حكم له به وان أقام كل واحد منهما بينة تعارضت البينتان وان لم يكن لكل واحد منهما بينة حلف كل واحد منهما وقسم أو وقف حتى يصطلحا وان حلف أحدهما ونكل الأخر حكم به للحالف هذا إذا لم يبين فاما إذا بين فقال هو لهذا فإنه يكون له ولا يغرم للاخر قولا واحدا لأنه لم يقر به للاخر بخلاف قوله هذا لزيد لا بل لعمرو فان قال الآخر حلفوه انه ليس لي فان قلنا إنه لو عاد فاقر للاخر لم يغرم له لم يحلفه لأنه إذا نكل لم يلزمه شئ وان قلنا يغرم عرضنا عليه اليمين فان حلف سقطت الدعوى وان نكل حلف المدعي وغرم مسألة لو كان معه عشرة أعبد فقال هؤلاء العبيد لفلان الا واحدا صح الاستثناء لان الاقرار بالمجهول صحيح وكذا الاستثناء لان مقتضاه تجهيل المقر به وهو غير قادح في الاقرار ثم يطالب بالبيان فان عين الاستثناء في واحد صح تعيينه وكان القول قوله فان عين الواحد الذي استثناه كان الباقي للمقر له ولو عين ما للمقر به جاز وكان الواحد الفاضل له فان خالفه المقر له وقال ليس هذا الذي استثنيته كان القول قول المقر مع يمينه لان ذلك بيان لاقراره وهو اعلم بما أقر به واستثناه فان هلك منها تسعة وبقي واحد فالوجه انه يقبل لو عين الاستثناء في الباقي وهو أصح وجهي الشافعية لان التفسير يعتبر وقت الاقرار وتفسيره لا يرفع جميع المقر به وانما تعذر تسليم المقر به إليهم لا لمعنى يرجع إلى التفسير وجرى ذلك مجرى ما لو قال هؤلاء العبيد لفلان الا غانما ثم مات الكل الا غانما كان غانم للمقر ولم يبطل ذلك اقراره كذا هنا والثاني لهم لا يقبل منه ان يدعي انه له لان تفسيره بذلك يؤدي إلى أن لا يجعل للمقر له شيئا مسألة إذا أقر بمال لزيد لزمه وكان مؤاخذا باقراره وهو المشهور من مذهب الشافعي عملا بمقتضى الاقرار وقال بعض الشافعية انه لا يلزمه حتى يسأل المقر عن سبب اللزوم لان الأصل براءة الذمة والاقرار ليس موجبا في نفسه وأسباب الوجوب يختلف فيها بين العلماء فربما توهم ما ليس بموجب موجبا وهذا كما أن الجرح المطلق لا يقبل وكما لو أقر بان فلانا وارثه لا يقبل حتى يبين جهة الوراثة ولو قال علي ألف درهم والا لفلان علي ألف دينار لزمه هذا للتأكيد ولو قال وهبت منك كذا وخرجت منه إليك لم يكن مقرا بالجواز ان يريد بالخروج منه الهبة وقال القفال أنه يكون مقرا بالقبض لأنه نسب إلى نفسه ما يشعر بالاقباض بعد العقد المفروغ عنه ولو قال وهبته ثم قال لم اقبضه سمع منه ذلك وكان دعوى ترك الاقباض مسموعة لان الهبة لا تستلزم الاقباض لكن لا يلزم الا به وكذا الرهن والوقف وكل ما يشترط فيه القبض ولو قال وهبته وملكته ثم ادعى نفي الاقباض لم يسمع منه لان الهبة انما تملك بالقبض الا ان يعتقد مذهب مالك فتسمع منه هذه الدعوى لأنه يعتقد الملكية بالهبة المجردة عن الاقباض مسألة لو أقر الأب بعين ماله لولده لم يكن له الرجوع في اقراره فان رجع لم يقبل منه لان الأصل بقاء الملك للمقر له وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم له الرجوع لأنه لا يمكن ان يكون مستند اقراره ما يمنع الرجوع ويمكن ان يكون مستنده ما لا يمنع كالهبة فيثبت له الرجوع تنزيلا للاقرار على أضعف الملكين وادنى السببين كما ينزل على أقل المقدارين وقال آخرون ان أقر بانتقال الملك منه إلى الابن فإنه يثبت له الرجوع وان أقر بالملك المطلق لم يكن له الرجوع ولو أقر في وثيقة بأنه لا دعوى له على فلان ولا طلبة بوجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب ثم قال انما أردت في عمامته أو في قميصه لا في داره وبستانه قال بعض الشافعية انه يقبل بمقتضى القياس لان غايته تخصيص عمومه وهو محتمل ويشكل بما إذا قال كل هذه الدراهم لزيد ثم قال لم أرد هذا الدرهم منها الفصل الرابع في تعقيب الاقرار بما يرفعه وفيه بحثان الأول في الاستثناء مسألة الاستثناء جائز في الاقرار وغيره والأصل فيه قوله