قالت الشافعية لا يجوز لأنه شرط عوض من غير معوض فإنهما متساويان في العمل وفي الجدار والعرصة والانقاض والأقوى عندي الجواز عملا بالشرط وقد قال عليه السلام المؤمنون عند شروطهم وبه قال بعض الشافعية وكذا لو باع أحد الشريكين في دار أو متاع نصفه من المشترك بثلث المشترك من نصف صاحبه صح ويصير المشترك بينهما أثلاثا بعد إن كان نصفين فلو باع أحدهما نصفه المشاع بنصف صاحبه فالأقوى الجواز ولم يقدر الشافعية ذلك بيعا ولا يترتب عليه احكام البيع عندهم والأقرب ما قدمناه من صحة بيع أحدهما نصفه بالثلث من نصف الأخر وبنصفه وبعض الشافعية جوز البيع هنا ومنع من صحة الشرط في البناء لان الموجود في البناء هو البناء بشرط الزيادة لأحدهما ومجرد الشرط والرضا بالتفاوت لا يغير كيفية الشركة القديمة الا ان البناء بالاذن والشرط قايم مقام البيع إما لو انفرد أحد الشريكين بالبناء بالنقض المشترك بإذن صاحبه بشرط ان يكون له الثلثان جاز ويكون السدس الزايد له في مقابلة عمله في نصيب الأخر وقال بعض الشافعية هذا انما يتصور لو شرط سدس النقض له في الحال ليكون الأجرة ممتدة فاما إذا شرط السدس الزايد له بعد البناء لم يصح فان الأعيان لا تؤجل قيل عليه التصوير وان وقع فيما ذكره لكن وجب ان يكون الحكم فيه كالحكم فيما إذا شرط للمرضع جزءا من الرقيق المرتضع في الحال ولقاطف الثمار جزءا من الثمار المقطوفة في الحال لان عمله يقع على ما هو مشترك بينه وبين غيره وسيأتي ولو بناه أحدهما بآلة نفسه بإذن الأخر بشرط ان يكون ثلثا الجدار له فقد قابل ثلث الآلة المملوكة وعمله بسدس العرصة المبنى عليها وفي صحة المعاملة للشافعية قولان لأنه قد جمع فيها بين أمرين مختلفي الحكم وهما البيع والإجارة وهذا عندنا صحيح والجمع بين الأمور المختلفة الاحكام جايز عندنا ويشترط في صحة ذلك العلم بالآلات وبصفات الجدار مسألة لو كان لشخصين ملكان متجاوران ولا حايط يحجز بينهما قديم فطلب أحدهما من الأخر المساعدة على بناء حايط يحجز بينهما فامتنع الأخر لم يجبر على مساعدته وبه قال احمد رواية واحدة ولو أراد البناء وحده لم يكن له البناء الا في ملكه خاصة لأنه لا يملك التصرف ملك جاره المختص ولا في الملك المشترك فان بناه في ملك جاره أو بعضه في ملكه وبعضه في ملك جاره كان للجار هدمه لأنه وضع بغير حق ولا نعلم فيه خلافا مسألة لو كان له حق اجراء الماء في ملك الغير أو على سطحه فانهدم ذلك الملك لم يجب على مستحق الاجراء مشاركته في العمارة لان العمارة متعلقة بتلك الأعيان وهي لمالكها وليس لمستحق الاجراء فيها شركة ولا يجب أيضا على صاحب الملك العمارة لو طلبها صاحب الاجراء ولو كان الانهدام بسبب الماء فكذلك على الأقوى وليس على صاحب الاجراء عمارة أيضا لأنه ليس بملك والانهدام حصل بسبب مستحق وهو أقوى وجهي الشافعية ولو حصل تفريط من أحد الشريكين أو من أحد المستحقين في ذلك كله كان عليه الضمان البحث الثالث في السقف مسألة السقف الحايل بين العلو والسفل المختلفي المالكين قد يكون مشتركا بين المالكين وتارة يكون خالصا لأحدهما كما تقدم في الجدار بين الدارين لمالكين لكن حكم القسمين في الانتفاع يخالف حكمهما في الجدار فإنه يجوز لصاحب العلو الجلوس ووضع الأثقال عليه على الاعتياد ولصاحب السفل الاستظلال والاستكنان به لأنا لو لم نجوز له ذلك لعظم الضرر وتعطلت المنافع والأقرب انه ليس لصاحب السفل تعليق الأمتعة فيه سواء كان لها ثقل يتأثر به السقف أو لا كالثوب ونحوه وللشافعية قولان فيما ليس له ثقل أحدهما انه غير جاير إذ لا ضرورة فيه بخلاف الاستظلال والثاني الجواز بناء على الاعتياد تسوية بين صاحب العلو وصاحب السفل في تجويز تثقيل السقف فعلى هذا فلهم وجهان أحدهما ان التعليق