وهو قسمان صلح معاوضة وهو الجاري على ما يغاير الدين المدعى كما لو صالحه على الدين الذي له عليه بعبد أو ثوب أو شبهه وهو صحيح عندنا مطلقا سواء وقع الصلح على بعض أموال الربا الموافق في العلة أو المخالف أو على غيره ولا يشترط التقابض في المجلس ولا يشترط تعيينه في عقد الصلح على أصح الوجهين عندهم وان لم يكن العوضان كذلك فإن كان العوض عينا صح الصلح ولا يشترط قبضه في المجلس في أصح الوجهين عندهم لكن يشترط التعيين في المجلس ولا يشترط القبض بعد التعيين في أصح الوجهين وكل ذلك آت في بيع الدين ممن عليه الدين القسم الثاني صلح الحطيطة وهو الجاري على بعض الدين المدعى وهو ابراء عن بعض الدين ثم لا يخلو إما ان يأتي بلفظ الابراء أو ما يشبهه مثل أن يقول أبرأتك عن خمسمائة من الألف الذي لي عليك وصالحتك على الباقي فإنه يصح قطعا ويكون ابراء وتبرء ذمة المديون عما ابراءه منه وهل يشترط القبول الأقرب عندي عدم الاشتراط وهو أظهر وجهي الشافعية ولهم وجه اخر بعيد مطرد في كل ابراء ولا يشترط قبض الباقي في المجلس واما ان لا يأتي بلفظ الابراء ويقتصر على لفظ الصلح فيقول صالحتك عن الألف التي لي في ذمتك على خمس مائة صح عندنا أيضا وللشافعية وجهان كما تقدم في صلح الحطيطة في العين والأصح عندهم الصحة وهل يشترط القبول اشكال ينشأ من كونه عقدا مستقلا ومن كونه في معنى الابراء وللشافعية وجهان كالوجهين فيما إذا قال لمن له عليه الدين وهبته منك والأظهر عندهم الاشتراط لاقتضاء وضع اللفظ ذلك ولو صالح منه على خمس مائة معينة فللشافعية الوجهان واختار الجويني هنا الفساد لان تعين الخمس مائة يقتضى كونها عوضا وكون العقد معاوضة فيصير كأنه قد باع الألف بنصفها وهو ربا وهو ممنوع لان الصلح على البعض المعين ابراء للبعض واستيفاء للباقي ولا يصح هذا الضرب بلفظ البيع كما في نظيره من الصلح على العين لأنه ربا محقق مسألة يصح الصلح على الأعيان المماثلة جنسا ووصفا سواء كانت ربوية أو لا وسواء تفاوتت في المقدار والحلول أو التأجيل أو لا عندنا لما تقدم من كون الصلح عقدا مستقلا بنفسه ليس يجب ان يتبعه لواحق البيع فلو كان له الف مؤجلة على غيره فصالحه منها على الف حال أو بالعكس صح لما مهدناه من القاعدة وقالت الشافعية لو صالح عن الف حال على الف مؤجل أو من الف مؤجل على الف حال كان لغوا لان الأول وعد من صاحب الدين بالحاق الاجل والثاني وعد من المديون باسقاط الاجل والأجل لا يلحق ولا يسقط وهو ممنوع لأنه مبني على عدم استقلال عقد الصلح بنفسه إما لو عجل المديون الدين المؤجل ودفعه إلى صاحبه لم يجب على المالك القبول فان قبل ورضى بالدفع سقط الاجل اجماعا لحصول الايفاء والاستيفاء وكذا البحث في الصحيحة والمكسرة ولو صالح عن الف مؤجل على خمس مائة حالة صح عندنا عملا بالأصل وبما رواه أبان بن عثمان عن من حدثه عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يكون له على الرجل الدين فيقول له قبل ان يحل الاجل عجل لي النصف من حقي على أن أضع منك النصف أيحل ذلك لواحد منهما قال نعم وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن الباقر (ع) وعن الحلبي عن الصادق (ع) انهما قالا في الرجل يكون عليه الدين إلى أجل مسمى فيأتيه غريمه فيقول انقدني من الذي لي عليك أو أضع عنك بقيته أو يقول انقدني بعضا وأمد لك في الاجل فيما بقي قال لا ارى به بأسا ما لم يزد على رأس ماله شيئا يقول الله ولكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وقال الشافعي لا يصح الصلح عن الف مؤجل بخمس مائة حالة لأنه نزل عن بعض المقدار لتحصيل الحلول في الباقي والصفة بانفرادها لا تقابل بالعوض ثم صفة الحلول لا تلتحق بالمال المؤجل فإذا لم يحصل ما نزل عن القدر لتحصيله لم يصح النزول ونحن نمنع ذلك