انقضت ويحتمل ان لا يقلعه مجانا ولا يجبر المستأجر على قلعه إلا أن يضمن له المالك نقص غرسه فيجبر حينئذ وهو قول الشافعي لأنه بناء محترم لم يشرط قلعه فأشبه العارية الموقتة قال ظاهر مذهب الشافعي فيها ان بناء المستعير لا يقلع بعد المدة وربما فرق بان فايدة التأقيت في الإعارة طلب الأجرة بعد المدة وهنا الأجرة لازمة في المدة فلا فايدة إلا القلع ولقائل أن يقول نمنع ان الفايدة في الإعادة طلب الإجارة بعد المدة وإن الفايدة هنا القلع لجواز ان يكون الغرض في الصورتين المنع من احداث الغرس والبناء بعد المدة وأن يكون الغرض هنا العدول إلى أجرة المثل بعد المدة وأيضا قال (ع) ليس لعرق ظالم حق فمفهومه ان ما ليس بظالم له حق وهذا ليس بظالم وهو ممنوع إما أولا فللمنع من دلالة المفهوم واما ثانيا فلانا لا نسلم انتفاء الظلم بل هو بعد المدة ظالم بالابقاء والاذن في وقت لا يستلزم الدوام والا لكان في العارية كذلك ولأنه لو لم يكن ظالما لم يلزمه الأجرة لأنه يكون حينئذ مستحقا للابقاء إذا عرفت هذا فإن للمالك إذا اختار دفع قيمة البناء والغرس إلى المستأجر وتملكهما جاز ان وافقه المستأجر عليه وإن امتنع لم يكن له ذلك وإن اختار المالك ان يقلع البناء والغراس ويغرم نقصهما كان له ذلك سواء رضي الغارس والباني أو لا لان للمالك تفريغ ملكه من مال غيره إذا لم يكن مستحقا للشغل ولا شك انه بعد المدة لا يستحق المستأجر بنقل ملك المؤجر وإن اختار وان يقر البناء والغراس ويأخذ من المستأجر أجرة المثل ان رضي المستأجر فذاك وإن امتنع لم يجبر عليه وقال الشافعي يتخير المالك بين دفع قيمة البناء والغرس فيملكهما وبين مطالبته بالقلع من غير ضمان وبين تركه فيكونان شريكين وهو خطأ لان الغرس ملك الغارس ولم يدفع إليه عوضه ولا رضي بزوال ملكه عنه فلا يزول ملكه عنه كغيره من الغروس وإن اتفقا على بيع الغرس والبناء للمالك جاز وإن باعهما صاحبهما لغير مالك الأرض جاز ويكون المشتري مع المالك كالغارس معه وقال بعض الشافعية ليس له بيعهما لغير مالك الأرش لان ملكه متزلزل لان لصاحب الأرض تملكه عليه بالقيمة من غير اذنه وهو ممنوع سلمنا لكن ينتقض ما ذكره بالشفيع فإن له تملك الشقص ويجوز بيعه لغيره إذا عرفت هذا فان قلنا المالك ليس له القلع مجانا فالكلام في أن المالك يتخير بين ان يقلع ويغرم أرش النقصان مع نقصان الثمار إن كانت على الأشجار ثمار أو يتملك عليه بالقيمة أو يبقى بأجرة يأخذها أو لا يتخير الا بين الأولتين من الخصال الثلاث بناه الشافعي على ما إذا رجع المعير عن العارية وإذا انتهى الامر إلى القلع فمباشرة القلع ويدل مؤنته على المؤجر أو المستأجر للشافعية وجهان أحدهما انه على المؤجر لأنه الذي اختاره وأصحهما انه على المستأجر لأنه الذي شغل الأرض فليفرغها وإذا عين المؤجر خصلة وامتنع المستأجر ففي اجباره ما ذكره في اجبار المستعير فإن أجبر كلف تفريغ الأرض مجانا والا لم يكلف بل هو كما لو امتنع المؤجر من الاختيار وحينئذ يبيع الحاكم الأرض وما فيها أو يعرض عنها فيه خلاف بينهم ويخرج من ذلك في التفريغ مجانا وجهان أحدهما يكلف ليرد الأرض كما اخذ وثانيهما المنع ولا يبطل حقه من العوض بامتناعه كما أن من منع المضطر طعامه يؤخذ منه قهرا ويسلم إليه العوض والإجارة الفاسدة للغراس والبناء كالصحيحة في تخير المالك ومنع القلع مجانا وقد عرفت الحق عندنا في ذلك البحث الثالث فيما يتعلق بالدواب مسألة إذا استأجر دابة للركوب وجب على مالك الدابة القيام بكل ما جرت العادة ان يوطأ به المركوب للراكب من الحداجة للجمل القتب والحزام والزمام الذي يقاد به البعير والبرة التي في أنف البعير إن كان العادة جارية بينهم بها وإن كان المركوب فرسا كان عليه السرج واللجام والحزام وإن كان بغلا أو حمارا فالبرذعة والاكاف والحزام والثفر وذلك لتعذر الركوب من دونها ولان العرف قاض بذلك فيحمل الاطلاق عليه وللشافعية في السرج ثلاثة أوجه أحدها لزومه كالاكاف وثانيهما المنع لاضطراب العادة فيه والثالث اتباع العادة فيه فإن قضت بلزومه على المؤجر وجب قيامه به والا فلا وقال بعض الشافعية موجر الدابة لا يلزمه الا تسليمها عارية والآلات