قد بينا ان الشركة من العقود الجايزة لكل منهما فسخها فتنفسخ حينئذ وكذا تنفسخ بموت أحدهما وجنونه واغمائه والحجر عليه للسفه كالوكالة ثم في صورة الموت ان لم يكن على الميت دين ولا هناك وصية تخير الوارث بين القسمة مع الشريك وفسخها وبين تقرير الشركة إن كان بالغا رشيدا أو كان صغيرا أو مجنونا فعلى الولي ما فيه الحظ من فسخ الشركة أو ابقائها ولا بد في تقرير الشركة من عقد مستأنف وإن كان على الميت دين لم يكن للوارث التقرير على الشركة الا ان يقضى الدين من غير مال الشركة ولو كان هناك وصية فإن كانت لمعين فهو كأحد الورثة يتخير بين التقرير والفسخ ان تعلقت الوصية بذلك المال وإن كانت لغير معين كالفقراء لم يجز تقرير الشركة الا بعد خروج الوصية فإذا خرجت الوصية بقي المال كما لو لم يكن وصية يتخير فيه الوارث بين التقرير والفسخ مسألة اطلاق الشركة يقتضي بسط الربح والخسران على قدر رؤوس الأموال لأنه نماء مالهما فكان بينهما على نسبة المالين وكذا إذا خسرا كالتلف ولو شرطا التفاوت في الربح مع تساوي المالين أو تساويهما فيه مع تفاوت المالين قال الشيخ (ره) تبطل الشركة وجعل من شرط الشركة كون الربح والخسران على قدر رأس المالين فلا يجوز ان يتفاضلا مع التساوي في المال ولا ان يتساويا مع التفاضل فيه وبه قال مالك والشافعي لان هذا الربح في هذه الشركة يتبع المال بدليل انه يصح عقد الشركة واطلاق الربح فلا يجوز تغييره بالشرط كالخسران فإنهما لو شرطا التفاوت في الخسران مع تساوي المالين أو التساوي فيه مع تفاوتهما لغي الشرط ويتوزع الخسران على المال والمعتمد جواز الشرط ولزومه لعموم قوله (ع) المسلمون عند شروطهم ولأنه شرط لا ينافي الكتاب والسنة فكان لازما كغيره من الشروط السايغة وبه قال أبو حنيفة واحمد لأنه قد يكون ابصر بالتجارة من الآخر أو اجلد منه وأقوى في العمل فيشترط له زيادة الربح في مقابلة عمله ذلك وهو أمر سايغ كما لو شرط الربح في مقابلة عمل المضارب تحقيقه ان هذه الشركة معقودة على المال والعمل معا ولكل واحد منهما حصة من الربح إذا كان مفردا فكذا إذ اجتمعا واما حالة الاطلاق فإنه لما لم يكن بينهما شرط يقسم الربح عليه وبقدره قدرناه بالمال لعدم الشرط فإذا وجد الشرط فهو الأصل فيصار إليه كالمضاربة يصار فيه إلى الشرط وإذا عدم وقالا الربح بيننا كان بينهما نصفين والحكم في الأصل ممنوع مع الفرق فان الوضيعة لا يتعلق لا بالمال بدليل المضاربة مسألة لو اختص أحدهما بمزيد عمل وشرط مزيد ربح له صح عندنا وهو ظاهر على أصلنا واصل أبي حنيفة وللشافعي قولان أحدهما صحة الشرط ويكون القدر الذي يناسب ملكه له بحق الملك والزايد يقع في مقابلة العمل ويتركب العقد من الشركة والقراض وأصحهما عندهم البطلان كما لو شرطا التفاوت في الخسران فإنه يلغو ويتوزع الخسران على المال ولا يمكن جعله شركة وقراضا فان العمل في القراض مختص بمال المالك وهنا يتعلق بملكه وملك صاحبه وقد تقدم إذا عرفت هذا فلو شرطا زيادة الربح لقاصر العمل جاز عندنا عملا بالشرط ويجئ على قول الشافعي البطلان لا يجوز مع التساوي في العمل فمع القصور (اوفى)؟ ولأنه يجوز التساوي في الربح مع التفاوت في العمل مسألة قد بينا انه يجوز التساوي في الربح مع تفاوت المالين والتفاوت في الربح مع تساوي المالين بالشرط والشيخ (ره) قال إذا شرطا ذلك بطلت الشركة وهو قول الشافعي وإذا فسد الشرط عند الشافعي لم يؤثر ذلك في فساد التصرفات لوجود الاذن فيكون الربح على نسبة المالين ثم يرجع كل منهما على صاحبه بأجرة مثل عمله في ماله فان تساوى المالان والعملان كان نصف العمل كل واحد منهما يقع في ماله فلا يستحق به اجرة والنصف الواقع في مال صاحبه يستحق صاحبه مثل بدله عليه فيتقاصان وان تفاوتا