وبترك الاستقصاء وتولي الطرفين في حق الولد معهود على الجملة بخلاف ما لو باع من نفسه ولان التهمة قد انتفت والقابل غير الموجب وقال بعضهم لا يجوز كما لو اذن في بيعه من نفسه ويجرى الوجهان للشافعية فيما لو وكله بالهبة واذن له ان يهب من نفسه وبتزويج ابنته واذن له في تزويجها من نفسه والنكاح أولي بالمنع عندهم لانهم رووا انه لا نكاح الا بأربعة خاطب وولي وشاهدين ه لو وكل مستحق الدين المديون باستيفائه من نفسه أو وكل مستحق القصاص الجاني باستيفائه من نفسه أما في النفس أو الطرف أو وكل الامام السارق ليقطع يده جاز وللشافعية وجهان إما لو وكله الامام في جلد نفسه فالأقرب المنع لأنه متهم بترك الايلام بخلاف القطع إذ لا مدخل للتهمة فيه وظاهر مذهب الشافعية المنع في الجميع مسألة لو وكله المتداعيان ان يخاصم من الجانبين فيدعي عن أحدهما وينكر عن الأخر الأقرب الجواز لأنه يتمكن من إقامة البينة للمدعي ثم من إقامة البينة الرافعة للمدعى عليه وعدالته وأمانته يمنعه من الميل عن أحد الجانبين وهو أضعف وجهي الشافعية وأصحهما عندهم المنع لما فيه من اختلال غرض كل واحد منهما فإنه يحتاج إلى التعديل من جانب والى الجرح من جانب وعلى هذا ما إليه الخيرة يخاصم لأيهما شاء ولا منافاة لما بيناه من اقتضاء عدالته وأمانته عدم الميل بغير الحق وهو مكلف باعتماد الصحيح حتى لو طلب الموكل منه الخروج عنه لم يجز له موافقته عليه ولو توكل رجل في طرفي النكاح أو البيع جاز عندنا وعند الشافعية وجهان ومنهم من قطع بالمنع ولو وكل عليه من الدين بابراء نفسه جاز عندنا وللشافعية طريقان أحدهما التخريج على الوجهين والثاني القطع بالجواز وهما مبنيان على أنه هل يحتاج إلى القبول ان قلنا نعم جرى الوجهان وان قلنا لا قطعنا بالجواز كما لو وكل من عليه القصاص بالعفو والعبد باعتاق نفسه والوكيل بالشراء بمنزلة الوكيل بالبيع في أنه لا يشتري من نفسه ولا مال ابنه الصغير على الخلاف السابق وفي تخريج شرائه من ابنه البالغ على الوجهين في ساير الصور مسألة كل ما جاز التوكيل فيه جاز استيفاؤه في حضرة الموكل وغيبته عند علمائنا وبه قال مالك واحمد في إحدى الروايتين لان ما جاز استيفاؤه في حضرة الموكل جاز في غيبته كالحدود وسائر الحقوق وقال أبو حنيفة وبعض الشافعية لا يجوز استيفاء القصاص وحد القذف في غيبة الموكل وهو الرواية الأخرى عن أحمد لاحتمال ان يعفو وهو بعيد والظاهر أنه لو عفى لا علم الوكيل والأصل عدمه وقد كان قضاة رسول الله صلى الله عليه وآله يحكمون في البلاد ويقيمون الحدود التي تدرء بالشبهات مع احتمال الفسخ وكذا لا يحتاط في استيفاء الحدود باحضار الشهود مع احتمال رجوعهم عن الشهادة أو بغير اجتهاد الحاكم مسألة إذا وكل عبده في اعتاق نفسه أو امرأته في طلاق نفسها صح ولو وكل العبد في اعتاق عبيده أو المراة في طلاق نسائه لم يدخل العبد ولا المراة في ذلك على اشكال لان ذلك ينصرف باطلاقه إلى التصرف في غيره ويحتمل ان يملكا ذلك عملا بعموم اللفظ كما يجوز للوكيل في البيع البيع من نفسه على ما اخترناه وكذا لو وكل غريمه في ابراء غرمائه بخلاف ما إذا وكله في حبسهم أو في خصومتهم لم يملك حبس نفسه ولا خصومتها عملا بالظاهر ولو وكل رجلا في تزويج امرأة ولم يعين فالأقرب ان له ان يزوجه ابنته وبه قال أبو يوسف ومحمد ولو أذنت له في تزويجها فالأقرب انه ليس له ان يزوجها من نفسه بل لولده ووالده وفيه لبعض العامة وجهان ولو وكله في شراء عبد جاز ان يشتري نفسه من مولاه والحكم في الحاكم وأمينه والوصي كالحكم في الوكيل في بيع أحد هؤلاء لوكيله أو لولده الصغير أو طفل يلي عليه أو لوكيله أو لعبده المأذون وقد سبق الخلاف في ذلك كله مسألة لو وكل عبدا بشراء نفسه من سيده أو يشتري منه عبدا اخر ففعل صح عندنا وبه قال أبو حنيفة واحمد وبعض الشافعية لأنه يجوز ان يشتري عبدا من غير مولاه فجاز ان يشتريه من هؤلاء كالأجنبي وإذا جاز ان يشتري غيره من مولاه جاز ان يشتري نفسه