من التركة فإذا كانت التركة مائة ونصيب المقر خمسين فأقر الوارث بخمسين للأجنبي وكذبه الأخر الذي نصيبه أيضا خمسون أخذ من نصيب المقر خمسة وعشرون وهو القدر الذي يصيبه من الدين لأنا نبسط جميع الدين على جميع التركة وقد أصاب المقر من التركة نصفها فعليه نصف الدين وبه قال الشافعي في الجديد لان الوارث لا يقر بالدين على نفسه وانما يقر على الميت بحكم الخلافة عنه فلا ينفذ اقراره الا بقدر الخلافة ولان أحد الشريكين في العبد إذا أقر بجناية لم يلزمه الا بقدر حصته فكذا هنا وفي قديم الشافعي ان على المقر توفية جميع الدين من نصيبه من التركة فإن كان وافيا والا صرف جميع نصيبه في الدين وبه قال أبو حنيفة لان الدين مقدم على الميراث فإذا أقر بدين على الميت لم يحل اخذ شئ من التركة ما بقي شئ من الدين وبه قال ابن شريح من الشافعية لان المقر في نصيبه لا يقصر عن الأجنبي في جملة التركة ولو أقر أجنبي بدين في التركة يستغرقها لزمه اقراره حتى لو وقعت التركة في يده يوما من الدهر أمر بصرفها إلى ذلك الدين وهو غلط لان المقر انما يمضي اقراره في حق نفسه والذي يصيبه من التركة نصفها فكأنه يقول إنه يستحق كذا من نصيبي ونصيب أخي فينفذ في قدر نصيبه ويكون ما عينه في نصيب أخيه لاغيا بخلاف اقرار الأجنبي لان الأجنبي أقر باستحقاق الغير لهذه التركة فإذا أخذ منها شيئا وجب دفعه إلى المقر له بخلاف المتنازع فإنه أقر فيه بجزء شايع فلزمه الدفع بالنسبة واعلم أن الخلاف هنا محمول على أن اقراره يثبت جميع الدين على الميت تبعا لثبوته على المقر أم لا يثبت الا حصته وفايدته التقدم على الوصية فعلى قول يتقدم جميع الدين المقر به على الوصايا وعلى قول حصته والمشهور الأول عند الشافعية وعلى الجديد لو مات المنكر ووارثه المقر فهل يلزمه جميع المقر به الان فيه للشافعية وجهان أصحهما عندهم نعم لحصول جميع التركة في يده مسألة لو شهد بعض الورثة على المورث بدين فإن كان عدلا وكانا اثنين ثبت الدين ولزم جميع الورثة أداؤه وان لم يكونا عدلين مضى الاقرار في قدر نصيبهما بالنسبة من الدين عندنا وقالت الشافعية ان قلنا لا يلزمه بالاقرار الا حصته يقبل وان قلنا يلزمه الجميع لم يقبل وان كانا عدلين لأنه متهم باسقاط بعض الدين عن نفسه لكن لما لم نقل بهذا المذهب لم يلزمنا ذلك كما اختاره في الوجه الأول قالوا ولا فرق بين ان يكون الشهادة بعد الاقرار أو قبله لأنه متهم بالعدول عن طريق الاقرار إلى طريق الشهادة وعليه اظهار ما على مورثه بأحد الطريقين وعند أبي حنيفة ان شهد قبل الاقرار قبل وان شهد بعده لم يقبل ولو كان في يد رجلين كيس فيه ألف دينار فقال أحدهما للثالث لك نصف ما في الكيس فالأقرب حمل اقراره على الإشاعة وان النصف المقر به من جميع ما في الكيس فان وافقه شريكه دفعا النصف كملا إلى المقر له وان كذبه في اقراره وجب على المقر دفع نصف نصيبه وهو الربع وبطل في الربع الأخر وهو أحد قولي الشافعية والثاني حمل اقراره على النصف الذي في يده بأجمعه بناء على القولين السابقين لهم وبناء على أن الخلاف فيما إذا أقر أحد الشريكين في العبد المشترك بالسوية لاخر بنصفه انه يحمل على نصيبه أم يوزع النصف المقر به على النصفين مسألة لو خلف الميت ابنين لا غير فاقر أحدهما بان أباه اوصى لزيد بعشرة فهو بمنزلة ما لو أقر عليه بدين يلزمه من الوصية نصفها بالنسبة إلى ما في يده وعلى القديم للشافعي يتعلق كل العشرة بثلث نصيبه وعلى الجديد يتعلق نصف العشرة بثلث نصيبه وهو الذي اخترناه وبه قال أبو حنيفة بخلاف ما قال في الاقرار بالدين ولو أقر أحدهما بأنه اوصى بربع ماله وأنكر الأخر فعلى المقر ان يدفع ربع ما في يده إلى الموصى له ولو أقر بأنه اوصى بعين من أعيان أمواله فإن لم يقتسما التركة فنصيب المقر من تلك العين يصرف إلى الموصى له والباقي للمنكر وان اقتسماه نظر