من حفظها فإذا اخبره فقد ترك الحفظ مسألة لو أودعه خاتما وأمره بجعله في خنصره فجعله في البنصر لم يضمن لأنه زاده حفظا وحراسة فان البنصر أغلظ من الخنصر والحفظ فيه أكثر ولو انكسر لغلظها ضمن وكذا يضمن لو ضاق عنها فوضعه في أنملته العليا من البنصر لأنه في أصل الخنصر أحرز ولو قال اجعله؟ في البنصر فجعله في الخنصر فإن كان ضيقا لا ينتهي إلى أصل البنصر لم يضمن لان الذي فعله أحرز وإن كان ينتهي إليه ضمن لان ما يثبت في البنصر إذا جعله في الخنصر كان في معرض السقوط ولو لم يعين المالك شيئا فان جعله في الخنصر لم يضمن ان قصد الحفظ لان الخنصر حرز في مثل الخاتم وان قصد الاستعمال والتزين به ضمن وهو أحد الاحتمالين عند الشافعية والثاني انه يضمن وبه قال أبو حنيفة لأنه استعمال وبه قال بعض الشافعية ان جعل فصه إلى ظهر الكف ضمن والا فلا لأنه بجعله إلى ظهر الكف يكون قد قصد الاستعمال يكون من آداب التختم جعل الفص إلى باطن الكف وهو يقدح في هذا التعليل ولو جعله في البنصر أو غيره غير الخنصر لم يضمن إذا انتهى إلى اخر الإصبع الا ان المراة قد تتختم في غير الخنصر فيكون غير الخنصر في حقها كالخنصر مسألة إذا عين المالك له موضعا للحفظ لم يجز للمستودع التجاوز عنه ويضمن لو نقل على ما تقدم ولو كان الحرز الذي عينه بعيدا عنه وجبت المبادرة إليه بما جرت العادة فان اخر متمكنا ضمن ولو لم يعين موضعا للحفظ وجب على المستودع حفظها في حرز مثلها ولا يضمن بالنقل عنه وإن كان إلى حرز أدون البحث السادس في التضييع مسألة من الأسباب المقتضية للتقصير التضييع فان المستودع مأمور بحفظ الوديعة في حرز مثلها بالتحرز عن أسباب التلف فلو اخر احرازها مع الامكان ضمن ولو جعلها في مضيعة أو في غير حرز مثلها فكذلك ولو جعلها في حرز أكبر من حرز مثلها ثم نقلها إلى حرز مثلها لم يضمن لان الواجب هو الثاني والأول تبرع منه ولا فرق بين ان يكون التضييع بالنسيان أو غيره فلو استودع فضيع الوديعة بالنسيان ضمن لأنه فرط في حفظها ولان التضييع سبب التقصير فيستوي فيه الناسي وغيره كالاتلاف وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يضمن لان الناسي غير متعد والمستودع انما يضمن بالتعدي والصغرى ممنوعة وحكم الخطاء حكم النسيان فلو استودع آنية فكسرها مخطئا ضمن ولان الناسي مفرط ولهذا لو نسي الماء في رحله فتيمم فصلى ثم ذكر وجب عليه القضاء ولأنه لو انتفع بالوديعة ثم ادعى الغلط وقال ظننته ملكي لم يصدق مع أن هذا الاحتمال قريب فعلم أن الغلط غير دافع للضمان مسألة لو سعى المستودع بالوديعة إلى من يصادر المالك ويأخذ أمواله كان ضامنا لأنه فرط في الحفظ بخلاف ما لو كانت السعاية عن غير المستودع فإنه لا يضمن لأنه لم يلتزم بالحفظ ولو أخبر المستودع اللص بالوديعة فسرقها فان عين له الموضع ضمن لأنه فرط في حفظها ولو لم يعين المكان لم يضمن إما لو علم الظالم بالوديعة من غير اعلام المستودع فاخذها منه قهرا فإنه لا يضمن كما لو سرقت منه وان أكرهه الظالم بالوديعة حتى دفعها بنفسه فكذلك لا ضمان عليه لانتفاء التفريط منه بل يطالب المالك الظالم بالضمان ولا رجوع له إذا غرم وهل للمالك مطالبة المستودع بالعين أو البدل الأقرب ذلك لأنه مباشر لتسليم مال الغير إلى غير مالكه فإذا رجع المالك عليه رجع هو على الظالم وهو أحد وجهي الشافعية وفى الثاني ليس له ذلك وهذان الوجهان كالوجهين في أن المكره على اتلاف مال الغير هل يطالب أم لا وعلى كل تقدير فقرار الضمان على الظالم ومعنى القرار ان لا يرجع الشخص إذا غرم ويرجع عليه غيره إذا غرم مسألة إذا خاف المستودع من الظالم إذا منعه من الوديعة وامكنه مدافعته بالانكار والاختفاء عنه والامتناع منه وجب عليه ذلك على حسب ما يقدر عليه فان ترك الدفع مع القدرة ضمن وان أنكر المستودع الوديعة فطلب الظالم احلافه جاز