تعريف السفيه دون الصبي والمجنون الركن الثالث في المال الملقوط اللقطة كل مال ضايع اخذ ولا يد لاحد عليه فإن كان في الحرم لم يجز تملكه عند علمائنا أجمع بل في جواز التقاطها قولان ولا خلاف في الكراهة الشاملة للتحريم والتنزيه وعلى القول بالتحريم أو الكراهة لا يجوز التقاطها للتملك قطعا عندنا بل ليحتفظها لصاحبها دائما ويعرفها حولا ويتصدق بها بعد الحول عن صاحبها وفي الضمان لعلمائنا قولان مع التصدق المشهور ثبوته لأنه دفع مال غيره المعصوم إلى غير مالكه فكان ضامنا له ولما رواه علي بن أبي حمزة عن العبد الصالح موسى الكاظم (ع) قال سألته عن رجل وجد دينارا في الحرم فاخذه قال بئس ما صنع ما كان ينبغي له ان يأخذه قال قلت ابتلى بذلك قال يعرفه قلت فإنه قد عرفه فلم يجد له ناعتا فقال يرجع إلى بلده فيتصدق به على أهل بيت من المسلمين فان جاء طالبه فهو له ضامن فقال بعض علمائنا لا يضمن إذا تصدق بها بعد الحول لأنه امتثل الامر بالصدقة بها فلا ضمان عليه والمشهور الأول إذا عرفت هذا فاعلم أن أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين إلى ما اخترناه من الفرق بين لقطة الحل والحرم فحرم التقاط لقطة الحرم للتملك وانما يجوز التقاطها لحفظها لصاحبها فان التقطها عرفها ابدا حتى يأتي صاحبها وهو أحد قولي الشافعي لقول النبي صلى الله عليه وآله في مكة لا يحل ساقطها الا لمنشد معناه لا يحل لقطة مكة الا لمن يعرفها لأنها خصت بهذا من بين ساير البلدان وفي حديث اخر ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن لقطة الحاج قال أين ذهب يعني يتركها حتى يجدها صاحبها وفي رواية أخرى أنه قال في مكة لا ينفر صيدها ولا يعضد شجرها ولا يختلي خلاها ولا تحل لقطتها الا لمنشد يعني لمعرف وهذا القول يوافق قول علمائنا من وجه ويخالفه من وجه اخر إما وجه الموافقة ففي تحريم تملكها لللاقط واما وجه المخالفة فان أصحابنا جوزوا الصدقة بها بعد تعريفها حولا وفي الضمان حينئذ خلاف ولم يذكر هؤلاء العامة الصدقة والقول الثاني للشافعي انه لا فرق بين لقطة الحرم والحل بل هما سواء في الحكم من التعريف حولا وتملكها بعده وما رواه العامة عن ابن عباس وابن عمر وعايشة وابن المسيب وبه قال مالك وأبو حنيفة واحمد في إحدى الروايتين لعموم الأحاديث ولأنه أحد الحرمين فأشبه المدينة ولأنها أمانة فلم يختلف حكمها بالحل والحرم كالوديعة والعمومات قد تخصص بالأدلة وقد بيناه والحرمة في حرم مكة أعظم منه في حرم المدينة ولهذا حرم فيه أشياء هي مباحه في المدينة وجاز ان يختلف الأمانة باختلاف المحل فلا يتم القياس مسألة لقطة غير الحرم إن كانت قليلة جاز تملكها في الحال ولا يجب تعريفها ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في إباحة اخذ القليل والانتفاع به من غير تعريف ورواه العامة عن علي (ع) وعن عمر وابن عمر وعايشة وبه قال عطا وجابر وزيد وطاوس والنخعي ويحيى بن أبي كثير ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد بن حنبل وان اختلفوا في قدر القليل والأصل فيه ما روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله انه لم ينكر على واجد التمرة حيث اكلها بل قال له لو لم تأتها لاتتك ورووا عنه صلى الله عليه وآله انه رأى تمرة فقال له لولا انني اخشى ان تكوني من تمر الصدقة لأكلتك وعن جابر قال رخص رسول الله صلى الله عليه وآله في العصا والسوط والحبل وأشباهه فليلقطه الرجل يستنفع به وعن عايشة انها قالت لا بأس بما دون الدرهم ان يستنفع به وعن سعد بن زيد بن عقلة قال خرجت مع سعد وزيد بن صوحان حتى إذا كنا بالتغلب التقطت سوطا فقال لي القه فلما قدمنا المدينة أتيت أبي بن كعب فذكرت ذلك له فقال أصبت ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن أبي حمزة عن بعض أصحابنا عن الصادق (ع) قال سألته عن اللقطة قال تعرف سنة قليلا كان أو كثيرا قال وما كان