رجلا الف ألف درهم فضاعف فقال الرجل كانت عندي وديعة وقال الآخر انما كانت عليك قرضا قال المال لازم الا ان يقيم البينة انها كانت وديعة والاستثناء يقتضي التناقض بين المستثنى والمستثنى منه ولما حكم في الأول بالضمان ثبت في الاستثناء عدمه وعن زرارة في الحسن انه سأل الصادق (ع) عن وديعة الذهب والفضة قال فقال كلما كان من وديعة ولم تكن مضمونة فلا يلزم وفي الحسن عن الحلبي عن الصادق (ع) قال صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان ولان الله تعالى سماها أمانة والضمان ينافي الأمانة وهذا الحكم منقول عن علي (ع) وعن أبي بكر وعمر وابن مسعود وجابر ولم يظهر لهم مخالف فكان اجماعا لا يقال قد روى أنه كان عند أنيس وديعة فذهبت فرفع إلى عمر فقال هل ذهب معها شئ من مالك قال لا قال اغرمها لأنا نقول قول عمر ليس حجة وربما قال ذلك عند تفريط المستودع في حفظها ولان المستودع انما يحفظها لصاحبها متبرعا بذلك فلو ألزمناه الضمان أدي إلى الامتناع عن قبولها وفي ذلك ضرر عظيم لما بيناه من الحاجة إليها ولان يد المستودع يد المالك وإذا عرفت ان السبب الجامع لموجبات الضمان هو التقصير فلابد من الإشارة إلى ما به يصير المستودع مقصرا وهي سبعة تنظمها مباحث نذكر لكل سبب بحثا البحث الأول في الانتفاع مسألة من الأسباب الموجبة للضمان الانتفاع بالوديعة فلو استودع ثوبا فلبسه أو دابة فركبها أو جارية فاستخدمها أو كتابا فنظر فيه أو نسخ منه أو خاتما فوضعه في إصبعه للتزين به لا للحفظ فكل ذلك وما أشبهه خيانة توجب التضمين عند فقهاء الاسلام لا نعلم فيه خلافا هذا إذا انتفى السبب المبيح للاستعمال إما إذا وجد السبب المبيح للاستعمال لم يجب الضمان وذلك بأن يلبس الثوب الصوف الذي يفسده الدود للحفظ فان مثل هذه الثياب يجب على المستودع نشرها وتعريضها للريح بل يجب لبسها ان لم يندفع الا بان يلبسها وتعبق بها رايحة الآدمي ولو لم يفعل ففسدت كان عليه الضمان سواء اذن المالك أو سكت لان الحفظ واجب عليه ولا يتم الحفظ الا بالاستعمال فيكون الاستعمال واجبا لان (ط؟) لا يتم الواجب المطلق الا به وكان مقدورا للمكلف فإنه يكون واجبا إما لو نهاه المالك عن الاستعمال للحفظ فامتنع حتى فسدت لم يكن ضامنا وهو أظهر قولي الشافعية ولهم قول اخر أنه يكون ضامنا والمعتمد الأول وهل يكون قد فعل حراما اشكال أقربه ذلك لان إضاعة المال منهي عنها وعند الشافعية يكره ولو كان الثوب في صندوق مقفل ففتح القفل ليخرجه وينشره فالوجه انه لا يضمن لأنه لم يقصد الا الحفظ المأمور به وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب وهو أصح وجهي الشافعية ولهم وجه اخر انه يضمن هذا إذا علم المستودع إما لو لم يعلم بان كان في صندوق أو كيس مشدود ولم يعلمه المالك به فلا ضمان على المستودع اجماعا مسألة قد بينا ان ركوب الدابة خيانة لا مطلقا ولكن مع عدم احتياج الحفظ إليه فلو احتاج حفظ الدابة المودعة إلى أن يركبها المستودع إما ان يخرج بها إلى السقي أو الرعى وكانت لا تنقاد الا بالركوب فلا ضمان لعدم التعدي والتفريط حينئذ ولو كانت الدابة تنقاد بغير ركوب فركب ضمن الا مع عجزه عن سقيها أو رعيها بدون ركوبها فإنه يجوز ولا ضمان مسألة لو اخذ المستودع الدراهم المودعة عنده ليصرفها إلى حاجته أو أخذ الثوب ليلبسه أو اخرج الدابة من مكانها ليركبها ثم لم يستعمل ضمن وبه قال الشافعي لان الاخراج على هذا القصد خيانة وقال أبو حنيفة لا يضمن حتى يستعمل ولو نوى الاخذ ولم يأخذ أو نوى الاستعمال ولم يستعمل ففي الضمان اشكال ينشأ من أنه لم يحدث في الوديعة قولا ولا فعلا فلم يضمن كما لو لم ينو وهو قول أكثر الشافعية ومن انه ممسك لها بحكم نيته كما أن الملتقط إذا نوى امساك اللقطة لصاحبها كانت أمانة وان نوى الامساك