ما عليه لان هذا موجب الكفالة ومقتضاها تصح اشتراطه كما لو قال إن جئت به في وقت كذا والا فلك حبسي ولا بأس به عندي أما لو قال إن جئت به في وقت كذا أو لا فأنا كفيل ببدن فلان أو فأنا ضامن مالك على فلان أو قال إذا جاء زيد فانا ضامن ما عليه وإذا قدم الحاج فأنا كفيل فلان أو قال أنا كفيل بهذا شهرا على اشكال في الأخير لم تصح الكفالة وبه قال الشافعي ومحمد بن الحسن لأن الضمان خطر فلا يجوز تعليقه على شرط كالهبة وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف تصح لأنه أضاف الضمان إلى سبب الوجوب فيصح كضمان الدرك وقال بعض العامة إذا قال كفلت بفلان ان جئت به في وقت كذا والا فانا كفيل بفلان أو ضامن المال الذي على فلان يصح والحق البطلان لان الأول موقوف والثاني معلق على شرط مسألة لو قال كفلت ببدن فلان على أن يبرأ فلان الكفيل أو على أن تبرئه من الكفالة فالأقوى عندي الصحة عملا بقوله تعالى أوفوا بالعقود وبقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وهذا شرط تمس الحاجة إليه ولا وجه لفساده لأنه شرط تحول الوثيقة التي على الكفيل إليه وقالت الشافعية لا تصح الكفالة لأنه شرط فيها شرطا لا يلزمه الوفاء به فيكون فاسدا فيفسد به الكفالة ونمنع من عدم لزومه مع الشرط وقال ابن شريح كما قلناه لأنه طلب تحويل الحق في الكفالة إليه فعلى هذا لا يلزمه الكفالة الا ان يبرئ المكفول له الكفيل الأول من الكفالة لأنه انما كفل بهذا الشرط فلا يثبت كفالته بدون شرطه ولو قال كفلت لك بهذا الغريم على أن تبرئني من الكفالة بفلان خرج فيه الوجهان والأولى عندي الصحة قال بعض العامة لا تصح لأنه شرط فسخ عقد في عقد فلم يصح كالبيع بشرط فسخ بيع آخر ونمنع ثبوت الحكم في الأصل ولو شرط في الكفالة أو الضمان ان يتكفل المكفول له أو المكفول به باخر أو يضمن دينا عنه أو يبيعه شيئا أو يوجره داره فالأقرب الصحة خلافا لبعض العامة مسألة تصح الكفالة ببدن المحبوس والغايب لان كل وثيقة صحت مع الحضور صحت مع الغيبة والحبس كالرهن والضمان ولان الحبس لا يمنع من التسليم لكون المحبوس يمكن تسليمه بأمر الحاكم أو أمر من حبسه ثم يعيده إلى الحبس بالحقين جميعا والغايب يمضي إليه فيحضره إن كانت الغيبة منقطعة وان لم يعلم خبره لزمه ما عليه عند بعض العامة وقال أبو حنيفة لا يصح مسألة إذا دفع الكفيل المكفول به إلى المكفول له في وقته ومكانه وسلمه تسليما تاما برئ من الكفالة عند أكثر أهل العلم لأنه عقد على عمل فيبرئ منه بعمل المعقود عليه كالإجارة وقال ابن أبي موسى لا يبرء حتى يقول قد برئت يدي منه أو قد سلمته إليك أو قد أخرجت نفسي من كفالته وإذا أبرأ المكفول له الكفيل من الكفالة أو اعترف بذلك بان يقول أبرأته أو برئ إلي أو رد إلي المكفول به برئ من الكفالة وإذا أبرى الكفيل لم يبرئ المكفول به من الدين بخلاف الضمان ولو أبرأ المكفول به من الحق الذي كفل الكفيل عليه برئ الكفيل أيضا ولو ادعى الكفيل ان المكفول به برئ من الحق وان الكفالة سقطت عنه وأنكر ذلك المكفول له فالقول قوله مع يمينه إذا لم يكن للكفيل بينة فإذا حلف برئ من دعوى الكفيل فان جاء المكفول به فادعى الابراء لم يكتف باليمين التي حلفها للكفيل بل كان عليه يمين أخرى ولو نكل في دعوى الكفيل حلف الكفيل وبرئ من الكفالة ولا يبرأ المكفول به من الحق لأنه لا يجوز ان يبرئ بيمين غيره ولو نكل عن يمين المكفول به حلف المكفول به وبرئ هو والكفيل وإن كان قد حلف على عدم الابراء له ولو قال تكفلت لك به ولا حق لك عليه أو ضمنت ما عليه ولا شئ عليه فالقول قول المكفول له لأن الظاهر صحة الكفالة والضمان وهل يحلف للشافعية وجهان أحدهما لا يحلف لان دعوى الكفيل يخالف ظاهر قوله والثاني يحلف لان ما يدعيه ممكن فان حلف فلا كلام وان نكل رددنا اليمين على الكفيل لجواز ان يعلم أنه لا حق له