كالمراة لما جاز توكيلها في طلاق غيرها جاز توكيلها في طلاق نفسها ولأنه قابل للنقل وقابل للاستنابة فيه فلا مانع مع وجود المقتضي وقال بعض الشافعية لا يجوز لان يد العبد كيد سيده فأشبه ما لو وكله في الشراء من نفسه ولهذا يحكم للانسان بما في يد عبده وهو باطل لان أكثر ما يعذر فيه جعل توكيل العبد كتوكيل سيده وقد ذكرنا صحة ذلك فان السيد يصح توكيله في الشراء والبيع من نفسه وهنا أولي فعلى هذا لو قال العبد اشتريت نفسي لزيد وصدقه سيده وزيد صح ولزم الثمن ولو قال السيد ما اشتريت نفسك الا لنفسك فان جوزناه عتق العبد بقوله واقراره على نفسه ويلزم العبد الثمن لسيده ولان زيدا لا يلزمه الثمن لعدم حصول العبد له وكون سيده لا يدعيه عليه فلزم العبد لأن الظاهر من يباشر العقد انه له وان صدقه السيد وكذبه زيد نظر في تكذيبه فان كذبه في الوكالة حلف وبرئ وللسيد فسخ البيع واسترجاع عبده لتعذر ثمنه وان صدقه في الوكالة وكذبه في انك ما اشتريت نفسك لي فالقول قول العبد لان الوكيل يقبل قوله في التصرف المأذون فيه مسألة لو وكله في اخراج صدقته على المساكين وهو منهم أو اوصى إليه بتفريق ثلاثة عليهم أو دفع إليه مالا وأمره بتفريقه على من يريد أو يدفعه إلى من شاء ففي جواز الاخذ منه روايتان تقدمتا وقال احمد لا يجوز لأنه امره بتنفيذه وأصحابنا قالوا إذا اخذ شيئا فلا يفضل نفسه بل يأخذ مثل ما يعطي غيره وهل هذا على سبيل الوجوب أو الاستحباب نظر وهل له الاختصاص إذا سوغ له تخصيص واحد به اشكال وله ان يعطي ولده وأباه وامرأته ومن يلزمه نفقته مع الاستحقاق وعن أحمد روايتان مسألة إذا وكله في البيع مؤجلا فان قدر الاجل صح التوكيل وان اطلق فالأقرب الجواز ويرجع في ذلك إلى مصلحة الموكل والمتعارف إن كان فيه عرف وللشافعية وجهان أحدهما انه لا يصح التوكيل مع الاطلاق لاختلاف الأغراض بتفاوت الآجال طولا وقصرا وأصحهما عندهم الصحة وعلى ماذا يحمل فيه ثلاثة أوجه أحدها انه ينظر في المتعارف في مثله فإن لم يكن فيه عرف راعى الوكيل الأنفع للموكل والثاني له التأجيل إلى أية مدة شاء عملا باطلاق اللفظ والثالث يؤجل إلى سنة ولا يزيد عليها لان الديون المؤجلة يتقدر بها كالجزية والدية البحث الثاني فيما يملك الوكيل بالبيع مسألة إذا وكله في البيع مطلقا لم يملك الوكيل قبض الثمن الا إذا دلت القرينة عليه كما لو امره بالبيع في سوق بعيد من بلد اخر فضيع الثمن بترك قبضه أو لا يتمكن الموكل من قبض الثمن أو يقول له بعه على من كان من الغرماء ولا تصاحبه ففي مثل ذلك يكون مأذونا له في القبض فان دفع السلعة إلى المشتري ولم يقبض كان ضامنا لان ظاهر حال الموكل انه انما امره بالبيع لتحصيل ثمنه ولا يرضى بتضييعه ولهذا يعد من فعل ذلك مضيعا مفرطا وان لم تدل القرينة عليه فان دلت على المنع لم يجز له القبض اجماعا وان لم تكن هناك قرينة تدل على أحدهما لم يملك القبض أيضا لان الوكالة بالبيع مغايرة للوكالة بالقبض واحدهما غير الأخر وغير دال عليه بإحدى الدلالات الثلاث فيكون القبض غير مأذون فيه والموكل انما اذن بالبيع وقبض الثمن امرؤ راء البيع وليس كل من يرتضي للبيع يرتضى لقبض الثمن فقد لا يأتمنه عليه وأصحهما عند الشافعية انه يملكه لأنه من توابع البيع مقتضياته فالاذن في البيع اذن فيه وان لم يصرح به مسألة إذا وكله في البيع فقد قلنا إنه لا يملك قبض الثمن لكن يملك تسليم المبيع إلى المشتري إن كان في يده وهو قول أكثر الشافعية لان البيع يقتضى إزالة الملك فيجب التسليم ولان تسليم المبيع إلى المشتري من تمامه وحقوقه وقال بعضهم فيه وجهان هما الوجهان في أنه هل يملك قبض الثمن فإنهما جاريان في أنه هل يملك تسليم المبيع واتفقوا على أن الوكيل بعقد الصرف يملك القبض والاقباض لأنه شرط صحة العقد وكذا في السلم يقبض وكيل المسلم إليه رأس المال ووكيل المسلم يقبضه إياه لا محالة عندهم وعندي في ذلك كله نظر والوجه انه لا يملك القبض بحال مسألة إذا وكله في البيع لم يملك
(١٢٢)