لصاحب العلف مضمون عليه دون الباقي مسألة لا يجوز للعامل ان يعامل غيره في البستان الذي عومل عليه وبه قال أبو يوسف وأبو ثور واحمد لأنه عامل في المال (يخر) من نمائه فلم يجز ان يعامل غيره فيه كالمضارب ولأنه انما اذن له خاصة واستأمنه دون غيره فلم يجز ان يعامل غيره كالوكيل وقال مالك يجوز ان جاء برجل امين وقال بعض الشافعية إن كانت المساقاة في الذمة فللعامل ان يساقي غيره لينوب عنه ثم إن شرط له من الثمار مثل ما شرط المالك له أو دونه فذاك وان شرط له أكثر من ذلك فعلى الخلاف في تفريق الصفقة ان جوزناه وجب للزيادة أجرة المثل وان لم يجوزه فللجميع وإن كانت المساقاة على عينه لم يكن ان يستنيب ويعامل غيره ولو فعل انفسخت المساقاة بتركه العمل وكانت الثمار كلها للمالك ولا شئ للعامل الأول واما العامل الثاني فإن كان عالما بفساد العقد فلا شئ له وإلا استحق أجرة المثل والمعتمد ما قلناه مسألة تصح المساقاة على ما يشرب من النخل بعلا أو عذبا كما تجوز فيما يحتاج إلى سقي وبه قال مالك ولا نعرف فيه مخالفا عند من يجوز المساقاة لان الحاجة تدعو إلى المعاملة في ذلك كدعائها إلى المعاملة فيما يحتاج إلى السقي فكان جايزا كغيره لوجود العلة فيهما معا ولو عجز العامل عن العمل لضعفه ضم إليه غيره ولا ينتزع من يده لان العمل مستحق عليه ولا ضرر في بقاء يده عليه ولو عجز بالكلية أقيم مقامه من يعمل والأجرة في الموضعين على العامل لان عليه توقية العمل وهذا من توفيته مسألة يكره ان يشرط أحدهما لنفسه مع الحصة شيئا من ذهب أو فضة وان شرط ذلك وجب الوفاء به مع سلامة الثمرة فلو تلفت بآفة من الله تعالى لم يلزم الشرط ومنع العامة جواز ذلك وأبطلوا المساقاة لأنه ربما لا يحدث من الثمار ما يساوي ذلك الدراهم فيتضرر رب المال ولهذا منعوا من اشتراط أقفزة معلومة في المزارعة ولو شرط له دراهم مفردة عن الجزء لم يجز عندهم ولو جعل له ثمرة سنة غير السنة فسد العقد سواء جعل ذلك كل حقه أو بعضه أو جميع العمل أو بعضه لأنه يخالف موضوع المساقاة إذ موضوعها ان يعمل في شجر بحر؟ مشاع من ثمرته في ذلك الوقت الذي تستحق عليه فيه العمل ولو ساقاه سنتين وشرط له الحصة في كل واحدة منهما جاز سواء اتفقت البستان أو اختلفت ولو شرط له نماء إحدى السنتين وللآخر الأخرى لم يجز لامكان انفراد كل واحدة منهما بجميع الحاصل بان تحمل سنة وتحيل أخرى إما لو كانت مدة كل واحد منهما يبعد الحيلولة فيها فالأقوى الجواز كما لو ساقاه عشر سنين للمالك كل ثمرة الست الأولى وللعامل كل ثمرة الا ربع الأخيرة فالأقرب الجواز لان حيلولة النخل في كل واحد من المدتين بأسرها لا يقع بالعادة ولو كان النخل يسيرا في ارض كثيرة فزارعه على تلك الأرض وشرط العامل ثمرة النخلات اليسيرة له جاز عندنا وبه قال مالك وقال الشافعي واحمد وابن المنذر لا يجوز لأنه اشترط الثمرة بأجمعها فلم يجز وليس بجيد لأنا فرضنا العقد مزارعة لا مساقاة وشرط مالك ان يكون النخل بقدر الثلث أو أقل وليس بمعتمد بل يجوز عندنا وكثر النخل وكذا لو ساقاه على النخل وشرط له الانتفاع بالأرض بأجمعها جاز عندنا ولو اجره بياض الأرض وساقاه على النخل الذي بينها في عقد واحد جاز عندنا لأنهما عقدان يجوز افراد كل واحد منهما عن صاحبه فجاز الجمع بينهما كالبيع والإجارة ومنع منه بعض العامة بناء على الوجه الذي منعوا فيه من الجمع بين البيع والإجارة في عقد واحد واعلم أنه لا فرق عندنا في الجواز بين ان يفعل حيلة وتوصلا إلى شراء الثمرة قبل وجودها أو قبل بدو صلاحها أو لا ومنع احمد إذا كان حيلة سواء جمع بين العقدين أو عقد أحدهما بعد الأخر لان الحيل كلها باطلة تذنيب الخراج على النخل الذي في الأرض الخراجية على المالك دون العامل لأنه يجب على الأصول سواء أثمرت أو لم تثمر ولو شرطه المالك على العامل أو عليهما معا جاز المقصد التاسع في السبق والرماية وفيه فصلان