في العين إن كانت باقية وقيمتها إن كانت تالفة فالأول أصح لأنا إذا أوجبنا الغرم لم يجعل ليمينه تأثيرا لان رب الثوب لو حلف ونكل الخياط سقطت الأجرة ووجب الغرم فلا يجب مثل ذلك مع يمينه ويفارق المبيع لان يمينه لم يقع على اسقاط القيمة وهنا يقتضي اسقاط الغرم فافترقا وإذا قلنا يجب الغرم فكم يغرم على القولين السابقين أحدهما ما بين قيمته مقطوعا يصلح للقميص ومقطوعا قباء والثاني ما بين قيمته صحيحا ومقطوعا قباء وعن أحمد رواية أخرى ان صاحب الثوب ان لم يكن ممن يلبس الأقبية فالقول قوله وعلى الصانع الغرم بما نقص بالقطع وضمان ما أفسد ولا اجرة له لان قرينة حال المالك تدل على صدقه فترجح دعواه بها كما لو اختلفا في حايط لأحدهما عليه عقد أو أزج؟ رجحنا دعواه ويرجح أحد الزوجين في متاع البيت بما يصلح له ولو اختلف صانعان في الآلات التي في دكانهما رجحنا كل واحد منهما فيما يصلح له ولا بأس به مسألة كل موضع أوجبنا للخياط الأجرة وجب عليه تسليم الثوب مخيطا كما هو سواء كانت الخيوط من الثوب أو من عند الخياط لأنها تابعة للثوب فإذا لم يوجب له الأجرة فإن كان الثوب مخيطا بخيوطه منه لم يكن للخياط فتقه وكان له اخذه مخيطا لأنه عمل في ملك غيره عملا مجردا عن عين مملوكه فلم يكن له ازالته كما لو نقل ملك غيره من موضع إلى موضع لم يكن له رده إلا بمطالبة صاحبه وإن كان قد خاطه بخيوط للخياط كان له نزعها لأنه عين ماله كالصبغ ولو قال رب الثوب انا أشد في كل خيط خيطا حتى إذا سله دخل خيوط المالك في الدرز وصار خيط رب الثوب مكان خيط الخياط لم يجب على الخياط اجابته إلى ذلك لأنه انتفاع بملكه وتصرف فيه فلا يجوز الا برضاه ولو أراد المالك دفع قيمة الخيوط إلى الخياط لم يلزم الخياط اجابته إلى ذلك لأنها ملكه ولا يتلف بأخذها ما له حرمة فان اتفقا على تعويضه عنها جاز لان الحق لهما وكذا البحث لو اختلفا في الصبغ فقال المالك ما امرتك بصبغه اسود بل احمر وادعى الصابغ انه امره بصبغه اسود واعلم أن عند القائلين بالتحالف مع اختلاف المتبايعين في الثمن لو اختلف المتعاقدان في الأجرة أو في المدة أو في قدر المنفعة بان قال المؤجر اجرتك الدابة إلى خمسة فراسخ فقال بل إلى عشرة أو في قدر المستأجر بان قال اجرتك هذا البيت من هذا الدار فقال بل جميع الدار يوجب التحالف هناك كما في البيع وإذا تحالفا فسخ العقد وعلى المستأجر أجرة المثل لما استوفاه الفصل السابع في اللواحق مسألة اجارة المشاع جايزة كإجارة المقسوم سواء له؟ اجرة من شريكه أو من الأجنبي عند علمائنا أجمع وبه قال مالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد للأصل ولان المشاع مملوكه يجوز التصرف فيه بالبيع والهبة وفي منافعه بالوصية والعارية فجاز بالإجارة ولأنه عقد في ملكه يجوز مع شريكه فجاز مع غيره كالبيع ولان كل منفعة جاز العقد عليها مع غيرها جاز العقد عليها منفردة كمنفعة داره وعن أبي حنيفة واحمد روايتان إحديهما وهي المشهورة عنه انه لا يجوز للشريك ان يوجر حصته إلا من شريكه لأن العقد وقع على ما لا يمكن استيفاؤها منه لان نصف المنفعة مشاعة لا يمكن اسيتفاءها فلا تصح الإجارة كما لو استعار والحكم في الأصل ممنوع عندنا ونمنع انه لا يمكن استيفاؤه فإنه يمكن الانتفاع بذلك بان تراضيا بالمهاباة أو يوجرها الحاكم عليهما كالمالك والثانية روي الطحاوي عنه ما يدل على أنه لا يجوز عنده مع الشريك أيضا لما تقدم وقد مضى افساده مسألة يجوز ان يستأجره ليعمل له العمل بنفسه مباشرة بغير الاستعانة بأحد كما لو استأجر لخياطة ثوب بنفسه لا بغيره أو لنسج غزل صح فلو قال ألزمت نفسك نسج ثوب صفته كذا على أن تنسجه بنفسك صح للأصل وقالت الشافعية لا يصح لان في هذا التعيين غررا لأنه ربما يموت ولهذا لا يجوز تعيين ما يؤدي عنه المسلم فيه وليس بجيد لأنه تجوز الإجارة الواردة على العين بالاجماع وهذا هو فلك بعينها مسألة يجوز اجارة الأرض عند عامة أهل العلم وحكى عن الحسن وطاوس انهما قالا لا يجوز وحكى ابن المنذر عنهما ان المزارعة جايزة لما روي رافع