه لو مات لم يعزل بدلها من تركته وهو غلط لأنه يستحق صاحبه المطالبة ببدله فدل على أنه يملكه بعوض كالقرض والحديث لو ثبت حمل على جواز التملك واستباحته ولا نسلم انه لا يعزل بدله فان جماعة من الشافية قالوا لا نعرف هذه المسألة ولان سلمناها فإنما كان كذلك لأنه لا يعرف المستحق فالظاهر أنه لا يعرف فلم توقف التركة إذا عرفت هذا فان اللقطة عندنا تملك بالتعريف والاختيار على ما تقدم وقال الحسن والنخعي وأبو مخلد والحرث العكلي ومالك وأبو يوسف لا يجوز للملتقط تملك اللقطة بحال فإذا تلفت بعد الحول أو قبله من غير تعد ولا تفريط لم يضمنها الملتقط وقد بينا جواز تملكها فيضمن حينئذ وقد بينا ان داود وبعض الشافعية ذهب إلى أن الملتقط يملك العين بعد الحول فإذا أتلفها لم يضمنها وعن أحمد رواية بمثل ذلك وقد تقدم بطلانه ولأنها عين يجب ردها لو كانت باقية فيلزمه ضمانها إذا أتلفها كما قبل الحول مسألة لو وجد المالك العين ناقصة فإن كان قبل التملك من غير تفريط من الملتقط اخذها المالك بحالها ولا ضمان على الملتقط لأنها لو تلفت بأسرها لم يكن عليه ضمان فالاجزاء أولي لأنها تابعة للأصل وان نقصت قبل تملكه من غير تفريط ثم تملكها ثم جاء المالك لم يكن له المطالبة بالأرش أيضا لان النقص وقع وهي في ملكه بعد لم ينتقل إلى الملتقط وانما ملكها ناقصة فلم يكن عليه ضمان كما لو تلفت قبله وكذا لو تلفت بعد ان تملكها ناقصة لم يكن عليها ضمان النقص بل يضمن العين ناقصة بالمثل أو القيمة ناقصة ولو نقصت بعد التملك أو بتفريط منه ثم جاء مالكها فان قلنا المالك لا يرجع في العين بل ينتقل حقه إلى المثل أو القيمة لم يكن له اخذها ويرجع إلى بدلها سليمة ولو دفعها الملتقط مع الأرش فان قلنا بوجوب قبولها لو كانت سليمة وجب هنا أيضا وان قلنا للمالك ان يأخذ عين ماله كان له الاخذ هنا مع الأرش لان الكل مضمون على الملتقط لو تلف فكذا البعض وقال بعض الشافعية انه يقنع بها وليس له أرش وليس بجيد ولو أراد الرجوع إلى بدلها وقال الملتقط انا ادفع العين مع الأرش فالأقوى انه يجب على المالك القبول وهو أحد وجهي الشافعية لأن العين الناقصة مع الأرش كغير الناقصة وصار كالغاصب ولهم وجه اخر ان للمالك الرجوع إلى البدل وان أوجبنا عليه اخذ العين السليمة إذا دفعها الملتقط لان ما خرج عن ملكه تغير عما كان وحينئذ هو بالخيار بين البدل والعين الناقصة إما مع الأرش كما ذهبنا إليه واما بدونه كما قاله بعض الشافعية مسألة إذا كانت اللقطة موجودة وكتمها الملتقط ولم يعرفها ثم ظهر المالك كان له أخذها لا غير لأصالة براءة الذمة والملتقط لم تشتغل ذمته الا بعين اللقطة فلا يجب عليه رد ما عداها وقد روى صفوان الجمال عن الصادق (ع) انه سمعه يقول من وجد ضالة فلم يعرفها ثم وجدت عنده فإنها لربها ومثلها من مال الذي كتمها وهو مناسب لقول احمد في الغنيمة ان من غل منها شيئا وجب عليه ردها ومثله والرواية محمولة على الاستحباب أو على أنه قد مضى من الزمان الذي بقيت في يده ما يكون اجرته مساويا لها فيجب عليه أداء ذلك إذا كان مالكها قد طلبها وكتمها عنه مسألة لو وجد اللقطة اثنان فالتقطاها معا دفعة وجب عليهما معا تعريفها حولا والأقرب الاكتفاء بتعريف أحدهما إذا فعل ما يجب في التعريف لأنا قد بينا انه لا يجب على الملتقط مباشرة التعريف بل له ان يعرفها بنفسه وبغيره إذا عرفت هذا فان عرفاها حولا وقلنا إن الملتقط يملك ملكا قهريا ملكاها معا بحلول الحول وليس لأحدهما نقل حقه إلى صاحبه الا بسبب ناقل من هبة أو غيرها كما لو ورثا معا مالا وكما أنه ليس للملتقط نقل حقه إلى غيره وان قلنا لا يملك الملتقط الا باختياره لو اختارا معا تملكها ملكاها ولو اختارا حفظها وعدم تملكها لم يملكها أحدهما وكانت أمانة في أيديهما ولو اختلفا فاختار أحدهما التملك دون الآخر ملك المختار نصفها دون الآخر ولو رأياها معا فبادر أحدهما فأخذها أو رآها أحدهما فاعلم بها الآخر فاخذها فهي للاخذ خاصة لان استحقاق اللقطة بالأخذ لا بالرؤية كالاصطياد والاحتطاب ولو رآها أحدهما فاعلم بها صاحبه وقال له هاتها أو اعطني إياها أو ارفعها إلي فان اخذها المأمور لنفسه فهي له دون الآمر لوجود سبب الملك في حقه دون صاحبه وان اخذها للامر أو لنفسه والامر بني على جواز التوكيل في الاصطياد ونحوه ان سوغنا التوكيل عمل بمقتضى نية الاخذ والا كانت للاخذ خاصة ولو تنازعا في لقطة فادعى كل منهما انه الذي التقطها دون صاحبه وأقام كل منهما بينة فان شهدت إحديهما بالسبق حكم له والا حكم بها للخارج عندنا وللداخل عند الشافعي مسألة لو ضاعت اللقطة عن ملتقطها بغير تفريط منه فلا ضمان عليه لأنها أمانة في يده وكما لو تلفت في يده فأشبهت الوديعة فان التقطها اخر فعرف انها ضاعت من الأول فعليه ردها إليه لأنه قد ثبت له حق التمول وولاية التعريف والحفظ فلا يزول ذلك بالضياع وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ان الثاني أحق بها وليس بجيد ولو لم يعلم الثاني بالحال حتى عرفها حولا ملكها الثاني لان سبب الملك وجد منه من غير عدوان فيثبت الملك فيه كالأول ولا يملك الأول انتزاعها لان الملك مقدم على حق التملك وإذا جاء صاحبها فله اخذها من الثاني وليس له مطالبة الأول لأنه لم يفرط فيها ولو علم الثاني بالأول فردها إليه فامتنع من اخذها وقال عرفها أنت فعرفها ملكها أيضا لان الأول ترك حق اليد وولاية التعريف فسقط وان قال عرفها ويكون ملكها لي ففعل فهو مستنيب له
(٢٦٣)