يدل على أنه لا يشترط في بلاد الاسلام ان يكون فيها مسلمون بل يكفي كونها في يد الامام واستيلائه واما القسم الثالث فقال بعض الشافعية ان الاستيلاء القديم يكفي لاستمرار الحكم ونزل بعضهم ما ذكروه على ما إذا كانوا لا يمنعون المسلمون عنها فان منعوهم فهي دار الكفر واما دار الكفر فعلى ما اخترناه قسمان. آ: بلد كان للمسلمين فغلب الكفار عليه كالساحل فهذا إن كان فيه ولو مسلم واحد حكم باسلام لقيطه وان لم يكن فيها مسلم فهو كافر ويحتمل ان يكون مسلما لاحتمال ان يكون فيه مؤمن يكتم ايمانه وقد سبق ب: ان لم يكن للمسلمين أصلا كبلاد الهند والروم فإن لم يكن فيها مسلم فلقيطها كافر لان الدار لهم وأهلها منهم وإن كان فيها مسلمون كالتجار وغيرهم ساكنون فهو مسلم لقيام الاحتمال تغليبا للاسلام وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يحكم بكفره تبعا للدار ويجري الوجهان فيها إذا كان فيها أسارى مسلمون وقال الجويني الخلاف في الأسارى مرتب على الخلاف في التجار لانهم تحت الضبط قال ويشبه ان يكون الخلاف في قوم منتشرين الا انهم ممنوعون من الخروج من البلدة فاما المحبوسون في المطامير فيتجه ان لا يكون لهم اثر كما لا اثر لطروق العابرين من المسلمين قال ابن المنذر أجمع أهل عوام العلم على أن الطفل إذا وجد في بلاد المسلمين ميتا في اي مكان وجد أن غسله ودفنه في مقابر المسلمين يجب وقد منعوا ان يدفن الطفل من أولاد المشركين في مقابر المسلمين قال وإذا وجد لقيط في قرية ليس فيها الا مشرك فهو على ظاهر ما حكموا به انه كافر وهكذا قول الشافعي وأصحاب الرأي تذنيب: كل موضع حكمنا بكفر اللقيط فيه لو كان أهل البقعة أصحاب ملل مختلفة فالأقرب ان يجعل من خيرهم دينا اخر انما نحكم باسلام من يوجد في بلاد الكفر إذا كان فيها مسلم ساكن فلا اعتبار بالطروق والاجتياز في ذلك مسألة: كل صبي حكمنا باسلامه بأحد الأسباب الثلاثة فحكمه قبل بلوغه احكام المسلمين فيرث من المسلم ولا يرثه الكافر ويقتل قاتله ويصلى عليه فإذا بلغ ووصف الاسلام فقد استقر اسلامه وحكمه حكم ما كان قبل بلوغه وان وصف الكفر فإن كان ممن حكمنا باسلامه تبعا لاحد أبويه فإنه مرتد وقال الشافعي انه يطالب بالاسلام ولا يقر على الكفر فاجراه مجرى المرتد عن غير فطرة وقال بعض أصحابه انه يقر على الكفر لأنا حكمنا باسلامه تبعا لغيره فإذا بلغ صار حكمه حكم نفسه فروعي قوله وزال حكم التبع عنه وحكى بعض الشافعية هذا قولا اخر للشافعي وليس بجيد لأنا حكمنا باسلامه باطنا وظاهرا فلم يقر على الكفر كما لو أسلم بعد بلوغه ثم ارتد وإن كان ممن حكمنا عليه باسلامه تبعا للسابي قال الشافعي انه كالأول الذي حكمنا عليه باسلامه تبعا لاحد أبويه وليس بجيد لضعف العلاقة هناك وقوتها في النسب وإن كان ممن حكمنا عليه باسلامه تبعا للدار فالأقرب انه لا يحكم بارتداده بل بكفره لان الحكم باسلامه وقع ظاهرا لا باطنا بدليل انه لو ادعى ذمي بنوته وأقام بينة على دعواه سلم إليه وحكم بكفره ونقض الحكم باسلامه فإذا بلغ ووصف الكفر كان قوله أقوى من ظاهر اليد فأقررناه ولهذا لو حكمنا بحريته بظاهر الدار ثم بلغ وأقر بالرق فإنه يحكم عليه بالرق وهذا بخلاف من تبع أباه لان الحكم هناك كان على علم منا بحقيقة الحال وهنا مبنى على ظاهر الدار فإذا اعرب عن نفسه الكفر ظهر كذب ما ظنناه وقال الشافعي لا يتبين لي ان أقتله ولا أجبره على الاسلام ولأصحابه فيه طريقان أحدهما ان هذا ترديد قول منه وفي كونه مرتدا أو كافرا أصليا قولان كما في المحكوم باسلامه تبعا لأبويه ولهم وجه اخر انه لا يقر عليه وبه قال أبو حنيفة واحمد لأنه حكم باسلامه قبل بلوغه فأشبه من تبع أبويه مسألة: إذا بلغ المحكوم باسلامه تبعا للدار فاعرب بالكفر فان جعلناه كافرا أصليا ففي التوقف في الاحكام الموقوفة على الاسلام اشكال أقربه انا لا نتوقف بل نمضيها كما في المحكوم باسلامه تبعا لأبويه ويحتمل التوقف إلى أن يبلغ فيعرب عن نفسه فان مات في