شئ قسم على الشرط وكذلك قبل رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر اتوه فأعطاهم إياها على أن يعمروها على أن لهم نصف ما أخرجت فلما بلغ الثمر أمر عبد الله بن رواحة فخرص عليهم النخل فما فرغ منه خيرهم فقال قد خرصنا هذا النخل بكذا صاعا فان شئتم فخذوه وردوا علينا نصف ذلك وإن شئتم أخذناه وأعطينا لكم نصف ذلك فقالت اليهود بهذا قامت السماوات والأرض وفي الصحيح عن محمد الحلبي و عبد الله الحلبي عن الصادق (ع) قال لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس وعن إسماعيل بن الفضل عن الصادق (ع) قال لا بأس ان تستأجر الأرض بدراهم وتزارع الناس على الثلث والربع وأقل واكثر إذا كنت لا تأخذ الرجل إلا بما أخرجت أرضك والاخبار في ذلك أكثر من أن تحصى ولان هذا أصل يثمر بالعمل فجاز العقد عليه ببعض ما يخرج منه كالمضاربة والمساقاة وإذا كانت الأرض بين النخيل قال الشافعي العقد فاسد وكرهه عكرمة ومجاهد والنخعي وأبو حنيفة وروي عن ابن عباس الأمران وجوزها الشافعي في الأرض بين النخيل إذا كان بياض الأرض أقل وإن كان أكثر فعلى وجهين ومنع المزارعة في الأرض البيضاء لما روي رافع بن خديج قال كنا نخابر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فذكر ان بعض عمومته اتاه فقال نهى رسول الله عن أمر كان لنا نافعا وطواعية رسول الله صلى الله عليه وآله أنفع قلنا ما ذاك قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كانت له الأرض فليزرعها ولا يكريها بثلث ولا بربع ولا بطعام مسمى وعن ابن عمر قال كنا لا نرى بالمزارعة بأسا حتى سمعت رافع بن خديج يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عنها وقال جابر نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن المخابرة وعن جابر قال كنا نزرع بالثلث والربع والنصف فقال النبي صلى الله عليه وآله من كانت له ارض فليزرعها أو ليمنحها فإن لم يفعل فليمسك ارضه وعن زيد بن ثابت قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن المخابرة قلت وما المخابرة قال إن نأخذ الأرض بنصف أو بثلث أو بربع ولا دلالة في حديث رافع لما رواه عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت أنه قال يغفر الله لرافع انا والله أعلم بالحديث منه انما اتاه رجلان من الأنصار وقد اقتتلا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع فهذا خرج على وجه المشورة والارشاد دون الايجاب ولان حديث رافع تضمن النهى عن كراء الأرض بثلث أو ربع ونحن نسلم ذلك فإنه لا تجوز اجارة الأرض بثلث ما يخرج منها أو ربعه والنزاع انما هو في المزارعة وهي غير مندرجة في الحديث والذي ذكر فيه لفظ المزارعة محمول على الإجارة لان القصة واحدة رويت بألفاظ مختلفة فيجب تفسير أحد اللفظين بما يوافق الاخذ لئلا تنافي الاخبار ولان أحاديث رافع مضطربة جدا مختلفة اختلافا شديدا فيجب ترك العمل بها لو انفردت فكيف يقوم على مثل أحاديثنا قال أحمد بن حنبل حديث رافع ألوان وقال أيضا حديث رافع ضروب قال ابن المنذر قد جاءت الاخبار عن رافع بعلل تدل على أن النهى كان لذلك قال زيد بن ثابت انا اعلم بذلك منه وانما سمع النبي صلى الله عليه وآله رجلين قد اقتتلا فقال إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع وروي البخاري عن عمر بن دينار قال قلت لطاوس لو تركت المخابرة فإنهم زعموا ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عنها فقال إن اعلمهم يعني ابن عباس اخبرني ان رسول الله صلى الله عليه وآله لم ينه عنه ولكن قال لئن يمنح أحدكم ارضه خير من أن يأخذ عليها خراجا معلوما ولان أحاديث رافع منها ما يخالف الاجماع وهو النهي عن كراء المزارعة على الاطلاق ومنها اضطرابه في المستند عنه فتارة يحدث عن بعض عمومته وتارة عن سماعة وتارة عن ظهر بن رافع ومع هذا الاضطراب يجب اطراحها واستعمال الأخبار الواردة في شأن خيبر فإنها تجري مجري المتواترة التي لا اختلاف فيها وقد عمل بها الصحابة وغيرهم فلا معنى لتركها اعتمادا على الاخبار الواهبة ولو سلم سلامته عن المطاعن وعدم قبوله للتأويل