الغرماء والثالث انه يتعلق بما فضل عن حقوقهم رعاية للجانبين هذا إذا لم يحجر عليه الحاكم ويحتمل عندي ان مال الضمان يقدم على ديون الغرماء لان مولاه عينه فيه أما لو حجر عليه الحاكم باستدعاء الغرماء ثم ضمن بإذن مولاه وجعل الضمان مما في يده لم يتعلق الضمان بما في يده لتعلق حقوق الغرماء به بمقتضى حجر الحاكم عليه ولو عين السيد مال الضمان من رقبته تعين كما لو ضمن الحر على أن يؤدي من مال معين فان مال الضمان يتعلق بذلك المال المعين كذا هنا لان الحقوق تتعلق بأعيان الأموال كالرهن وأما تعلق الضمان بعين ماله دون ذمته فلا يصح وصح هذا في حق العبد لان له ذمة ولو اذن للعبد في التجارة وفي الضمان ولم يعين المال من أين يؤدى فقد قلنا إن الأقوى تعلقه بذمة العبد ويحتمل بكسبه وبذمة المولى وقال الشافعي يتعلق بما في يده من أموال التجارة فيقضيه منها على الوجه الذي يتعلق بكسبه وليس بجيد لأنه انما اذن له في الضمان بالاطلاق فهو ينصرف إلى ذمته أو كسبه أو ذمة مولاه مسألة المدبر وأم الولد والمكاتب المشروط كالقن في الضمان لا يصح الا بإذن سيده لأنه تبرع بالتزام مال فأشبه نذر الصدقة أو نقول يصح ويتبع به بعد العتق على الخلاف الذي سبق كما قلناه في العبد القن ولو ضمن بإذن سيده صح كما لو اذن للعبد ولان الحق للمكاتب أو للسيد لا يخرج عنهما وقد اتفقا على الضمان فلا مانع ويحتمل ان لا يصح لان فيه تفويت الحرية والوجه عندي الصحة ان استعقب ضمانه الرجوع كما لو اذن له المضمون عنه في الضمان ويكون الضمان مصلحة لا مفسدة فيه كما لو كان المضمون عنه معسرا فإنه لا يصح وكما لو تبرع (عجز) لان السيد منعه من التصرف بغير الاكتساب وأما المكاتب المطلق فليس للسيد منعه من الضمان مطلقا كيف شاء لانقطاع تصرفات المولى عنه ولو كان بعض العبد حرا وبعضه رقا ولا مهاياة بينه وبين السيد لم يكن له الضمان الا باذنه لتعلق حق السيد برقبته وتصرفه وكذا لو كان بينهما مهاياة وضمن في أيام السيد ولو ضمن في أيام نفسه فالأقرب الجواز وقال بعض الشافعية يجوز ان يخرج ضمان المعتق بعضه على الخلاف في الاكتسابات النادرة هل يدخل في المهاياة أم لا وضمان المكاتب عند الشافعية بغير اذن السيد كضمان القن وبالإذن مبني على الخلاف في تبرعاته مسألة إذا اذن السيد لعبده في الضمان صح وانتقل المال (الضمان) إلى ذمة العبد أو ذمة السيد أو مال العبد الذي في يده لمولاه على الخلاف فان أدي مال الضمان حالة الرق فحق الرجوع للسيد لان الأداء من مال السيد سواء كان من رقبة العبد أو مما في يده أو من كسبه وان أداه بعد عتقه فحق الرجوع للعبد لأنه أداه من ماله ولو قلنا إنه إذا ضمن بإذن سيده تعلق الضمان بذمة السيد أو بكسب العبد فالأقرب ان حق الرجوع للسيد أيضا وللشافعية وجهان فيما إذا أدي بعد العتق أصحهما ان حق الرجوع للعبد والثاني انه للسيد لان مال الضمان كالمستثنى عن اكتسابه فلا يستحقها بالعتق ولو ضمن العبد لسيده عن أجنبي لم يصح لأنه يؤديه من كسبه وكسبه لسيده فهو كما لو ضمن المستحق لنفسه ولو ضمن لأجنبي عن سيده فإن لم يأذن السيد فهو كما لو ضمن عن أجنبي وان ضمن باذنه صح ثم إن أدي قبل العتق فلا رجوع له وان أدي بعده ففي رجوعه على السيد احتمال وللشافعية فيه وجهان مبنيان على الوجهين فيما لو اجره عبده مدة ثم أعتقه في ابتدائها أو في أثنائها هل يرجع بأجرة المثل لبقية المدة (أو لا) مسألة يصح ضمان المراة ولا نعلم فيه خلافا كما يصح ضمان الرجل لأن الضمان عقد يقصد به المال فيصح من المراة كالبيع ولأنها حرة عاقلة مالكة لأمرها نافذة التصرف في مالها تصح منه الاستدانة وغيرها من التصرفات فيصح منها الضمان كالرجل ولا فرق في صحة ضمانها بين أن تكون خلية من بعل أو تكون ذات بعل ولا (يشترط) اذن الزوج كما في ساير تصرفاتها وبه قال أكثر أهل العلم من العامة والخاصة وقال مالك انه لا بد من اذن الزوج