لنفسه كانت مضمونة وهو قول ابن شريح من الشافعية وفرق المذكورون بين الوديعة واللقطة بأنه في الوديعة لم يحدث فعلا مع قصد الخيانة وفي اللقطة أحدث الاخذ مع قصد الخيانة ولان سبب أمانته في اللقطة مجرد نية فضمن بمجرد النية بخلاف الوديعة فروع ا لو اخذ الوديعة على قصد الخيانة فالأقوى الضمان لأنها لم يقبضها على سبيل الأمانة بل على سبيل الخيانة وللشافعية وجهان ب قياس ابن شريح في الضمان إذا نوى المستودع الاخذ والتصرف ولم يفعل على ما إذا أخذ الوديعة من مالكها على قصد الخيانة في الضمان غير تام إما أولا فلان جماعة من الشافعية لم يوافقوه على هذا الأصل واما ثانيا فللفرق وهو ان الاخذ فعل أحدثه مع قصد الخيانة ج لو نوى ان لا يرد الوديعة بعد طلب المالك ففي الضمان للشافعية الوجهان وعندي فيه التردد السابق مع أولوية عدم الضمان هنا إذا لم يطلب المالك وثبوته إذا طلب وبعض الشافعية قال إذا نوى الاخذ ولم يأخذ لم يضمن وإذا نوى عدم الرد ضمن قطعا لأنه إذا نوى ان لا يرد صار ممسكا لنفسه وبنية الاخذ لا يصير ممسكا لنفسه مسألة لو كان الثوب المودع في صندوق مالك الوديعة فرفع المستودع رأسه ليأخذ الثوب ويتصرف فيه ثم بدا له فلا يخلو الصندوق إما ان يكون مفتوحا لا قفل عليه ولا ختم له أو يكون عليه شئ من ذلك فإن كان لا ختم عليه ولا قفل فالأقرب عدم الضمان لأنه لم يحدث في الثوب فعلا وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لهم انه يضمن وإن كان الصندوق مقفلا أو الكيس مختوما ففتح القفل وفض الختم ولم يأخذ شيئا فيه فالأقوى الضمان لما فيه من الثياب والدراهم وهو أصح وجهي الشافعية لأنه هتك الحرز والثاني للشافعية انه لا يضمن ما في الصندوق والكيس بل يضمن الختم الذي تصرف فيه وبه قال أبو حنيفة وعلى الوجه الأول فهل يضمن الصندوق والكيس فالأقرب العدم لأنه لم يقصد الخيانة في الظرف وللشافعية وجهان ولو خرق الكيس فإن كان الخرق تحت موضع الختم فهو كفض الختم وإن كان فوقه لم يضمن الا نقصان الخرق فروع ا لو أودعه شيئا مدفونا فنبشه فهو بمنزلة فض الختم ان قلنا يضمن هناك ضمن هنا والا فلا. ب: لو حل الخيط الذي شد به رأس الكيس أو درمة الثياب لم يضمن ما في الكيس والدرمة وان فعل ذلك للاخذ بخلاف فض الختم وفتح القفل لان القصد منه المنع من الانتشار ولم يقصد به الكتمان عنه. ج: لو كان عنده دراهم وديعة أو ثياب فوزن الدراهم أو عدها أو عد الثياب أو ذرعها ليعرف طولها وعرضها ففي الضمان اشكال ينشأ من أنه تصرف في الوديعة ومن انه لم يقصد الخيانة وللشافعية وجهان وكذا الوجهان فيما لو حل الشد. مسألة: إذا صارت الوديعة مضمونة على المستودع إما بنقل الوديعة أو اخراجها من الحرز باستعمالها كركوب الدابة ولبس الثوب أو بغيرها من أسباب الضمان ثم إنه ترك الخيانة ورد الوديعة إلى مكانها وخلع الثوب لم يبرأ بذلك عند علمائنا أجمع ولم يزل عنه الضمان ولم تعد أمانته وبه قال الشافعي لأنه ضمن الوديعة بعدوان فوجب ان يبطل الاستيمان كما لو جحد الوديعة ثم أقر بها وقال أبو حنيفة يزول عنه الضمان لأنه إذا ردها فهو ماسك لها بأمر صاحبها فلم يكن عليه ضمانها كما لو لم يخرجها والفرق ظاهر فإنه إذا لم يخرجها لم يضمنها بعدوان بخلاف صورة النزاع ثم ينقض على أبي حنيفة بما سلمه من أنه إذا جحد الوديعة وضمنها بالجحود ثم أقر بها فإنه لا يبرأ وبالقياس على السارق فإنه لو رد المسروق إلى موضعه لم يبرأ فكذا هنا فروع آ لو رد الوديعة بعد ان تعلق ضمانها به إما بالاخراج من الحرز أو بالتصرف أو بغيرهما من الأسباب إلى المالك وأعادها عليه ثم إن المالك أودعه إياها ثانيا فإنه يعود أمينا اجماعا ويبرأ من الضمان. ب: لو لم يسلمها إلى المالك ولكن أحدث المالك له استيمانا فقال أذنت لك في حفظها
(١٩٨)