دون الدرهم فلا يعرف مسألة وقد اختلف في حد القليل الذي لا يجب تعريفه فالذي عليه علمائنا انه ما نقص عن الدرهم فهذا لا يجب تعريفه ويجوز تملكه في الحال عند علمائنا أجمع وما زاد على ذلك يجب تعريفه حولا لحديث محمد بن أبي حمزة وفي الحسن عن حريز عن الصادق (ع) قال لا بأس بلقط العصا والشظاظ والوتد والحبل والعقال وأشباهه وقال قال الباقر (ع) ليس لهذا طالب وفي الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى الكاظم (ع) قال سألته عن الرجال يصيب درهما أو ثوبا أو دابة كيف يصنع قال يعرفها سنة فإن لم يعرف حفظها في عرض ماله حتى يجئ طالبها فيعطيها إياه وان مات اوصى بها وهو لها ضامن وقال الشافعي حد القليل لا تتبعه النفس؟ ولا تطلبه فهذا يجوز الانتفاع به من غير تعريف وهذا غلط لأنه غير مضبوط ولا مقدر بقدر ولا يجوز التحديد به وهو مضطرب مختلف باختلاف النفوس شرفا وضعة وغناء وفقرا أو مثل ذلك لا يجوز من الشارع ان يجعلها مناطا للأحكام وقال مالك وأبو حنيفة لا يجب تعريف ما لا يقطع به السارق وان اختلفا في القدر الذي يقطع به السارق فعند مالك ربع دينار فما نقص عنه لا يجب تعريفه وعند أبي حنيفة عشرة دراهم فما نقص عنه لا يجب تعريفه لان ما دون ذلك تافه فلا يجب تعريفه كالتمرة واللقمة وقد قالت عايشة كانوا لا يقطعون في الشئ التافه وروى العامة عن علي (ع) انه وجد دينارا فتصرف فيه وهو عندنا ضعيف ويحمل على غير اللقطة ورووا عن سلمى بنت كعب قالت وجدت خاتما من ذهب في طريق مكة فسألت عايشة عنه قالت تمتعي به وليس قول عايشة بحجة البتة والتحديد بما يجب فيه القطع مناف للأصل وهو عصمة مال الغبر وقد ثبت تحريم مال المسلم وان حرمته كحرمة دمه صرنا إلى ما نقص عن الدرهم للاجماع فيبقى الباقي على الأصل فروع أ لو تملك ما دون الدرهم ثم وجد صاحبه فالأقرب وجوب دفعه إليه لأصالة بقاء ملك صاحبه عليه وتجويز التصرف للملتقط لا ينافي وجوب رده عليه ب الأقرب وجوب دفع العين مع وجود صاحبه ويحتمل القيمة مطلقا كالكثير إذا تملكه بعد التعريف والقيمة ان نوى التمليك والا فالعين وهو أقرب ج لو تلف بتفريطه ثم وجد صاحبه فالأقرب وجوب الضمان مع احتمال عدمه د الأقرب انه فرق بين لقطة الحرم والحل فيما دون الدرهم كما في الزايد عليه لحرمة الحرم الشاملة للقليل والكثير مسألة إذا بلغت اللقطة درهما فما زاد وجب فيها التعريف فلا يجوز تملكها في الحال فان نواه لم يملك وضمن لان بعض أصحابنا سأل الصادق (ع) عن اللقطة قال تعرف سنة قليلا كان أو كثيرا قال وما كان دون الدرهم فلا يعرف فلزم من هذا وجوب تعريف الدرهم وعن محمد بم قيس عن الباقر (ع) قال قضى علي عليه السلام في رجل وجد ورقا في خربة ان يعرفها فان وجد من يعرفها والا تمتع بها وعن داود بن سرحان عن الصادق عليه السلام أنه قال في اللقطة يعرفها سنة ثم هي كسائر ماله إذا عرفت هذا فان وجوب التعريف حولا انما هو في الأموال التي يمكن بقاؤها ولا يسرع الفساد إليها إما بمعالجة كالرطب المفتقر إلى العلاج بالتشميس والكيس حتى يصير تمرا أو بغير معالجة كالذهب والفضة والثياب وغيرها واما ما لا بقاء له كالهريسة والبطيخ وشبههما فإنه يجوز تناوله بعد التقويم على نفسه ويضمنه للمالك مسألة يكره التقاط ما يكثر فايدته وتقل قيمته كالنعلين والإداوة والسوط وأشباه ذلك لان عبد الرحمن بن أبي عبد الله سأل الصادق (ع) عن النعلين والإداوة والسوط يجده الرجل في الطريق أينتفع به قال لا يمسه ولان الاكتساب في ذلك منتف وربما تضرر مالكه بضياعه عنه وقول الصادق (ع) لا بأس بلقطة العصا والشظاظ والوتد والحبل والعقال وأشباهه لا ينافي ما قلناه لحقارة هذه الأشياء فلا يطلبها المالك ولهذا روى في تتمة الخبر عن أبيه الباقر (ع) قال قال أبو جعفر (ع) ليس لهذا طالب فدل ذلك على البناء على العادة في الاعراض عن هذه الأشياء فيكون في هذه في الحقيقة إباحة من المالك
(٢٥٦)