وليس بمعتمد مسألة المريض يصح ضمانه ولا نعلم فيه خلافا سواء كان مرض الموت أو لا لكن ان لم يكن مرض الموت وعوفي من مرضه صح ضمانه مطلقا وإن كان مرض الموت فان تبرع بالضمان نفذ من الثلث عند كل من أثبت تبرعاته من الثلث ومن جعل منجزاته من الأصل أمضاه هنا من الأصل وان لم يتبرع بالضمان بل ضمن بسؤال المضمون عنه كان حكمه حكم ما لو باع نسية والوجه انه ان علم تعذر الرجوع لفقر (لفقد) المديون بحيث يعلم عدم وصول مال إليه كان ماضيا من الثلث كما لو تبرع والا مضى من الأصل وأطلق بعض العامة احتساب ضمان المريض من الثلث لأنه تبرع بالتزام مال لا يلزمه ولم يأخذ عنه عوضا فأشبه الهبة ونمنع التبرع في المتنازع النظر الثالث في المضمون عنه مسألة المضمون عنه هو المديون وهو الأصيل ولا يشترط رضاه في صحة الضمان بالاجماع كما يجوز أداء الدين عن الغير بغير اذنه فالتزامه في الذمة أولى بالجواز ولأنه يصح الضمان عن الميت بالاجماع ولما تقدم من امتناع النبي صلى الله عليه وآله من الصلاة على الميت حتى ضمنه أمير المؤمنين علي (ع) ومعلوم انه لا يتصور الرضي من الميت مسألة ولا يشترط حياة المضمون عنه بل يجوز الضمان عن الميت سواء خلف الميت وفاء أم لا عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك وأبو يوسف ومحمد لما تقدم من أحاديث العامة عن أمير المؤمنين (ع) وقتادة لما ضمن الدين عن الميت وما رواه الخاصة أيضا ولان كل من يصح الضمان عنه إذا كان له ضامن صح وان لم يكن له ضامن كما لو خلف وفاء أو كان حيا وقال أبو حنيفة والثوري لا يصح الضمان عن الميت إذا لم يخلف وفاء بمال أو ضمان ضامن لان الموت مع عدم الوفاء يسقط المطالبة بالحق والملازمة عليه وجب ان يمنع صحة الضمان كالابراء وهو باطل لان الابراء اسقاط للحق ولهذا لا يصح بعده ابراء وهنا بخلافه ويساعدنا أبو حنيفة فيما إذا ضمن عنه في حياته ثم مات معسرا انه لا يبطل الضمان مسألة ولا يشترط معرفة المضمون عنه فلو ضمن الضامن عمن لا يعرفه صح ضمانه عند علمائنا وبه قال الشافعي في أصح القولين لما تقدم من أن عليا (ع) وأبا قتادة ضمنا عمن لا يعرفانه ولان الواجب أداء الحق فلا حاجة إلى معرفة من يؤدي عنه لأنه لا معاملة بينهما في ذلك ولأنه لا يشترط رضاه فلا يشترط معرفته وبه قال احمد أيضا والثاني للشافعي انه يشترط معرفته ليعرف حاله وانه هل يستحق اصطناع المعروف إليه أو لا وليس بشئ إذا عرفت هذا فهل يشترط معرفة ما يميزه عن غيره الأقرب العدم بل لو قال ضمنت لك الدين الذي لك على من كان من الناس جاز على اشكال نعم لا بد من معرفة المضمون عنه بوصف يميزه عند الضامن بما يمكن القصد معه إلى الضمان عنه لو لم يقصد الضمان عن اي من كان تذنيب لو تبرع الضامن بالضمان ورضى المضمون له بضمانه صح الضمان وانعقد وبريت ذمة المضمون عنه ولو أنكر المضمون عنه الضمان لم يبطل ضمانه وبه قال الشافعي النظر الرابع في المضمون له مسألة المضمون له هو مستحق الدين وهل يشترط معرفته عند الضامن اشكال ينشأ من عدم التعرض له والبحث عنه في ضمان علي (ع) وأبي قتادة ولان الواجب أداء الحق فلا حاجة إلى ما سوى ذلك ومن انه لا بد وان يعرفه الضامن ليأمن الغرر فان الناس يتفاوتون في المعاملة والاقتضاء والاستيفاء تشديدا وتسهيلا وتختلف الأغراض في ذلك فالضمان مع اهماله غرر وضرر من غير ضرورة وللشافعية وجهان أصحهما الثاني عندهم ولا بأس به لحصول المعاملة بين الضامن وبينه بالضمان فافتقر إلى معرفته للحاجة وقال الشيخ رحمه الله في الخلاف لا يشترط معرفة الضامن المضمون له ولا المضمون عنه واستدل بضمان علي (ع) وأبي قتادة مسألة يشترط رضي المضمون له في صحة الضمان وهو قول أكثر علمائنا وبه قال أبو حنيفة ومحمد والشافعي في أحد القولين لأنه اثبات مال لآدمي وتجدد سلطنته وولاية لم تكن فلا يثبت الا برضاه أو من ينوب عنه كالبيع والشراء ويبعد ان
(٨٨)