كلها على المستأجر وقال قوم منهم يجب على المؤجر ما عدا السرج والاكاف والبرذعة وفصل في الثلاثة بين ان يكون الإجارة على عين الدابة فهى على المستأجر ويضمن لو ركب بغير سرج واكاف وإن كانت في الذمة فهي على المؤجر لأنها للتمكين من الانتفاع واما ما هو للتسهيل على الراكب كالمحمل والمحارة والمظلة والوطاء الذي يشد فوق الحداجة تحت المحمل والحبل الذي يشد به المحمل على الحبل والذي يشد به أحد المحملين إلى الأخر فهى على المستأجر والعرف مطرد به ولبعض الشافعية في الذي يشد به أحدهما إلى الأخر وجهان وهو بعيد مع القطع في نفس المحمل وساير توابعه المذكورة بأنها على المستأجر وفي شد أحد المحملين إلى الأخر للشافعية وجهان أحدهما انه على المكرى كالشد على الجمل والثاني على المكتري لأنه اصطلاح ملكه وكل ذلك فيما إذا اطلقا إما لو قال اجرتك هذه الدابة العارية بلا أكاف ولا حزام ولا غير ذلك فإنه لا يلزمه شئ من الآلات ولو شرط عليه ما لا يجب عليه كالمحمل والمحارة والكنيسة وغير ذلك وجب عليه عملا بالشرط مسألة إذا استأجر الدابة للحمل فالوعاء الذي ينقل فيه المحمول على المكترى ان وردت الإجارة على عين الدابة وعلى المكرى إن كانت في الذمة لأنها إذا وردت على العين فليس عليه الا تسليم الدابة بالاكاف وما في معناه وإذا كانت في الذمة فقد التزم النقل فعليه تهيئة أسبابه والعادة تؤيده وإذا استأجر للاستقاء فالدلو والحبل كالوعاء في الحمل فيلزم المكرى إن كانت الإجارة في الذمة وقال بعض الشافعية انه إن كان الرجل معروفا بالاستقاء بآلات نفسه لزمه الاتيان بها وهذا يجب طرده في الوعاء وقال الجويني بالفرق في اجارة الذمة بين ان يلتزم الغرض مطلقا ولا يتعرض للدابة فتكون الآلات عليه وبين ان يتعرض لها بالوصف فحينئذ يتبع العادة فإن اضطربت العادة احتمل الأمران لان التعرض للدابة يشعر بالاعتماد على الاتيان بها ومتى راعينا اتباع العادة واضطربت فالأقوى اشتراط التقييد في صحة العقد واما مؤنة الدليل والسايق والبدرقة وحفظ المتاع في المنزل فقال بعض الشافعية انه كالوعاء والأقرب انه على المستأجر مسألة لا بد من رؤية الطعام المحمول للاكل في الطريق كغيره من المحمولات أو تقديره بالوزن لاختلافه قلة وكثرة وثقلا وخفة فيختلف الأغراض باعتبار اختلافه وقال بعض الشافعية لا حاجة إلى تقديره بل يرد الامر فيه إلى العادة ولا حاجة إلى تقدير ما يؤكل منه كل يوم لصحة العقد وهو أحد وجهي الشافعية والوجه الثاني انه لا بد من تقديره وإذا قدره وحمله فإن شرط انه يبدله كلما انتقص أو شرط عدم الابدال اتبع الشرط والا فان تلف بعضه أو كله بسرقة أو سقوط أو اكل غير معتاد وبالجملة بسبب غير الاكل المعتاد فله الابدال كساير المحمولات بلا خلاف وإن فنى بالاكل المعتاد احتمل ذلك أيضا لأنه استحق حمل مقدار معين فملك مقدار ما نقص منه كما لو انتقص بسرقة أو سقوط وكغيره من المحمولات إذا باعها أو تلفت وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أصح القولين واختاره المزني ويحتمل عدم الابدال لقضاء العرف بان الزاد ينقص فلا يبدل ولم تجر العادة بان الطعام يبدل لكل قدر يؤخذ فحمل العقد عند الاطلاق على العرف وصار كالمصرح به وقال الشافعي القياس ان له ابداله ولو قيل ليس له ابداله كان مذهبا لان العادة ان الزاد لا يبقى جميع المسافة ولذلك يقل اجره عن اجرة المتاع وقال بعض الشافعية إذا اطلق حمل الزاد ولم يشترط الابدال ولا عدمه فإن فنى بعضه أو كله بسرقة أو تلف أو سقوط فله الابدال فان فنى بالاكل فإن فنى الكل فكذلك وحكى الجويني وجها انه لا يبدل فإن المكترى انما يحمله ليؤكل ثم المكترى يشترى في كل مرحلة قدر الحاجة والمشهور عندهم الأول وإن ففي بعضه فقولان الابدال وهو قول أبي حنيفة كما تقدم والعدم وموضع القولين ما إذا كان يجد الطعام في المنازل المستقبلة بسعر المنزل الذي هو فيه إما إذا لم يجده أو وجده بسعر ارفع فله الابدال لا محالة وعلى القول بأنه لا حاجة إلى تقدير الزاد وحمل ما يعتاد لمثله لم يبدله حتى يفني الكل مسألة إذا استأجر الدابة للركوب في الذمة وجب على المؤجر الخروج مع الدابة ليسوقها ويتعهدها
(٣١٤)