الجايز هو الذي لا يحتاج إلى اثبات وتد في السقف وأظهرهما انه لا فرق فان قلنا إنه ليس له اثبات الوتد والتعليق فيه فليس لصاحب العلو غرز الوتد في الوجه الذي يليه إذ لا ضرورة إليه وان جوزنا ذلك لصاحب السفل ففي جوازه لصاحب العلو وجهان لندور الحاجة إليه بخلاف التعليق واما ما لا ثقل له يتأثر به السقف فعند الشافعية قولا واحدا انه لا منع منه مسألة تصوير اشتراك السقف سهل واما خلوصه لأحدهما فاما لصاحب العلو فبأن ببيعه صاحب السفل السقف والغرفة عندنا أو يكون لصاحب السفل جداران متقابلان فيأذن في غيره في وضع الجذوع عليهما والبناء على تلك الجذوع بعوض أو بغير عوض عندنا وعند الشافعي واما لصاحب السفل فبأن ببيعه جدران الغرفة دون سقفها عندنا أو يأذن لغيره في البناء على سقف ملكه فيبني عليه عندنا وعند الشافعي فإذا أذن المالك لغيره في البناء على ملكه بغير عوض كان عارية وإن كان بعوض فهو إما اجارة بان يكري ارضه أو رأس جداره أو سقفه مدة معلومة بأجرة معينة وهو جايز وبه قال الشافعي وسبيل ذلك سبيل سائر الإجارات واما بيع بان يأذن له فيه بصيغة البيع ويبين الثمن وهو صحيح عندنا وعند الشافعي للأصل ولعموم قوله تعالى وأحل الله البيع وقال أبو حنيفة لا يجوز وبه قال المزني وطريق ذلك ان يبيعه سطح البيت للبناء عليه أو علوه بثمن معين وليس له ان يبيع حق البناء على ملكه خلافا لبعض الشافعية لان البيع انما يتناول الأعيان وحق البناء ليس منها قال بعض الشافعية بيع سطح البيت أو علوه للبناء بثمن معلوم هو بعينه بيع حق البناء على ملكه فان المراد منهما شئ واحد وإن كان ظاهر اللفظ مشعرا بالمغايرة لان بيع العلو للبناء إما ان يراد به جملة السقف أو الطبقة العليا منها وعلى التقديرين فهو بيع جزء معين من البناء أو السقف وأيضا فإنهم صوروا فيما إذا اشتراه ليبنى عليه ومن اشترى شيئا انتفع به بحسب الامكان ولم يحتج إلى التعرض للانتفاع به وأيضا ما حقيقة هذا العقد إن كان بيعا فليفد ملك عين كساير البيوع وإن كان اجارة فيشترط التأقيت كساير الإجارات واختلفت الشافعية فيه فقال بعضهم يملك المشتري به مواضع رؤوس الجذوع وهو مشكل عند الباقين والأصح عندهم انه لا يملك به عين وحينئذ فوجهان أحدهما انه اجاره وانما لم يشترط تقدير المدة لأن العقد الوارد على المنفعة يتبع فيها الحاجة فإذا اقتضت الحاجة التأبيد أبد على خلاف سائر الإجارات والحق بالنكاح وأظهرهما انه ليس بإجارة محضة بل فيه شائبة الإجارة وهي ان المستحق به منفعته وشايبة البيع وهي ان الاستحقاق فيه على التأبيد وكان الشرع نظر إلى أن الحاجة تمس إلى ثبوت الاستحقاق المؤبد في مرافق الاملاك وحقوقها كما تمس إلى ثبوت الاستحقاق المؤبد في الأعيان فجوز هذا العقد وأثبت فيه شبها من البيع وشبها من الإجارة وإذا قلنا إنه لا يملك به عين فلو عقد بلفظ الإجارة ولم يتعرض للمدة فوجهان عندهم أشبههما انه ينعقد أيضا لأنه يخالف البيع في قضية كما يخالف الإجارة في قضية أخرى وهذا كله عندنا ليس بشئ بل الواجب ان أراد نقل السقف ان يبيعه إياه أو يؤجره ويعين المدة مسألة إذا خرجت هذه المعاملة على ما اخترناه نحن أو على ما اختاره الشافعية وبني المشتري لم يكن للبايع ان يكلفه النقض ليغرم له أرش النقصان ولو انهدم الجدار أو السقف بعد بناء المشتري عليه فأعاده مالكه فللمشتري إعادة البناء بتلك الآلات أو بمثلها ولو انهدم قبل البناء فللمشتري البناء إذا اعاده وهل يجبر على اعادته فيه خلاف تقدم ولو هدم صاحب السفل أو غيره السفل قبل بناء المشتري فعلى الهادم قيمة حق البناء لأنه حال بينه وبين حقه بالهدم فإذا أعاد مالك السفل السفل استرجع الهادم القيمة لارتفاع الحيلولة ولا يغرم اجرة البناء لمدة الحيلولة
(١٨٧)