فيه فإذا قامت البينة وادعى المشتري انه اذن للبايع في البيع كان القول قوله إنه لم يأذن مع يمينه فإذا حلف فسخ البيع في نصيبه ان لم يجز البيع ولا ينفسخ في الباقي الا برضا المشتري وللشافعي قولان مبنيتان على تفريق الصفقة مسألة إذا كان لكل من الرجلين عبدا بانفراده صح بيعهما صفقة واحدة ومتعددة اتفقت قيمتهما أو اختلفت عندنا وللشافعي قولان أحدهما يصح مطلقا لان جملة الثمن معلومة في العقد والثاني وهو الأصح عندهم ان البيع فاسد لأن العقد إذا كان في أحد طرفيه عاقدان كان بمنزلة العقدين فيكون حصة كل واحد منهما مجهولة لان ما يخص كل واحد من العبدين من الثمن غير معلوم في العقد بخلاف ما لو كان العبدان لواحد لوحدة العقد وهو غلط إذ مجموع الثمن في مقابلة مجموع الأجزاء وهما معلومان ولا يجب العلم بالمقابلة بين الأجزاء والاجزاء لا حالة العقد ولا قبله إذا عرفت هذا فلو كان العبدان لرجلين لكل واحد منهما أحدهما فوكل واحد منهما الآخر في بيع عبده مع عبده فباعه معه صح عندنا وهو أحد قولي الشافعي فيقوم كل واحد منهما ويقسم الثمن على قدر القيمتين وعلى القول الآخر للشافعي وهو فساد البيع ان صدق المشتري البايع انه باع عبده وعبد غيره كان البيع فاسدا وان كذبه فالقول قول المشتري مع يمينه لأن الظاهر أنه باع ملكه ويحلف المشتري انه لا يعلم أن أحد العبدين لم يكن له فإذا حلف سقطت عنه الدعوى واما الثمن الذي في يد البايع فإنه مقر انه لا يستحقه الا ان المشتري قد حال بينه ولين العبدين وقد استحق بذلك القيمة فينظر فإن كان الثمن قدر القيمة أو دونه كان لهما أخذه وإن كان أكثر منهما لا يستحقان الا قدر القيمة والباقي لا يدعيانه فيردانه إلى يد الحاكم ليحفظه لصاحبه فإذا أدعاه رد إليه المقصد الرابع في القراض وفصوله خمسة الأول الماهية مسألة القراض عقد شرع لتجارة الانسان بمال غيره بحصة من الربح فإذا دفع الانسان إلى غيره مالا ليتجر فيه فلا يخلو إما ان يشترطا قدر الربح بينهما أو لا فإن لم يشرطا شيئا فالربح بأجمعه لصاحب المال وعليه أجرة المثل للعامل وان شرطا فان جعلا جميع الربح للعامل كان المال قرضا ودينا عليه والربح له والخسارة عليه وان جعلا الربح بأجمعه للمالك كان بضاعة وان جعلا الربح بينهما فهو القراض الذي عقد الباب لأجله وسمى المضاربة أيضا والقراض لغة أهل الحجاز والمضاربة لغة أهل العراق إما القراض فإنه لفظ مأخوذ من القرض وهو القطع كما يقال قرض الفار الثوب اي قطعه ومنه المقراض لأنه يقطع به فكان صاحب المال اقتطع من ماله قطعة وسلمها إلى العامل أو اقتطع له قطعة من الربح وقيل اشتقاقه من المقارضة وهي المساواة والموازنة يقال تقارض الشاعران إذا وازن كل منهما الآخر بشعره وحكى عن أبي الدرداء أنه قال قارض الناس ما قارضوك فان تركتهم لم يتركوك يريد ساوهم فيما يقولون وهذا المعنى متحقق هنا لان المال من جهة رب المال ومن جهة العامل العمل فقد تساويا في قوام العقد بهما فمن هذا المال ومن الآخر العمل ويحتمل ان يكون ذلك لاشتراكهما في الربح واما المضاربة فهي مأخوذة من الضرب قال الله تعالى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله والعامل يضرب في الأرض للتجارة يبتغي الربح وقيل إنه مأخوذ من ضرب كل منهما في الربح بسهمه أو لما فيه من الضرب بالمال والتقليب ويقال للمالك من اللفظة الأولي مقارض بكسر الراء وللعامل مقارض بفتحها ومن اللفظة الثانية يقال للعامل مضارب بكسر الراء لأنه الذي يضرب في الأرض بالمال ويقلبه ولم يشتق أهل اللغة لرب المال من المضاربة اسما بخلاف القراض مسألة وهذه المعاملة جايزة بالنص والاجماع لما روى العامة ان الصحابة اجمعوا عليها قال الشافعي روى أبو حنيفة عن حميد بن عبد الله عن جده ان عمر بن الخطاب أعطاه مال يتيم مضاربة