على الدار الأقرب ذلك ولو سقط الطاير في داره لم يلزمه حفظه ولو عرف مالكه لم يلزمه اعلامه به لأنه محفوظ بنفسه ولو دخل برجه فاغلق عليه بابه ناويا امساكه لنفسه ضمنه لأنه أمسك مال غيره لنفسه فهو كالغاصب والا فلا ضمان عليه لان له التصرف في برجه كيف شاء بالفتح والغلق فلا يضمن مال غيره بتلفه ضمنا بسبب تصرفه في ملكه الذي لم يتعد فيه مسألة لو حبس المالك عن ماشيته ومنعه عن حفظها فتلفت ففي الضمان اشكال ينشأ من أن مثل هذه سبب في التلف ومن انه لم يتصرف في المال وانما تصرف في المالك وقال بعض الشافعية لا ضمان وقال آخرون منهم بنفي الضمان فيما إذا لم يقصد منع المالك عن الماشية وانما قصد الحبس فافضى الامر إلى هلاكها وبالجملة فالوجهان جاريان فيما إذا فتح الزق عن الجامد فذاب ما فيه بشروق الشمس وضاع اتيان هنا ولو كان له زروع ونخيل وأراد سوق الماء إليها فمنعه ظالم من السقي حتى فسدت ففي الضمان قولان مسألة لو نقل صبيا حرا إلى مضيعة فاتفق سبع فافترسه فلا ضمان عليه إحالة للهلاك على اختيار الحيوان ومباشرته ولم يقصد الناقل بالنقل ذلك وفيه اشكال إما لو نقل إلى مسبعة فافترسه سبع وجب الضمان وبه قال أبو حنيفة لأنه قصد الاتلاف بالنقل وللشافعية وجهان أشهرهما انه لا ضمان واما لو كان المنقول عبدا صغيرا أو حيوانا مملوكا للغير فإنه يضمنه سواء نقله إلى المضيعة أو المسبعة أو إلى غيرهما لأنه تصرف في مال الغير بغير اذنه فكان ضامنا مسألة لو كان الحمال قد حمل جدعا وشبهه فاستراح إلى جدار وأسنده به فوقع على شئ فاتلفه فان الجدار ملك الغير وأسنده إليه بغير امره ضمن الجدار وما سقط عليه وإن كان الجدار له وسقط في حال وضعه ضمن ما سقط عليه في الحال وان سقط بعد ذلك فإن كان بضعف حصل له باسناده الجذع إليه ضمن أيضا وان لم يكن كذلك لم يضمن الا ان يكون قد فرط في الحايط وترك عمارته فيضمن كما يضمن في غيره ولو كان الساقط هو الجذع ضمن إن كان في محل عدوان أو فرط في ترك الاحتياط في الوضع والا فلا ولو فتح باب دار انسان أو هدم حايطه فدخل داخل واخذ ماله لم يضمن الهادم مسألة إذا اكلت بهيمة رجل حشيشا لقوم فإن كانت يد صاحبها عليها بان يكون معها ضمن الحشيش وان لم يكن معها ضمن إن كان ليلا وإن كان نهارا لم يضمن وذلك لان على صاحب الدابة حفظ دابته ليلا فإذا لم يحفظ ضمن ما تجنيه وعلى صاحب الزرع حفظه نهارا وبه قال الشافعي ولو استعار من رجل بهيمة فأتلفت شيئا وهي في يد المستعير فضمانه على المستعير سواء أتلفت شيئا لمالكها أو لغير مالكها لان ضمانه يجب باليد واليد للمستعير فإن كان قد باع الدابة بحشيش فأكلته فإن كان ذلك قبل قبضه بان كانت الدابة في يد البايع فقد استقر العقد لان تلفه من ضمانه فكان أتلفه بنفسه وتكون الشاة للمشتري ولا شئ للبايع وان لم تكن يد البايع عليها ويد المشتري عليها فقد انفسخ العقد لان الثمن تلف قبل قبضه بغير جهة البايع ويرد المشتري الشاة ولا شئ له وان اكلت غير الثمن فإن كانت في يد المشتري فلا ضمان وإن كانت في يد البايع ضمن ما أتلفت إن كانت ملكا للمشتري لان اتلافها في يده بمنزلة اتلافه وهذا كما لو كانت رهنا فأتلفت شيئا للراهن ضمنه المرتهن وإن كانت البهيمة في يد الراعي فأتلفت زرعا فالضمان على الراعي دون صاحبها لان اتلافها للزرع في النهار لا يضمن الا بثبوت اليد عليها واليد للراعي دون المالك فكان الضمان عليه وإن كان الزرع للمالك فإن كان ليلا ضمن أيضا لان ضمان اليد أقوى بدليل انه يضمن به في الليل والنهار جميعا وإن كان البايع قبض الحشيش فأكلته الشاة فإن كانت في يده فلا ضمان وإن كانت في يد المشتري ضمنه وكان البيع بحاله مسألة إذا اوقد في ملكه أو في الموات نار فطارت شرارة إلى دار جاره فأحرقتها فإن لم يتجاوز قدر الحاجة والهواء ساكن بل فعل ما جرت به العادة من غير تفريط لم يضمن لعدم تعديه ولأنها سراية فعل مباح فلم يضمن كسراية القود بخلاف من حل زقا فاندفق ما فيه لتعديه بحله