لعدم اتحاد المالين بالشخص ونمنع عدم التحاق صفة الحلول بالمال المؤجل في صورة النزاع لان الصلح عقد اثره ذلك فروع أ لو صالحه عن الف حال بالفين مؤجلة أو عن الف مؤجلة إلى سنة بالفين مؤجلة إلى سنتين لم يجز عملا بحديث الباقر والصادق عليهما السلام وقد سبق ب لو صالح عن الف حال على خمسمائة مؤجلة جاز لأنه يتضمن الابراء ولزم الصلح والأجل عملا بالشرط وقالت الشافعية ان هذا الصلح ليس فيه سابقة المعاوضة وانما هو مسامحة من وجهين حط بعض القدر وهو سايغ فيبرأ عن خمسمائة ووعد بالأجل وهو غير لازم فله ان يطالبه بالباقي الحال وقد بينا فساده ج لو صالحه عن الدراهم بالدنانير أو بالدراهم لم يكن ذلك صرفا عندنا فلا يشترط فيه ما يشترط في الصرف خلافا للشافعي البحث الثاني في الأركان مسألة أركان الصلح أربعة المتصالحان والمصالح عليه والمصالح عنه إما المتصالحان فيشترط فيهما الكمالية بان يكون كل واحد منهما بالغا عاقلا رشيدا جايز التصرف فيما وقع الصلح عليه اجماعا واما المصالح عليه والمصالح عنه فيشترط فيهما التملك فلو تصالحا على خمر أو خنزير أو استرقاق حر أو استباحة بضع لم يقع ولم يفد العقد شيئا بل يقع باطلا بلا خلاف وكذا يبطل لو صالحه على مال غيره لعدم الملكية بالنسبة إليهما مسألة لا يشترط العلم بما يقع الصلح عنه لا قدرا ولا جنسا بل يصح الصلح سواء علما قدر ما تنازعا عليه وجنسه أو جهلاه دينا كان أو عينا وسواء كان أرشا أو غيره عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة واحمد لعموم قوله تعالى والصلح خير وعموم قوله عليه السلام الصلح جايز بين المسلمين الا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا ولان النبي صلى الله عليه وآله قال في رجلين اختصما في مواريث درست بينهما وتوخيا وليحلل أحدكما صاحبه رواه العامة ومن طريق الخاصة ما رواه حفص بن البختري في الحسن عن الصادق (ع) قال الصلح جايز بين الناس وقول الباقر والصادق عليهما السلام في رجلين كان لكل واحد منهما طعام عند صاحبه لا يدري كل واحد منهما كم له عند صاحبه فقال كل منهما لصاحبه لك ما عندك ولي ما عندي لا بأس بذلك إذا تراضيا وقد تقدم ولان من عليه حق يجهل قدره هو ومالكه ويريد ابراء ذمته والخلاص من ذلك الحق الذي هو أمر مطلوب للعقلاء وجب ان يكون له طريق إلى ذلك ولا طريق الا الصلح فوجب ان يكون سايغا والا لزم الحرج والضيق في الاحكام وهو منفي شرعا ولان الصلح اسقاط فيصح في المجهول كالطلاق ولأنه إذا صح الصلح مع العلم وامكان أداء الحق بعينه فلئن يصح مع الجهل أولي ولأنه إذا كان معلوما فلهما طريق إلى التخلص وبراءة ذمة أحدهما دون صاحبه بدون الصلح ومع الجهل لا يمكن ذلك فلو لم يجز الصلح افضى إلى ضياع المال على تقدير ان يكون بينهما مال لا يعرف كل واحد منهما قدر حقه وقال الشافعي لا يصح الصلح عن المجهول فلو ادعى مالا مجهولا فاقر المدعى عليه به وصالحه عليه لم يصح الصلح لان ذلك نوع معاوضة ولهذا يثبت في الشقص الشفعة فيه فلم يصح في المجهول كالبيع ولان المصالح عليه يجب ان يكون معلوما فكذا المصالح عنه قياسا وهو ممنوع مسألة يشترط في صحة الصلح الرضي من المتصالحين فلا يقع مع الاكراه عند علمائنا كافة كغيره من العقود لقوله تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا أن تكون تجارة عن تراض منكم ومن صور الاكراه ما لو كان على غيره حق مالي فأنكره المديون ظاهرا فصالحه على بعضه أو على غيره توصلا إلى اخذ بعض حقه لم يصح الصلح ولم يتم أبرأ ذمة المديون من الحق الذي عليه سواء عرف المالك قدر حقه أو لا وسواء ابتداء المالك بطلب الصلح عن حقه المعلوم أو المجهول أو لا ولا يفيد مثل هذا الصلح ملكا للاخر الا ان يحصل الرضا الباطن وكذا لو كان عليه حق غير معلوم القدر
(١٧٨)