تعالى فسجد الملائكة كلهم أجمعون الا إبليس وقوله تعالى فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما وهو كثير في القرآن والسنة ولسان العرب بشرط اتصاله بالمستثنى منه وعدم استغراقه له فان سكت بعد الاقرار طويلا أو شرع في كلام أجنبي عما هو بصدده ثم استثنى لم يصح والرواية عن ابن عباس متأولة وكذا قوله (ع) إن شاء الله ولو كان الاستثناء مستغرقا بطل فلو قال له علي عشرة الا عشرة كان الاستثناء لغوا وتثبت العشرة لبطلان الاستثناء في لغة العرب وعدم انتظامه بين أرباب اللسان والأصل فيه انه رجوع وابطال لما أقر به لا بالكلية فكان باطلا وقواعد الاستثناء خمس آ حكم الاستثناء والمستثنى منه متناقضان فالاستثناء من النفي اثبات وبالعكس ب الاستثناء المتكرر مع حرف العطف يعود إلى المستثنى منه ولو خلا عن حرف العطف فان زاد الثاني على الأول أو ساواه عادا معا إلى المستثنى منه كما في العطف وان نقص عنه كان الاستثناء الثاني عايدا إلى الاستثناء الأول والاستثناء الأول إلى المستثنى منه وتناقضا ج إذا ورد الاستثناء عقيب جمل متعددة معطوف بعضها على البعض فالأقوى عود الاستثناء إلى الجملة الأخيرة الا مع القرينة د الاستثناء من الجنس جايز اجماعا ومن غيره جايز على الأقوى ه الاستثناء المستوعب والزايد باطل اجماعا واما الأقل فإنه جايز سواء زاد المستثنى على الباقي أو ساواه أو نقص عنه وقال ابن درستويه وأحمد بن حنبل لا يجوز ان يستثنى الا الأقل من الباقي لأنه لم يوجد في كلام العرب الا ذلك واللغة توقيف ولان الاستثناء في الأصل استدراك لما غفل المتكلم عنه ولا يتأتى ذلك الا في القليل إما المساوي والازيد فيبعد الغفلة عنه والنسيان له وهو يبطل بقوله تعالى ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين وهو يقتضي كون الغاوين أقل على ما ذهبوا إليه وقال في موضع آخر لأغوينهم أجمعين الا عبادك منهم المخلصين وذلك يقتضي كون المخلصين أقل وهو تناقض وقال الشاعر أدوا التي نقصت تسعين من مائة ثم اطلبوا حكما بالحق مقوالا وهذا استثناء للتسعين من المائة أو هو في معنى الاستثناء مسألة لا خلاف في أن الاستثناء من الاثبات هو نفي لان الاستثناء مشتق من الثني وهو الصرف والصرف انما يكون من الاثبات إلى النفي وبالعكس ولان الاستثناء في الحقيقة اخراج بعض ما تناوله اللفظ عن الحكم الثابت للمستثنى منه على وجه لولاه لدخل فيه ولا ريب ان الحكم بالاثبات مخالف للأصل وهو القدم في جميع الأشياء فإذا اخرج بعض الجملة من الحكم الاثباتي بقي على أصالة العدم نفي على أصالة العدم فكان نفيا واما الاستثناء من النفي فهو اثبات عند المحققين لأنه اخراج من النفي ولا خروج عن النقيضين فيكون مثبتا ولأنه لولا ذلك لم يكن قولنا لا إله إلا الله توحيدا ولما كان كافيا في الاسلام ولا خلاف في الاكتفاء به فان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا جاءه الأعرابي وتكلم بهذه اللفظة وبالشهادة بالرسالة له عليه السلام حكم بتمام اسلامه ولو لم يكن الاستثناء من النفي اثباتا لم يكن ذلك اثباتا لله تعالى وقال أبو حنيفة الاستثناء من النفي ليس باثبات لثبوت الواسطة بين الحكم بالثبوت والحكم بالنفي وهو نفي الحكم وليس بصحيح لما تقدم مسألة إذا قال له علي عشرة الا تسعة فقد بينا ان الاستثناء يناقض المستثنى منه والمناقض للثبوت عدم ولو قال له علي عشرة الا واحدا لزمه تسعة وهو قول أكثر العامة وقال مالك منهم لا يصح استثناء الآحاد من العشرات ولا المآت من الألوف وانما يصح استثناء الآحاد والعشرات من المئات والألوف ونقل عنه أيضا انه لا يصح الاستثناء في الاقرار أصلا وكلاهما باطل لأنه مخالف لمصطلح الفصحاء ولما ورد به الكتاب العزيز والسنة المتواترة واستعمال أهل اللغة مسألة لو قال له علي عشرة الا تسعة الا ثمانية فهو اقرار بتسعة والمعنى الا
(١٦٣)