فكان يعمل عليه في العراق وروى الشافعي عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه ان عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب خرجا في جيش إلى البصرة وفي منصرفيهما من غزوة نهاوند لقيا أبا موسى الأشعري وتسلفا من أبي موسى الأشعري مالا وابتاعا متاعا وقدما به إلى المدينة فباعاه وربحا فأراد عمر أخذ رأس المال والربح كله فقالا لو تلف كان ضمانه علينا فكيف لا يكون ربحه لنا فقال رجل يا عمر لو جعلته قراضا قال قد جعلته واخذ منهما نصف الربح وقال بعض الشافعية ان ما جرى كان قرضا صحيحا وكان الربح ورأس المال لهما لكن عمر استنزلهما عن نصف الربح خيفة ان يكون قد قصد أبو موسى ارفاقهما لا رعاية مصلحة بيت المال وكذلك قال بعض الروايات وأسلف كل الجيش كما أسلفكما وعن العلاء؟ بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه ان عثمان أعطاه مالا مقارضة وروى قتادة عن الحسن بن علي (ع) أنه قال إذا حالف المضارب فلا ضمان وهما على ما شرطا وعن ابن مسعود وحكيم بن حزام انهما قارضا ولا مخالف لهما فصار ذلك اجماعا ومن طريق الخاصة ما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام في الرجل يعطي الرجل مالا مضاربة وينهاه ان يخرج به إلى ارض أخرى فعصاه فقال هو له ضامن والربح بينهما إذا خالف شرطه وعصاه وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادق (ع) قال المال يعمل به مضاربة له من الربح وليس عليه من الوضيعة شئ الا ان يخالف أمر صاحب المال وعن إسحاق بن عمار عن الكاظم (ع) قال سألته عن مال المضاربة قال الربح بينهما والوضيعة على رب المال والاخبار في ذلك كثيرة ولان الحاجة ماسة وداعية إلى المضاربة فان الدراهم والدنانير لا تنمى الا بالتقليب ولا يدخر وليس كل من يملكها يمكنه التجارة ولا كل من يتمكن من التجارة ويعرفها يتمكن من المال فاقتضت الحكمة من اعاة طرفي العامل والمالك بتسويغ المضاربة ولان السنة الظاهرة وردت في المساقاة وانما جوزت المساقاة للحاجة من حيث إن مالك النخيل قد لا يحسن تعهدها أو لا يتفرغ له ومن يحسن العامل قد لا يملك ما يعمل فيه وهذا المعنى موجود في القراض فوجب مشروعيته الفصل الثاني في أركانه وهي خمسة تنظمها خمسة مباحث الأول العقد مسألة لابد في هذه المعاملة من لفظ دال على الرضي من المتعاقدين إذ الرضي من الأمور الباطنة التي لا يطلع عليها الا الله تعالى وهذه المعاملة وغيرها من المعاملات يعتبر فيها الرضي للآية فاللفظ الدال على الايجاب أن يقول رب المال قارضتك أو ضاربتك أو عاملتك على أن يكون الربح بيننا نصفين أو أثلاثا أو غير ذلك من الأجزاء بشرط تعيين الأكثر لمن هو منهما والأقل كذلك والقبول أن يقول العامل قبلت أو رضيت أو غيرهما من الألفاظ الدالة على الرضي بالايجاب وكذا الايجاب لا يختص لفظا فلو قال خذه واتجر به على أن مهما سهل الله تعالى في ذلك من ربح وفايدة يكون بيننا على السوية أو متفاوتا جاز مسألة ولابد من القبول على التواصل المعتبر في ساير العقود وهل يعتبر اللفظ الأقرب العدم فلو قال خذه هذه الدراهم فاتجر بها على أن الربح بيننا على كذا فاخذها واتجر فالأقرب الاكتفاء به في صحة العقد كالوكالة ويكون قراضا هذا قول بعض الشافعية قال الجويني وقطع شيخي والطبقة العظمى من نقلة المذهب على أنه لابد من القبول بخلاف الجعالة والوكالة فان القراض عقد معاوضة يختص بمعين فلا يشبه الوكالة التي هي اذن مجرد والجعالة التي يبهم فيها العامل والوجه الأول تذنيب يجب التنجيز في العقد فلا يجوز تعليقه على شرط أو صفة مثل إذا دخلت الدار أو إذا جاء رأس الشهر فقد قارضتك بكذا كما لا يجوز تعليق البيع ونحوه لان الأصل عصمة مال الغير مسألة وانما يصح العقد لو تعينت الحصة في الربح لكل واحد
(٢٢٩)