ولان الغالب خروج المايع من الزق المفتوح وليس الغالب سرايته هذا الفعل المعتاد إلى تلف مال غيره فإن كان قد فرط في ذلك بان أجج نارا كثيرة تسري في العادة لكثرتها أو كانت الريح شديدة تحملها أو اوقد في ملك غيره ضمن وان سرت النار إلى غير الدار التي اوقد فيها ظلما ضمن لأنه متعد في ذلك فضمن سرايتها كما لو جرحه عدوانا فسرى الجرح إلى النفس فإنه يضمن القتيل ولو ارسل في ملكه ماء فدخل في ملك غيره فإن كان مفرطا بان كان الماء غالبا كثيرا ولم يكن بينه وبين ملك غيره حاجز فارسله ضمن ما أفسد لتعديه فإن كان ماء قليلا وبين ملكه وملك غيره حاجز فدخل في ملك غيره من موضع حفر خفي لم يضمن ولو كان لجاره شجرة فأوقد في ملكه نارا فجفت أغصان تلك الشجرة ضمنها لان ذلك لا يكون إلا من نار كثيرة الا أن تكون الأغصان في هوائه فلا يضمنها لان دخولها عليه غير مستحق فلا يمنع من التصرف في داره لحرمتها مسألة زوايد المغصوب مثل السمن وتعلم الصنعة وغيرها من الصفات ومثل ثمرة الشجرة والبيض وولد الحيوان من الأعيان في يد الغاصب مضمونة ضمان الغصب كالأصل سواء طالبه المالك بالرد أو لم يطالبه متى تلفت في يد الغاصب ضمنها سواء تلفت منفردة أو مع الأصل وبه قال الشافعي واحمد لأنها مال المغصوب منه حصل في يده بالغصب فضمنه بالتلف والاتلاف معا كالأصل ولان غصب الام يتضمن منع حصول الولد في يد المالك فأشبه إزالة يده عنه كما أن من غر بحرية أمة وأحبلها كان الولد حرا وضمن قيمته لأنه باعتقاده حرية الام منع دخول الولد في ملكه فجعل كاتلاف ملكه ولان اليد العادية مضمونة كالاتلاف ثم الاتلاف قد يكون مباشرة وقد يكون على سبيل التسبيب وكذا اليد واثبات اليد على الأصول تسبيب إلى اثبات اليد على الأولاد فليتعلق به الضمان وقال أبو حنيفة ومالك انه لا يضمنها وهي أمانة تضمن بما تضمن به ساير الأمانات خاصة الا ان يطالبه بها فيمتنع من أدائها فيضمن كما في الأمانات لان اثبات يده على هذه الزوايد ليس من فعله المحرم لأنه يبتنى على وجود الزوايد في يده ووجودها ليس بفعل محرم منه وهو غلط لأنه بامساك الام تسبب؟ إلى اثبات على هذه الزوايد واثبات يده على الام محرم ولان ذلك يتوقع فيقصد وقد ذهب بعضهم إلى أنه إذا غصب هادي القطيع فتبعه القطيع أو غصب البقرة فتبعها العجل ضمن القطيع والعجل معا وكذا يضمن حمل الأمة المتباعة بالبيع الفاسد المقبوضة على وجه السوم لان يده على الام والولد معا ويضمن أيضا المنافع المستوفاة بالإجارة الفاسدة بأجرة المثل والمقبوض بالعقد الفاسد المقبوض على جهة السوم البحث الثالث في اثبات اليد مسألة اثبات اليد العادية على مال الغير مباشرة كان يغصب الشئ ويأخذه من يد مالكه ويستولي عليه وتسبيبا ما في الأولاد وساير الزوايد من أسباب الضمان ولو كانت يد أمانة ثم جحدها فهو من وقت الجحود غاصب ولا شك في تحقق الغصب مع الاستيلاء ودفع يد المالك واثبات يده وهل يتحقق مع اثبات اليد عدوانا من غير أن ترفع يد المالك عن العين فأصحاب الشافعية على ذلك لان المستودع إذا جحد الوديعة فهو من وقت الجحود غاصب ولأنه لو طولب الغاصب بولد الغصب فامتنع كان غاصبا وان لم تزل يد المالك ومنعه آخرون وقالوا انه لا غصب في الصورتين لكنه يضمن ضمان الغصب لتقصيره في الأمانة بالجحود والامتناع ولا شك انه لا يكفي في الغصب ودفع يد المالك ما لم يثبت الغاصب يده فلو منع غيره من امساك دابة المرسلة حتى تلفت لم يكن غاصبا وهل يضمن قال بعض علمائنا لا يضمن وفيه اشكال وكذا الاشكال لو منعه من القعود على بساطه حتى ألقته الريح في البحر إما لو منعه من بيع متاعه حتى نقصت قيمته السوقية فإنه لا يضمن النقص لوجود العين إما لو تلفت العين فكذلك ان لم يمنعه من حفظها ولو منعه من حفظها فالاشكال مسألة المغصوب إن كان من الأعيان المنقولة تحقق بالنقل وهل يتحقق باثبات اليد من غير نقل الأقرب عندي ذلك فلو ركب دابة الغير وهي واقفة ولم ينتقل عن مكانها أو جلس على
(٣٧٦)