وقد تعذر الجمع فلا بد وأن يكون أحد الخبرين ناسخا للاخر ويستحيل القول بنسخ حديث خيبر لكونه معمولا به من جهة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم من بعده إلى عصر التابعين فأي وقت يثبت نسخه وحديث جابر في النهي عن المخابرة محمول على ما حمل عليه خبر رافع فان تأوله الشافعية بعود النهي إلى الأرض البيضاء والتجويز في قضية خيبر إلى الأرض المتخللة بين النخل كان بعيدا لعدم الدلالة عليه بخلاف ما تأولناه فإنه لدليل ولان ما ذكرناه أولي لعمل الصحابة والتابعين وأهل البيت (ع) به دون ما تأولوه ولان ما ذكرناه مجمع عليه لان الباقر (ع) روي ذلك عن أهل كل بيت بالمدينة وعن الصحابة وأهاليهم وفقهاء الصحابة واستمر ذلك إلى الان وهذا مما لا يجوز خفاؤه ولم ينكره أحد منهم فكان اجماعا والذي خالفه فقد بينا فساده والقياس يقتضيه فان العين تنمى بالعمل فجازت المعاملة عليها ببعض نمائها كالأثمان في المضاربة والنخل في المساقاة أو نقول ارض فجارت المزارعة عليها كالأرض بين النخل ولان الحاجة داعية إلى المزارعة لان أصحاب الأراضي لا يقدرون على زرعها والعمل عليها والأكرة؟ يحتاجون إلى الزرع ولا ارض لهم فاقتضت حكمة الشرع جواز المزارعة كما قلنا في المضاربة والمساقاة بل الحاجة هنا اكد فان الحاجة إلى الزرع أكثر منها إلى غيره لكون الأرض لا ينتفع منها إلا بالعمل عليها بخلاف المال مع أن حديثهم تضمن الخطاء لان فيه ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهانا عن شئ كان لنا نافعها والنبي صلى الله عليه وآله لا ينهي عن المنافع وانما ينهي عن المضار والمفاسد فدل ذلك على غلط الراوي البحث الثاني في الأركان وهي أربعة الأول الصيغة وهو كل لفظ يدل على تسليم الأرض للزراعة بحصة مشاعة مثل زارعتك على هذا الأرض أو ازرع هذه الأرض أو سلمتها إليك أو قبلتها بزراعتها أو بالعمل فيها مدة معلومة بحصة من حاصلها معينة أو خذ هذه الأرض على هذه المعاملة وما أشبه ذلك ولا تنحصر في لفظ معين بل كلما يؤدي إلى هذا المعنى فتقول قبلت ويشترط لقبول لفظا على الأقوى لأنه عقد لازم فكان كالإجارة ويحتمل العدم فلو أوجب واخذ العامل الأرض وزرعها احتمل اللزوم ولا تنعقد بلفظ الإجارة فلو قال اجرتك هذه الأرض مدة معينة بثلث ما يخرج منها لم يصح لجهالة وقد سبق ويكون الزرع باسره لصاحب البذر فإن كان العامل فله الحاصل وعليه أجرة المثل للأرض لأنه تصرف في مال الغير بعوض لم يسلم له فكان ضمانه عليه وانما يضمن بأجرة المثل وإن كان البذر لصاحب الأرض فعليه أجرة المثل للعامل ولدوابه حيث لم يسلم عليه ما شرط له ولو قال اجرتك نصف ارضى هذه بنصف بذرك ونصف منفعتك ونصف منفعة بقرك وآلتك واخرج العامل البذر كله لم يصح للجهالة فان المنفعة غير معلومة وقال بعض العامة لو أمكن علم المنفعة وضبطها بما لا يختلف معه ومعرفة البذر جاز وكان الزرع بينهما وليس بجيد وكذا لا يصح لو قال اجرتك نصفي أرضي بنصف منفعتك ومنفعة بقرك وآلتك واخرجا البذر ويكون الحاصل بينهما لان البذر منهما نعم هنا لو أمكن الضبط صح العقد مسألة المزارعة لو وقعت بشروطها كانت لازمة لأصالة اللزوم بقوله تعالى أوفوا بالعقود وبقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وذلك يقتضي اللزوم ولا تبطل إلا بالتقايل ولا تبطل بموت أحد المتعاقدين لأصالة الدوام والاستصحاب ثم إن كان الميت العامل وقام وارثه مقامه في العمل والا استأجر الحاكم عليه من ماله أو على الحصة ولو كان المالك بقيت المعاملة بحالها وعلى العامل القيام بتمام العمل الثاني المتعاقدان ولابد ان يكونا من أهل التصرف فلا يصح عقد الصبي ولا المجنون ولا السفيه ولا المحجور عليه بالفلس وهو ظاهر الثالث ما تقع عليه المعاملة وهي كل ارض يمكن الانتفاع بها في الزرع وذلك بان يكون لها ماء إما من نهر أو بئر ان عين أو مصنع؟ وما أشبه ذلك وتصح لو لم تكن لها شئ من ذلك لكن العادة سقي تلك الأرض بالأمطار التي يغلب وجودها في تلك الأرض ولو كان نادرا لكنه يكفيها لكثرته وشدته فإنه يجوز أيضا ولو كان المطر المعتاد لا يكفيها أو يكون شربها
(٣٣٧)