له ان يحلف لمصلحة حفظ الوديعة ويوري إذا كان يحسنها وجوبا ولا كفارة عليه عندنا خلافا للجمهور فإنهم أوجبوا الكفارة لأنه كاذب قال بعض الشافعية وجوب الكفارة مبني على أن من أكره ليطلق إحدى امرأتيه فطلقها هل يقع أم لا ان قلنا لا يقع لم ينعقد يمينه ولو أكره على أن يحلف بالطلاق أو العتاق حلف ولا يقع أحدهما وإن كان كاذبا لبطلان اليمين بأحدهما عندنا ولا يسلم الوديعة إلى الظالم وقالت العامة حاصل هذا الاكراه التخيير بين الحلف وبين الاعتراف والتسليم فان اعترف وسلم ضمن لأنه قد فدى زوجته بالوديعة وان حلف بالطلاق طلقت زوجته لأنه قدر على الخلاص بتسليم الوديعة ففدى الوديعة بالطلاق وقال بعض الشافعية ان قلنا إن من أكره على طلاق إحدى امرأتيه فطلق لا يقع فهنا ان حلف بالطلاق لم يقع وان اعترف بالوديعة وسلمها كان كما لو سلمها مكرها البحث السابع في الجحود مسألة إذا طلب المالك الوديعة من المستودع فجحدها كان ضامنا لخيانته بالانكار ولو كان الجحود لمصلحة الوديعة لم يضمن لأنه محسن ولو لم يطلبها المالك لكن قال لي عندك وديعة فان سكت لم يضمن إذا لم يوجد منه تفريط ولا خيانة وان أنكر فالأقرب عدم الضمان لأنه لم يمسكها لنفسه بخلاف ما لو أنكر بعد الطلب وقد يعرض له في الاخفاء والانكار غرض صحيح ويحتمل الضمان كما لو أنكر بعد الطلب وكلاهما للشافعية ولو قال بعد الجحود كنت غلطت أو نسيت الوديعة فان صدقه المالك لم يضمن والا فالأقرب الضمان مسألة لو قال المستودع ابتداء من غير سؤال المالك لا وديعة عندي أو قال ذلك في جواب سؤال غير المالك لم يضمن بمجرد الجحود والانكار لأنه لغير المالك والوديعة يسعى في اخفائها فإنه أقرب للحفظ سواء كان المالك حاضرا أو غايبا ولا نعلم فيه خلافا مسألة لو ادعى عليه وديعة فأنكر قدم قوله مع اليمين فان أقر بعد ذلك بها أو قامت عليه بينة بها طولب بها فان ادعى ردها أو تلفها قبل الجحود فإن كانت صورة جحوده انكار أصل الايداع لم يصدق في دعوى الرد لاشتمال كلاميه على التناقض وثبوت خيانته واما في دعوى التلف فيصدق أيضا باليمين لكنه يكون ضامنا كالغاصب والأقوى ان له تحليف المالك على عدم دعواه لامكان ان يكون قد نسي الوديعة فجحدها ثم ذكر فادعى التلف لوقوعه أو كذب في جحوده ولأنه لو صدقه المالك في التالف بغير تفريط أو في دعوى الرد سقط حقه وكان متمكنا من احلافه ومن إقامة البينة على دعوى الرد أو التلف وهذا كما لو ادعى حقا وقال لا بينة لي ثم جاء بالبينة فإنها تسمع منه كذا هنا وهو أحد وجهي الشافعية والثاني المنع لأنه لما أنكر أصل الايداع كان مكذبا لدعوى التلف ولبينة الرد لتوقفهما على الايداع إذا تقرر هذا فان قامت البينة على الرد أو على الهلاك قبل الجحود برئ المستودع من الضمان وان قامت البينة على التلف بعد الجحود ضمن لخيانته بالجحود ومنع المالك عنها الا إذا كان له عذر من خوف عليه أو عليها لو اعترف هذا كله إذا كانت صورة الجحود انكار أصل الايداع وإن كانت صورة جحوده انه لا يلزمني تسليم شئ إليك أو مالك عندي وديعة أوليس لك عندي شئ فقامت البينة بالوديعة فادعى الرد أو التلف قبل الجحود سمعت دعواه لانتفاء التناقض بين كلاميه ولو اعترف انه كان باقيا يوم الجحود لم يصدق في دعوى الرد الا ببينة وان ادعى الهلاك فهو كالغاصب إذا أدعاه وهو مصدق بيمينه في دعواه وضامن لخيانته وهو ظاهر مذهب الشافعية الشافعي الفصل الرابع في وجوب الرد عند البقاء مسألة إذا كانت الوديعة باقية وطلبها مالكها وجب على المستودع ردها عليه في أول أوقات الامكان ولا يجب عليه مباشرة الرد ولا تحمل مؤنته بل ذلك على المالك وانما يجب على المستودع رفع يده عنها التخلية بين المالك والوديعة فان اخر المستودع ذلك مع امكانه وطلب الرد كان ضامنا وكان ذلك من أسباب التقصير السالفة ولو تعذر الرد لم يضمن وتجب
(٢٠٥)