صباه لم يحكم بشئ من احكام الاسلام وللشافعي قولان كالاحتمالين وقال أبو حنيفة واحمد انه مرتد وبالجملة فالحكم باسلام الصبي تبعا للدار انما يثبت ظاهرا لا يقينا لاحتمال ان يكون أبوه كافرا فان ادعى كافر بنوته وأقام عليه بينة لحقه وتبعه في الكفر وارتفع ما ظنناه أولا لضعف تبعية الدار ولو تجردت دعواه عن البينة فالأقرب عدم الالتفات إليه ويحكم باسلامه لأنا حكمنا له بالاسلام أولا فلا نغيره بمجرد دعوى الكافر وجاز ان يكون ولده لكن من مسلمة فلا يتبع الدين النسب وهو أظهر قولي الشافعي والثاني انه يحكم بكفره لأنه يلحقه بالاستلحاق وإذا ثبت نسبه تبعه في الدين كما لو قامت البينة على النسب ونمنع لحوقه وتبعية الدين النسب على ما تقدم وعلى كلي القولين سواء قلنا باسلامه كما اخترناه نحن أو قلنا بكفره كما قال الشافعي يحال بينه وبين مدعيه الكافر لئلا يرغبه عن الاسلام ويزهده فيه ويقرب إليه الكفر ويزينه عليه إذا ثبت هذا فان بلغ ووصف الكفر فان قلنا بتبعيته في الكفر قرر عليه لكن يهدد ويخون أولا لعله يسلم وان قلنا لا يتبعه ففي تقريره اشكال وللشافعية قولان فان قلنا يقر على كفره فان وصف كفرا يقر أهله عليه خيرناه بين التزام الجزية والرجوع إلى دار الحرب وان وصف كفرا لا يقر أهله عليه قلنا له إما ان تسلم أو تخرج إلى دار الحرب أو نصف؟ كفرا تقر أهله عليه على الخلاف قاله بعض الشافعية وليس بجيد لان هذا إما ابن حربي وقد حصل في يد المسلمين بغير عهد فيكون لواجده ويصير مسلما باسلام سابيا ويكون أحد أبويه ذميا فلا يقر على الانتقال إلى غير دين أهل الكتاب أو يكون ابن مسلم فيكون مسلما فلا وجه لرده إلى دار الحرب تذنيب: اللقيط المحكوم باسلامه؟ ينفق عليه من بيت المال إذا لم يكن له مال ولم يوجد متبرع عليه على ما تقدم إما المحكوم بكفره فاشكال ينشأ من أنه كافر فلا يعان من بيت مال المسلمين وبين؟ احتمال الانفاق عليه إذ لا وجه لتضييعه وفيه مصلحة للمسلمين فإنه إذا بلغ إما ان يسلم ويصير من المسلمين أو يعطي الجزية ان بقى على كفره وكلاهما مصلحة للمسلمين البحث الثاني: في حكم جناية اللقيط والجناية عليه مسألة:
إذا جنى هذا اللقيط فإن كان بالغا وكانت الجناية عمدا وجب عليه القصاص عينا عندنا ولا يجب المال الا صلحا وعند الشافعي يتخير ولي الجناية بين ان يقتص أو يعفو على مال فان عفى على مال كان الأرش في ذمته إما مع رضي الغريم عندنا ومطلقا عند الشافعي مغلظا يتبع إذا أيسر وإن كانت الجناية خطأ تعلقت بعاقلته وهو الامام عندنا لان ميراثه له فإنه وارث من لا وارث له وعند العامة ولبيت مال المسلمين لأنه ليس له عاقلة خاصة وماله إذا مات مصروف إلى بيت المال إرثا فلما كان بيت المال وارثا له عقل عنه وإن كانت الجناية صدرت منه قبل البلوغ فعندنا انها خطأ محض يكون على عاقلته مخففة والعاقلة عندنا هو الامام وللشافعي قولان في أن عمده عمدا وخطاء فان قلنا بأنها عمد وجبت الدية مغلظة في ماله وان لم يكن له مال فهي في ذمته إلى أن يجد وان قلنا إن عمد الصبي خطأ وجبت الدية مخففة في بيت المال ولو أتلف مالا كان الضمان عليه لا غير سواء أتلفه عمدا أو خطأ ولو كان اللقيط محكوما بكفره لم يضرب موجب جنايته على بيت المال على ما تقدم وتركته له مسألة: لو جنى على اللقيط فإن كانت خطأ وكانت على النفس أخذت الدية ووضعت في بيت المال عند العامة وعندنا للامام بناء على القولين في أن وارثه الامام أو بيت المال وإن كانت على الطرف فالدية على عاقلة الجاني ان تحملها العاقلة أو على الجاني ان قصرت عن الموضحة يستوفيه الحاكم له لأنه وليه وإن كانت الجناية عمدا فإن كانت نفسا كان للامام ان يقتص ان رأى ذلك خطأ للملاقيط وكان له العفو على مال إذا رأى ذلك صلاحا ورضى به الجاني عندنا ومطلقا عند الشافعي وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد وابن المنذر الا ان أبا حنيفة يخيره بين القصاص والمصالحة كما ذهبنا نحن إليه واختلفت الشافعية