الأول في السبق وفيه مباحث الأول في تسويغه مسألة عقد السبق والرمي شرع للاستعداد للقتال وممارسته النضال لدعاء الحاجة إليه في جهاد العدو وقد ثبت جوازه بالنص والاجماع إما النص فالكتاب والسنة قال الله تعالى يا أبانا انا ذهبنا نستبق فأخبر الله تعالى بذلك ولم يعقبه بانكار فدل على مشروعيته عندنا قال تعالى واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل وروى عقبة بن عامر ان النبي صلى الله عليه وآله قال الا ان القوة الرمي قاله ثلثا وجه الاستدلال ان الله تعالى امرنا باعداد الرمي ورباط الخيل للحرب ولقاء العدو والاعداد لذلك انما يحصل بالتعلم والنهاية في التعلم المسابقة بذلك ليكد كل واحد نفسه في بلوغ النهاية والحدق فيه واما السنة فما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا سبق الا في نصل أو خف أو حافر والنصل لشمل النشاب وهي للعجم والسهم وهو للعرب والمزاريق وهي الرد ينيات والرماح والسيوف كل ذلك من النسل واسمه صادق على الجميع واما الخف كالإبل والفيلة واما الحافر فيشمل الخيل والبغال والحمير وسئل انس بن مالك هل كنتم تراهنون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال نعم راهن رسول الله صلى الله عليه وآله على فرس له فسبق فسر بذلك وأعجبه وروى أن النبي صلى الله عليه وآله سابق بين الخيل المضمرة التي قد أضمرت من الحقيباء إلى ثنية الوداع وبينهما خمسة أميال أو ستة والحقيبا تمد وتقصير وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بنى زريق وبينهما ميل والمضمرة بتسكين الضاد وتخفيف الميم هو المشهور في الخبر وروي بفتح الضاد وتشديد الميم وروي انه كان لرسول الله صلى الله عليه وآله ناقة يقال لها الغضباء إذا سابقت سبقت فجاء اعرابي على بكر له فسبقها فاشتد ذلك على المسلمين واغتموا لذلك فقيل يا رسول الله سبقت الغضباء فقال (ع) حق على الله ان لا يرفع شيئا في الأرض إلا وضعه وفي بعضها ان لا يرفع شيئا في الناس إلا وضعه وقال (ع) رهان الخيل طلق اي حلال ومر رسول الله بقوم من الأنصار يرامون فقال رسول الله صلى الله عليه وآله انا مع الحزب الذي فيه ابن الأورع فامسك الحزب الأخر وقالوا ان نغلب؟ حزب فيه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال ارموا فاني ارمي معكم فرمى مع كل واحد منهم رشقا فلم يسبق بعضهم بعضا ولم يزالوا يترامون وأولادهم أولادهم لا يسبق بعضهم وعن سلمة بن الأكوع قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله على قوم من أسلم يتناسلون بالسيوف فقال ارموا بني إسماعيل فان أباكم راميا ومن طريق الخاصة قولهم (ع) ان الملائكة تنتفز عند الرهان وتلعن صاحبه ما خلا الحافر والخف والريش والنسل واما الاجماع فلا خلاف بين الأمة في جوازه على الجملة وان اختلفوا في تفاصيله مسألة ويجوز شرط المال في عقد السبق والرمي معا عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال رهان الخيل طلق اي حلال وقيل لعثمان هل كنتم تراهنون على عهد رسول الله قال نعم وقال (ع) لا سبق إلا في نسل أو خف أو حافر والا ثبت من الرواية السبق بفتح الباء وهو المال الذي يدفع إلى السابق وروى السبق بالتسكين وهو مصدر سبق يسبق ولان الحاجة تدعو إليه لان هذا الفعل أمر مطلوب للشارع لما فيه من فايدة الاستعداد للقتال في جهاد أعداء الله تعالى الذي هو من أعظم أركان الاسلام وشرط المال فيه مقتضى الرغبة والشوق إليه فكان سايغا كالافعال التي يصح بذل المال عليها كافعال الإجارة والجعالة التي قد لا يندب الشارع إليها فتسويغ هذه يكون أولي وقال أبو حنيفة لا يجوز شرط المال في المسابقة ولا المرامات لأنه قمار وعنه رواية أخرى والدليل ممنوع البحث الثاني في تفسير الألفاظ يستعمل في هذا الباب السبق بفتح الباء العوض وهو الحظر والندب والرهن والقرع والوجب يقال سبق بتشديد الباء إذا اخرج السبق
(٣٥٣)