في العمل خاصة فكان عمل أحدهما يساوي مائة وعمل الآخر يساوي مائتين فإن كان عمل المشروط له الزيادة أكثر فنصف عمله مائة ونصف عمل الآخر خمسون فيبقى له خمسون بعد المقاصة وإن كان عمل صاحبه أكثر ففي رجوعه بالخمسين على المشروط له الزيادة وجهان للشافعية أحدهما الرجوع كما لو فسد القراض يستحق العامل أجرة المثل وأصحهما عندهم المنع وهو محكى عن أبي حنيفة لأنه عمل وجد من أحد الشريكين لم يشترط عليه عوض والعمل في الشركة لا يقابله عوض بدليل ما إذا كانت الشركة صحيحة وزاد عمل أحدهما فإنه لا يستحق على الآخر شيئا ويجري الوجهان فيما إذا فسدت الشركة واختص أحدهما بأصل التصرف والعمل هل يرجع بنصف اجرة عمله على الآخر وان تفاوتا في المال خاصة فكان لأحدهما مثلا الف وللآخر الفان فلصاحب الأقل ثلثا المائة على صاحب الأكثر وصاحب الأكثر ثلث المائة عليه فيكون الثلث بالثلث قصاصا يبقى لصاحب الأقل ثلث المائة ثلث وثلثون وثلث وان تفاوتا فيهما بان كان لأحدهما الف وللآخر الفان فإن كان عمل صاحب الأكثر أكثر بان كان عمله يساوي مأتين وعمل الآخر مائة فثلثا عمله في ماله وثلثه في مال صاحبه وعمل صاحبه على العكس فيكون لصاحب الأكثر ثلث المأتين على صاحب الأقل ولصاحب الأقل ثلث المائة على صاحب الأكثر وقدرهما واحد فيقع في التقاص وإن كان عمل صاحب الأقل أكثر والتفاوت كما صورناه فثلث عمل صاحب الأقل في ماله وثلثاه في مال شريكه وثلثا عمل صاحب الأكثر في ماله وثلثه في مال شريكه فلصاحب الأقل ثلثا المأتين على صاحب الأكثر وهما مائة وثلثه وثلثون وثلث ولصاحب الأكثر ثلث المائة على صاب الأقل وهو ثلثه وثلثون وثلث فيبقى بعد التقابص لصاحب الأقل مائة على الآخر وللشافعية قول اخر ان الشركة يفسد بهذا الشرط فتبطل التصرفات والأكثر جزموا بنفوذ التصرفات ويوزع الربح على المالين وتجب الأجرة في الجملة ومعنى الفساد إن كان واحد منهما يرجع على صاحبه بأجرة عمله في ماله ولو صح عقد الشركة لم يرجع لأنه لا يثبت استحقاق الأجرة وهذا لا يتأتى على مذهبنا حيث اخترنا صحة هذا الشرط ومعنى هذا الفساد المذكور عند تغير نسبة الربح جاز في ساير أسباب فساد الشركة ولو لم تكن بين المالين شيوع ولا خلط فلا شركة على التحقيق وثمن كل واحد من المالين يختص بمالكه ولا يقع مشتركا مسألة لو تفاوتا في المال ولم يشترطا التساوي ولا التفاوت والتوزيع على قدر المالين بل اطلقا فان الربح يكون على نسبة المالين ويكون زيادة العمل تبرعا من صاحبه ويحتمل ان يثبت للزيادة أجرة المثل كما لو استعمل صانعا ولم يذكر له اجرة ولو شرط زيادة الربح لمن ازداد عمله ففي اشتراط استبداده باليد للشافعية وجهان وكذا لو شرطا انفراد أحدهما بالعمل وجه لهم كشرطه في القراض وفي وجه لا على قضية الشركة والخلاف في جواز اشتراط زيادة الربح لمن زاد عمله فيما إذا اشترطا انفراد أحدهما بالتصرف وجعلا له زيادة الربح وفي وجه لهم يجوز هنا ولا يجوز فيما إذا اشتركا في أصل العمل لأنه لا يدري ان الربح بأي عمل حصل فيحال به على المال مسألة كل واحد من الشريكين امين يده يد أمانة على ما تحت يده كالمستودع والوكيل يقبل قوله في الخسران والتلف مع اليمين كالمستودع والوكيل إذا ادعى التلف سواء أسند التلف إلى سبب ظاهر أو خفي وقال الشافعي إذا أسند التلف هو أو المستودع إلى سبب ظاهر طولب بالبينة عليه فإذا أقامها صدق في الهلاك وإذا ادعى أحد الشريكين خيانة على الآخر لم تسمع الدعوى حتى يحررها بان يعين القدر الذي أدعاه من الخيانة على اشكال فإذا بين القدر وسمعت وكان عليه البينة فان فقدت كان له احلاف الشريك ولو ادعى رد المال إلى الشريك قبل قوله مع اليمين كالمستودع والوكيل وبغير جعل وبه قال الشافعي وعندي فيه نظر
(٢٢٥)