عليه بقول المكفول له انه لا حق لي عليه فان قال تكفلت به بشرط الخيار لم يقبل منه في قوله بشرط الخيار وحكم عليه بالكفالة سواء قلنا إنه يدخلها الخيار أو لا وهو أحد قولي الشافعية والثاني يسقط اقراره والأصل فيه انه إذا عقب اقراره بما يبطله هل يبطل الاقرار أو المبطل ولو قال رجل لاخر ان فلانا يلازم فلانا ويضايقه على حقه فاذهب وتكفل به ففعل كانت الكفالة لازمة للمباشر دون الامر لان المباشر فعل باختياره والامر بذلك حث وارشاد مسألة من خلى غريما من يد صاحبه قهرا واجبارا ضمن احضاره أو أداء ما عليه لأنه غصب اليد المستولية المستحقة من صاحبها فكان عليه اعادتها أو أداء الحق الذي بسببه تثبت اليد عليه ولو خلى قاتلا من يد الولي لزمه احضاره أو الدية وإن كان القتل عمدا ولا يوجب عليه عين حق القصاص إذ لا يجب الا على المباشر فلما تعذر استيفائه وجبت الدية كما لو هرب القاتل عمدا أو مات فان دفع الدية ثم حضر القاتل سلط الوارث على قتله ويدفع ما اخذه من المخلص لان الدية انما أخذها لمكان الحيلولة وقد زالت وان لم يقتل وتمكن من استيفاء القصاص وجب دفع المال أيضا إلى صاحبه ولا يتسلط الكفيل لو رضي هو والوارث بالمدفوع بدية ولا قصاص ولو تعذر عليه استيفاء الحق من قصاص أو مال وأخذنا المال أو الدية من الكفيل كان للكفيل الرجوع على الغريم الذي خلصه قصاصا مسألة إذا كفل بدن شخص ادعى عليه مال ثم قال الكفيل لا حق لك عليه قدم قول المكفول له لاستدعاء الكفالة ثبوت المال فان تعذر احضاره فهل يجب عليه أداء المال من غير بينة اشكال أقربه عدم الوجوب وان أوجبناه فدفع المال لم يكن له الرجوع على المكفول به لأنه اعترف ببرائة ذمته وانه مظلوم في أخذ المال منه والمظلوم انما يرجع على من ظلمه مسألة لو كان لذمي على ذمي خمر وتكفل به ذمي اخر فأسلم المكفول له أو المكفول عنه برئ الكفيل والمكفول عنه وقال أبو حنيفة إذا أسلم المكفول عنه لم يبرأ واحد منهما ويلزمهما قيمة الخمر لأنه كان واجبا ولم يوجد اسقاط ولا استيفاء ولا وجد من المكفول له ما أسقط حقه فبقى بحاله وهو غلط لان المكفول به مسلم فلم يجب عليه الخمر كما لو كان مسلما قبل الكفالة وإذا برئ المكفول به برئ كفيله كما لو أدى الدين أو أبرئ منه ولو أسلم المكفول له برئ الجميع وكذا ان أسلم المكفول به وان أسلم الكفيل وجده برئ من الكفالة لامتناع وجوب الخمر عليه وهو مسلم ولو كان ضمانا فإنه لا يسقط باسلام المضمون عنه وفي رجوع الضامن المأذون عليه بالقيمة نظر مسألة لو قال اعط فلانا ألفا ففعل لم يرجع على الآمر ولم يكن ذلك كفالة ولا ضمان مال الا أن يقول اعطه عني وقال أبو حنيفة يرجع عليه إذا كان خليطا له لجريان العادة بالاستقراض من الخليط ولو سلط الظالم عليه فأخذ منه شيئا لم يتسلط المظلوم على الامر ولم يكن له الرجوع بما أخذه الظالم وإن كان سببا لان الحوالة مع اجتماع المباشر والسبب على المباشر أما لو قبض وسلم إلى الظالم فإنه يطالب قطعا مسألة إذا كانت سفينة في البحر وفيها متاع فخيف عليها الغرق فالقى بعض الركبان متاعه في البحر لتسلم السفينة ومن فيها لم يكن له الرجوع على أحد سواء ألقاه بنية الرجوع على الركبان أو لا بنية الرجوع لأنه أتلف مال نفسه باختياره من غير ضمان ولو قال له بعض الركبان الق متاعك فألقاه لم يرجع أيضا على أحد لأنه لم يكرهه على القائه ولا ضمن له ولو قال الق متاعك وعلي ضمانه فألقاه فعلى القائل ضمانه وإن كان ضمان ما لم يجب لحاجة الداعية إلى ذلك ولو قيل بأنه جعالة خلصنا من الالزام ولو قال القه وأنا وركبان السفينة ضمناء له ففعل فالأقرب ان نقول إن كان ضمان اشتراك فليس عليه الا ضمان حصته لأنه لم يضمن الجميع انما ضمن حصته وأخبر عن سائر الركبان بضمان الباقي ولم يقبل قوله في حق الباقي وإن كان ضمان اشتراك وانفراد بان يقول كل واحد منا ضامن
(١٠٣)