بن خديج ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن كراء الزارع ولا الأرض أصل فلم تجز اجارتها كالنخيل والشجر والنقد والصحيح الجواز للأصل ولأنها عين ينتفع بها منفعة مباحة معلومة مقصورة فجازت الإجارة عليها كغيرها من المنافع ولما رواه العامة ان حنظلة بن قيس سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقال نهى النبي صلى الله عليه وآله عن كراء الأرض قال فقلت بالذهب والفضة فقال انما نهى عنها ببعض ما يخرج منها إما بالذهب والفضة فلا بأس فقال سعيد بن أبي وقاص كنا نكترى الأرض بما على السواقي؟ وبما ينبعه الماء منها فنهانا رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك وامرنا ان نكريها بذهب أو فضة وهذا أخص من الخبر الذي رووه فيكون العمل عليه ومن طريق الخاصة ما رواه إسماعيل بن الفضيل عن الصادق (ع) قال لا بأس ان يستأجر الأرض بدراهم وقياسهم باطل لان النخل والشجر منافعهما أعيان وهي الثمار بخلاف الأرض والذهب والفضة لا ينتفع بهما بقاء عينهما بخلاف الأرض على انا نجوز اجارتهما مسألة كلما جاز ان يكون عوضا في البيع أو اجرة للدور وغيرها من الأعيان يجوز استيجار الأرض به للأصل فيجوز استيجارها بالذهب والفضة اجماعا قال ابن المنذر أجمع عامة أهل العلم على أن اكتراء الأرض وقتا معلوما جائز بالذهب والفضة روينا هذا القول عن سعد ورافع بن خديج وابن عمر وابن عباس وبه قال سعيد بن المسيب وعروة والقاسم وسالم و عبد الله بن الحرث ومالك والليث والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي لما تضمنه حديث رافع بن خديج قال إما بالذهب والورق فلم ينهنا يعنى النبي صلى الله عليه وآله وفي حديث ابن أبي بصير عن الصادق (ع) قال لا تواجر الأرض بالحنطة ولا بالشعير ولا بالتمر ولا بالاربعا ولا بالنطاف ولكن بالذهب والفضة لان الذهب والفضة مضمون وهذا ليس بمضمون إذا عرفت هذا فقال مالك انه لا تجوز اجارة الأرض بالطعام سواء كانت مما ينبت منها أو لا ينبت كالحنطة والقصيل ولا بما ينبت في الأرض كالقطن وغيره وقسم احمد الطعام اقساما ثلاثة أحدها ان يوجرها بمطعوم غير الخارج منها معلوم فيجوز وهو قول أكثر العلماء منهم سعيد بن جبير وعكرمة والنخعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ومنع منه مالك حتى منع اجارتها باللبن والعسل واللحم وهو رواية عن أحمد لما رواه رافع بن خديج عن بعض عمومته قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كانت له الأرض فلا يكريها بطعام مسمى ويعارضه قول رافع فاما بشئ معلوم مضمون فلا بأس به ولأنه عوض معلوم مضمون لا يتخذ وسيلة إلى الربا فجازت اجارتها به كالأثمان والنهي للكراهة الثاني اجارتها بطعام معلوم من جنس ما يزرع فيها كاجارتها بقفيز ان؟
حنطة أزرعها؟ وفيه روايتان عنه إحديهما المنع وهو قول مالك لما تقدم ولأنه ذريعة إلى المزارعة عليها بشئ معلوم من الخارج منها لأنه يجعل مكان قوله زارعتك اجرتك فتصير مزارعة بلفظ الإجارة والذرايع معبرة؟ والثاني جواز ذلك وبه قال أبو حنيفة والشافعية وهو مذهبنا أيضا لما تقدم بان ما جازت اجارته بغير المطعوم جازت اجارته به كالدور الثالث اجارتها بجزء مشاع مما يخرج منها كنصف وثلث وربع وهو جايز عند احمد واكثر أصحابه والصحيح البطلان وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لأنها اجارة بعوض مجهول فلم تصح كاجارتها بثلث ما يخرج من ارض أخرى ولأنها اجارة للعين ببعض نمائها فلم يجز كساير الأعيان ولأنه لا نص في جوازها ولا يمكن قياسها على المنصوص إذا ثبت هذا فالأرض يجوز اجارتها للزرع مطلقا بكل ما يصح تموله من ذهب أو فضة أو غلة وغير ذلك من الأجناس إلا بما يخرج منها فإنه باطل ويكره اجارتها بالحنطة والشعير لحديث أبي بصير عن الصادق (ع) وقد تقدم وربما صار بعض علمائنا إلى تسويغ الإجارة بحصة مما يخرج منها كما ذهب إليه احمد لرواية زرعة قال سألته عن الأرض يستأجرها الرجل (وخرج بخمس)؟ ما يخرج منها وبدون ذلك أو بأكثر عما خرج منها من الطعام فأخرج؟