فإن كانت تلك العين في يد المقر فعليه دفعها إلى الموصى له والباقي للمنكر وإن كانت في يد المنكر فللموصى له اخذ نصف القيمة من المقر لأنه فوته عليه بالقسمة ولو شهد المقر للموصى له قبلت شهادته ويغرم المشهود عليه نصف قيمة العين كما لو خرج بعض أعيان التركة مستحقا مسألة لو قال لعبده أعتقتك على الف وطالب بالألف فأنكر العبد وحلف سقطت دعوى المال ويحكم بعتق العبد لاقراره وكذا لو قال له بعت منك نفسك بألف وجوزناه وهو الصحيح من مذهب الشافعي ولو قال لوالد عبده بعت منك ولدك بكذا فأنكر وحلف لم يجب الألف وعتق العبد باعتراف المولى واقراره بصيرورته حرا لأنه أقر بدخول العبد في ملك أبيه ولو قال لفلان عندي خاتم ثم جاء بخاتم وقال هذا هو ما أقررت به فالأقرب وجوب التسليم عليه إلى المقر له ولو كذبه المقر له لم يجب الا إذا طلبه بعد التكذيب وصدقه وقد اختلف قول الشافعي هنا فقال في موضع يقبل منه ويجب عليه تسليمه للمقر له وقال في موضع اخر لا يلزمه التسليم قال أصحابه الأول محمول على ما إذا صدقه المقر له والثاني على ما إذا قال الذي أقررت به غيره وليس هذا لي فلا يسلم ما جاء به إليه والقول قول المقر في نفي غيره مسألة قد بينا انه إذا كان له جارية لها ولد فقال إن هذا ولدي من هذه الجارية فإنه يطالب بالبيان فإذا قال استولدته في ملكي كان حر الأصل لا ولاء عليه ولو كانت امه أم ولد له يعتق بموته من نصيب ولدها عندنا ومن رأس مال الميت عند العامة قالوا ويقدم ذلك على حقوق الغرماء لان الاستيلاد اكد من حقوقهم فإذا أقر به قدم الا ترى انه بعد الاقرار لا سبيل إلى ابطاله بخلاف الديون وعندنا ليس كذلك وسيأتي وان قال استولدتها في ملك الغير بشبهه فالولد حد الأصل وهل تصير امه أم ولد له قولان للشافعية سبقا وان قال استولدتها في ملك غيري بنكاح فان الولد يكون حرا يملكه أباه ويثبت له عليه الولاء عند العامة وعندنا لا ولاء له عليه ولا لغيره ولا تصير أم ولد وان لم يتبين حتى مات فالولد حر ولا يثبت عليه الولاء بالشك واختلفت الشافعية في الجارية فمنهم من قال لا يثبت لها حكم الاستيلاد بالشك وتباع في ديون الغرماء ومنهم من قال يثبت لها حكم الاستيلاد لان الولادة موجودة وملكه عليها موجود فالظاهر حصولها في الملك والأقوى عندي الأول مسألة قد بينا انه إذا أقر للحمل صح الاقرار على ما تقدم من التفصيل فيه فان ولدت واحدا فالمال له وان ولدت اثنين فان كانا ذكرين أو انثيين فالمال بينهما بالسوية وان كانا ذكرا وأنثى فإن كان المال عن وصية كان بينهما بالسوية وإن كان عن ميراث فللذكر ضعف الأنثى الا ان يكونا اخوة من الام فإنه يستوي فيه الذكر والأنثى وان اطلق المقر سئل عن ذلك ورجع إلى بيانه وقال بعض الشافعية انه إذا كان مطلقا كانا فيه سواء إذا ثبت هذا فان ولي الصبي يطالب المقر بالمال ويقبضه له وبه قال الشافعي واعترض المزني عليه بأنه خلاف قوله في الوكالة إذا أقر رجل بان فلانا الغايب وكله في قبض دينه وصدقه من عليه الدين لأنه لا يلزمه دفعه إليه وهذه المسألة تنافيها وأجيب بالفرق بين ان يقر بان هذا المال لزيد وهذا وارثه وبين الوكالة لان في الوكالة لا يتضمن اقراره براءة وهنا يتضمن براءة لأنه يقول ليس لهذا المال مستحق الا هذا الوارث الذي هو الصبي فلزمه باقراره دفع المال إليه أو إلى من ينوب عنه المقصد الثامن في الصلح وفيه فصول الفصل الأول في ماهيته وأركانه وفيه بحثان البحث الأول في ماهيته الصلح عقد شرع لقطع التنازع بين المتخاصمين وهو عقد سايغ بالنص والاجماع قال الله تعالى وان امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا فلا جناح عليهما ان يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وقال تعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما ومن طريق العامة عن أبي هريرة ان النبي
(١٧٦)